روّاد أعمال بيروت ينشطون خارجها
زياد أبي شاكر، المدير التنفيذي لـ"سيدر إنفايرونمنتل"، يتحدّث خلال فعالية "زحلة تلاقي ريادة الأعمال" يوم السبت.
التقت نهاية هذا الأسبوع مجموعةٌ من ألمع المواهب الشابة في سهل البقاع اللبناني، خلال فعاليةٍ تهدف لإثبات أنّ مجال ريادة الأعمال في لبنان ليس محصوراً فقط بالشركات الناشئة في بيروت. وهكذا استضافت مدينة زحلة نهار السبت، ما يُعتقد أنّها فعاليتها الأولى لريادة الأعمال، التي أظهرت الكثير من الاندفاع والرغبة في المزيد.
هذه الفعالية التي عُقِدت تحت اسم "زحلة تُلاقي ريادة الأعمال"Zahlé Meets Entrepeneurship، جاءت نتيجةً لأفكار هيا فرح 24 عاماً. وبالإضافة إلى الكلمات التي ألقتها شخصياتٌ بارزةٌ في عالم الأعمال، تضمّنت الفعالية أيضاً جلساتٍ تفاعلية لتحفيز الجمهور على تبادل الأفكار.
أمّا الدافع الذي حثّ فرح على تنظيم هذا الحدث، كان ما وصفته الأثر المدمّر الذي ينتج عن عدم التطرّق إلى مشهد الشركات الناشئة في المنطقة.
وعن هذا الأمر تقول فرح ابنة مدينة زحلة، "أعرف العديد من الناس الذين يريدون القيام بأمورٍ كثيرة، ولكنّهم فقدوا حماستهم لأنّهم لم يكونوا على علمٍ بالدعم الذي كان هناك." وتتابع شارحةً، "تُقام الكثير مثل هذه الفعاليات في بيروت، ولكنّ البيئة الحاضنة محدودةٌ ولا ترى الكثير من الوجوه الجديدة فيها. أردتُ إذاً المجيء بالبيئة الحاضنة إلى هنا، ولكنّني كنتُ قلقةً من عدد الأشخاص الذين سيحضرون."
ولكن المعهد الفرنسي في المدينة حيث أقيمت الفعالية، شهد حضور نحو 40 شخصاً من المتحمّسين الشباب يتخلّلهم عددٌ قليلٌ من كبار السنّ. وبما أنّ النصف الأوّل من الفعالية مخصّصٌ للمحاضِرين، ابتدأ النهار مع حديثٍ لفادي البزري مدير مجموعة "بادر لروّاد الأعمال الشباب"، التي تدعم هذا الحدث.
عندما انشغلت مدينة زحلة
الأمر الأوّل في البداية
خلال كلمته، قام البزري الذي يدير برنامج "بادر" الذي يركّز على الشباب، بإطلاع الحضور على أسُس إطلاق مشروعٍ للأعمال، من جذب التمويل إلى عدم الخوف من تبديل الأمور وفق ما تتطلّبه السوق.
"إنّها ليست الفكرة، بل كيف تطبّقها بشكلٍ جيّد،" يقولها البزري للحضور ذاكراً موقع "شهية" Shahiya.com لوصفات الطعام العربية، كمثلٍ عن فكرةٍ بسيطةٍ عُمِل على تحقيقها بشكلٍ جيّد. هذا وكانت شركة "كوكباد" اليابانية قد استحوذت على "شهية" بنحو 13.5 مليون دولار الشهر الفائت، ما يُعتبر الخروج الأكبر لشركةٍ من المنطقة.
وبعد حديث كلٍّ من فادي البزري وشربل جاموس أحد مؤسِّسي موقع الفعاليات "ليبتيفيتي" Lebtivity، قام زياد أبي شاكر الذي سمّى نفسه "رجل القمامة" بإلقاء كلمته.
وأبي شاكر الذي يُعتبَر واحداً من أبرز روّاد الأعمال في لبنان، هو المدير التنفيذي لـ"سيدر إنفايرونمنتل" Cedar Environmental التي نالت استحساناً نظراً لمنهجية عملها الصديقة للبيئة. وشركته هذه، دفعت مجلّة "إكزيكوتيف" Executive Magazine لاختياره واحداً من بين أفضل 20 رائد أعمالٍ في البلاد.
