كانتالوب: محرك بحث جديد للوظائف في مصر. هل ينجح؟
قد تكون مشكلة البطالة واحدة من أكبر الأزمات التي تواجه مصر في الوقت الراهن حكومةً وشعباً، ولاسيما بعدإغلاق عدد كبير من الشركات الكبرى في أعقاب الإضطرابات السياسية التي تلت الثورة.
وكالعادة، الأزمات تُلهم الرواد للإتيان بأفكار ريادية قد تسهم بطريقة فعٌالة في مواجهة المشاكل. وقد ألهمت مشكلة البطالة عدد كبير من الريادين لطرح مواقع توظيف تعمل على الوصول بالوظائف الشاغرة في كبرى الشركات إلى الباحثين عنها، على غرار "بيت دوت كوم"Bayt.com أو "وظف دوت نت" Wuzzuf، و"نبّش"Nabbesh وغيرها.
أما كريم الحلواني، مؤسس "كانتالوب" Cantalop، محرك بحث للوظائف في مصر، كان له رأيُ آخر في علاج المشكلة. فيرى الحلواني من خلال دراسته للسوق المصرية على مدار عام كامل، أنه "ينبغي مساعدة الباحثين بتقديم حل تقني يعمل على تجميع كافة الوظائف من مختلف الاختصاصات والشرائح تحت سقف واحد".
"أطلقتُ كانتالوب منذ شهرين في مرحلة "بيتا" التجريبية، لأطرح من خلاله مفهوماً للبحث عن الوظائف، فقررت أن أقدم خوارزمية يمكن من خلالها حصد كافة الوظائف الشاغرة من على المواقع الرسمية للشركات الباحثة عن كوادر، هكذا يعرٌف الحلواني "كانتالوب".
وتعتبر أهم التحديات التي واجهت الحلواني في تحديد خوارزمية محرك بحث "كانتالوب" هو تفادي الإعلانات المكررة على أكثر من موقع، والإعلانات المدفوعة على بعض مواقع التوظيف.
ودفع هذا التحدي الحلواني للتركيز على الإعلانات المنشورة بالمواقع الرسمية للشركات مع إتاحة فرصة للشركات التي لا تعلن عن وظائفها الشاغرة على مواقعها لتقوم بالإعلان من خلال "كانتالوب" يدوياً.
وقد يبدو اسم "كنتالوب" غير ذي صلة بموضوع محرك بحث للوظائف، ولكن الحلواني أوضح سبب التسمية قائلاً: "المسألة ببساطة لها شق تسويقي لجذب الزوار للتعرف على ما يقدمه (كانتالوب)، فضلاً عن شق علمي آخر تتسم به فاكهة الكانتالوب، ألا وهو التخفيف من حدة التوتر والقلق. وفي حين غالباً ما يكون الباحث عن وظيفة تحت ضغوط عصبية بما يكفي، قررت أن أدعوه للبحث من خلال "كانتالوب"، الذي يعد أن يكون مختلفاً عن مشاريع التوظيف الحالية في اسمه وتصميمه وحتى فكرته".
وفي حقيقة الأمر، يختلف "كانتالوب" فعليا،ً بالألوان البهيجة المستخدمة في تصميم صفحاته، عن نمطية مواقع التوظيف. كما أن التسجيل عليه لا يستغرق أكثر من ثلاث ثوانِ. فالتسجيل متاح للباحثين عن عمل إما عن طريق الدخول بحساب "لينكد إن" LinkedIn، أو من خلال تسجيل بيانات تقليدي.
ويركز الحلواني - من خلال "كانتالوب" - على شريحة الباحثين عن عمل من ذوي المستويات التعليمية المتميزة، على غرار خريجي الجامعات الدولية أو حملة الدرجات العلمية المتقدمة، وهي الفئة التي تواجه صعوبة أكبر في إيجاد فرص عمل تتناسب مع حجم مؤهلاتها وخبراتها.
ويعتزم الحلواني إطلاق محرك البحث "كانتالوب" تجارياً في أكتوبر/تشرين الأول، بحيث يمكن للشركات الموظِفة التسجيل ودفع اشتراك عن طريق صفحة الدفع على "كانتالوب"، "ستتاح الاشتراكات من خلال باقات تتفق وحجم الشركات على اختلافها، حتى يتسنى للجميع التواجد بين نتائج محرك بحث "كانتالوب"، يقول الحلواني.
وعلي الرغم من حداثة الموقع فقد تمكن من جذب 35 ألف زائر، وحصد 6991 إعجاباً بصفحة "كانتالوب" على فيسبوك، وهي في زيادة مستمرة.
ويعتمد الحلواني على تمويل ذاتي حتى الآن، وهو لا يسعى - في الوقت الراهن- لجذب استثمار، بل يفضل الإنتظار للتأكد من نضج مشروعه، قبل السعي وراء استثمارات مغامرة تتيح له التوسع إقليمياً، وهو يقول بهذا الصدد: "خطواتي القادمة على الترتيب هي التوسع تسويقياً ثم الاستثمار ثم التوسع إقليمياً، فأنا أومن جداً بنظرية ترتيب الأوراق للوصول إلى الهدف".
وقد تكون خلفية الحلواني القوية في مجال التوظيف هي العامل الأهم وراء وضوح الرؤية بذهنه، فهو مؤسس شركة "كاريير سيرفيس" Career Service للتوظيف، والتي عملت في مصر بنجاح منذ عام 2006 وحتى عام 2012، حتى ساءت الأوضاع الإقتصادية في أعقاب الإضطرابات السياسية بعد الثورة.
وكشكل من أشكال التطوير قرر الحلواني أن يعيد الكرٌة مع التوظيف، ولكن بعد أن رقمنها هذه المرة. وعن تفضيله أن يتوجه إلى العالم الرقمي، يقول الحلواني، وهو مدير قسم التوظيف في إحدى الشركات العالمية، والحاصل على بكالوريوس علوم الحاسب: "التقنيات الرقمية المستحدثة كان لها دور كبير في إلغاء الحواجز الجغرافية أمام الشركات، بما يتيح لها الوصول إلى شرائح أكبر من العملاء. كما تتيح الدراسات التسويقية فهماً أفضل لطبيعة الأسواق واحتياجاتها بما يقلل المسافات للوصول إلى النجاح".
وإذا علمنا أن "سيمبلي هايرد"Simply Hired، هو محرك بحث أمريكي للوظائف نجح منذ انطلاقته عام 2005، من التوسع في 24 دولة عالمياً، حتى أصبح يستقطب 30 مليون زائر شهرياً، يتصفحون 45923 وظيفة، فهل لنا أن نتوقع أن ينجح "كانتالوب" من تأكيد تواجده بالقوة ذاتها محلياً وإقليمياً؟