ما هي 'الطاقة' التي دفعَت جورج عبود ليترك راتبه الكبير؟ [صوتيات]
لا يهمّ كم يكون راتبك مرتفعاً وحتّى المركز الذي تشغله، فعندما تحين ساعة الريادة سوف تتخلّى عن كلّ شيءٍ من أجل بدء العمل على شركتك واللحاق بشغفك. هذا ما قام به جورج عبود الذي أصبح رائد أعمالٍ ناجحاً من لبنان.
في مقابلةٍ سريعةٍ مع "أنتربرينرجي" Entrepreneurgy، يخبرنا عبود أنّه بدأ العمل عندما كان عمره 12 عاماً، حيث كان يعمل كلّ صيفٍ بعد انتهاء المدرسة. ولكنّه عندما بدأ الجامعة أوقف العمل الصيفي، وأراد أن يعيش كلّ تفاصيل الحياة الجامعية. درس التسويق، ثم عمل في شركة استشارية لمواد البناء ثمّ في شركةٍ أخرى، لكنّه كان يحلم دائماً بأن يكون له شركةٌ تعنى بالطاقة المستدامة. ترك كلّ شيء، أسَّس شركته في لبنان، انتقلت أعمالها إلى الشرق الأوسط ومن ثمّ إلى أفريقيا. كلّ ذلك في غضون سنواتٍ قليلة.
يشير عبود في هذه المقابلة الصوتية إلى أنّه اتّخذ القرار الذي غيّر مسار حياته عندما ترك الشركة التي عمل فيها عام لستّ سنوات، والعمل في شركةٍ أخرى ثمّ تركه بعد شهرٍ ونصف. بالرغم من الراتب المرتفع الذي كان يتقاضاه في كلتا الشركتَين، أخذ عبود قرار الاستقالة من آخر عملٍ له كموظّف قبل أن تولد ابنته بأربعة أيّام.
كلّ ذلك من أجل أن يؤسِّس "إيرث تكنولوجيز" Earth Technologies التي بقي يحلم بها لمدة 4 سنوات من قبل. أضِف إلى أنّه طرح الفكرة على الشركات التي عمل فيها ولكنها لم تبادر إلى العمل بها، فقرّر بدء الشركة التي تقوم بهذا الأمر، رغم أنّ الناس لم يأخذوه على محمل الجدّ وراحوا يزرعون في قلبه الخوف.
ولكنّ هذا الرائد اللبناني أخذ بمقولة غرايسون مارشال: "إذا لم يضحك الناس على أحلامك فهذا يعني أنّها ليست كبيرةً كفاية"، وتوجّه نحو شغفه بالطاقة المتجدّدة وإجراء الدراسات حولها. وذلك كما يذكر، لأنّ "ريادة الأعمال هي أن تعيش بضع سنوات من حياتك كما لا يريد معظم الناس، بحيث تمضي بقية حياتك كما لا يستطيع معظم الناس."
مشغل "إيرث تكنولوجيز" في زامبيا. (الصورة من صفحتها على "فايسبوك".)
وكانت الفكرة قد جاءَته خلال العمل السابق، حيث "كنتُ أسافر 150 يوماً في العام، ورأيتُ أنّ الطاقة المتجدّدة هي مستقبل الطاقة وأنّ الوقود الأحفوريّ سوف يزول،" بحسب عبّود الذي يضيف أنّه منذ عام 2006 يركّز على الطاقة المتجدّدة ويقوم بالدراسات حولها وجمع المعلومات ودراسة السوق.
وينصح خلال المقابلة بأنّ "الفكرة تأتي إليك ولكن عليك العمل عليها وتحقيقها فهي يمكن أن تغيّر حياتك." كما يؤكّد أنّه يمكنك أن تأخذ أيّ فكرةٍ وتنفّذها بطريقةٍ مختلفة، وهكذا سوف تربح. "فالشغف والفكرة يكّملان بعضيهما."
