دور الهواتف الذكية في الرعاية الصحية: دروس من تجربة آيبدوك الكويتية
لم يعد اقتران التخصصات ببعضها البعض أمراً غريباً مع اختراق التكنولوجيا لكافة جوانب حياتنا، لا سيما دورها المتنامي في قطاع الصحة. وفي حين تمضي حكومات منطقتنا قدماً بسياساتها التوسعية للإنفاق على البنى التحتية في الرعاية الصحية، يبقى مجال الـ Mobile Health، أي استخدام تكنولوجيا الجوّال في الصحة، في انتظار الإستثمارات والابتكارات الجديدة.
من خلال عملية حسابية منطقية، يقدر الطبيب الكويتي مساعد رزوقي حجم قطاع الرعاية الصحية في منطقتنا ما بين 50 إلى 60 مليار دولار، تشكل الرعاية الصحية الإلكترونية نسبة 1% منها، أي ما بين 500 و600 مليون دولار. ويترجم ذلك أيضاً بفرص كبيرة تنتظر رواد الأعمال في هذا المجال.
لكن المبادرات الجديدة لن تتحقق بلا رأس مال إستثماري، بالرغم من جهود بعض حكومات المنطقة لتمويل المشاريع الصغيرة. إلا أن مساهمة القطاع الخاص تبقى ضرورة ماسة لضمان وتعزيز وجود هذه الشركات، بحسب رزوقي.
رزوقي هو طبيب جمع تخصصين مع بعضهما. فبعد ممارسة طب جراحة الفم والوجه والفكين في الولايات المتحدة، إتجه إلى Columbia Business School للتخصص بإدارة الأعمال وأصبح أول طبيب عربي حائز على شهادة ماجيستير بإدارة الأعمال متخصصة بالرعاية الصحية. وبعد خبرة في استشارات الأعمال تفرغ د.رزوقي لإطلاق شركات في مجالي الصحة والتجارة الإلكترونية.
بالرغم من إهتمامه بالتجارة الالكترونية وحرصه على مشاريعه المتخصصة بها، تبقى الرعاية الصحية شغف رزوقي الأساسي. ويلفت هنا إلى دور ريادة الأعمال الإجتماعية في تطوير هذا القطاع، ومواكبته في المجالات الجديدة المتفرعة. فمثلما شهد الطب نشوء مجالات جديدة كالأبحاث والتعليم في السنين الماضية، فالمرحلة المقبلة ستضيف تخصصات جديدة أبرزها التكنولوجيا الحيوية والإحصاء الحيوي، بالإضافة إلى الصحة الجوالة.
يبرز "أبيدوك" Abidoc بين أعمال رزوقي، كمشروع حاز على جائزة أكثر التطبيقات الهاتفية ابتكارا في 4Annual MENA LTE Conference في وقت سابق من العام. "أبيدوك" موقع الكتروني وخدمة هاتفية تخول المستخدمين في الكويت بحجز موعد مباشر مع مجموعة من الأطباء بحسب حاجتهم، مع خيار توجيه البحث بحسب تخصص الطبيب والمنطقة وطريقة الدفع وسبب الزيارة واللغة وجنس الطبيب. فريق العمل الذي يضم حاليا 7 موظفين يعمل على توفير وتشغيل شبكة تضم حتى الآن أكثر من ألف طبيب في الكويت، وتساهم في حجز ما بين 10 إلى 15 موعد يومياَ، بحسب رزوقي.
300 ألف دولار هي قيمة التمويل التأسيسي الذي ساهم بها شركاء "أبيدوك" لإطلاق المشروع عام 2013، ونجح مؤخرا بجمع 1.7 مليون دولار في جولةٍ أولى من التمويل series A investment من مستثمرين سعوديين. فالمرحلة المقبلة لـAbidoc ستخصص جزءا من هذا المبلغ لإطلاق الخدمة في السعودية والتوسع في المملكة. ويتوقع رزوقي أن ترد الشركة رأس المال في غضون ما بين 18 إلى 24 شهراً.
فرص أخرى في الرعاية الصحية يعمل رزوقي على تطويرها من خلال شركاته التي تعمل في السياحة الطبية Kleos Healthcare وMedTrip. كما هو شريك مؤسس في منصة Glambox المتخصصة في توزيع منتجات التجميل عبر الإنترنت، والتي حصلت منذ حوالي عام على استثمار بـ1.36 مليون دولار من STC وMBC Ventures وصندوق مشاريع R&R للتوسع في السعودية.
ما هي النصائح التي يعطيها الدكتور مساعد رزوقي لرواد الأعمال في المنطقة؟
- إسعى للإرشاد والتوجيه. ليس بالضرورة من مرشدين من مجال مشروعك. فنصائحهم ووجهة نظرهم ستوسع رؤيتك وتوجهك.
- شارك فكرتك مع الآخرين ولا تخف من الإنتقاد أو السرقة. فإن كنت غير قادر على الدفاع عن فكرتك فذلك يعني أنها لا تستحق التطور، أما إذا كانت الفكرة معرضة للسرقة فيعني ذلك أنك لم تحصنها بالحواجز المناسبة.
- إختر الفريق المناسب واحرص على أن يقوم جميع أفراده بالالتزام بالمشروع لوقت محدد. فالكثير من رواد الأعمال يبدأون بمشروع ومن ثم تتشتت أفكارهم بمشروع أو عمل أخر، مما يضعف فريق العمل ويعوقه.
- لا تخف من الفشل. ضع فشلك على كتفك مثل وسام الشرف، كونه علمك دروس من المرحة السابقة وزودك بدروس وأدوات فعالة تستخدمها في المرحلة المقبلة.
- ريادة الأعمال تتركز على محورين أساسيين هما المال والسوق. ومن هنا فإن على جميع المشاريع، خصوصاً في مجال ريادة الأعمال الإجتماعية، أن تكون ممكنة التحقيق ومستدامة من الجانب المالي.
- توجّه الى السعودية. إن كنت تسعى لضمان توسع مستدام لأعمالك، فيجب أن تطور استراتيجية عمل في السعودية، كونها السوق التي توفر فرص النمو الأكبر في المنطقة.
- الممارسة تبقى أفضل الفرص التعليمية. فبدلاً من الاعتماد على برامج تعليمية معينة، عزز اطلاعك ومعلوماتك عن أفضل الممارسات في ريادة الأعمال من خلال المنصات المتخصصة، [مثل ومضة]، وذلك سيساعدك على تكوين ثقافة معينة تضع الإطار لقراراتك مستقبلاً.