لمَ يقدم هذا التطبيق رصيداً مجانياً للهواتف في المغرب؟
مؤسِّسو "ليك" على منصّة "ليڤل أپ". (الصورة من هدى الحلو)
الفكرة الثورية لا تكفي لضمان نجاح شركةٍ ناشئة، إنّما يجب معرفة كيفية حلّ المشاكل الجماعية من أجل زيادة فرص الاختراق والربحية وإجراء تغييرٍ كبير.
هذا ما شرحه ملٌّ من إسماعيل برغش وعمر قادري وياسين فداني، مؤسِّسوا "ليك" Lik، الشركة الناشئة التي فازَت في مسابقة "ليڤل أپ" المغرب Level Up Morocco التي نظّمَتها "ستارتپ يور لايف" Startup Your Life، في الـ12 من شهر حزيران/يونيو في الدار البيضاء.
"لقد خضتُ تجربةً رياديةً من قبل، ولكنّها فشلَت. كانَت عبارةً عن خدمةٍ فاخرةٍ تناولَت زاويةً معيّنةً ولم تحلّ أيّ مشكلةٍ كبيرة،" بحسب برغش. ولكن مع إطلاق "ليك"، اهتمّ الروّاد الثلاثة بحاجةٍ يواجهها الكثير من الشباب في المغرب: التواصل أكثر دون الإنفاق أكثر.
الإعلان الطوعي
ليك" هو تطبيقٌ للهواتف المحمولة يسمح بالحصول على رصيدٍ مجّانيٍّ، بشرط قبول عرض الإعلانات على الهاتف المحمول أثناء تلقّي المكالمات. وقد ساعد هذا النموذج في جذب الشركات للتواصل مع هذا الفريق.
وفي الواقع، على عكس المساحات الإعلانية التقليدية، يقدّم "ليك" عرضاً جذّاباً حسن الاستهداف ومقترناً بالسياق ومحدَّدَ المكان الجغرافي، من أجل تحسين الاستثمارات الإعلانية.
يستند الاقتران بالسياق على تقسيم المستخدِمين إلى أقسام (اللغة والشريحة العمرية والجنس)، وعلى حركة الانتقال خلال أوقاتٍ معيّنةٍ من النهار، وعلى تحديد الموقع الجغرافيّ بالخصوص لأنّه يتيح إرسال الإعلانات إلى المستخدِمين عندما يكونون إلى جوار المواقع الاستراتيجية (نقاط البيع وغيرها).
ويشرح إسماعيل أنّه "عندما التقينا بمستخدِمينا، شرحوا لنا أنّهم يستهلكون الإعلانات باستمرارٍ كلّ يومٍ وفي كلّ مكانٍ دون أيّ مقابل. ولكن مع ‘ليك‘، بات يمكنهم الربح أخيراً."
لا ميزانية للتواصل
بعد ثلاثة أشهر على الإطلاق فقط، تمكّن هذا التطبيق من جذب أكثر من 100 ألف مستخدِمٍ، كما ينبغي أن تصل الشركة في نهاية العام الجاري إلى 3 أو أربعة ملايين من الإيرادات. ومع ذلك، يشدّد برغش على أنّ شركته لم تستثمر فلساً واحداً في عملية التواصل والترويج.
الصورة الدعائية التي نشرتها "ليك" على صفحتها على "فايسبوك".
لقد اختار الفريق أن يركّز على المجتمع من خلال إنشاء نظام رعايةٍ يسمح للمستخدِمين بالحصول على رصيدٍ مجّانيّ. "وهذا لا يحتاج إلى ميزانيةٍ كبيرة،" كما يقول، لكنّه يستحقّ هذه التكلفة.
بالإضافة إلى ذلك، اعتمدَت هذه الشركة الناشئة أيضاً على "فايسبوك" Facebook. وبعد المخاطرة بأن تكون هذه الخطوة مسيئةً للنساء، نشرَت "ليك" صورةً دعائيةً في شهر نيسان/أبريل الماضي، قالَت فيها: "مع تطبيق ‘ليك‘ يمكن أن يكون لديك أكثر من حبيبة، فإعادة شحن الرصيد سيكون مجّانياً." والنتيجة؟ أكثر من 14600 إعجابٍ و1270 مشاركةً، بتكلفة صفر درهم.
الحصول على التقدير
بدأ مجال ريادة الأعمال بالحديث عن هؤلاء الشركاء المؤسِّسين الثلاثة. ففي شهر أيار/مايو الماضي، تمّ اختيار "ليك" كواحدةٍ من بين الشركات الناشئة الـ28 الأكثر ابتكاراً خلال مؤتمر "كولليجن"Collision Conference في لاس فيجاس. وعلى الصعيد المحلّي، فازَت "ليك" أيضاً بجائزة مسابقة "ليڤل أپ" للمغرب التي تنظّمها "ستارتب يور لايف".
وبالإضافة إلى ماسبق، ربحت هذه الشركة الناشئة ثقة المستثمِرين. فقامَت "إيرينيه4إمباكت" Eiréné4Impact، حتاضنة الأعمال وصندوق التمويل التي تستهدِف الشركات ذات التأثير الكبير استثمرَت 150 ألف يورو في هذه الشركة الناشئة. كما استثمرَت فيها "شبكة ريادة الأعمال في المغرب" Réseau Maroc Entreprendre 23 أف يورو (أي ما يقارب 225 ألف درهم مغربي).
ياسين فداني، إسماعيل برغش، وعمر قادري في مؤتمر "كولليجن" في لاس فيجاس.
في حين سهّل الحصول على التمويل بشكلٍ كبيرٍ تطوير الشركة الناشئة هذه، اقتنع برغش أنّ هذه الأمر لا يشكّل ضرورةً حاسمة. فبأقلّ من 5 دقائق وبأقلّ من 50 يوررو، يمكن شراء اسماً لنطاق وإنشاء صفحةٍ رئيسية، ومن ثمّ جذب الزوّار من خلال شبكة العلاقات وبالتالي ضبط مفهوم الموقع وفقاً لتعليقات المستخدِمين وردودهم. ويقول برغش "إنّنا لم نعد بحاجةٍ إلى ملايين الدراهم كي ننشئ شركة."
نموذجٌ مربحٌ واجتماعيّ
لا يبدو نموذج "ليك" من النظرة الأولى نموذجاً لشركةٍ ذات أثرٍ اجتماعيٍّ، ولكنّ المؤسِّسين يرون أنّها أداةٌ قويةٌ التربية المدنية. وعن هذا الأمر يقول قادري: "في المبدأ، يتمّ إرسال الإعلانات للمستخدِمين عندما يكونون مشدودي الانتباه. وهذه الإعلانات يمكن أن تكون رسائل من منظّماتٍ غير ربحيةٍ."
من خلال عملية الاقتران بالسياق، يمكن أن تعمد "ليك" إلى تشجيع الشباب على توفير المهرباء والماء في الساعات التي تشهد ضغطاً كبيراً. أو توعيتهم حول أمراضٍ مثل سرطان الثدي أو السيدا عندما يكونون بقرب مراكز الفحص، وذلك بفضل ميزة تحديد الموقع الجغرافي.
إنّ ريادة العمال الاجتماعية تعمل حتّى ضمن الإعلانات!