ما هي مقوّمات حملة تسويق رقمي ناجحة؟ تجربة ديجيتال لاب
بفضل التطوّر التكنولوجي السريع، بات التسويق الرقمي قناة لا مفرّ منها ضمن حملات الشركات التسويقية. "يحاول كثيرون تعقيد تعريف التسويق الرقمي الا أنه قناة تهدف الى جذب الزبائن لا دفع المبيعات قدماً. فيُعتبر المتجر في المركز التجاري قناة تسويقية. لا يشتري الناس لأنك في المركز التجاري لا بل لفوائد منتجك"، بهذه الكلمات شرح لنا أسامة الرمح، المؤسس والمدير الاداري لشركة "ديجيتال لاب" DigitalLab معنى التسويق الرقمي بالنسبة له.
يخبرنا الرمح الذي بدأ مسيرته في هذا المجال عام 2007 أن التسويق الرقمي شهد تغييراً ملحوظاً في السنوات الأربعة الأخيرة. "عام 2007، لم يكن يعلم الناس ما يقومون به. أما اليوم، يدرك الزبائن حاجات التوسيق الرقمي. هم مستعدون للاستثمار أكثر والعمل مع الوكالات أو انشاء فريق داخل الشركة يُعنى بالتسويق الرقمي."
الا أن المشكلة الأكبر التي ما زالت تواجه الشركات هي أنها تظنّ "أن كلّ حملة تُطلق في الامارات العربية المتحدة ستنجح أيضاً في المملكة العربية السعودية. هذا خطأ فادح لأن السوق الاماراتية مختلفة عن السوق السعودية أو العُمانية. لا بدّ لك من التأقلم مع حاجات المستخدمين." ويتناول، على سبيل المثال، موقع "حراج" السعودي لبيع وشراء السيارات الذي يعتمد على نظام العمولات. ويخبرنا الرمح أنّ البائع بمجرد النقر على قسم بالله أنه متى يبيع سيارته سيرسل 1% للموقع، تبرم الصفقة. ونجح هذا النموذج إذ إن "حراج" أكبر موقع سعودي ويحصل على 600 الى 700 مليون زيارة شهرياً. ولكن، لا تستطيع اقناع زبونك في الامارات باتّباع النموذج ذاته لأنه لا يتماشى مع ما يريده.
يعتبر الرمح مفتاح الحل في زيارة الدول التي تريد اطلاق حملة تسويق رقمي فيها وقضاء بعض الوقت للتعرّف على البلاد وتعلّم ثقافته والتحدث مع الناس. أمر قام به عندما كان يعمل في شركة "دوبيزل" Dubizzle برفقة الرئيس التنفيذي ومدراء آخرين فأمضوا أربعة أيام في كل من دول مجلس التعاون الخليجي يأكلون ويشربون النرجيلة في المقاهي.
بفضل خبرة الرمح وتجربته في مجال التسويق الرقمي الذي تعلّمه بمفرده لغياب المناهج الجامعية قبل سنوات والذي حمله الى التنقّل والعمل في شركات عدة كـ"دوبيزل" و"مكتوب"، أطلق الرمح شركته الخاصة، "ديجيتال لاب" Digital Lab في نيسان/ أبريل الماضي من دبي ليقدمّ الاستشارة والتدريب في مجال التسويق الرقمي.
يخبرنا الرمح أن "ديجيتال لاب" تقدمّ التدريبات في دبي وستطلق ثلاثة صفوف في ثلاث مدن في الوقت ذاته (الامارات ودولتين خليجيتين أخرى) بعد رمضان حول أساسيات التسويق الرقمي لكلّ الأفراد الذين يبحثون عن المعرفة أو الخبرة التي لا يجدونها في الجامعات. أما في ما يتعلّق بالخدمات الاستشارية، لا تعمل "ديجيتال لاب" الا مع الشركات الناشئة. ومن بين زبائن "ديجيتال لاب"، نذكر موقع "نبش" Nabbesh، "فش فش مي" Fishfishme و"ريزيرف أوت" Reserveout و"سيمبلي باي أني كار" SimplyBuyAnyCar.
يشدد الرمح على أن الجميع اليوم بات على شبكات التواصل الاجتماعي ما لا يعني بالضرورة أنهم بارعون بالتسويق الرقمي لاسيما أنه يجدر بك أن تتقن التسويق التقليدي وتعود الى الأساسيات. ويخبرنا عن وجود العديد من المدارس والتيارات لكنّ الأهم يبقى "كيف تُطبّق الرقمي على هذه النماذج التقليدية؟" ويذكر على سبيل الذكر لا الحصر، نموذج "بوستون كونسالتينج جروب" BCG الذي يعتمد على مقارنة حصتك من السوق مقابل نضوج السوق.
