يا له من أمر جميل أن تتعاون الشركات الناشئة معاً. (الصور من atelier.net)

كون نادر صبري رائد أعمال متسلسل ومؤسِّس "تايمز5" Timez5، فقد نال حصّته من الخبرات والتجارب في بيئات ريادية مختلفة حول العالم. وها هو الآن يُشاركنا أسبابه الأربع التي يشرح بها لِمَ يجب على الشركات الناشئة أن تسعى للعمل معاً.

تتّسم الشركات الناشئة بطبيعتها الطموحة القائمة على الثورة والتطلّعات والزخم. وفي رحلة نضالها نحو النجاح، تضع معظمها نصبَ عينيها أهدافاً كبيرةً: عملاء كبار ومزوّدو خدمات كبارو وشركاء كبار؛ وكلّ ذلك من أجل تحقيق فرصها الكبيرة.

إلاّ أنّ هذه الفرص الكبيرة جداً هي في الواقع أصغر بكثير ممّا تتصوّر وأقرب كثيراً منك: إنها اقتصاد الشركات الناشئة للشركات الناشئة S2S (startup-to-startup) economy.

تتقدّم الشركات الناشئة بميزة كبيرة على الشركات الكبيرة، ألا وهي الرشاقة والمرونة. ولكن، إذا لم تحسّن هذه الشركات الناشئة علاقات تعاونها وعملها مع سائر الشركات الناشئة، فقد يلعب ذلك ضدّها.

إليك قائمة من المزايا الأساسية التي أرى أنّ الشركات الناشئة تتقدّم بها على الشركات الكبيرة، في ما خصّ اقتصاد الشركات الناشئة للشركات الناشئة:

1. استعداد لاتخاذ الخطوات اللازمة

تقدير قيمة الحاجة الملحّة، والدقّة، وإنجاز ما يلزم. كلّما كبرَت الإدارة المسؤولة عن اتخاذ القرارات في الشركة، زاد الوقت والكلفة اللازمان للتوصّل إلى علاقة التعاون. أمّا الشركات الناشئة فلا تواجه هذا العائق، ويمكنها أن تستفيد من استعداد نظيراتها الشركات الناشئة لاتّخاذ الخطوات اللازمة أيضاً.

مثال: في حالة شركتي الناشئة التي تُعنى بالذكاء الاصطناعي، كان هناك فريق هندسة يعمل في الجامعة المحلّيّة وكان قد أطلق شركته الناشئة الخاصة به للتوّ. كان هذا الفريق يعمل منذ فترة مع بضع شركات مدرجة على قائمة "فورتشن 500" fortune لأكبر الشركات في مختبراته وكان على استعداد للتعاون معنا، بما يعزّز تقنيّتنا ويفتح الأبواب أمام عملائه من شركات "فورتشن 500" لمساعدتنا على التقدّم في عملنا.

2.  قدرة عالية على تحمّل المخاطر

بدأت الشركات الناشئة تجازف بالفعل، إلاّ أنّ ذلك لا ينطبق على الكثير من الشركات الكبيرة التي تتّبع عمليات طويلة من الإجراءات والسياسات والأنظمة التي تقلّل من قدرتها على تحمّل المخاطر، فتتّسم استراتيجياتها في العادة بالتقدّم التدريجي. أمّا الشركات الناشئة فهي تأخذ خطوات إضافية عند كلّ منعطف.

مثال: في حالة شركتي الناشئة التي تقدّم خدمات الإنترنت، كان هناك شركة ناشئة تُعنى بالتشفير encryption، وهي كانت على استعدادٍ أن تنفّذ حلّها على الخادم الخاصّ بنا server مقارنةً بغيرنا من مزوّدي الإنترنت الذين لم يشاؤوا المجازفة معها. سمح ذلك لنا بتوفير خدمة أكثر تنافسية للشركات التي نتعامل معها، فقدّمنا تشفيراً أسرع في الوقت الفعليّ وتمكّنا من إدراج التكاليف في نظام الأسعار لدينا وأصبحنا أكثر قدرة على تزويد العملاء بحلول أسهل.

3. سرعة في اتّخاذ القرارات

تسعى الشركات الناشئة إلى التعلّم، في حين أنّ الشركات الكبيرة التي تقبل بالتعاون معنا لا تقوم سوى بإدارة ما نفعله. هذا الاختلاف الجوهري في الثقافة يعني أنّه نادراً ما يتم التوافق على القرارات المتّخذة في الشركات الكبيرة. كما أنّ الشركات الناشئة تدفعها الحاجة إلى التعلّم بسرعة، وتعاونها مع سواها من الشركات الناشئة يسمح لها بأنّ تطبّق الخطوات اللازمة بأسرع وقت ممكن.

مثال: في حالة شركتي الناشئة التي كانت تصنّع سجادة الصلاة الفسيولوجية، تعاونّا مع شركة ناشئة سويدية مؤلّفة من خمسة مهندسين للراحة الإنسانية ergonomic ساعدونا على اختبار منتجنا بطريقة متطوّرة. وفي حين كانت هذه الاختبارات باهظة الثمن في مراكز الاختبارات الكبيرة، كان هؤلاء الخمسة مستعدّين للعمل معنا لمجرّد كسب الخبرة من أجل تنمية قدراتهم لا غير.

4. الدهاء

عادةً ما تُعاني الشركات الناشئة من ضيق الوقت وندرة الموارد والمال. ولذا من المفيد العمل مع شركات ناشئة أخرى تقدّر لوعة هذه العراقيل، وتكون - في إطار سعيها وراء أهداف طموحة - على استعداد لتجربة أنواع جديدة من أدوات وأشكال التعاون.

مثال: كانت شركة من الشركات التي أنتمي إلى مجلس إدارتها على وشك أن تطلق حملةً إعلانيةً قويّة، غير أنّ تكلفة هذه الأخيرة كانت عاليةً جداً. ولكنّنا وجدنا شركة إنتاج ناشئة على استعداد لتمويل المشروع على فترة ستة أشهر، ما سمح لشركتنا الناشئة بأن تُطلق حملتها ولشركة الإنتاج بأن تكسب السمعة الجيدة.

عندما عملتُ مع شركات ناشئة أخرى، كانت النتيجة دائماً تعاون مربح للطرفين. كلّنا مستعدّون لاتّخاذ الخطوات اللازمة وللمجازفة، وكلّنا نسعى للتعلّم بسرعة ولإيجاد الموارد اللازمة لعملنا بدهاء.

فكّر في الأمر بهذه الطريقة: عندما تتواعد الشركات الناشئة للعمل مع نظيراتها من الشركات الناشئة، تنشأ عن ذلك أفضل زيجات الأعمال.