هل تشكّل هذه الخدمة حلّاً لأنظمة إدارة المحتوى العربي؟
خلال السنوات الأخيرة، شهد تصميم المحتوى على الإنترنت قفزة نوعية. فبعدما بدأ بإدراج ملفات ثابتة بصيغة .html ثمّ بملفات حيوية على غرار PHP و.net، شهدنا ظهور عددٍ من أنظمة إدارة المحتوى لتصميم الصفحات الإلكترونية مثل CMS. وتطوّرَت هذه الأنظمة لتوفّر باقةً من نماذج المواقع الإلكترونية الجاهزة وأنماطها، من أجل تصميمٍ أسرع لها وكأنّنا دخلنا في ما يُعرف بـ"حقبةٍ جديدةٍ من تطوير الشبكة."
سامي السيّد يستعرض فكرة شركته.
"شورت بوينت" Shortpoint التي تندرج في هذه الحقبة الجديدة، انطلقَت من دبي في الأوّل من آذار/ مارس 2015، لتستهدف الزبائن من مختلف أنحاء العالم. وبحسب ما يختصر مؤسّسها ومديرها التنفيذي، الأردنيّ سامي السيد، فإنّ "شورت بوينت" لا تقدّم منتَجاً لبناء موقعٍ إلكترونيٍّ وحسب، بل أيضاً لتصميم محتوى الموقع دون اللجوء مجدّداً إلى المطوّرين والمصمِّمين أو الحاجة إلى التشفير coding. وفي حديثٍ مع "ومضة"، يشرح قائلاً إنّه "عندما ينشر المدوّن محتوىً ما، يستطيع تحريره باختيار أسلوب الطباعة أو الكتابة (bold, italic…) أو إضافة صورة أو فيديو، ولكنّه لا يستطيع تصميم المحتوى أو صفحات الموقع كما يريد. لذلك، حسّنا ‘أداة التحرير‘ editor لتجربةٍ غير مختلفة أو معقّدة."
والسيّد الذي أطلَق شركة "شورت بوينت" بفضل شغفه الذي جمعه مع المؤسِّسين الثلاثة الآخرين (أردنيان وأكرانيّ)، يخبرنا قائلاً: "أعشق تصميم المواقع الإلكترونية؛ لأكثر من 8 سنوات، بنيتُ وصمّمتُ العديد منها، من مواقع صغيرة إلى بوّابات إلكترونية للشركات الكبرى." كما يضيف أنّ التحدّي لا يكمن في إطلاق موقعٍ على الإنترنت، بل في العمل على صفحات الموقع التي تتطلّب وقتاً طويلاً وجهوداً إضافية. "فتغيير تصميم الصفحات،" بالنسبة له، "يُسبّب صداعاً حقيقياً لأصحاب المواقع الالكترونية وللمصمّمين على حدٍّ سواء." وبعد أن شعر بصعوبة تصميم المحتوى الإلكترونيّ، وبعد غياب الاندفاع لمواصلة مسيرته المهنية في شركةٍ متعدّدة الجنسيات في الولايات المتحدة، قرّر السيّد المخاطرة واختار إطلاق "منتَجٍ يمكن إضافته إلى أي موقعٍ إلكترونيٍّ من أجل تبسيط تصميم المحتوى وتسهيله."
كيف تعمل "شورت بوينت"؟
إنّ أنظمة إدارة المحتوى تختلف بفضل الميزات التي تقدّمها المنصّات لزبائنها من أجل تصميم صفحات مواقعهم الإلكترونية. ولكن، على حدّ قول السيّد، أيّاً يكن النظام الذي تستخدمه، يمكنك تحميل "شورت بوينت" على أيّ منصّةٍ وتفعيل استعماله بسهولة. ويضيف أنّ "أداة التحرير editor لا تتغيّر، إنّما يُضاف اليها ميزات جديدة وخاصّة بـ‘شورت بوينت‘، على غرار تصميمٍ خاصٍّ لخلفية الصورة بفضل إضافة الفيديو والألوان.."
وعن ميزات "شورت بوينت" التي توفّر فرصةً لتصميم نماذج محدّدة templates خاصّة بكلّ زبون، يشرح السيّد أنّ المستخدِمين "يستطيعون فرض إرشادات التصميم والمحتوى الخاصّة بهم وإنشاء كتيّبٍ لمصمّمي المحتوى لاستعماله واللجوء إليه متى اقتضَت الحاجة."
يمكنك تخصيص أداة التحرير من "شورت بوينت" كما تريد.
ويخبرنا أنّ الخدمة مدمجةٌ حتّى الآن بأربعة حلولٍ للشركات التي تستخدمها لبناء بوّاباتٍ إلكترونيةٍ، كما يشير إلى أنّ شركته "ستطلق المزيد من المنتَجات التي تتناسب مع ‘أوراكل ويب سنتر‘ Oracle WebCenter وغيرها من المنتَجات، كما ستطلق قريباً مجموعةً من المنتَجات التي تعمل مع ‘ورد بريس‘ WordPress و‘برمجيات دي أن أن‘ DNN Software و‘دروبل‘ Drupal و‘جملة‘ Joomla، للمدوّنين والشركات الصغيرة والمتوسّطة الحجم.