يتحدّث عبود عن الفشل فيقول إنّه "لا رائد أعمالٍ من دون فشل، ومن يقول إنّه لم أو لا يفشل فهو خاطئ." أمّا عن الفشل الذي مرّ به أثناء مسيرته الريادية، يلفت إلى النقص في التخطيط المالي وما يتعلّق به من تأمينٍ للمال وتخطيطٍ لكيفية صرفه وإنفاقه، خصوصاً في لبنان. "مررتُ بفشلٍ كبيرٍ جرّاء هذا التقدير الخاطئ،" كما يقول، مضيفاً أنّه خلال إحدى المشاريع الكبيرة التي تبلغ عدّة ملايين دولار، "اشترينا البضاعة وخلّصناها جمركياً وتوجّهنا إلى تركيبها، والزبون لم يدفع أيّ مبلغٍ بعد. إثر ذلك، بتنا أمام خيارين: إمّا الانسحاب من المشروع وتحمّل أعباء البضاعة الكاسدة وإمّا المضيّ بالمشروع وتحمّل تأخر دفع الزبون." ولكن، كلّ فشلٍ يتعلّم المرء منه سوف يكون متبوعاً بالنجاح حتماً.
أمّا عن الأسباب التي أخّرته عن أن يصبح رائد أعمال، يجيب أنّ "الراتب كان مرتفعاً ولم أكن أفكر أنّه يجب أن أذهب وأنشئ شركتي." أمّا السبب الثاني فهو "لأنّني لم أكن أعرف أنّني أستطيع القيام بهذا الأمر." ولكنّه في نهاية المطاف، اتّخذ القرار و"هذا هو الأهمّ."
حلم جورج عبود بتأسيس شركة للطاقة المستدامة لا يخلو من "الطاقة". (الصورة من "فايسبوك")
من أهمّ النصائح التي يشاركنا إيّاها عبّود هي تلك التي حصل عليها من والدته: "اعطِ، والله سوف يعطيك." فبرأيه، إنّ المساهمة والتشارك مهمّين جدّاً للاقتصاد، فيمكن مثلاً "للشركة الكبيرة أن تستعين بشركةٍ صغيرةٍ أخرى وتؤمّن لها أعمالاً، فيستفيد الطرفان. إضافةً إلى أنّ الشركة الصغيرة بدورها سوف تستعين بأخرى، فيستفيد الجميع."
وبالحديث عن العادات الناجحة التي يتّبعها والدروس التي تعلّمها، يخبرنا عن تمضية الوقت مع أشخاصٍ ناجحين "لأنّك سوف تتعلم منهم وسوف ينقلون إليك عدوى النجاح." بالإضافة إلى ذلك، يشدّد على ضرورة عدم تأجيل العمل "فهو يدمّر الشركات وروّاد الأعمال." كذلك، تعلّم عبّود كيفية التفويض، إذ يقول: "عندما بدأنا ظننتُ أنّني أستطيع القيام بكلّ شيءٍ ولكنّني اكتشفتُ فيما بعد أنّه يجب الركون إلى التفويض، وذلك كي تقوم بأمورٍ أهمّ كما يمكن للشخص المفوَّض أن يقوم بالمهمّة بطريقةٍ أفضل."
وعن الموارد الإلكترونية التي يستفيد منها في عمله، يدلّنا على "دروب بوكس" Dropbox الذي يستعمه لتشارك الملفّات مع مختلف مكاتب شركته المنتشرة في عدّة بلدان، كما يشير إلى موقعٍ صمّموه ضمن الشركة لمتابعة سير العمليات عليه. "لقد قمنا بالحلّ الخاصّ بنا الذي سينمو مع الشركة." ومن الكتب التي يفضّلها يذكر كتاب "فنّ الحرب" The Art Of War لكاتبه صن تزو.
استمع إلى المقابلة من هنا: