ما السرّ للنجاح في البيئة الحاضنة اللبنانية؟
كان هناك الكثير لمناقشته في "إنرجي بوست". (الصورة من "فيسبوك")
كيف يمكنك أن تحقّق نجاحاً كبيراً في بلدٍ مثل لبنان؟ وكيف يمكنك أن تعبر أسواقه الصعبة وقوانينه القاسية وتبني عملاً مستداماً؟ أليس من الأفضل أن ترحل ببساطة وتؤسّس عملاً لك في مكانٍ آخر؟
لمناقشة هذه الأسئلة وغيرها، اجتمع حوالى 60 رائد أعمال صاعداً في "المركز اللبناني البريطاني للتبادل التقني" UK Lebanon Tech Hub في 23 أيار/مايو في بيروت في خلال فعالية "إنرجي بوست" Energy Boost، التي سعى فيها الحاضرون إلى أخذ نصائح تتعلّق بالتعامل مع الفشل والمثابرة ووضع خطط عمل استراتيجية في "بلدٍ مثل لبنان."
ونظّمت هذه الفعالية منصّةُ الصوتيات العربية، "أنتربرينرجي" Entreprenergy، التي دعَت مجموعة روّاد الأعمال المنضمّين إليها والذين كانت قد أجرت مقابلات معهم سابقًا على الموقع، للمشاركة في فعاليتها.
وعن هذا الأمر قال مضيف الفعالية ومؤسِّس منصّة "أنتربرينرجي"، أندريه أبي عواد: "لاحظنا أنّ كثيراً من رواد الأعمال الذين يستمعون إلى صوتياتنا يتّصلون بضيوفنا لاستشارتهم، فشعرنا بالحاجة إلى مجتمعٍ داعمٍ لروّاد الأعمال. ولذلك نظّمنا هذه الفعالية لاختبار احتواء السوق على فرصٍ كهذه، وأتَت ردود الفعل إيجابية للغاية."
وفي تلك الفعالية، تبادل روّاد الأعمال وجهات نظرهم خلال أربعة اجتماعات، نوردها فيما يلي.
العقبات التي تواجهها رائدات الأعمال
ألين كماكيان، مؤسِّسة شركة التأمين "مايريغ" Mayrig وصاحبة مطعم أرمني ناجح، تشعر أنّ ريادة الأعمال تعود بها إلى سنوات المراهقة. وقالت هذه الرائدة التي أسّسَت شركتها في سنّ العشرين: "في بداياتي، كانت رائدات الأعمال الإناث نادرات، فاضطررت إلى مواجهة عقباتٍ كثيرةٍ لأغيّر الصورة النمطية للمرأة العربية العاملة. ويمكنني القول إنّ المشكلة الأولى التي تواجهها المرأة هي التحرّش الجنسي."
من جهاتها، وافقتها ندى ضاهر، مؤسّسة شركة التدريب "براغما دومز" PragmaDoms، الرأي، وقالت إنّ "المرأة تحتاج إلى وقت أطول لتثبت نفسها في العمل. فهم لا يؤمنون بها من المرّة الأولى لذا لا بدّ لها أن تتحلّى بالصبر والمثابرة."
ندى ضاهر تناقش التحدّيات التي واجهتها كرائدة أعمال عربية.
أكّدت ضاهر، الأمّ العاملة التي اضطرّت للعمل خارجاً، أنها تعرّضَت لكثير من الأحكام والاتّهامات. وتضيف "أنّ العمل، في الواقع، لا يميز الجنسين. فإن امتلكت الموهبة والمهارات والتعليم، يمكنك أن تكون ناجحًا كأي فرد آخر."
التدريب والإرشاد هما مفتاحان جوهريان في تسريع نجاح الفرد، حسبما تؤمن ضاهر وكماكيان التي أشارت إلى أنّه "مهما كان الفرد ناجحاً، فهو يحتاج إلى مرشد يدلّه على العقبات التي قد لا يراها. وعليه أن يعمل باستمرار على تحسين نفسه."
