خمس نصائح من مؤسّس دوبيزل لرواد المنطقة الواعدين
أسّس كلّ من جاي سي باتلر وسيم واتلي موقع "دوبيزل"، وهو أهمّ موقع الإعلانات المبوبة في الامارات العربية المتحدة، وقد أصبح الآن شركة متعددة الجنسيات تساوي قيمتها ملايين الدولارات، وهذا كلّه في غضون ثمانية أعوام ونصف العام. ولم يكن هذا النجاح من باب الصدفة. فقد أثبتت نظريتهما أنّ التغيرات في عادات الشراء والبيع قد تؤثر على اقتصادات الأسواق الناشئة. واليوم، فيما يتنحيان عن منصبهما في رئاسة الشركة ويغادران الإمارات، قدّم باتلر هذه الرسالة ليساعد الآخرين على إتمام قصة نجاج أخرى مماثلة لقصة "دوبيزل".
***
بعد أن راجعت أنا وسيم سنوات مسيرتنا في إدارة عمليات "دوبيزل"، من النوم على سرير بطابقين والعمل في غرفة الجلوس الى قيادة فريق من 200 شخص لامع من كل أنحاء المنطقة، أريد أن أتوجّه ببعض الكلمات لكل رائد أعمال يبدأ رحلته. قد يكون البعض منكم في نفس الموقف الذي كنّا نحن فيه قبل سنوات، حين كنّا نحاول تطبيق فكرة من دون أن نملك المال، وحين لم نملك سوى العزيمة والإيمان بأننا سنتمكّن بطريقة ما من تحقيق النجاح. لا شك أنه، بعد سنوات عدة، سيطلق الكثير منكم شركات قيمة وستقودكم رحلتكم الى ما هي عليه "دوبيزل" اليوم. وآمل أن تشكّل هذه الكلمات بعضاً من الارشاد ومصدر وحي وإلهام لمسيرتكم.
مع مرور السنوات، واجهت "دوبيزل" تحديات جمّة. ارتكبنا بعض الأخطاء الا أننا حققنا المزيد من المكاسب. وطوال الرحلة، تعلّمنا بعض الأمور التي كنّا نجهلها في البداية. وبسبب ذلك، غالباً ما يُطلب منّي أن أنصح رواد الأعمال الناشئين في المنطقة. لا شكّ أنّه ثمة الكثير من الدروس المهمة اتي تعلّمناها وأن التحديات التي نواجهها تختلف بشكل كبير في كلّ مرحلة من مراحل الشركة. الا أنني اكتشفت أن الدروس التي ما زالت ثابتة طوال الوقت هي قليلة. واعتماداً على تجربتي، حين يستطيع الشخص إنجاح الأمور المذكورة أدناه، تصبح المهام الباقية سهلة عليه. وهذه الأمور هي:
معالجة المشاكل دائمًا
يكمن عملك كرائد أعمال في اختيار مشكلة ما والعمل على حلّها بأفضل طريقة وأكثرها فعالية. وكلما كانت المشكلة أكبر وأوسع واستطعت حلّها، كلما حققت المزيد من النجاح. وتأتي الأفكار في المرتبة الثانية فهي الحلول التي تجدها لمعالجة المشكلة. إذا بدأت بفكرة ثم قمت بالبحث عن المشكلة، فستقع في ورطة.
يفترض كثيرون أننا عندما أطلقنا "دوبيزل"، كنا قد انتقلنا الى الإمارات بنيّة اطلاق ما يُشبه "كرايج ليست" Craiglist في الشرق الأوسط. لو اتّبعنا هذه الفكرة السيئة، لكنّا فشلنا من دون شكّ. عوضاً عن ذلك، انتقلنا الى هنا بحثاً عن وظيفة ولبدء حياتنا في المنطقة واكتشفنا أن السوق غير فعالة على الاطلاق. وكان الجميع يواجه ويدرك هذه المشكلة . الا أننا كنا الأوائل الذين قرروا معالجتها.
