أسماء نطاقات المواقع توفرت بالعربية فهل تتبناها السوق؟
قبل عام 2010 لم يكن بالإمكان توافر نطاقات من المستوى الأعلى Top Level Domains TLD لمواقع الإنترنت بغير الأحرف اللاتينية، ولكن مع مرور الوقت بتنا نرى نطاقاتٍ من المستوى الأعلى صينيةً وروسيةً وحتّى عربية. ما مدى نجاحها وتأثيرها على المحتوى العربي الرقمي وعلى الأعمال كذلك؟
بدأت"هيئة الإنترنت للأسماء والأرقام المخصّصة" (آيكان) ICANN(انطلقت عام 1998 وبدأت بتسجيل النطاقات منذ عام 2000) بتوسيع أسماء النطاقات لتشمل استخدام حروف غير لاتينية مثل العربية والصينية والروسية وسواها. فمنذ عام 2010، أقرّت استخدام النطاقات الخاصّة بالبلدان country code Top-Level Domain ccTLD مثل ".مصر" و".إمارات" (الصورة أدناه)؛ وبعدها النطاقات العامة من المستوى الأعلى generic top-level domains gTLD، وصولاً إلى عام 2013 حيث أقرّت استخدام أسماء النطاقات من المتوى الأعلى TLD بلغاتٍ مختلفة واعتماده مطلع عام 2014.
(الصورة من cnet)
ونتيجةً لهذه الخطوة الأخيرة، قامَت مبادراتٌ مثل "اسماء.شبكة" DotShabaka و"سجل.موقع" .sjjel.com وحصلت على ترخيصٍ من "آيكان" لبيع النطاقات من المستوى الأعلى باللغة العربية منذ ذلك الحين.
في هذا الوقت، "نما المحتوى العربي على الإنترنت بنسبة 3 آلاف بالمئة منذ 15 عاماً،" بحسب المدير العام لمشروع ".شبكة"، محمد زيدان. بالإضافة إلى ذلك، زادَت نسبة استخدام الإنترنت في العالم العربي بنسبة 600 بالمئة منذ عام 2001، وازداد عدد مستخدِمي الإنترنت العرب بنسبة 5300 بالمئة تقريباً، كما احتلّت اللغة العربية المرتبة الرابعة من بين اللغات العشر الأكثر استخداماً على الإنترنت عام 2013، وفقاً لبحثٍ عن قطاع المحتوى العربي من "مختبر ومضة للأبحاث" WRL.
هل تؤثّر النطاقات من المستوى الأعلى باللغة العربية على المحتوى؟
يقول زيدان في مقابلةٍ مع "ومضة" عبر "سكايب"، إنّه "لتجربةٍ عربيةٍ متكاملة، يبقى أن يكون عنوان الموقع بالعربية، وهذا ما نسعى لسدّه." أمّا ".شبكة" فهي ليست شركةً ناشئة، بل مبادرة من شركة "آي آر آي" ARI لخدمات التسجيل، وهي تسعى لبيع النطاقات من المستوى الأعلى TLD باللغة العربية والتي تحمل اسم ".شبكة".
محمد زيدان (إلى اليسار) أثناء منح "إبتكار" اسم نطاقٍ باللغة العربية لدعم مبادرتهم. (الصورة من "تويتر")
وبحسب مديرها العام، فإنّ نطاق المستوى الأعلى باللغة العربية يفيد المحتوى العربي من حيث تأمين العلامات التجارية لأسمائها باللغة العربية لأنّ العلامة التجارية تكون محميّةً باللغة التي سُجِّلَت فيها وحسب؛ وأيضاً من حيث سهولة العثور على الاسم الأصلي باللغة العربية للعلامة التجارية؛ بالإضافة إلى المساعدة في عمليات التصنيف والترتيب في محرّكات البحث كون عنوان الموقع يتطابق مع المحتوى.
ولكنّ وسام دندن، الاستشاريّ في مجال الامتثال لمحرّكات البحث للمنطقة العربية، والذي يكتب في "ومضة" أيضاً، يقول في بريدٍ إلكترونيّ، إنّ "نطاقات المستوى الأعلى باللغة العربية، وحتّى أسماء النطاقات المدوّلة IDN، يمكن لجوجل Google أن ترتّبها وتفهرسها بشكلٍ طبيعيّ مثلما تفعل مع النطاقات المألوفة .com و .org وهي لا تؤثّر سلباً على ترتيب البحث."
رغم توافر الحلول، ما تزال العقبات كبيرة
على الرغم من مُضيّ أكثر من عامٍ على السماح باعتماد نطاقات من المستوى الأعلى باللغة العربية، إلّا أنّها لم تشهد انتشاراً كبيراً بين المستخدِمين.
يعلّق زيدان قائلاً إنّ "العملاء (ناشري المواقع) يرفضون اعتماد اللغة العربية في أسماء النطاقات بحجّة أنّ لا حاجة للمستخدِم العربي بها، كما أنّ اللغة العربية غير معتمدة عالمياً في كثيرٍ من البرامج الحاسوبية،" مضيفاً أنّ شركته تسعى لبناء السوق بالرغم من الصعوبات في هذا المجال، مشيراً إلى أنّ ما سيساعد أكثر هو تسهيل الأمر من الناحيتين التقنية والقانونية، كما سار في الإمارات مع النطاق المخصّص للبلد؛ "هناك فُرض على المؤسَّسات الحكومية أو شبه الحكومية استخدام نطاقات .ae حتّى بات يعمل بها نحو 130 ألف نطاق، ومثل هذه الإجراءات تساهم في دعم موقف اللغة على الإنترنت."
