‘كوجيت‘ تضع خططاً كبيرة لجزيرة جربة الصغيرة
خلال منتصف شهر آذار/مارس الفائت، وبعد زيارته لكلٍّ من قفصة والقيروان، اختار الفريق الذي يقف وراء مساحة العمل المشتركة في تونس، "كوجيت" Cogite، أن تكون المحطّة الأخيرة لسلسلة فعاليات "كووركينج كامب" Coworking Camp في جزيرة جربة الصغيرة التي تقع قبالة الساحل الجنوبي لتونس. أمّا الروّاد الذين تواجدوا في هذه الجزيرة، فقد كانوا يطمحون لعطلة نهاية أسبوع مليئةٍ بورَش العمل والتدريب حول عرض الأفكار والتواصل.
لقد كانت فعالية ‘كووركينج كامب‘ الأخيرة في جربة خاتمةً ممتازةً لهذه السلسلة،" كما يقول كيفن كوين من "كوجيت". ويتابع مضيفاً، "لقد رأينا بعض المشاريع الجدّية، كما كان تفاعل المجتمع المحلّي ممتازاً مع فعالية التواصل ومسابقة عرض الأفكار التي شارك فيها."
عرض الأفكار
خلال اليوم الأخير من الفعالية، انتظرت ثلاث شابّاتٍ بقلقٍ بدء مسابقة عرض الأفكار التي يشرف عليها أربعة حكّام هم: فرحات بين طنفوس، مؤسِّس "جينيراسيون أفينير" Generation Avenir؛ وماريا غراسيا كاسيّا، مالِكة "آريز جبة بوتيك" Aries Djerba Boutique؛ وخالد عريمي، مدير "جربة سايبربارك" Djerba Cyberpark؛ وباديس زرعة، المدير العام في "لو جراند هوتيل جربة" Le Grand Hotel Djerba. وأمام لجنة التحكيم هذه، كان على المتنافسين أن يعرضوا أفكارهم خلال ظهورٍ لا يتعدّى 3 دقائق على خشبة المسرح، بحيث يتحدّثون عن كلّ شيءٍ يتعلّق بمشروعهم مِن حلّ المشكلة مروراً بالطلب وصولاً إلى قيود الميزانية.
تقول مريم الشيخ التي كانت واحدةً من بين الشابّات الثلاث، وكانت تعدّ لعرض فكرة عملٍ يقدّم نشاطاتٍ مختلفةٍ للأطفال في أوقات بعد الظهر، إنّ "عرض الأفكار أمام الجمهور هو تدريبٌ جيّد." وإلى جانبها، كانت وئام نصيبي، الرائدة الشابّة الأخرى، تريد تقديم فكرتها عن "جولدن بايوبلانت" Golden BioPlant، المشروع الذي يركّز على الزراعة الصديقة للبيئة. ومن جهتها، تقول صيدا جاسي، التي كانت تقف بجانب المشاركتَين الأخريين، إنّ "هذه الفعالية جيدةٌ من أجل بناء العلاقات والتواصل مع أشخاص جدد." ويذكر أنّ المشاركين تقابلوا للمرّة الأولى في هذه الفعالية، وسرعان ما أصبحوا أصدقاء.
تراوحت أفكار المشاركين بين الأنشطة التعليمية والمجلّات المحلّية على الإنترنت.
فمن دهته، أراد أحد المشاركين، محمد بن عبد الله، إقامة ورشةٍ للحفاظ على بيع الخزفيات اليدوية في الجزيرة. وهي فكرةٌ رحّب بها أعضاء لجنة التحكيم، حيث قال أحدهم "هناك بالتأكيد طلبٌ عليها."
في نهاية العرض، أشاد الحكّام الأربعة بالمنافسين، وقالوا إنّه لأمرٌ شجاعٌ أن يعرض المرء فكرته أمام لجنة تحكيمٍ وجمهور. ولم ينسوا أن ينصحوا المنافسين بالتشديد على أهمّية خطة العمل الجيدة التي لا تقلّ عن الفكرة العظيمة.
فازت في المسابقة نوال كوكة من مدينة سيدي بوزيد التي تبعد خمس ساعاتٍ عن الجزيرة، حيث قدّمت فكرةً عن إنشاء شركةٍ حرفيةٍ لجبن الماعز. ويقول عنها كوين، "لقد قدّمت مشروعها بكلّ ثقة، وبدا واضحاً أنّها أتمّت أبحاثها عن السوق المحلّية وفرص النموّ. لقد كان المفهوم العام للعمل الذي تريد القيام به إبداعياً وممكناً، وهذا ما أثار إعجاب لجنة التحكيم التي تألّفت من رجال أعمالٍ محلّيين وشخصياتٍ ثقافية."
