مستقبلٌ مشرقٌ للطائرات بدون طيّار يلوح خلال ‘جائزة الإمارات‘
ضجّت "مدينة دبي للإنترنت" Dubai Internet City هذا الأسبوع بأزيز أصوات الطائرات بدون طيّار، خلال افتتاح منافسات "جائزة الإمارات للطائرات بدون طيّار لخدمة الإنسان"، حيث عَرَض المخترعون طائراتهم UAV تهدف إلى إيجاد حلولٍ للاحتياجات الاجتماعية.
يأتي هذا الحدث نتيجةً لسعي سموّ الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة ورئيس مجلس الوزراء في دولة الإمارات العربية المتّحدة، في التشجيع على تطوير صناعة الطائرات بدون طيّار لصالح الإنسانية، وذلك في تناقضٍ حادٍّ مع ما اعتدنا سماعه عن الطائرات بدون طيّار. ولقد كشف سموّه النقاب عن "جائزة الإمارات للطائرات بدون طيار لخدمة الإنسان"، التي تهدف إلى تحديد أمثلةٍ تكنولوجيةٍ للطائرات بدون طيار ليكون لها أثرٌ إيجابيٌّ على المجتمع.
تمّ تقييم المشاريع وفقاً لمعايير الجدوى التقنية، والقيمة المضافة للمجتمع، وكفاءة هيكل كلّ طائرةٍ بدون طيّار. هذا وتمّ توجيه الدعوات في بداية الأسبوع الحالي لـ39 من أصل 800 متنافسٍ من 57 بلداً، لعرض مشاريعهم أمام لجنة تحكيم.
ومُنِحَت الجائزةُ الدولية إلى "فلايابيليتي" Flyability، وهو فريقٌ من سويسرا قدّم عرضاً لطائرةٍ بدون طيار تستطيع اختراق الأماكن الضيّقة، كما تتمتّع بالقدرة على الطيران في الأماكن المأهولة بالناس. وقال العضو في الفريق، باتريك ثيفوز، إنّ فكرة طائرة "فلايابيليتي" المقاوِمة للصدمات ناتجةٌ عن الشعور بضرورة تحسين الأنظمة المتّبعة في مهام البحث والإنقاذ.
ويضيف ثيفوز: "سوف نستخدم جائزتَنا التي بلغت مليون دولارٍ أمريكيٍّ لتطوير جيل جديد من النموذج الأوّليّ، لنقدّمه لعملائنا الأوائل." ويتابع قائلاً: "سوف يساعدنا ذلك على الاستثمار في التكنولوجيا الحِسِّية وغيرها من المواد المتقدّمة، للتأكّد من أنّ هذا الروبوت سوف يتخطّى معاييرنا الحالية."
بالإضافة إلى ذلك، استعرض فريقٌ من طلّاب جامعة نيويورك في أبو ظبي مشروعَ رصد الحياة البرية في المناطق الوعرة عبر الطائرات بدون طيّار. حيث دمجوا بين برنامجٍ متخصّصٍ وتقنيّة هذه الطائرات، لدراسة وجمع وتخزين الصوَر من منتزه وادي الوريعة الوطنيّ في الإمارات. وقد تلقّى الفريق الجائزة الوطنية، بالإضافة إلى جائزةٍ نقديّةٍ بقيمة مليون درهم (272 ألف دولار تقريباً).
أمّا الفائز عن فئة الهيئات الحكومية، فكان فريقاً من شركة "اتصالات" Etisalat الإماراتية، الذي شيّد طائرةً بدون طيّارٍ تستطيع توسيع قدرة شبكة الاتّصالات اللاسلكية من خلال العمل كقناةٍ متحرّكة.
من جهةٍ ثانية، استحوذَت إمكانية استخدام تكنولوجيا الطائرات بدون طيّار في الفضاء اللوجستي على اهتمام القطاع الخاصّ، حيث أطلقَت شركاتٌ مثل "أمازون" Amazon و"جوجل" Google مبادراتٍ مستندةٍ إلى الطائرات بدون طيّار. وذلك على أمل أن تتمكّن التكنولوجيا من تبسيط عملية التوريد وتعزيز الربحية وتحسين تجربة العملاء. وبالرغم من ذلك، فإنّ بعض القضايا الأساسية تحتاج إلى حلّ.