ويقول الرمح "يسمح لك هذا النموذج أن تعرف حصتك من السوق من حيث عدد زيارات صفحتك ونضوجك في السوق من حيث عمليات الدفع على الانترنت مثلاً." كما يذكر "4بيز" 4pees التي تعتمد على 4 نقاط أساسية لاطلاق خطة تسويقية: المنتج، الثمن، الترويح والموقع.
أما في ما يتعلّق بالتيارات الأساسية للرقمي، فيحدد الرمح ثلاثة: "الاعلام المملوك" owned media أي موقعك الالكتروني الذي يشكّل وسيلة تسويقة أكثر من نقطة بيع، "الاعلام المكتسب" earned media أي التواجد على شبكات التواصل الاجتماعي الذي اكتسبتها بفضل التفاعل مع المستخدمين و"الاعلام المشترى" bought media أي عندما تشتري الاعلانات: الحملات الدعائية على شبكات التواصل الاجتماعي، التسويق عبر البريد الالكتروني والحملات على محركات البحث.
ويضيف "تخيّلوا شخصاً تعلّم كل خبايا الرقمي بفضل التجربة وفي الوقت ذاته، يفهم علم التسويق التقليدي." هذه تذكرة نجاح لاستراتيجية تسويق رقمي ناجحة!
يقول الرمح أنها تبدأ مع التحليلات analysis. فقبل أن تفكّر بما تريد تحقيقه، بجدر بك أن تحلّل أولاً السوق التي تودّ اطلاق أعمالك فيها ثم أن تحلّل نفسك وتحدّد ما يلائم أهدافك. ويعتبر الرمح أن الأهداف objectives هي المرحلة الثانية من التسويق الرقمي. فلا بد أن تعرف ما تريد تحقيقه. "يجدر بك أن تنظر الى أهدافك التسويقية التي ستساهم في تحقيق الأهداف الأخرى (أهداف الشركة، الأعمال..)." ويشرح "لا تفكّر أنك تريد مليون مستخدم لأنك، ربما، لا تحتاج لهذا العدد لتحقيق أهداف شركتك. لا بل يجدر بك أن تطرح الأسئلة التالية: ما هو حجم العائدات التي تحتاج الى تحقيقه هذا العام؟ ما هو حجم العائدات للمستخدم الواحد وما هو عدد المستخدمين الذي تحتاج اليه؟."
بعد التحليلات، حان موعد وضع استراتيجية الأعمال التي ترسم الاتسراتيجية التسويقية ثم الاستراتيجية الرقمية. فلا بد أن تجيب استراتيجيتك strategy على "كيف أحقق هذه الأهداف على مستوى عالٍ وما هي المقاربة التي سأعتمدها؟" وغالباً ما يتمّ وضع استراتيجية الشركة العامة ثم استراتيجية الأعمال لابتكار استراتيجية التسويق والتسويق الرقمي على أساسها، بحسب ما يخبرنا الرمح الذي يعتبر أن استراتيجيتك قد تكون، مثلاً، التواصل والتفاعل مع المستخدمين لدفع المبيعات قدماً.
ومن الاستراتيجية ننتقل الى التكتيكات tactics أي "كيف تقوم بالاستراتيجية وأي قنوات تسويقية رقمية تلجأ اليها: العضوية، شبكات التواصل الاجتماعي… باختصار، التفاصيل التقنية." فعلى سبيل المثال: قد يكون اختيار صفحة على فايسبوك الوسيلة الأفضل للتواصل مع زبائنك. ويشرح لنا الرمح: يظنّ الجميع أن "تعزيز محركات البحث" SEO مهمة جداً. لا شك أنها حقيقة ولكن هل تصلح لكل الشركات؟ هل يمكنك تكبّد تكاليفها؟ يجب أن تفّكر بالقنوات التي تفيد أعمالك لا بتلك الرائجة والتي يستخدمها الجميع.
ونصل الى الاجراءات Actions أي تحديد مهام كل فرد من فريق العمل واختيار ما إذا كنت ستسلّم مهمة اطلاق حملة التسويق الرقمي لفريق من الشركة أو تلجأ الى مصادر خارجية outsourcing.
تشكّل الرقابة والالتزام المرحلة الأخيرة: هل تملك ما يكفي من الأدوات لمراقبة الأداء وتعقّب "التحويل" conversion في كل قنوات التسويق الرقمي؟
متى تجمع كلّ هذه المقوّمات، يمكنك أن تطلق حملة التسويق الرقمي. قد يلجأ البعض الى وكالات الا أنك تستطيع القيام بذلك بنفسك "لأنّ أحداً لا يعرف علامتك التجارية أفضل منك والعملية أسهل مما تبدو".
في النهاية، يقول الرمح "لا توجد تجربة مثالية للجميع ولا لائحة محددة لتحقيق النجاح لا بل أفضل الممارسات لكل علامة تجارية أو شركة لأن الظروف مختلفة وفريق عملك مختلف." ليضيف "حاول أن تكون نفسك وأن تقوم بالأمور على طريقتك الخاصة!"