شركة فلسطينية تساعد مستخدميها على اكتشاف فنانين وموسيقى جديدة
منصّة الموسيقى الإلكترونية القائمة في رام الله، "إندي بوش" Indiepush، التي تصل الفنانين المستقلّين "الإندي" بمعجبيهم، تستولي على مجال الموسيقى الذي تتجاوز قيمته ملايين الدولارات في المنطقة.
هذه الشركة الناشئة تركّز على التفاعل الشخصيّ والعاطفي بين الفنّانين المستقلّين ومعجبيهم، عبر توفير أدواتٍ للموسيقيين لكي يسوّقوا موسيقاهم ويشاركوها ويبيعوها مباشرةً من خلال صفحات التواصل الاجتماعي الخاصّة بمعجبيهم. كما أنّ "إندي بوش" تتميّز بطابعٍ شبيهٍ بالألعاب، حيث أنّها تستخدم نظام النقاط لتكافئ المعجبين على مشاركة الموسيقى وبيعها.
مؤسِّسو "إندي بوش" مجمود جرير وعبد حطوط ونهاد عويدات. (الصورة من Indiepush)
من الموسيقيين إلى عشّاق الموسيقى
تأسّسَت "إندي بوش" على يد محمود جرير (المدير التنفيذي) وعبد حطوط (مدير العمليات التنفيذي) ونهاد عويدات (المدير التقني)، ثلاثة أشخاصٍ ذوي خلفيّاتٍ موسيقيةّ لامعة. ويقول الثلاثة إنّه كان الوقت الأمثل ليطلقوا مشروعهم، حيث أنّهم لم يتمكّنوا من إيجاد منصّةٍ يمكنهم أن يسوّقوا من خلالها موسيقاهم بسهولة.
فجرير موسيقيٌّ وعضوٌ في "دام" Dam، فرقة موسيقى الهيب هوب الأولى في فلسطين التي تأسّسَت عام 1999. وحطوط ذو خلفيةٍ في موسيقى الروك، وقد أطلق فرقة الروك "خلص"Khalas . أمّا عويدات، فيأتي من خلفية إنتاج الموسيقى الإلكترونية.
ويقول جرير إنّ "‘ إندي بوش‘ بدأَت انطلاقاً من ولعٍ وحبٍّ، ومن إمكانية أن يصبح لدى الموسيقيين مكانٌ يمكنهم أن يسوّقوا من خلاله موسيقاهم بسهولةٍ وبلوغ جمهور أوسع".
درسٌ سريعٌ في ريادة الأعمال
كانت "إندي بوش" مجرّد فكرة قبل أن ينضمّ الثلاثة إلى برنامج مسرّعة النموّ "فاست فورورد" Fast Forward. ونظراً إلى خلفية الفريق المؤسِّس المتأصّلة في الموسيقى، فقد وفّر لهم البرنامج الممتدّ على أربعة أشهر مقدّمةً إلى عمل الشركات الناشئة وساعدهم على دراسة وتطوير نموذج الأعمال الذي يناسبهم، وعرّفهم إلى الشبكة الخاصّة بمسرّعة النموّ.
وبعد ذلك، أطلقوا النسخة التجريبية لمنتَجهم في كانون الثاني/يناير.
وفي حين أنّ الموقع لا يزال في نسخته التجريبية، يكمن هدف الفريق في الحصول على منصّةٍ قادرةٍ على بلوغ جمهورٍ عالمي، ولكنّهم سيركّزون في البداية على منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، وفقاً لمحمد اسماعيل، المسؤول عن الفنّانين ومجموعة المؤلّفات.
ويشير اسماعيل إلى أنّهم أرادوا في البدء مساعدة الموسيقيين المستقلّين على بيع موسيقاهم، لكنّهم سرعان ما أدركوا أنّ بيع الألبومات ليس التحدّي الأبرز الذي يواجهه الفنّانون في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، لا بل يشكّل التسويق والترويج للأعمال مشكلتَين أكبر بكثير.
وبهذا الصدد يقول جرير: "إذا كنتَ تُطلِق ألبوماً بشكلٍّ مستقلٍّ من دون توقيع عقدٍ مع شركة أسطوانات أو توزيع كبيرة، ستواجه صعوبةً كبيرةً في اكتساب جمهورٍ لك."
وبدوره، يضيف إسماعيل: "نقوم الآن بالتركيز على كيفية مساعدة الفرق على الترويج لموسيقاها. وللمزيد من المبيعات، عليك أن تكون قادراً على الترويج لفرقتك بشكلٍ أفضل، ما يسهّل للفنّان الوصول إلى أوساطٍ أوسع من أصدقائه وأقربائه الحاليين. لذا [أردنا] إنشاء منصّةٍ لا تسهّل عملية البيع فحسب، بل تضمّ أدواتٍ كثيرةً أيضاً تمكّن الفنّانين من أن يشركوا معجبيهم ويكافئوهم."
ولأنّ المؤسِّسين يشعرون أنّ التركيز على موسيقى الفنّانين المتعاقدين مع الشركات الكبرى قد خفّض جودة الموسيقى بشكلٍ عام، فهم يعملون بشكلٍ جادٍّ من أجل الترويج لجودة الموسيقى التي يؤمنون بها.