وكانت اللجنة قد أبدَتْ إعجابها أيضاً بمحمد وآمنة بن جدّي، اللذَين كانا في صدد إنشاء موقعٍ إلكترونيٍّ يتضمّن خريطة معلوماتٍ عن الجزيرة تشمل مناطقها الأقلّ شهرة. وأكّد الفريق أنّ هناك الكثير من الأماكن الجميلة لا يعرفها السياح الذي يزورون الجزيرة، لا سيما إذا أقاموا في الفنادق الشاملة. وعن هذا الأمر يقول محمد بن جدّي، إنّ هناك نقصٌ في التواصل. أمّا اللجنة التي وافقتهم الرأي، فقد منحَتهم المرتبة الثالثة.
لماذا جزيرة جربة؟
ليست فعالية "كوجيت كووركينج كامب" هي وحدها ما تريد "كوجيت" القدوم بها إلى جربة، بل إنّ هذه الشركة تخطّط لإنشاء مساحة عملٍ مشتركةٍ في هذه الجزيرة. وعن هذه الفعالية يقول كوين، "لقد كانت طريقةً مهمّةً لبناء علاقاتٍ مع المجتمع الذي ستقوم ‘كوجيت‘ بالعمل فيه قريباً."
ويضيف أنّ مساحة "كوجيت" صُمِّمَت لتشكّل مركزاً يساعد على جمع أشخاصٍ ومنظّمات يعملون على إيجاد تأثيرٍ إيجابيّ، ويقول إنّ "ما رأيناه في جربة كان بالفعل نوعاً من إيجاد نواةٍ لهؤلاء الفاعلين، وفرصةً لربطهم ضمن شبكة علاقاتٍ قوية مثل ما فعلنا في تونس."
بدوره، يقول محمد بن غربي وهو رائد أعمالٍ من جربة، إنّ "كثيراً من الشباب هنا يمتلكون أفكاراً مهمّة، ولكن البداية ليست سهلة." ولهذا السبب، تشكّل مساحة العمل المشتركة الذي توفّره "كوجيت" فكرةً جيّدة، لأنها يمكن أن تمهّد الطريق أمام روّاد الأعمال الطموحين في الجزيرة، وتشجّعهم على اتّخاذ هذه الخطوة الأولى الهامّة، وفقاً لبن غربي.
وبالنسبة لهذا الرائد المحلّي، إنّ أكثر الفرص في جربة تتّصل بالأعمال السياحية، حيث أنّ الجزيرة مقصدٌ سياحيّ شهير، يأتي إليه العديد من الزوّار من أجل الشمس والبحر. ولكن، يعود بن غربي ليشير إلى أنّ هناك الكثير من الأمور التي يمكن تحسينها، حيث يقول إنّ "قطاع السياحة يحتاج إلى المزيد من المبادرات." معظم الشركات الحالية كبيرةٌ وشاملة، وهي قد تجذب جمهوراً معيّناً. ولكن، حسبما يشرح بين غربي، فإنّ مجموعةً أخرى من الناس قد تكون مهتمّةً باستكشاف الجزيرة من أجل تجارب فريدة، ما يعني أنّ العرض في هذا المجال منخفضٌ مقابل الطلب في الوقت الحالي.
السيّاح ليسوا وحدهم على هذه الجزيرة. وما يجعل من جربة فريدةً من نوعها أنّها تعتبر بمثابة ملتقى لكثيرٍ من الناس، ولا تجذب السياح وحسب، بل الفنانين (على سبيل المثال، مشروع "دجيرباهود" Djerbahood لفنّ الشوارع) والمنظّمات غير الحكومية، ورجال الأعمال، والعابرين من الجارة ليبيا، كما يشرح كوين الذي يقول، "إنّ إنشاء ‘كوجيت‘ المنتظَرة في هذا الملتقى [جزيرة جربة] يؤكّد أنّنا نجذب مجتمعاً متنوّعاً حقّاً."
من جهةٍ ثانية، تشكّل جزيرة جربة للشريك المؤسِّس في "كوجيت" حسام عودة، مسألةً شخصية. فهو نشأ وترعرع فيها، كما أنّه يعمل الآن على تحسين البيئة الحاضنة لريادة الأعمال في الجزيرة التي تعتبر مسقط رأسه. يقول هذا الرائد إنّ "جربة مثل صفاقس، دائماً ما تُعرَف بروّاد الأعمال فيها." ويتابع مضيفاً، "نريد المساعدة في بناء جيلٍ جديدٍ من الروّاد هناك وتطوير مجتمعٍ من الفاعلين ومن الأشخاص الذين سيغيّرون قواعد اللعبة المحلية." ويختم قائلاً، إنّ "التحدّي سيكون كبيراً، لكنّ الأمر يستحقّ المحاولة!"