ما الجديد الذي تقدمه هذه المنصة الأردنية للكتب العربية؟
منذ عام 2006، ونساءٌ رياديات من حول العالم يتنافسنَ كلّ عامٍ على جوائز مبادرة النساء من "كارتييه" Cartier Women’s Initiative Awards المرموقة، بحثاً عن الشهرة والرعاية الدوليّتَين.
إيمان حيلوز، مؤسِّسة المنصّة الرقمية العربية الأولى للتوصية بالكتب ومناقشتها "أبجد" Abjjad، جرّبَت حظّها هذا العام، ووصلَت إلى النهائيات إلى جانب 16 رائدة أعمال أخرى من أصل 1700 امرأة كنَّ قد قدّمنَ الطلبات.
حيلوز ترفع الراية لعشّاق المطالعة. (الصور من "أبجد")
تقول الريادية الأردنية البالغة من العمر الحادية والثلاثين: "أعتقد أنّ القرار النهائيّ كان يرتكز إلى الأثر الاجتماعي الذي تُحدِثه كلٌّ من الشركات الناشئة، وقدرتها على توفير فرص العمل. في النهاية، أعتقد أنّه تمّ اختيارنا لأنّ فكرتنا فريدةٌ من نوعها وناجحة."
الشغف يولّد شركاتٍ ناشئة
نظراً إلى حبّ حيلوز للمطالعة وكونها مطوّرة برمجيات سابقة، أسّسَت هذه الشابة مشروع "أبجد" عام 2012 بعد أن لاحظَت عدم وجود أيّ قاعدة بياناتٍ إلكترونيةٍ للكتب العربية. و"أبجد" التي يرمز اسمها إلى الأحرف الأربع الأولى من الأبجدية العربية (أ ب ج د)، تسعى إلى سدّ الفجوة بين قرّاء الكتب العربية والكتّاب العرب ودور النشر.
وتوضّح حيلوز قائلةً إنّ "‘أبجد‘ تختلف عن ‘أمازون‘ Amazon في أنّها أقرب إلى منصّة مناقشة الكتب ‘جود ريدز‘ Goodreads. فهي، إذا جاز التعبير، أشبه بموقع ‘أي إم دي بي‘ IMDb الخاصّ بالأفلام، إنّما للكتب."
يمكن لمستخدِمي "أبجد" أن يُضفوا الطابع الاجتماعي على مطالعتهم من خلال المنصّة، عبر تشارك أرائهم حول مؤلّفيهم المفضّلين واقتباساتهم المفضّلة، وعبر إعداد قوائمهم الخاصّة بالكتب التي يودّون قراءتها والتي سبق أن قرأوها. كما يمكنهم أن يتابعوا أخبار بعضهم البعض، وأن ينصحوا بعضهم البعض بكتبٍ معيّنة.
عصر المطالعة لم ينتهِ بعد
بين ليلةٍ وضحاها، نال الموقع الإلكتروني نجاحاً كبيراً في أوساط قرّاء الكتب باللغة العربية المتعطّشين إلى المزيد من المحتوى العربيّ على الإنترنت. ففي أقلّ من ثلاث سنوات، نمَت قاعدة مستخدِمي "أبجد" لتضمّ 250 ألف مستخدِمٍ في الشهر وأكثر من 150 ألف كتابٍ باللغة العربية (بما فيها الكتب المؤلّفة أصلاً باللغة العربية، وتلك المترجمة من الإنجليزية).
حيلوز تتكلّم عن إنشاء منصة مركزية لعشّاق المطالعة في المنطقة.
أحمد المغازي، مستخدِمٌ مصريٌّ شغوفٌ للمنصة، يرى أنّ "أبجد" أتاحَت له فرصة إعادة إحياء شغفه للمطالعة بعد أن كانت مواقع التواصل الاجتماعي قد شتّتَت انتباهَه عنها.
ويقول إنّه "من خلال ‘أبجد‘، اكتشفتُ عالماً من مختلف المؤلّفين والكتب، ما زاد من شهيّتي للمطالعة، وبفضلها أقمْتُ صداقاتٍ رائعةً سواء على الموقع أو بعيداً عنه."