ومن هنا، انضمَّت إلى "إندي بوش" حوالى 70 فرقةً حتّى الآن، علماً أنّ المنصّة شهدَت نموّاً هائلاً مع أكثر من 1500 مستخدِمٍ يزورون الموقع على أساسٍ شهري – باستثناء شهر حزيران/يونيو الذي شهد آلاف مستخدِمٍ تقريباً. ويقول الفريق إنّ ذلك يحصل بفضل انتشار خبر المنصّة على ألسنة الناس ومن دون أن يضطرّ إلى إنفاق أيّ مالٍ على التسويق.
لقطةٌ من موقع "إندي بوش" الإلكتروني.
قيود السفر
يعيش جرير في اللدّ، وهي مدينةٌ ذات أغلبيةٍ فلسطينيةٍ قرب تل أبيب في فلسطين المحتلّة. وبما أنّ معظم أفراد الفريق الآخرين لا يحملون تصاريح للدخول إلى الأراضي المحتلّة، فهم يلتقون ويعملون في مدينة رام الله في الضفة الغربية.
وكون أفراد الفريق يتوزّعون بين فلسطين والأراضي المحتلّة والأردن والولايات المتّحدة، فهم يؤمنون بأنّ هذه المنصّة تتجاوز قيود الحدود والبيروقراطية. وبالتالي، يقيم الفريق اتّصالاتٍ يوميةً عبر "سكايب" Skype ويستخدم "سلاك" Slack و"تويليو" Twilio للتواصل وتوزيع المهام على الأعضاء، ويقول إنّ ذلك يناسبه تماماً.
بعد ستّة أشهر، يتطلّع جرير إلى إحراز الفريق تقدّماً مهمّاً، و"نحن نهدف إلى أن يصبح لدينا 10 آلاف مستخدِمٍ في اليوم – وسنتمكّن من القيام بذلك عبر توفير المحتوى والأدوات الملائمة للفرِق والمعجبين." وفي الوقت الحالي، يناقش الفريق إمكانية تطوير تطبيقٍ للهواتف لكي يتمكّن المعجبون من التواصل مع فرقهم المفضّلة أثناء التنقل.
يحاول الروّاد، منذ انطلاقهم وبعد استكمال برنامج "فاست فورورد"، إيصال "إندي بوش" إلى نقطةٍ تخوّلهم من جمع جولةٍ أولى من التمويل، ولكنّهم يفضّلون أن تنمو المنصّة بشكلٍ طبيعيٍّ إلى أن يصلوا إلى هذه النقطة. وحالياً، يمضي حطوط، وهو مدير العمليات التنفيذي للشركة، بعض الوقت في الولايات المتّحدة حيث يركّز على إقامة علاقاتٍ جديدةٍ في وسط الموسيقى المستقلّة هناك، كما يقود مشاوراتٍ مع مستثمِرين محتمَلين.
وبالإضافة إلى ذلك، ينظر أعضاء الفريق في إمكانية إقامة شراكاتٍ متنوّعةٍ ودمج منصّتهم مع الأوساط الموسيقية البعيدة عن الإنترنت، كما يأملون أن يصبح لديهم حضورٌ في المهرجانات الموسيقية. وفي نهاية المطاف، ينوون بيع بضائع الموسيقيين عبر الإنترنت وفي متاجر "جو بيدو" Jo Bedu.
كانَت "إدي بوش" قد ساهمَت في تسهيل حصول "فرقة السبعة وأربعين" 47SOUL على التمويل، وذلك بمساعدة منصّة "ذومال" Zoomaal للتمويل الجماعي. وتبدو "47 صول"، وهي فرقةٌ جديدةٌ في المنطقة، نموذجاً ممتازاً عن نجاح "إندي بوش"، إذ أوصَت الفرقة على موقعها الإلكتروني بالمنصّة بوصفها بائع التجزئة الأفضل لاكتشاف الفنّانين المستقلّين في المنطقة.
وبالنسبة إلى المنافسين، يرى المؤسِّسون أنّ الخلل الأساسي الذي يعاني منه منافسوهم هو الافتقار إلى التواصل بين الفنّانين ومعجبيهم. ويقول اسماعيل هنا: "يمكنك أن تسمع الملفّات الموسيقية المتدفّقة أينما كان، لكنّك بالكاد سترى أيّ تركيزٍ على العلاقة بين الفنان والمعجب." ولذا، يرى الفريق أنّ ثمة فرص تجارية كبيرة في اقتصاد الموسيقى الجديد عبر جني العائدات من هذه العلاقة العاطفية بين الفنّان ومعجبيه.
ينبع كلّ ذلك من حبّ المؤسِّسين للموسيقى، وهم الذين عندما سألناهم عن التحدّي الأكبر، أجابوا بأنّه يكمن في كيفية زيادة شعبية الموسيقى المستقلّة مع إبقائها مستقلة. وفي هذا السياق، يريد الفريق إعادة وضع معايير جديدة لكي يصبح من الممكن سماع المزيد من الفنّانين المستقلّين على الراديو.
ويقول جرير إنّ" العالم يتغيّر، "فمن السهل أن تضع أغنيةً على الراديو ولكن من الصعب أن تجعلها مرغوبةً ومسموعة." كما يضيف أنّه "في كلّ يومٍ يتمّ إنشاء موسيقى جيّدة من حولنا، ولذلك نريد أن نكون شبابيين وواقعيّين."