ومن جهته، يعتبر دندن أنّه "يجب على السوق أن تُشجّع المستخدمين على ذلك، إضافةً إلى أنّهم سيحتاجون لتذكّر علامتك التجارية فضلاً عن الامتداد الصحيح الجديد لموقعك بالعربية."
وسام دندن أثناء حديثٍ له عن تحسين الامتثال لمحرّكات البحث. (الصورة من "تويتر")
إذاً، في حين تكمن الصعوبة في السوق أوّلاً إذ اعتاد المستخدِمون على النطاقات باللغة الإنجليزية، إلّا أنها تكمن أيضاً في الأمور التقنية. فتأسيس علامةٍ تجاريةٍ لموقعٍ ما بامتداد جديدٍ أو باللغة العربية يحتاج إلى مضاعفة الجهود، وفقاً لما يقوله دندن. وبالتالي، فإنّه قد يكون من السهل الحصول على نطاقٍ من المستوى الأعلى باللغة العربية، ولكن قد لا يكون من السهل تفعيله.
ولهذا، تقدّم ".شبكة" ثلاثة حلول تقوم إمّا على التحويل forwarding من النطاق العربي إلى النطاق الأساسيّ (مثلاً من يكتب "ومضة.شبكة" في المتصفّح سيحوّل إلى wamda.com تلقائياً)؛ وطريقة تحويلٍ إلى الموقع الأساسيّ ولكنّها تُبقي الاسم العربيّ ظاهراً في خانة الم النطاق؛ وطريقة التحويل الكامل للموقع إلى اللغة العربية، ولكن سيحتاج المستخدِم إلى بناء موقعٍ جديد.
أمّا الحلّ كي لا يخسر العميل البيانات، بحسب زيدان، فهو أن يتمّ إنشاء موقعٍ مصغّر "مايكرو سايت" microsite أو صفحة "لاندنج بيج" landing page، ترتبط كلّ الروابط فيها بالموقع الرئيسيّ interlinked. وبالتالي، سيستفيد العميل من "اسم نطاقٍ بالعربية، ومن تحسين الامتثال لمحرّكات البحث، ومن إنشاء مواقع ذات محتوى عربي."
تولّد ".شبكة" المال عبر رسومٍ سنويةٍ يدفعها العميل بعد تسجيل اسم نطاقه في المواقع المخصّصة لتسجيل النطاقات مثل "جو دادي" Godaddy ومن ثمّ اختيار ".شبكة". وحتّى الآن، يناهز عدد عملاء ".شبكة" 166 عميلٍ يمتلك بعضهم اسماً واحداً وآخرون يمتلكون 150 اسماً؛ من أبرزهم "الجزيرة" Aljazeera و"طقس العرب" Arabia Weather و"دوبيزل" Dubizzle.
يمكن تسجيل النطاقات باللغة العربية من "جو دادي" ثمّ اختيار النطاق من المستوى الأعلى باللغة العربية ".شبكة". (الصورة من "فايسبوك")
ولكن هل على الشركات الناشئة التي تقدّم محتوىً عربياً وتستهدف المنطقة العربية أن يكون لها نطاقاتٌ باللغة العربية؟
يجيب دندن أنّه "من جهة الامتثال لمحركّات البحث لا أهمّية لذلك على الإطلاق، ولكنّ هذا مهمّ كونه يؤمّن حصولهم على علاماتهم التجارية باللغة العربية."
وبغضّ النظر عن أيّ عاملٍ آخر، فإذا أرادَت الشركة تعزيز ترتيب موقعها على الإنترنت، يجب أن تبنيه على أساس "الملاءمة، والحظوة، والثقة،" كما يقول دندن.
الزواحف الإلكترونية قادمة! (مصدر الصورة)
"فالملاءمة تعني أن تجيب الصفحات على تساؤلات المستخدِم؛ والحظوة هي مقياس الوجود على الإنترنت (من خلال الروابط الخاريجية backlinks، والمرجعية الاجتماعية/التفاعل، والاستشهادات المرجعية المحلّية local citations، إلخ)؛ وأمّا الثقة فهي تتعلّق باستخدام ‘جوجل‘ لعدّة إشاراتٍ على الصفحات وخارجها لتحديد مدى الثقة بهذه العلامة التجارية أو الموقع، مثل ‘قابلية الزحف إلى الموقع‘ crawlability، وتجربة المستخدِم UX، وسواها من الإشارات."
في الختام، يشير دندن إلى أنّ نجاح النطاقات العربية يعتمد على كيفية تسويقها واستخدامها من قبل العلامات التجارية الكبرى. وبدوره، يقول زيدان إنّه بالرغم من أنّ ".شبكة" ليست شركةً ناشئة، إلّا أنّها تماثل الشركات الناشئة من حيث الاستمرارية. "فالشركة الأمّ ‘آي آر آي‘ لن تبقى تدفع على ‘.شبكة‘ إلى الأبد، وهي يمكن أن تغلقها إذا لم تولّد الأموال."