تعزيز ريادة الأعمال: كيف تردّ الجامعات الجميل للمجتمع
في عصر الصفوف والمدارس الإلكترونية، بدأت تواجه الجامعات التقليدية منافسة من القطاع الرقمي الذي يقدّم نفاذًا مجانيًّا وميسرًا للجميع، أينما كانوا. كما كثرت منصات الدروس الإلكترونية باللغة العربية في المنطقة مثل "رواق" في السعودية، "إدراك" في الأردن، "مينافيرسيتي" في لبنان، و"مهارة" التي أطلقتها "رواق" حديثًا.
بات من الضروري أن تركب الجامعات الموجة الرقمية حتى ولو لم يعنِ ذلك تقديم صفوف مجانية. يمكنها المساهمة في تعزيز ريادة الأعمال من خلال عدّة وسائل منها تنظيم ورش عمل وافتتاح نواد ريادية. تضمّ جامعة الملك فهد للبترول والمعادن مثلاً نادي ريادة الأعمال الذي أسّسه فؤاد الفرحان، وهو المؤسّس الشريك لـ "رواق". يقدّم النادي نصائح وإرشادات وتعليمات من قبل خبراء في مجال ريادة الأعمال، إضافة إلى دورات تناقش أبرز الممارسات ودروس نجاح، تسجيل شركة ووضع خطة عمل، التسويق، البحث عن تمويل وغيرها. أمّا جامعة الملك عبد الله للعلوم والتقنية فلديها برنامج لتسريع نموّ الشركات الناشئة، وأكاديمية الابتكار ومعسكرات تدريبية.
بناء جسر بين الخريجين والجامعة
من بين الوسائل الأخرى التي يمكن أن تساهم من خلالها الجامعات في تعزيز ريادة الأعمال، نجد برنامج "ميش ليتكس" Meshlytics، الذي يسعى إلى إبقاء التواصل بين الخريجين والجامعة. فمن المؤسف أن تنتهي الصلة بين الخريج والجامعة فور تخرُّجه. تحتاج الجامعات إلى البقاء على صلة دائمة مع طلابها لتحصل على دعمهم في تحقيق دعاية إيجابية، وتقدّم لهم النصائح إضافة إلى توجيهات للطلاب الجُدد والدعم المادي. كما أنّ هذه الصلة تفتح أبوبًا للخريجين لإيجاد فرص عمل أو تلقي الدعم اللازم للانطلاق في مسيرتهم الريادية أم المهنية.
لهذه الأسباب، تحاول الجامعات الاحتفاظ ببيانات الإتصال الخاصة بخريجيها ومعلومات حول وظائفهم الحالية للإستعانة بهم عند الحاجة. وحتى وقت قريب، كانت الجامعات في المنطقة العربية تعتمد على قواعد البيانات التقليدية، إلا أنّ فريقًا صغيرًا مكوّنًا من أربعة رواد أعمال شباب يعتقد أنه يمتلك طريقة عصرية للتعامل مع هذه البيانات.
تعرّف رمزي سمارا إلى شُركائه الثلاثة من خلال دراسته للتكنولوجيا وريادة الأعمال في جامعة "ووتر لو" في كندا، حيث جمعهم، بالإضافة الى الدراسة في الجامعة نفسها، الشغف بالتقنية والمشاريع الريادية الناشئة.
منذ عام، في شهر تموز/ يوليو من عام 2014، أسّس سمارا بالإشتراك مع زُملائه، شركة "ميش ليتيكس" Meshlytics، التي وصلت إلى مرحلة النهائيات في مسابقة معهد ماساتشوستس للتقنية الخاصة بالمشاريع العربية.
وُلدت فكرة "ميش ليتكس" نتيجة نقاش بين الشُركاء الأربعة حول آليات التحديث التلقائي للبيانات، والقطاعات التي تعتمد على المعلومات المُحدّثة باستمرار، وتحتاج الى هذه الآليات لتعمل بكفاءة، وتطورت الفكرة في صورتها النهائية لتُصبح منصة لإدارة شؤون الخريجين.
أجرى فريق عمل الموقع استطلاعًا موسعًا لمعرفة آراء الكثير من المعنيين بالأمر قبل البدء في مشروعهم، وتحدّثوا الى أكثر من 30 جامعة في منطقة الشرق الأوسط، وما يزيد عن ألف خرّيج. ويقول سمارا عن خلاصة هذا التقصي: "تعتمد نسبة كبيرة من الجامعات في منطقة الشرق الأوسط على جداول البيانات مستعينة ببرنامج "مايكروسوفت إكسل" Microsoft Excel للاحتفاظ ببيانات الخريجين. ولمّا كانت قواعد البيانات تستمدّ قيمتها ممّا تحتويه من معلومات، قواعد البيانات التي لا يتم تحديثها تفقد قيمتها كليًّا".
يأتي "ميش ليتكس" في صورة منصة متكاملة لحلّ هذه المشكلة، إذ يتكون من واجهة تحكّم خاصة بالمسؤولين عن مكتب الخريجين بالجامعة، يستطيعون من خلالها الحصول على كافة المعلومات المُحدّثة عن الخريجين، بالإضافة الى إحصائيات كاملة حول القطاعات التي يعملون بها، والمناصب التي يتقلّدونها، ومنصة للتواصل الإجتماعي بين الخريجين أنفسهم.
الفرص، التواصل والتعارف
ويرى سمارا أنّ المنصة التي يقدّمها "ميش ليتكس" للجامعات ستنجح في إبقاء الخريجين على تواصل دائم مع جامعاتهم، كما ستحصل الجامعة من خلالها على معلومات مُحدّثة بصفة مستمرة تُمكّنها من التواصل مع الخريجين عند الحاجة إليهم. ويُوضح سمرة، "يحتاج الخريجون الى ثلاثة أشياء محورية من جامعاتهم؛ الفرص الوظيفية، التواصل الاجتماعي، وحضور الفعاليات التي تُنظّمها الجامعات، وهذا ما نوفّره لهم عبر منصة التواصل."
في حين يواجه سمارا وفريق العمل بعض الصعوبات المتعلقة بالتسويق لمنصتهم الجديدة، نظرًا لبطء عملية اتخاذ القرارات الشرائية في الجامعات في المنطقة، إلا أنّهم نجحوا بالفعل في تنصيب المنصة في جامعتين، ويعملون حاليًّا على إتمام عدد من الصفقات الجديدة.
تعتمد الشركة في الوقت الحالي على التمويل الذاتي من جانب المؤسسين لتوسيع أعمالها وتطوير المنصة، ولكنّها تطمح مستقبلا إلى تحقيق أرباح تُمكنها من التوسّع أوّلاً في نطاق منطقة الشرق الأوسط، ومن ثمّ إلى دول أخرى عالميًّا. ويتم جني المال حاليًّا من خلال اشتراك سنوي تدفعه المؤسسة التعليمية المُستفيدة، ويختلف المبلغ بحسب حجمها وعدد خريجيها.
أما عن المستقبل، فيتطلع سمارا الى تطوير المنصة وتحقيق مزيد من الإبتكار في مجال تقنيات التعليم، ومن بين الخواص التي يتمنى إضافتها قريبًا هي إمكانية الربط المُباشر بين حسابات الخريجين على موقع "لينكد إن" ومنصة التواصل الجامعية، وهو ما سيحقق تحديثًا تلقائيًّا لبيانات المستخدمين، وفرص وظيفية يُتيحونها لزملائهم.