كيف يحاول مؤتمر توظيف الشباب العربي معالجة البطالة؟
من اليسار: نبيه بولص، مراسل “لوس أنجلوس تايمز"؛ جمانة الجابري، الشريكة المؤسِّسة في "فيجوالايزنج إمباكت" Visualizing Impact؛ ربيع زريقات مؤسِّس "مبادرة ذكرى"؛ ولمياء بوناحميدي، مؤسِّسة " لوليز" ومديرتها التنفيذية؛ يتحّدثون في مؤتمر" توظيف الشباب العربي" (تالا العيسى).
سعى مؤتمر "توظيف الشباب العربي" Arab Youth Employment Conference الذّي يجمع قوىً عربيّةً وأجنبيّةً، لإيجاد حلولٍ تساهم في التصدّي لظاهرة البطالة في الشرق الأوسط. وهذا المؤتمر الذي عقد دورته الثانيّة في عمّان، من 28 إلى 30 من الشهر الجاري، استقطب حوالي 480 مشاركاً من 30 دولةً مختلفة، وذلك بتنظيمٍ من مبادرة "صلَتك" Silatech التي تأسَّسَت عام 2008 لإحداث تغييراتٍ إيجابيةٍ ومستدامةٍ في حياة الشباب العربيّ، من خلال تشجيع انخراطهم في التنمية الاقتصادية والاجتماعية.
تضمّن المؤتمر جلساتٍ وحلقات نقاش متنوّعةً طرحَت حلولاً لمواجهة البطالة في المنطقة. وكان من ضمن هذه الحلول: التركيز على الإرشاد المهني، واستغلال التكنولوجيا كوسيلةٍ للتعليم والتواصل، والتعاون بين الجامعات من أجل تخطيطٍ وظيفيٍّ أفضل، وتطوير خطط عملٍ شاملة ذات طابع مجتمعيّ، وغيرها من المواضيع.
إنّ مشاكل البطالة والفقر بين الشباب العربي، طفت إلى السطح بعدما واجه محمد البوعزيزي الشرطة، وردّ على من اعتدى على عربة خضرواته قائلاً: "أنا إنسان بسيط، لا أريد سوى أن أعمل!" لم يكن البوعزيزي إلّا واحداً من ملايين الشباب العربي، فكان أن تردّدت أصداء صرخته في مختلف البلدان العربية.
كان وجه الثورات العربيّة في الأساس اجتماعيٌّ واقتصاديٌّ؛ فقد نزل الشباب إلى الشوارع يطالبون برفع القمع والحرمان عنهم، ما قد يكون خطوةً أولى لتحسين الوضع الاقتصاديّ. ولكنّها للأسف، في حالة الربيع العربيّ، لم تجدِ نفعاً عمليّاً إلى حدّ الآن. وعلى العكس، ارتفعَت نسبة بطالة الشباب في الوطن العربي من 24% قبل الثورة عام 2009، إلى 29% في 2014، وهي النسبة الأعلى في العالم مقارنةً بالأقاليم الأخرى.
تحدّث في المؤتمر ما يقارب 60 خبيراً من مجالاتٍ مختلفة، وكان لافتاً أنّ من أهم الحلول التّي تحاور حولها المشاركون هي ريادة الأعمال. وعن هذا الأمر تقول مديرة برامج البحوث والدراسات في "صلَتِك"، نورا كامل، إنّ "عدم التطابق بين العرض والطلب [في سوق العمل العربي] جعلنا بحاجةٍ إلى شبابٍ يوجدون فرص عمل بأنفسهم، لأنفسهم ولغيرهم. لم تعد هناك علاقة اعتماديّة بين المُوّظَف والمُوّظِف."
عمد المنظِّمون إلى دعوة سياسيّين وأكاديميّين وروّاد أعمال من بلادٍ مختلفة لحضور المؤتمر؛ فكان من ضمن السياسيين اللّذين حضروا، وزيرا العمل الأردنيّ والسعوديّ، نضال القطامين وعادل فقيه؛ ومن بين الأكاديميين حضر سليم خلبوص من تونس، وهيفاء نجّار من الأردن؛ وشارك من الرياديين كلٌّ مِن الشريك الإداري لشركة "سيليكون بادية" Silicon Badia، إميل قبيسي، ومؤسِّسة شركة "لوليز"Looly’s ومديرتها التنفيذية، لمياء بوناحميدي من المغرب؛ وغيرهم الكثير. ولقد ساعد هذا التنوّع في الحضور والمتحدِّثين في جعل الحوار بنّاءً وصريحاً وحاسماً.
من اليسار: كامل الأسمر، مؤسِّس "نخوة"؛ سائد الشلة، مؤسِّس "سوشال دايس" Social Dice ومديرها التنفيذيّ؛ إميل قبيسي، الشريك الإداري في "سيليكون بادية"؛ إبراهيم الصفدي، المدير التنفيذي في "لومينوس إيديكايشن" Luminus Education؛ ناصر صالح، مؤسِّس "مدفوعاتكوم" Madfoo3atCom ومديرها التنفيذي؛ يتحدّثون خلال ندوةٍ عن الحلول التي يمكن للقطاع الخاص المساعدة فيها.
وفي جلسة تمحورَت حول الريادة الاجتماعية، انتقد الروّاد المتحدِّثون المفهومَ الاستهلاكيّ المعاصر للتوظيف. وهذا الأخير بنظرهم، قام بتصنيف الوظائف ضمن منظومةٍ طبقيةٍ واستشراقيةٍ تستند إلى مفاهيم الغرب، فأصبح هناك وظائف "متحضّرة"، وهي الأفضل بالطبع، ووظائف أخرى "رجعيّة" و"تقليديّة"، ممّا قولب طموحات الشباب العربي في أنماطٍ يضطرّون أن يتّبعوها لكثرة الضغوط والتوقّعات.
وبدوره، قال مؤسِّس "مبادرة ذكرى" الهادفة إلى تغيير دينامية العمل التطوّعيّ، ربيع الزريقات، إنّه عوضاً عن نزع الشباب من مناطقهم الريفيّة لتوظيفهم في شركاتٍ حديثةٍ انصياعاً للأنماط المفروضة، يجب العمل على تنبيه هؤلاء الشباب ولفت انتباههم حول المصادر المتواجدة في محيطهم، سواء كانت زراعيّةً أم حرفيّةً أم غير ذلك، ليقوموا بتطويرها ويوجدوا فرص عملٍ بناءً عليها.
وفي السياق ذاته، اعتبرَت كامل أنّ تجريد البطالة والتوظيف إلى أرقامٍ وإحصائيّاتٍ أمرٌ سيّئٌ جدّاً، "فالحلّ ليس حلّاً اقتصادياً وحسب. أمّا نحن، فلسنا نهدف إلى إيجاد وظائف للشباب وحسب، بل إلى إيجاد وظائف ذات معنى."