هل تساهم الحكومة المصرية في دعم الإبداع من خلال آيس كايرو؟
لم يُحبط الوضع السياسي في مصر عزيمة رواد الأعمال الشباب الذين
يطمحون لبناء مجتمع أخضر. لا بل دفعت روح الثوري
هؤلاء الى المزيد من التعاون.
منذ أن افتتاحها في تشرين الثاني/ نوفمبر الماضي، بنت مساحة العمل المشترك، "آيس كايرو" icecairo ، سمعة لها على أنها من الأماكن النادرة التي يرتادها رواد الأعمال المصريون ليصنعوا المنتجات ويبتكروا مفاهيم مستدامة. تحت اشراف محمد رضوان، مهندس صناعي يصف نفسه بالـ"المتشرد" والمؤسس الشريك آدم مولينو-بيرو الذي شغل، لمدة طويلة، منصب مدير "كايرو ديزاين إمبوريوم" Cairo’s Design Emporium، تأمل مساحة العمل المشترك أن "تجد حلولاً للتحديات البيئة والاجتماعية" على الرغم من التحديات المالية التي تواجهها كونها منظمة مستقلة في مصر.
أعرف رضوان منذ خمس سنوات. ولم أفكّر يوماً أنه سيقرر أن يضيف على مسيرته كناشط محلي معروف صفة رائد أعمال حتى ولو أنه يملك الميزات لذلك: مندفع جداً، مخاطر، شغوف ويريد أن يحدث فرقاً وتأثيراً. وخاض تجربته الأولى في مجال الأعمال مع شركة لبيع القمصان التي تحمل شعارات ثورية والغرافيتي والتي غالباً ما كان يبيعها لأصدقائه. اليوم، عندما لا يشارك بالمظاهرات- أو يقاطعها لخلافات آيديولوجية- يُعرف لذكائه على شبكات التواصل الاجتماعي التي يستغلها لـ"نوايا"، مجموعة تشجع الزراعة المستدامة والعدالة الاجتماعية في صعيد مصر الفقير.
عام 2012، التقى رضوان مولينو-بيرو بفضل "نوايا". ووجد الرائدان في لقائهما فرصة لنقل نشاطهما الى عالم الأعمال. وكان مولينو-بيرو يجري نقاشات مع مؤسسي "آيس أديس" iceaddis المهتمين باطلاق مشروع مماثل في القاهرة. وعندما أبدى الممول الأساسي، الوكالة الألمانية للتعاون الدولي GIZ، اهتمامه بالمشروع، أطلق المؤسسَين مساحة العمل في تشرين الثاني/ نوفمبر وحصلا أيضاً على دعم من الحكومة المصرية لبناء مختبر تصنيع أو fablab يضم ماكينات صناعية يتم شراؤها بفضل القروض.
وبتنظيم فعاليات تشبيك وتدريب- حول مواضيع
كـالتركيب الضوئي والتصميم الحدودي- وسط العاصمة على الجانب الآخر من
منطقة البورصة التي تعج بالمقاهي- جذبت "آيس كايرو" روادها الأوفياء.
ويقول حسام الزيات، الرئيس التنفيذي لشركة الألواح الشمسية الناشة،
"سانرجي"Sunergy: " تجمع "أيس كايرو" أفراداً من خلفيات مختلفة وحتى
من جنسيات مختلفة يتشاركون طريقة التفكير ذاتها في ما يتعلق بالبيئة
والاستدامة."
الا أن تحدي
"آيس كايرو" الأكبر لن يكون اقناع المجموعة باعتناق التغيير لا بل رسم
إطار مالي. تم تسجيل المساحة كشركة محدودة المسؤؤلية، تتم إدارتها
داخلياً كتعاونية حيث يحصل المساهمون على رواتب والأرباح تستثمر في
الأعمال.
يشرح رضوان قائلاً "أردنا أن نكون مستقلين وأردنا أيضاً أن نكون مؤسسة لا تبغي الربح الا أن هذا الوضع القانوني غير موجود في مصر. الأقرب لما نريد هو المنظمات غير الحكومية أو التعاونيات الا أن هذا الوضع القانوني يتضمن الكثير من الهياكل القانوينة والروتين والبيروقراطية التي تعيق عملها."
عندما ينتهي تمويل GIZ، ستحتاج "آيس كايرو" الى جمع الرسومات مقابل الخدمات كمساحة العمل المشترك و"فاب لاب" للبقاء. مما يشكل تحدٍّ كبير لاسيما أن الكثير من الشباب لا يستطيعون الدفع.
ويقول رضوان "لا نريد أن يتحمّل المستخدمون، وهم الشباب المصري، تكلفة هذه الخدمات فيما يحاولون أن يصبحوا رواد أعمال. قررنا أن نتّصل بالشركات لتقدم التمويل."
ما زالت كلفة استعمال الأجهزة باهظة جداً لكثيرين الا أن جلسات التدريب في fablab باتت أكثر تواتراً. وتم استخدام قاطع ليزر لصناعة بعض المنتجات كعدّة إضاءة LED وأكسسوارات لعيد الميلاد ولافتات وغيرها.
ويضيف رضوان "نريد أن نقود حركة المبدعين. وبالتالي، fablab كبير جداً."
ويأمل رضوان أيضاً أن تصبح "آيس كايرو" ذات تنظيم ذاتي مع مساحة افتراضية تسمح لأعضاء المجموعة بتنظيم ورش العمل الى جانب منتدى مفتوح المصادر حيث ينشر الأعضاء معرفتهم. وقد بدات منظمة غير حكومية باستخدام الطبعة الزرقاء لبناء آلة تسخين المياه على الطاقة الشمسية من أجل استضافة التدريبات وبدء صناعة آلات التسخين.
يجب تبسيط عمليات مساحة العمل لكي تتحوّل الى منظمة لا مركزية. لكن رضوان مصرّ على أن هذا التحوّل سيُحفّز التغيير الفعال. "نريد أن نكون مساحة مفتوحة ونتعاون في المشاريع. غالباً ما يؤدي ابقاء منتج لنفسك الى التقاعس عن العمل."