تحويل الأموال مجاناً عبر ‘فايسبوك‘ قد يغير مفهوم التعاملات الإلكترونية
لا بدّ أنّك تعلم أنّ تسوية الديون أو تقسيم قيمة الفاتورة بين الأصدقاء نادراً ما يكون أمراً سهلاً. وسواء كان ذلك لتقسيم مبلغٍ كبيرٍ من المال وتسويته أو لمساعدة صديقٍ يعتمد على بطاقات الائتمان، فإنّ طرفاً ما من هذه العملية يتبقّى له جزءٌ من المال. ولكن الآن، يتطلّع منتَجٌ جديدٌ من أكبر شبكةٍ للتواصل الاجتماعي في العالم لجعل هذا العناء شيئاً من الماضي.
رفع "فايسبوك" Facebook، الشهر الماضي، النقابَ عن خدمة تحويل الأموال واستقبالها بين الأصدقاء عبر تطبيقه للمحادثات "ماسنجر" Messenger، المستخدَم على نطاقٍ واسع. وهذه الخدمة الجديدة، التي تتيح للمستخدِمين تبادل الأموال بسرعةٍ دون أيّ تكلفة، سوف تُطرَح في جميع أنحاء الولايات المتّحدة في الأشهر المقبلة.
كيف تعمل الخدمة الجديدة
خدمة الدفع عن طريق تطبيق المحادثات، التي أطلقها الموقع الأزرق، صُمِّمَت لتعمل بطريقةٍ بسيطةٍ وبديهية. ويسير الأمر ببساطة، إذ يربط المستخدِمون بطاقات الائتمان الخاصّة بهم، على اختلاف أنواعها، بحساباتهم على "فايسبوك"، وبذلك يصبحون جاهزين لبدء إرسال واستقبال المدفوعات. وبعد ربط بيانات الدفع الخاصّة بهم، سوف يلاحظ المستخدِمون علامة الدولار الأمريكي ( $ ) أعلى لوحة المفاتيح، والتي يمكن استخدامها لفتح شاشة الدفع. وهكذا، يتمّ اختصار عملية التحويل بأكملها عبر المحادثة، حيث يتمّ إدخال قيمة المبلغ ومن ثمّ الضغط عبى "أرسِل" Enter.
ووفقاً لمدير المنتَجات في "فايسبوك"، ستيف ديفيس Steve Davis، فإنّه بمجرّد أن يتمّ إرسال المال عبر التطبيق، يجري نقله من خلال "فايسبوك"، الذي يتحفظ عليه "لثوانٍ"، ثمّ يرسله مباشرةً إلى حساب المستلِم المصرفيّ. وإذا لم يكن المتلقّي قد قام بتفعيل خدمة الدفع في تطبيق المحادثات، سوف يجمّد "فايسبوك" المدفوعات لحين ربط المستخدِم لخيار الدفع بحسابه.
لماذا دخل "فايسبوك" إلى هذا المجال؟
ما الذي دفع شبكة التواصل الاجتماعيّ الأكبر لدخول سوق المدفوعات؟ ولماذا تقدّم هذه الخدمة مجّاناً؟ في الواقع، إنّ الإجابة على هذه الأسئلة بسيطةٌ للغاية، وإذا كنتَ قد تتبّعتَ "فايسبوك" على مدار السنين السابقة، لن يشكّل هذا الأمر أيّ مفاجأةٍ.
تحقّق شركة "فايسبوك" قدراً كبيراً من أرباحها من الإعلانات، بحيث حقّقت 3.59 مليار دولار في الفصل الرابع وحده. وهذه الإيرادات تعني أنّه ليس من الضروريّ لـ"فايسبوك" أن تفرض رسوماً على هذه المدفوعات مباشرةً. وبدلاً من ذلك، تركّز على الاحتفاظ بالمستخدِمين للعمل والمشاركة على منصّتها، والأهمّ من ذلك كلّه، أنّها تدفعهم إلى مشاهدة الإعلانات.
ويشرح ديفيس الأمر بقوله، "لقد أدركنا أنّ هناك كثيراً من المحادثات [على تطبيق ‘ماسنجر‘] التي اضطرّ أصحابها للذهاب إلى مكانٍ آخر من أجل إتمامها. مثلاً، كان ينبغي عليك الذهاب إلى منصّةٍ أخرى لتقوم بعملية الدفع لشخصٍ آخر." ولذلك، يبدو أنّ خدمة الدفع عن طريق تطبيق المحادثات هي نوعٌ من الحفاظ على المستخدِمين في منصّتهم، أكثر منها لفتح مصدرٍ جديدٍ للدخل.
مستقبل المدفوعات عن طريق تطبيق المحادثات
في حين لم يكن "فايسبوك" واضحاً بخصوص خططه على المدى الطويل بالنسبة للمدفوعات عن طريق تطبيق المحادثات، فمن الممكن أن تكون هذه هي الخطوة الأولى في جعل تطبيق المحادثات هذا محوراً لحياتك اليومية. وفي هذا السياق، تجري بالفعل مقارناتٌ بينه وبين تطبيق الرسائل الآسيوي "وي تشات" WeChat، الذي يسمح لك بإرسال الأموال للأصدقاء وإجراء عمليات الشراء والدفع إلكترونياً، وحتّى طلب سيارات الأجرة.
الآثار المحتملة لهذه الخدمة تتجاوز أيضاً تسهيل حياتنا اليومية. فإذا تمّ إتاحتها دوليّاً، يمكن لمدفوعات "فايسبوك" أن توفّر للعمّال المهاجرين بديلاً بسيطاً وبأسعارٍ معقولة لخدمات التحويل باهظة الثمن.
ولكن في الوقت الراهن، من المهمّ أن نتذكّر أنّ ‘الموقع الأزرق‘ لا يهتمّ في أن يصبح بوابة الدفع الكبيرة القادمة،بل يركّز بشكلٍ صارمٍ على المدفوعات بين الأصدقاء. أمّا دمجه لخدمة المدفوعات بتطبيق ‘ماسنجر‘ للمحادثات، سيضع ضغطاً على الشبكات الاجتماعية الأخرى لكي تطبّق ميزاتٍ مشابهة.
مع افتقار العديد من الشبكات الاجتماعية إلى الموارد اللازمة لتطوير أنظمة الدفع الخاصّة بها، يمكن لبوّابات الدفع القائمة بالفعل أن تستفيد من هذه الفرصة وتزيد رأس المال الخاصّ بها. وخلال السنوات المقبلة، من المرجّح أن تعتمد الشبكات الاجتماعية على عمليات الدفع الفعّالة بقدر الاعتماد على التجارة الإلكترونية. وبالتالي يمكن لبوّابات الدفع التي تدرك الاحتياجات الفريدة للشبكات الاجتماعية، والتي تصمّم منتَجاتٍ لتلبية تلك الاحتياجات، أن تستفيد من مليارات الناس الذين يستخدمون تلك الشبكات يوميّاً. قد تكون تقنية الدفع من خلال الشبكات الاجتماعية في مراحلها الأولى الآن، ولكن بعد ريادة "فايسبوك" لهذا التوجّه، يمكن أن تشكّل هذه الخدمة الجديدة الموجة المقبلة للتعاملات عبر الإنترنت.