إسأل نفسك "لماذا" بدلاً من "ماذا"
في حال لم تشاهدوا حديث سايمون سينيك خلال "تيد" حول "كيف يشكّل القادة العظماء مصدر إلهام للعمل"، فابحثوا عنه الآن على جوجل وشاهدوه. كانت رسالته بسيطة: لا يهتم الناس بالأمر الذي تقوم به بقدر ما يهتمون بالسبب الذي حثك على القيام به. فتصبح الاجابة على سؤال "لماذا" هي هدفك، وما تؤمن به شركتك والتأثير التي تريد تحقيقه في العالم وسبب وجودك. فاسأل نفسك، لمَ يجب أن يحبك الناس ويتعاطفون معك وينضموا الى قضيتك؟ في "دوبيزل"، لطالما كانت رؤيتنا أن نجعل من العالم مكاناً أكثر عدالة وأن نضع حداً للاستغلال وأن نستمتع بوقتنا. وعندما بدأنا بالعمل في الامارات العربية المتحدة ( وأيضاً في الكثير من أسواقنا الجديدة)، كان استغلال المستهلكين موجوداً في كل مكان. كانت الصفقات التجارية مستحيلة من دون وسطاء بالاضافة الى التحايل على المشترين وغياب أي مكان لبيع المنتجات واضطرار الباحثين عن عمل الى اللجوء الى أفراد يهتمّون بالتوظيف… كانت السوق غير شفافة وغير عادلة للمستهلك العادي مما أثار غضبنا. انطلقت "دوبيزل" وما زالت موجودة اليوم لسبب واحد: وضع حد لاستغلال المستهلك وللاستمتاع بالقيام بذلك.
كلّ الشركات تريد جني الأرباح والعائدات لكن يجب أن يكون هذا الهدف ثانويًّا، فالأهمية الكبرى تولى لخلق قيمة كبيرة في سعيك لتحقيق رؤيتك. من أجل جذب أشخاص رائعين، يجب أن تحقق أموراً رائعة تجعل الزبائن يقدّرونك . ويجب أن تدرك بحقّ أهمية الجواب على سؤال "لماذا".
حددّ قيمك وطبّقها
سأشارككم سراً احتجت إلى الكثير من الوقت لاكتشافه: قيَمك هي ثقافتك وثقافتك هي علامتك التجارية. الأمر بغاية البساطة. وإن قارنت الشركة بشخص، فسيعكس الشخص القيم التي اخترها. ولا يتعلق الأمر بما يدّعي هذا الشخص لا بل بالقيم التي تنعكس من خلال أعماله. والأمر سيان بالنسبة للشركة. فالقرارات والأعمال التي تتخذها الشركة ستحدّد قيمها. وبغية تطوير ثقافة وعلامة تجارية لشركتك، عليك أن تحدد القيم التي تؤمن بها وتطبّقها في حياتك اليومية.
بدأنا أنا وشريكي رحلة "دوبيزل" لوحدنا. وكانت قيم الشركة هي قيمنا الشخصية أيضًا لذلك لم نجد حاجة إلى تحديدها. ولكن، مع توسّع فريق عملنا، وجد الآخرون صعوبة في توظيف الأفراد المناسبين واتخاذ القرارات الصحيحة لأننا لم نحدد القيم. بالاضافة الى ذلك، لو كنّا نجهل قيمنا، لكنا ناقضنا أنفسنا من دون أن ندرك ذلك. وشكّل ذلك تهديداً لثقافتنا ولعلامتنا التجارية. وبالتالي، نحن كشركة، ضافرنا جهودنا طوال أشهر عدة وناقشنا وصوتّنا الى أن توصلنا الى قائمة بقيمنا الأساسية التي تجعلنا جميعاً فخورين بالتقيّد بها.
قد يكون هذا التمرين من أهم الأمور التي قمنا بها في "دوبيزل". فقد سمح لنا بالتمتع بثقافة الحرية والاستقلالية لا سيما أننا كنا ندرك أن الجميع يتشارك القيم ذاتها. وهذا الأمر قد ساعد قسم الموارد البشرية على اتخاذ قرارات أفضل. كما وساعد الجميع على إنشاء علاقات مبنية على الاحترام والتقدير بين كافة أفراد الفريق، ممّا جعل المكتب واحدًا من أماكني المفضلة.
