آخر صيحات الموضة: الملابس الصديقة للبيئة
يبدو أنّ الجمل أحبّ هذه التي شيرت من "بامبو". (الصورة من Plhong Flores)
تُظهِر معظمُ المؤتمرات الموجّهة للشركات الناشئة أنّ الكمال عدوُّ ريادة الأعمال. ولذلك، اعتبرَت السنغافورية المّتخذة من دبي مقرّاً لها، إيمي شانغكو، (الصورة أدناه، الصور من "بامبو" Baembu) أنّ اضطرارها إلى إطلاق شركتها الناشئة قبل الوقت المقرّر نعمةٌ مقنّعة.
تقول شانغكو البالغة من العمر 39 عامًا في حديثها مع "ومضة": "كان التحدّي الأساسي عند البدء هو الانطلاق في حدّ ذاته بكلّ بساطة. فبعد 6 أشهر تقريبًا من التخطيط، لم نكن بعد على استعدادٍ تام. إلا أنّ فرصةً أُتيحَت لنا للمشاركة في فعالية ‘حاويات الأزياء‘ Market OTB، فانتهزناها وبذلنا أقصى جهودنا ولا نزال نعمل منذ ذلك الوقت."
و"بامبو" التي يقف وراءها شانغكو وشريكها المؤسِّس ماثيو كينج (الصورة أدناه)، هي شركة اجتماعية إماراتية تبيع ملابس رياضية مصنوعة من مواد مستدامة. وبعد أن انطلقت الشركة في مطلع هذا العام، اكتسب رائدا الأعمال حتّى الآن ثناء مجتمع الأعمال المحلّي، ودُعيا إلى المشاركة في كثيرٍ من الملتقيات البارزة بما فيها "بيتشا كوتشا" Pecha Kucha و"فاشن فيكتمز" Fashion Victims.
وبعدما الشركة أنتجَت أولّ قمصانٍ مصنوعة من خيزران بنسبة 70% ومن قطنٍ عضوي بنسبة 30% في الإمارات العربية المتحدة، تقول شانغكو إنّ الأخلاقيات والاستدامة هما من مبادئها الأساسية. وفي حديثٍ لها مع "ومضة"، تقول إنّ "هذه ليست حيلة تسويقية، فنحن نكرّس الكثير من الوقت لنضمن أنّ منتجاتنا اتّبعَت مساراً أخلاقيّاً ومستداماً من مكان منشئها حيث يتمّ زرع الخيزران والقطن بشكلٍ عضويّ ويتمّ الحصول عليهما من خلال مشاريع تتّبع مبادئ التجارة العادلة. وحتى الحبر وعملية الطباعة يتّبعان أفضل المعايير الإيكولوجية على الإطلاق."
يوافق عملاء "بامبو" على هذا الأمر، فيخبرنا كريستوفر كرم، المدير الإقليمي لشركة "كاي لين الشرق الأوسط" K-Lynn ME، أنّ "بامبو" هي العلامة التجارية المستدامة المفضّلة لديه. وفيما تشيد رولا عواد من شركة "يونيليفر الشرق الأوسط وشمال أفريقيا" Unilever MENA بجودة الشركة، تقول إن ّ"معرفتي أنّني أرتدي ملابس صديقة للبيئة ترسم ابتسامةً على وجهي، فهذه الثياب قد حصلَتْ على كافّة الاعتمادات والشهادات التي تؤكّد على ذلك."
الاهتمام بالبيئة
أفاد تقريرٌ صدر عن اللجنة الاستشارية الدولية للقطن (ICAC) أنّ القطن يشكّل حاليًا حوالي ثلث الألياف المستهلكة في مجال صناعة النسيج. وذلك في وقتٍ يتطلّب إنتاج القطن الاعتيادي استخدام مياهٍ عذبة، ما يشكّل خطراً على أحد أثمن الموارد الطبيعية في العالم.
ومع ازدياد المستهلكين وعياً لِما يشترون، تتجّه المزيد من شركات الملابس العالمية نحو إطلاق أزياء واعية اجتماعياً. فشركة "ليفي شتراوس" Levi Strauss مثلًا تنسج زجاجات بلاستيكية مُعاد تدويرها في سراويل الجينز المصنوعة من الدينيم، وقد أطلقت شركة "إتش أند أم" H&M مجموعة "إتش أند أم كونشس" H&M Conscious [أي الواعية].
وفي الوقت الذي تغيب فيه الإحصاءات الخاصّة بصناعة الأزياء المستدامة، أكان على الصعيد الإقليمي أو العالمي، لا شكّ في أنّ معظم ماركات الأزياء في الإمارات العربية المتحدة تصبح يوماً بعد يوم أكثر صداقةً للبيئة. فقد أطلق المصمّم الفلبيني المقيم في دبي، إزرا سانتوس، آخر مجموعاته من "البينا" piña، وهي ألياف تُصنَع من أوراق نبتة الأناناس.
