هل تستطيع ألعاب المحمول زيادة التواصل بين الناس؟
هل تساءلت يوما لماذا ألعاب الألواح مثل "مونوبولي" و"ريسك" والشطرنج لا تزال شعبية حتى الآن؟
فعلى خلاف ألعاب المحمول وألعاب الإنترنت، يمكن لألعاب الألواح أن تعلّم الجميع وليس فقط الأطفال، كيفية احترام أدوار الآخرين، وهو ما يناضل المدرّسون لتحقيقه، وتزيد التفاعلات الاجتماعية وتحسّن سرعة البديهة. وصحيح أن ألعاب المحمول يمكن أن تكون تعليمية أيضا إلاّ أنها تفتقد إلى الجانب الاجتماعي، ولا نعني بـ"اجتماعي" التنافس عن بعد مع لاعبين آخرين، بل أن نكون متواجدين معهم في المكان نفسه. ولهذا السبب ربما، نرى بين الحين والآخر، ألعب محمول تكسب شعبية كبيرة بسرعة وتُنسى بوتيرة أسرع. ولكن ماذا لو قلنا لك أنه ثمة لعبة تجمع كافة جوانب لعبة الألواح وتكون على المحمول؟ هل ستضجر منها؟
يقول مارك حلو، المؤسس الشريك لـ"كويدز" Qwidz، وهي لعبة ألواح جديدة للآيفون، "الموضة الآن هي أن تجعل الناس يعملون بمفردهم على هواتفهم الخلوية أو على الإنترنت مع الآخرين. أما نحن فنريد بناء لعبة بعكس التيّار".
ولد المفهوم الأصلي وراء اللعبة قبل 4 أو 5 سنوات، حين أراد أصدقاء قدامى لمارك والمؤسسين الشريكين، يوسف جرمانوس وغادة عبد الساتر، إنشاء لعبة ألواح. ويقول مارك "تم إحياء المشروع في بداية 2013، حين انضممتُ إليهم وقررنا بناء تطبيق يقوم على الفكرة الأصلية. وتم تطوير مفهوم اللعبة أكثر وتحسينه من قبلنا نحن الثلاثة وقمت بتوجيه جميع جوانب تطويره إلى تطبيق للمحمول".
استغرق تطوير "كويدز" سنة وتم إطلاقه رسميا في شباط/ فبراير مع تحديث أخير أدخل عليه في أيار/مايو. والآن، يتوفّر التطبيق عالميًّا على متجر آبل مجانًا.
لعبة محمول تجمع اللاعبين بدلاً من عزلهم
"كويدز" هي لعبة تخمين تتطلب فريقين من أربعة إلى 12 لاعب. ويكون مع كل فريق مبنى يضم عدة شقق والهدف هو إضاءة الشقق أسرع من الفريق الآخر من خلال جعل أعضاء الفريق الواحد يحزرون كلمات أو عبارات أو اختصارات أو أسماء، أو ما تسمى بـ "كويدلز" Qwiddles في اللعبة. لدى اللعبة 5 آلاف كلمة مع تلميحات ويجب على الفريق الخصم أن يحدد كيف سيحزر الفريق الآخر الكلمة. يمكن أن يحصل ذلك من خلال الرسم أو الحركات أو التلميح بأربع كلمات أو حتى الغناء.
التواصل الفعليّ
صحيح أنّه ثمة العديد من الألعاب اللوحية على المحمول التي تكتسب شهرة على الآيفون، إلاّ أن القليل منها يتطلب أن تلعبها مع أشخاص متواجدين جسديا معك وهو ما لا ينطبق على "كويدز". واللعبة التي قد تنافس "كويدز" هي "هيدز آب" Heads Up! وهي لعبة تخمين أيضاً تتطلب تواصلاً شخصيًّا مباشرًا.
لعبة عالمية نابعة من لبنان
بالرغم من أنّ اللعبة مجانية، إلاّ أن المؤسسين الشركاء يجنون المال من خلال تقديم ميزات مدفوعة داخل التطبيق. فأول 100 كلمة تكون مجانية ولكن بعد ذلك يدفع اللاعب 99 سنتا لكل 100 كلمة جديدة أو يقوم بشراء المجموعة كاملة بـ5 دولارات.
ومن دون تمويل خارجي أو أي نوع من التسويق، استطاع الفريق أن يجعل "كويدز" شعبية وقد لاقت ترحيبًا كبيرًا من المستخدمين في الولايات المتحدة وشمال اوروبا، بحسب حلو الذي أضاف: "نريد أن نسوّق لأنفسنا من خلال الكلام. والناس في الولايات المتحدة وشمال أوروبا يحبّون الألعاب التي تستدعي تواصلاً مباشرًا مع الآخرين. ولذلك لقيت شعبية هناك". ورداً على سؤال عن عدد عمليات التنزيل، فضّل حلو عدم مشاركة أية أرقام. وقال "لا نريد الكشف عن الرقم، هذا أمر خاص وكأنك تقول لشخص كم تكسب من المال. وحتى لو كنا نشهد الكثير من عمليات التنزيل، فنفضّل عدم البوح".
بالإضافة إلى إبقاء الأمور سرية بعض الشيء وعدم نشر مفهوم اللعبة كثيرًا، يصرّ المؤسسون على التعامل مع اللعبة كهواية، ولا يفكرون في ترك وظيفتهم اليومية. ويقول حلو "نحن لاعبون. نفعل ذلك للمتعة. وأنا أحب عملي كثيرا. وحين تصبح هذه اللعبة عملاً لن تصبح متعة".
غير أن لـ "هوايتهم" بعض التحديات فتطوير نوع جديد نسبيًّا من ألعاب المحمول لم يكن بالمهمة السهلة للفريق الذي يأتي أعضاؤه من خلفيات مختلفة: فحلو يعمل كمستشار اتصالات سياسي، بينما جرمانوس وعبد الساتر يعملان في المجال السمعي والبصري. ويقول حلو "لا أحد من الفريق قد طوّر ألعابًا من قبل. ونحن نخترع نوعًا جديدًا من الألعاب لى المحمول. وليس لدينا شيء لنستند عليه".
وبالنسبة لشخص يؤمن بالفعل أنه يجب على الألعاب أن تجمع الناس وتوحّدهم في بيئة ممتعة ومثيرة للتحدّي، أعتقدُ أن مفهوم اللعبة رائع وأشجّع المطوّرين اللبنانيين والعرب على استكشاف هذا المجال وخلق طلب عليه في الأسواق.