استهداف الشركات الكبيرة أولاً
"تستهدف ‘شورت بوينت‘ في المقام الأوّل الشركات الكبيرة التي تضمّ آلاف الموظفين وتملك موقعاً إلكترونياً داخلياً،" على حدّ قول السيّد، الذي يضيف أنّ "الشركة تدفع مرّةً واحدةً مبلغ 7 آلاف دولارٍ أميركيٍّ مقابل الترخيص الواحد، ولكنّها تحتاج عادةً إلى شراء ترخيصَين لأنّ الترخيص هو لخادم حوسبةٍ server واحدٍ، وغالباً ما تملك الشركة خادمَين. بالإضافة إلى ذلك، تدفع الشركة سنوياً 25% من قيمة الصفقة مقابل الدعم والصيانة."
واختيار الشركات الكبرى لا يأتي من باب الصدفة، إذ أنّه وسيلةٌ غير مباشرة لتوفير الأموال للشركة، حيث يضمن الترخيص الواحد رواتبَ فريق العمل لثلاثة أشهر. فـ"الشركات الكبيرة أشبه بمستثمرٍ يساعدنا على تطوير المنتَج وتحديثه، من أجل التوسّع لاحقاً إلى زبائن آخرين وسوقٍ أكثر نضوجاً."
وفي هذه المرحلة الأولى، نجحَت "شورت بوينت" في الحصول على زبونَين من المؤسَّسات الكبرى في الإمارات و5 عالميين، معظمهم من الولايات المتحدة. غير أنّ خطّتها المستقبلية التي تكمن في استهداف الشركات الصغيرة والمتوسّطة الحجم والشركات الناشئة والمدوّنين والمواقع الاخبارية، سوف تضطرّها إلى تغيير أسعارها وتوفير باقةٍ من الميزات الأخرى.
منافسة شديدة ولكن...
يدرك السيّد جيداً أن "شورت بوينت" ليست وحيدةً في مجال تصميم المحتوى على الإنترنت، وأنّ المنافسة شديدة لاسيما عالمياً. ويقول إنّ "‘ورد بريس‘ تقدّم منتَجاتٍ مماثلةً لكنّها مختلفةٌ من حيث طريقة العمل إذ تعتمد أسلوب ‘السحب والاسقاط‘ drag & drop بفضل ‘فيزوال كومبوزر‘ Visual Composer، ولا يمكن استخدامها إلّا مع ‘ورد بريس‘ نفسها. أمّا ‘شورت بوينت‘ يمكنها التجانس مع منصّاتٍ أخرى، وتتميّز بالسعي إلى معالجة إحدى أهمّ المشاكل حالياً على الإنترنت، ألا وهي المحتوى العربي."
هل تنجح "شورت بوينت" في تقديم حلٍّ لأنظمة إدارة المحتوى العربي؟
فالمشكلة الأكبر مع أنظمة إدارة المحتوى العربي، حسبما يشرح السيّد، تبقى أنّها غير مصمّمةٍ لاستعمال اللغة العربية. إذ تبرز المشاكل عند الكتابة من اليمين إلى اليسار، بالإضافة إلى غياب عدّة عناصر ورموز خاصّة بالعربية عن هذه الأنظمة. ومع "شورت بوينت"، يسعى السيّد إلى تقديم تجربةٍ سهلةٍ وسلسلةٍ للمحتوى العربي على غرار التصميم باللغة الإنجليزية، بفضل عناصر خاصّةٍ بأسلوب الطباعة العربية، وليس ترجمة التصميم وحسب.
استثمار وشراكات واستراتيجية تسويق مستقبلية
لعلّ أبرز ما ساعد "شورت بوينت" في الانطلاق هو ما يُشبه "الشراكة" مع "مايكروسوفت" Microsoft العالمية، وتحديداً مع منتَجها "شير بوينت" Sharepoint الذي تستخدمه الشركات بشكلٍ واسع. وقد قامَت "مايكروسوفت" بالتحقّق من صحّة منتَج "شورت بوينت"، ومن ثمّ بالترويج له أمام شركائها وزبائنها في المنطقة والعالم. وتوفّر الشركة العالمية، كما يضيف السيّد، كلّ البنى التحتية لتكنولوجيا المعلومات مجّاناً والنفاذ إلى الخبرة التقنية ومساعدة الشركة على تنظيم الفعاليات وورَش العمل.
وبالإضافة إلى مساعدة "مايكروسوفت" التقنية، حصلَت "شورت بوينت" على استثمارٍ بقيمة 100 ألف دولار من "حاضنة وادي السيليكون" Silicon Oasis Founders ستقوم الشركة باستخدامه لوضع استراتيجية تسويقٍ متكاملة، بعدما اعتمدت حتّى الآن على تناقل أخبارها من شخصٍ إلى آخر أو على جهود السيّد الشخصية بلقاء الزبائن المحتمَلين والمشاركة في الفعاليات.
على الرغم من التحدّيات والصعوبات التي واجهتها وتواجهها، كإيجاد المواهب، بغية الاستدامة والتوسّع، يبقى أنّ "شورت بوينت" ستواصل التطوير والسعي لتوفير الحلول لتصميم المحتوى العربي من دون أن تُغفل المحتوى الإنجليزي.