بالإضافة إلى ذلك، تلقّى المشروع ردود فعلٍ إيجابيةً من مؤلّفين عرب يستخدِمون الموقع لتنمية قاعدة قرّائهم والمحافظة عليها. وتقول حيلوز هنا: "لقد لاحظنا أنّ المؤلّفين العرب يتلهّفون ليصبح لديهم حضورٌ قويٌّ على الإنترنت، وأنّهم أسرع من دور النشر في الاستفادة من هذا الحضور."
الكتب تحتاج هي أيضاً إلى التمويل
هذه الشركة الناشئة التي انطلقت من "مجمّع الملك حسين للأعمال" King Hussein Business Park في عمّان، بقيَت صغيرةً حتّى الآن – حيث تتألف من ثلاثة موظّفين فقط بدوامٍ كامل – إلاّ أنّها تعتمد بشكلٍ كبيرٍ على العاملين لحسابهم الخاص بدوامٍ حرّ. وتقول حيلوز إنّه "لكي تستفيد من المواهب، يجب أن يكون موظفوك موزّعين في كلّ مكان. ونحن نعتمد كثيراً على المتعاقدين لتطوير تطبيق الهاتف وإدارة مجتمعنا وإدارة محتوانا."
إلى جانب المساعدة الأولية التي حصلت عليها الشركة الناشئة من مسرّعة الأعمال "أويسس 500" Oasis500، اعتمدَت أيضاً على حملة تمويلٍ جماعيٍّ للانطلاق. أمّا في حال فازَت الشركة في المرحلتَين الثانية والنهائية من مسابقة جوائز "كارتييه"، في شهر تشرين الأوّل/أكتوبر القادم، فسوف تتلقّى مبلغاً قدره عشرين ألف دولار بالإضافة إلى سنةٍ كاملةٍ من التدريب والتغطية الإعلامية. وإلى جانب حيلوز، يشارك في المسابقة من منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا كلٌّ من سارة هويلو من لبنان، ومنى عبسي من الإمارات العربية المتحدة.
تضم "أبجد" حالياً 150 كتاباً باللغة العربية.
عراقيل في السوق
يدفع المستخدِمون حاليّاً المال مقابل قراءة الكتب على الموقع، غير أنّ "أبجد" تنوي أن تبدأ قريباً بتقديم كتبٍ إلكترونيةٍ باللغة العربية مموّلةٍ من الإعلانات (كتب مجانية تتضمّن إعلانات). وعم هذا الأمر، تقول حيلوزلـ"ومضة" إنّ "الكثير من مستخدِمينا طلبوا هذه الخدمة نظراً للافتقار إلى إمكانية الوصول إلى المكتبات في بلدانٍ مثل ليبيا والسودان والجزائر،" فتكاليف طلب المنتَجات التي تُطلَب على الإنترنت وشحنها مرتفعة جداً في المنطقة.
بدورها، تشكّل الكتب الإلكترونية سوقاً ضخمةً في المنطقة ما زالت غير مستكشفةٍ بعد، وفقاً لتقريرٍ صدر عام 2013 عن "فرانكفورتر بوكميسي" Frankfurter Buchmesse وهو أكبر معرضٍ للنشر في العالم. كما تُشكّل الرقابة أيضاً في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا عائقاً آخر، ما يدفع الكثير من القرّاء إلى الاتّجاه نحو الكتب المقرصنة.
وتقول حيلوز إنّ "المشكلة تكمن في أنّ دور نشر الكتب العربية لم تسعَ للاستفادة من السوق بسرعةٍ كافية، ولذلك نتعاون حالياً مع عدد من دور النشر لنسمح لقرّائنا بالمطالعة مجّاناً."
بحلول نهاية عام 2016، تنوي "أبجد" أن تكون قد نمّت قاعدتها لتضمّ مليونَي عضوٍ مسجّل، سعياً للمساهمة في محو الأمّيّة في أرجاء المنطقة. كما تعمل الشركة أيضاً على إضافة مزايا جديدةٍ إلى تطبيق الهواتف خاصّتها، وجعل التجربة ككلّ أكثر سهولة في الاستخدام.