بدوره، لاحظ الأستاذ في "جامعة ولاية بنسلفانيا" UPS والعضو في لجنة التحكيم والمتحدّث الرئيسيّ باسمها، فيجاي كومار، أنّ استخدام طائراتٍ بدون طيّار يثير إشكالاتٍ ذات طابعٍ سياسيٍّ تتعلّق بمسائل الخصوصية والسلامة والأمن الوطنيّ.
وبالرغم من ذلك، أثبت المتسابقون في النهائيّات أنّه يمكن للطائرات بدون طيّار أن تهدف إلى إيجاد حلولٍ تكنولوجيةٍ لإنقاذ الأرواح وحلّ المشاكل.
فجاءت الطائرة بدون طيار المسمّاة "ذا ترانزشن" The Transition، المقدَّمة من الفريق الألماني "كوانتم" Quantum، على شكل طائرة هليكوبتر هجينةٍ مزوّدةٍ بأجنحةٍ ثابتةٍ ويمكن استخدامها للإغاثة عند الكوارث من خلال توفير المياه لإخماد حرائق الغابات.
ومن جهتها، أنتجَت شركة "إنوفا درون لايف" Innova Dronlife التي تتّخذ من إسبانيا مقرّاً لها، طائرةً بدون طيّار تملك القدرة على تنسيق الاتّصالات بين المستشفيات لتتناسبَ مع المتبرِّعين بالأعضاء والمستفيدين المحتمَلين، كما يمكن استخدامُها كأداةٍ لتوصيل أعضاء الزرع.
ويبدو أنّ دولة الإمارات العربية المتّحدة نجحَت في اتّخاذ زمام المبادرة، لإنشاء إطار عملٍ يهدف إلى تصنيع الطائرات بدون طيّار للاستخدام المدنيّ. ويقول كومار: "لقد اتّخذت دولة الإمارات العربية المتّحدة زمام المبادرة، ما يعكس برأيي رؤيةً مستقبليةً مهمّة." كما يضيف: "لقد أظهرَت الحكومة الإماراتية رؤىً مستقبليةً ووضعَت معاييرَ وأسساً للابتكار. فقبل عامٍ من الآن، كان الاهتمام بالطائرات بدون طيّار متفاوتاً، أمّا اليوم يوجد قبولٌ اجتماعيٌّ واسعٌ لها."
وتشير تقديراتُ حكومة الإمارات العربية المتّحدة، إلى أنّه من المتوقَّع أن يصل الأثر الاقتصاديّ لصناعة الطائرات بدون طيّار إلى 8 أو 10 مليارات دولارٍ أمريكيّ. ومن المتوقَّع أيضاً أن توفّر هذه الصناعة أكثر من 100 ألف وظيفةٍ على مستوى العالم، بحلول عام 2025.
ومن أجل أن تستفيد من الفرص المتنامية بشكلٍ كامل، ستحتاج دولة الإمارات العربية المتّحدة إلى معالجة المعضلة القانونية ذاتها التي تعاني منها الحكومات والهيئات التنظيمية في جميع أنحاء العالم. إذ بحسب مدير الابتكار الاجتماعيّ في معهد قطر لبحوث الحوسبة والمتحدِّث الرئيسيّ وعضو لجنة التحكيم في الفعالية، باتريك ماير، فإنّ المعضلة الأساسية تتمثّل في وضع أطُر تنظيميةٍ واضحةٍ لتصنيع واستخدام الطائرات بدون طيّار لمنافع غير عسكرية.
ويضيف ماير، أنّه "عندما تبتكر تقنيةً جديدة، فإنّ الأنظمة تسقط جميعها… علينا أن نتأكّد من مشاركة جميع الأطراف الفاعِلة والضرورية في المحادثة بما في ذلك واضعي السياسات، وبالتالي جعلهم جزءاً من الحلّ."
من ناحيته، يقول عضو لجنة التحكيم، مؤسِّس شركة "أرامكس الدولية" Aramex International ورئيسها التنفيذيّ، فادي غندور، إنّ "هذه المسابقة رائعة، تماماً مثل دبي." ويضيف، "أنّ أهمية المنافسة لا تكمن في المنافسة نفسها، بل في دورها الذي يعمل على إبراز الأشخاص المهمّشين والذين لا يحظون بالإهتمام المناسب. إذ أنّ مثل هذه المنافَسات تجذب الأشخاص الذين يقومون بالابتكار في مرائبهم وحدائقهم."