النجاح في لبنان
في حين يغادر البعض لبنان وفي الوقت الذي لم تكن فيه ريادة الأعمال معروفة، فإنّ زياد أبي شاكر واحدٌ من رواد الأعمال الكثيرين الذين اختاروا البقاء في لبنان والعمل فيه.
وقال أبي شاكر، مؤسّس شركة "سيدر إنفايرنمنتل" Cedar Environmental لمعالجة النفايات الصلبة، إنّ "فلسفتنا الأساسية هي ألّا نعمل خارج لبنان. لقد تلقينا عروض عمل كثيرةً من الخارج، إلاّ أننا رأينا الكثير من الإمكانيات في لبنان حيث ترتفع نسبة التلوّث وكمية النفايات. وساعدنا أمران اثنان في مسارنا: الأوّل تمثّل في غياب المنافسين في ذلك الوقت (فالناس كانوا يعتقدون أنّ تقنيات كهذه لا تطبّق إلا في الغرب)، والثاني في عزمنا على التميّز عن الآخرين."
وأضاف هذا الرائد الذي يشير إلى أنّ انتزاع السلطة من "مافيا الأقلية" كان مشكلةً كبيرةً، أنّ "رجال السلطة المعنيون في مجال معالجة النفايات قليلون للغاية، ويصعب اختراق هذه الحلقة."
إستحداث مفاهيم جديدة
التدريب داخل الشركات والاستشارات حول إدارة سلسلة التوريد على التوالي، هي من الممارسات والاستراتيجيات التي أطلقها سعيد صابر وناجي بجّاني في لبنان، والتي لم تكن معروفةً فيه وقتئذٍ.
"عندما كنتُ أخبر أحدًا ما أنني مستشار في إدارة سلسة التوريد، كان ينظر إليَّ وكأنني أتحدّث إليه بلغة جديدة،" حسبما قال صابر، الذي تابع: "فأشرح له أنّ الأمر مماثل لإجراءات إدارة سلسلة التوريد، إنما مع تدريب من شخص معتمد".
أمّا بجّاني، فأشار إلى أنّ التحدّي الأكبر برز في الصعوبات التي ترافق الفشل، وقال إنّه "عليك أن تفعل أموراً لم تفعلها سابقًا وتستعدّ للفشل مرّات ومرّات. فالتواضع يرافق الرغبة في التعلّم والفشل."
سعيد صابر وناجي بجاني يناقشان بدايتهما المتواضعة في لبنان.
ماذا تعلّما؟
قال صابر، الذي بدأ العمل في مجاله وهو في سنّ المراهقة: "ميّز نفسك قدر الإمكان وليكن لك سوقك الخاصّ. لبِّ حاجاتٍ لا يلبّيها أحدٌ سواك.
الحصول على العميل الأوّل
بناء شركة من الصفر ليس سهلًا، ولهذا السبب، نصح جوني افرام، مؤسِّس "أسِّت بيك بيرفورمانس" Asset Peak Performance، الحاضرين بالانطلاق من مجال خبرتهم، وقال: "عملتُ لمدّة 11 عاماً في الشركة ذاتها قبل أن أنطلق في مشروعي، وساعدتني حلقة معارفي كثيراً."
بالإضافة إلى اعتماد رائد الأعمال على حلقة معارفه، لا بدّ له أن يكون متفائلًا أنّ خدماته تلبّي حاجات لم تتمّ تلبيتها في السوق من قبل. فروجيه خاطر، أحد رواد الأعمال المشاركين، قال: "استندَتْ كافة الأعمال التي قمتُ بها إلى حاجة في السوق. وهذا ما منحني الثقة لأتقرّب مباشرةً من العملاء وأقدّم لهم الحلّ الذي أمتلك."
ولكن ما رأي افرام الذي يعمل منذ أكثر من عشرين عامًا في سوقٍ مثل لبنان؟
"ما يميّز السوق في لبنان هو أنّه يركد فجأةً بعد أن يكون في أوجّه، ثمّ يرتفع من جديد،" يجيب افرام، ويتابع أنّ "ما يحتاج الفرد إلى فعله في فترات الركود هو ابتكار منتج جديد يلبّي حاجةً جديدةً في السوق، لأن لا بدّ له أن يؤمّن بقاءه من الناحية المادية".