ومن العلامات التجارية الأخرى التي تركّز على الموضة المستدامة نذكر "فيوتشر فاشون" Future Fashion و"مبادرة التغيير" The Change Initiative و"بامبو بوتيك" Bamboo Boutique.
"نشعر أنّ في دبي سوقاً متنامية لمستهلكين يعون أهمّية الاستدامة،" حسبما تكمل شانغكو مضيفةً إلى "أنّه نظراً إلى بطء هذه الصناعة في إحداث التغييرات على الصعيد العالمي يؤدّي الوعي دورًا جوهريًا، والسوق هنا تولّد هذا الوعي. فالأفراد هنا يملكون الوعي والرغبة والحاجة إلى التعبير عن أنفسهم من خلال اتخاذ قرارات واعية للاستثمار في هذه المنتَجات."
لِمَ الخيزران؟
ينتمي الخيزران، من الناحية النباتية، إلى الأعشاب وهو يعتبر أحد الموارد الأكثر استدامةً في العالم، وذلك بفضل سرعة نموّه، ولا يحتاج إلى مبيداتٍ للحشرات أو للأعشاب الضارة. أمّا بالنسبة إلى نسجه، فهو في الواقع أنعم من القطن ويتمتّع بخصائص عازلة ومضادّة للبكتيريا، وذلك بفضل مادّةٍ في ألياف الخيزران تُعرف بـ"كون الخيزران" bamboo kun وهي عامل حيوي طبيعي يُبعد الحشرات.
إلا أنّ إنتاج ألياف الخيزران نال في الماضي حصّته من الانتقادات بسبب المحاليل الكيميائية القوية المستخدَمة في صناعة النسيج بحدّ ذاته. ولكنّ شانغكو تسرع في الإشارة إلى تتبّعها والمؤسِّس الشريك مراحل الإنتاج كافّة، وتقول: "لقد بدأ استخدام الخيزران منذ عدّة سنوات، ولكن ما يميّز ‘بامبو‘ هو المزج بين الخيزران والألياف العضوية. بالإضافة إلى ذلك، نلنا اعتمادات من شركة ‘سويل أسوسييشن‘ Soil Association و‘مؤسَّسة الملابس العادلة‘ Fair Wear Association ووسم ‘الثقة في المنسوجات‘ Confidence in Textiles. تأتي المواد الخام من سيتشوان في الصين وتصنّع الملابس في تركيا، وتتمّ معاملة جميع الذين يعملون على هذه الصناعة في مختلف مراحلها وتُدفع لهم أجورهم بطريقةٍ عادلة."
الغد مشرق
لا داعي لذكر أنّ الأشهر الستّة الأخيرة كانت صاخبةً لشانغكو وكينج، ولذلك لا يزال الثنائي يبحث عن وسائل لتحقيق الاستفادة القصوى من عملهما. وعن هذا الأمر تقول شانغكو: "لقد أطلقنا ‘بامبو‘ على الإنترنت ولدى وكلاء مخازن مستدامين انتقيناهم في دبي، ونحن اليوم في طور البحث عن أفضل الحلول لننتهي من التأسيس."
وفيما تفضّل هذه الرائدة أن تعتمد "بامبو" على التمويل الذاتي، إلّا أّنها لا تستبعد تمامًا اللجوء إلى استثمارٍ خارجي في المستقبل. وتضيف أنّ "الاعتماد على التمويل الذاتي يعني أنّ كلّ كلفةٍ ندفعها ستخرج مباشرةً من جيوبنا، لذا ندقق في كلّ درهمٍ ندفعه ونستثمره. ومن المحتمل أن نلجأ إلى الاستثمار في المستقبل، لكنّنا نحتاج أوّلاً إلى وضع نموذج ٍمستدام لعملنا قبل التوسّع."
شانغكو التي تقف على ساقٍ واحدةٍ في ساحةٍ للخردة مع "بامبو" واليوغا، تعتقد أنّ دبي سوقٌ متناميةٌ للمستهلكين الواعين لأهمّية الاستدامة.
لا شكّ أنّ شانغكو امرأةٌ كثيرة الانشغالات، فإلى جانب العمل اليومي، تدير "بامبو" أيضاً "رمضان شو بوكس لوف" Ramadan ShoeboxLove، وهي مبادرة تهدف إلى إرسال الهدايا للعاملين في الإمارة. وقد تمّ اختيارها مؤخّراً لتكون المرشّحة الوحيدة من منطقة الشرق الأوسط للحصول على كرسي في مجلس "ذا بورد" The Board، في مبادرة العلامة التجارية "كي-سويس" KSwiss.
"إنّ السنوات الخمس المقبلة تحمل الكثير من
التحدّيات، لكنّنا نعيش على الأمل في الفرص المذهلة،" كما تخلص شانغكو
إلى القول، مضيفةً أنّ "هدفنا هو أن تنتشر ‘بامبو‘ ويمتدّ تأثيرها
عالمياً على صعيد الاستدامة بشكلٍ عام وخصوصاً لناحية
الأزياء."