ما بعد بيروت
ويشرح أبي شاكر عن التحدّيات التي تواجهه خلال إدارة شركةٍ مسؤولةٍ اجتماعياً، وهي تحاول الربح في الوقت نفسه. كما ذكر أوقاتاً حرجةً مالياً، خاصّةً مع رفضه لعروضٍ ضخمة لشراء مشروعه. ولكن بعد كلمته التي ألقاها خلال الفعالية، أخبر "ومضة" عن مدى حماسته لنشر مشروعه خارج بيروت.
وبعدما أبدى إعجابه بمدى الإقبال على هذا الحدث، قال "أنا أعمل جاهداً على زرع روح المبادرة في الشباب اللبناني." وتابع أنّه "في حين يبحث الكثيرون عن فرص العمل، يجب عليهم أيضاً أن يبحثوا عن طريقةٍ لإطلاق شركاتٍ خاصّةٍ بهم. ولكنّ هذا الأمر سيكون خسارةً، إذا كنتَ تزرع هذه الروح في بيروت وحدها. إذ يجب أن يحصل الأمر في البقاع والشمال والجنوب، في كلّ مكان. فهناك أشخاصٌ يحملون أفكاراً مذهلةً في كلّ مكان، وجلّ ما يحتاجون إليه هو دفعةٌ صغيرة."
ويشير أبي شاكر، بعد سؤاله عن إمكانية مكانٍ مثل زحلة أن ينافس العاصمة بما تتمتّع به من موارد وإغراءات، إلى أنّ الحلّ الأساسي يكمن في جعل الناس يفهمون تحدّيات بيئتهم المحليّة ويتعاملون معها. ويضيف إنّ "بيروت أصبحت مكاناً صعباً للعيش فيه والانتقال إليه، لذلك أعتقد أنّ التوجّهات المستقبلية ستكون نحو انتقال الشركات خارج العاصمة."
مشاكل محلّية، حلول محلّية
تضمّن النصف الثاني من الفعالية موضوع تطوير الأعمال، في ظلّ العمل على فهم المشاكل المحلّية والبحث عن حلولٍ لها. فشهدت ورشة العمل بعد الظهر جدّيةً من الحضور في معالجة التحدّيات التي تطال المنطقة، خلال جلسةٍ تفاعلية هدفت إلى تظهير الأفكار.
الحضور في إحدى جلسات التفكير التفاعلية.
وتناولت المجموعات بقيادة جومانة مطر وليليان أبو زكي من "ميرادا مدريد" Mirada Madrid، قضايا محلية مثل الصحّة والتعليم والزراعة. ومجموعاتٌ عملت على نشاطات العصف الذهني وتطوير الأفكار المتعلّقة بالأعمال، ومشاركتها مع بقيّة الحاضرين. فكانت النتيجة أن تضمّنت الاقتراحات كلّ شيءٍ، بدءاً من المطاعم البيئية وصولاً إلى ثياب التدفئة الذاتية.
وفيما تشرح أبو زكي أن الهدف من وراء ورش العمل هو "التخلّص من الخوف في طرح الأفكار،" أشارت إلى أنّ كثافة الحضور يُظهر مدى "تعطّش" منطقة البقاع للمزيد من هذه الفعاليات.
من جهةٍ أخرى، لم يكن كلّ من حضر جديداً على عالم الأعمال. وظهر هذا في الموهبة التي يمكن اكتشافها من خلال هذه الفعاليات، كتلك التي أبداها جوليان جبّور 21 عاماً، في التعامل مع الصعوبات والتحدّيات المحلّية.
هذه الشاب يدرس إدارة الأعمال في جامعة الروح القدس في الكسليك، المنطقة التي تقع على الطريق الساحليّ شمال بيروت. وهو يدير عملاً أنشأه مع والده منذ خمسة سنواتٍ يستهدف القطاع الزراعي، يقوم على إعادة تدوير الأنابيب البلاستيكية لاستعمالها في الأسلاك المنزلية.
وجبّور الذي أُعجِب بعرض أبي شاكر، شارك سائر الحضور بالرأي الإيجابيّ عن هذه الفعالية بالرغم من أنّه كان يتمتّع بخبرةٍ أكثر من بعضهم، فقال "إنّه من الجيّد أن يُقام هذا الحدث هنا." وأضاف "إنّنا نحتاج إلى الكثير من هذه الأمور في البقاع، ويجب استكشاف الأعمال لمساعدة المجتمع والاقتصاد. يوجد الكثير من الأفكار هنا."
الصور لـ"جون أوينز".