بعد ابتكار النقل النهري هل الباصات الجماعية تحل أزمة السير في القاهرة؟
على ما يبدو، فقد أصبحت الأزمة المرورية المتفاقمة بالقاهرة ملهمة للرواد بما يكفي لخروجهم يوماً تلو الآخر بمحاولات حلول مبتكرة للنقل الجماعي. وقدّرت دراسات البنك الدولي خسائر زحمة السير على الناتج القومي بنحو 56 مليار جنيه مصري (8 مليار دولار) في نهايات عام 2012.
وبعد أن طالعتنا الزميلة حنان سليمان في منتصف العام الماضي بجاهزية خدمة نقل نهري عبر مشروع "تاكسي النيل" Nile Taxi، لسكان المناطق المجاورة لنهر النيل، ظهرت أيضاً شركة "توصيلة" Tawseela في تشرين الثاني/نوفمبر الماضي، كمشروع يقدم وسيلة نقل إما افتراضية أو فاخرة لموظفي الشركات المحلية والعالمية الكبرى مقابل اشتراك شهري.
كما ولحقت شركة "باي رايد" Pie Ride بالركب أيضاً في شباط/فبراير الماضي، بعدما أعلنت عن تدشين خدمة مشابهة لموظفي القطاع الخاص وطلبة الجامعة، بحد أدنى 3 ركاب للدورة، مقابل اشتراك أسبوعي أو شهري أو موسمي.
واليوم نجد شركة ناشئة ثالثة باسم "باص بولينج" Bus Pooling للنقل الجماعي بحافلات "تويوتا هاي آيس" Toyota Hi Ace، تقدم مفهومها الخاص عن كيفية المساهمة في وضع حد لأزمة، صارت تعكر صفو المواطنين يومياً، وتهدر وقتهم ومالهم وجهودهم.
"نوفر خدمة نقل جماعي للموظفين والطلبة بين المسافات البعيدة، تتضمن خطوط بين ضواحي المهندسين والقرية الذكية، والقرية الذكية والتجمع الخامس، والمهندسين والتجمع الخامس، بحد أدنى 7 ركاب للدورة، مقابل اشتراك شهري 720 جنيه (حوالي 100 دولار)"، يقول محمد إيهاب، المؤسس والمدير التنفيذي لـ"باص بولينج".
ويتابع إيهاب: "تقوم خدمة العملاء في الشركة بالتنسيق بين مواعيد الراغبين في الاشتراك، ومن ثم إخبارهم تاريخ بداية الدورة، علماً أن الخدمة تتم من أمام سكن العميل أو أقرب نقطة رئيسية له، وقد بدأنا بالفعل أول دورة".
شاهد الفيديو التالي الذي يشرح بطريقة مرحة عمل وهدف الشركة الناشئة:
وألهمت أزمة الزحام اليومي إيهاب بالخروج بفكرة شركته، بعد أن واجه العديد من المشاكل في الوصول إلى عمله يومياً في القرية الذكية من مقر سكنه في ضاحية مصر الجديدة.
وأسس إيهاب "باص بولينج" في تشرين الثاني/نوفمبر الماضي، بالشراكة مع محمد نويتو، وأحمد سامي، علماً أن إيهاب يدرس حالياً ماجيستير إدارة الأعمال MBA بالجامعة الامريكية بالقاهرة.
ولم يحصل المؤسسون الشركاء الثلاثة على أية استثمارات حتى الآن، سوى مبلغ 20 ألف جنيه مصري (أقل من 3 آلاف دولار)، منحته لهم حاضنة أعمال الجامعة الأمريكية بالقاهرة "فينتشر لاب" V-Lab، بعد أن انضمت "باص بولينج" لبرنامج ريادة الأعمال في دورتها الثانية.
ويسعى إيهاب وشريكيٌه حالياً لجذب استثمار مغامر ليتمكنوا من توسيع شبكة خدمة السيارات، وشراء أسطول خاص بالشركة يحد من نفقات الإستئجار، وتأسيس مقر رسمي، بعد أن اعتمد الشركاء في الفترة الماضية على مساحات العمل المشتركة لمباشرة أعمالهم.
هذا ويخطط الشركاء الثلاثة – في حال حصولهم على إستثمار- إلى شن حملات تسويقية موسعة على فيسبوك، وطباعة منشورات دعائية عن خدماتهم ليتم توزيعها بالجامعات الكبرى وتجمعات الشركات الكبرى (على غرار القرية الذكية).
ويراهن إيهاب وشريكيه على أن "باص بولينج" يقدم حلاً مزدوج المعايير لكلٍ من الحكومة ومالكي السيارات في مواجهة الأزمة، فهو يقول: "يستهلك مالك السيارة إجمالي متوسطه 7 مئة جنيه شهرياً (نحو مئة دولار) ما بين وقود وزيت وصيانة. ومن شأن خدمتنا أن توفر له وقتاً للرد على رسائل معلقة أو قراءة كتب أو حتى النوم ساعات إضافية، هذا فضلاً عن مجهود القيادة اليومية في الزحام".
ويحرص الشركاء الثلاثة على تغذية صفحة "باص بولينج" على فيسبوك باستمرار بدراسات وانفوجرافيك توضح بالأرقام تلك الرؤى (في ما يلي بعض الأمثلة)، وقد نجحت الصفحة في جذب 12,616 معجب حتى الآن.
كان "باص بولينج" قد حصل، في نهاية العام الماضي، على المركز الثاني بمسابقة "ستارت أب ويك اند" Startup Weekend، لأفكار مبتكرة لشركات ناشئة. كما وتأهل "باص بولينج" في إبريل /نيسان الماضي إلى الدور النهائي أيضاً من مسابقة "مبادرة التوظيف الإجتماعية" Social Innovation Employment، التي نظمتها "نهضة المحروسة"، وهي مؤسسة غير حكومية لتشجيع المبادرات الشابة المبتكرة فى جميع المجالات.
ويُرجِع إيهاب خطوات "باص بولينج" الثابتة إلى إيمان الشركاء بفاعلية الفكرة، ودراستهم للسوق المحلية واحتياجاتها، "تفاهم الشركاء ومثابرتهم نحو تحقيق هدفهم هي أهم عوامل النجاح، كما أن دراسة السوق وانتظار نضج فكرة المشروع قبل السعي وراء جذب الإستمار أمر يُنصح الرواد باتباعه".
وإذا علمنا أن الحكومة المصرية صنفت غياب وسائل النقل الجماعي ذات الجودة والسرعة ضمن الأسباب الرئيسية لمشكلة زيادة معدلات الاختناق المروري، هل لنا أن نتوقع أن ينجح "باص بولينج" في تحقيق أهدافه بالمساهمة الفعالة في حل المشكلة على المستوى القومي للحكومة والفردي للمواطن؟