بمجرّد تحديد قيم شركتك وتطوير ثقافة تناسب الآخرين، ستطوّر علامة تجارية سيحبّها الجميع.
لا توظّف إلا الأفضل
على المدى الطويل، لا ينجح الا الفريق الأفضل. إن أردت الفوز، لا يمكنك المساومة على التوظيف. لكن توظيف أشخاص ماهرين ليس بمهمة سهلة لا سيما عندما لا تملك المال ولا الوقت. ولكن حتى لو كان إيجاد هذا الشخص البارع يتطلب وقتًا أكثر وراتب أكبر، فالأمر يستحق التضحية قليلاً.
منذ اليوم الأول، سعينا أنا وسيم الى توظيف أشخاص أذكى منّا. وعندما تكون مفلساً، تعجز عن دفع الراتب نفسه الذي تدفعه شركات أخرى لهذا الشخص البارع. ولذلك، يجب أن تمنحه دوافع أخرى: هدف يؤمن به، بيئة يتعلّم منها ودور يمنحه قدرة على التأثير وفرصة لتغيير جذري مستقبلي. ومع تطوّر الشركة، ستتمكّن من دفع رواتب تتماشى مع رواتب السوق. غير أننا اكتشفنا أن الأشخاص المميزون، يتقاضون رواتب مرتفعة في أي مكان، إلا أن ما يبحثون عنه هو أن يحاطوا بزملاء مدهشين وبأن يتمتعوا بالحرية والمسؤولية وبأن يتركوا بصمات إيجابية في عالمنا.
في "دوبيزل"، نركّز كثيراً على خلق بيئة تجذب أشخاصاً مميزين. وقد شكّلت هذه المقاربة مفتاح نجاحنا. إذا قمت بذلك جيداً وتجاهلت كافة الأمور الأخرى، فستنجح لأن الأشخاص المميزين الذين سيحيطون بك والذين يتمتعون باندفاع كبير سيجعلوك تستخرج أفضل ما لديك.
لا تجرّب، قرّر
لم يصل أحد الى أعلى قمة أو يغير العالم أو يحقق شيئاً استثنائياً بمجرد المحاولة. أنجزوا ذلك لأنهم اتخذوا القرار. تترك المحاولة باباً مفتوحاً للفشل بعكس اتخاذ القرار. ولا يمكن تحقيق المستحيل إلا إن اتخذت قرارًا بالتصدي له.
إذا كنت تشبهنا، فعندها ستؤمن بأن رؤيتك مهمة جداً بالنسبة للعالم. فرؤيا "دوبيزل" لا تؤثر فقط على الاقتصادات لا بل أيضًا على الحياة اليومية لملايين الأشخاص الذين سيجعلون العالم أكثر شفافية وفعالية وعدالة. لطالما كنّا بغاية الصدق مع أنفسنا أمام فشلنا وخلافاتنا أحياناً، إلا أننا لم نفقد الايمان بأننا، بطريقة ما، سنحقق رؤيتنا. ولو اكتفينا بالمحاولة، لما كنا وصلنا إلى ما نحن عليه الآن، ووحده الجهد الكبير قد عوّض لنا عن ملايين الأشخاص الذين فشلنا في خدمتهم سابقًا.
إذا كنت تؤمن حقًّا برؤيتك، فأنت تدرك أن الفشل ليس خياراً. تخلص من مقولة "سأبذل قصارى جهدي" ولا تفكّر إلا بـ "لقد اتخذت قراري". فلا شك أن رؤيتك والتأثير الإيجابي الذي قد تتركه على العالم يستحق ذلك.
كانت السنوات الثمانية والنصف الماضية مغامرة من العمر. التقيت بأشخاص رائعين وتعلمت الكثير وحظيت بفرصة العمل مع فريق يغيّر التجارة الى الأفضل في المنطقة. وفي السنوات الثمانية المقبلة، سنقرأ الكثير عن قصص مماثلة لـ"دوبيزل" من كل أنحاء المنطقة. أتمنى لكم جميعاً التوفيق في مغامراتكم. فمستقبل العالم يعتمد عليكم.
- جاي سي باتلر