موقع تجارة إلكترونية يتحدّى العوائق ليبيع تصاميم مغربية حديثة
يشكل الحفاظ على التراث الوطني مصدر قلق لثقافات كثيرة اليوم، كون العولمة تتسبب بإنتاج واستهلاك سلع متشابهة أينما كان حول العالم. ولطالما شكّل الترويج للحرف التقليدية تحدياً للفنانين وفرصةً في الوقت عينه ليُثبتوا أنفسهم عبر عرض تحفٍ من ثقافتهم الفريدة.
شرف المنصوري رائد أعمال يفهم هذه الحاجة إلى الحفاظ على التراث المغربي. فقد أطلق في وقتٍ سابق من هذا الشهر "كاهناس" Kahenas، وهو متجر إلكتروني مميز يعرض سلعاً فريدةً تمزج ما بين التصاميم العالمية والتراث المغربي مصنوعة على يد مصممين وفنانين مغربيين. ويكمن هدف المنصوري بخلق فسحةً على الإنترنت حيث تتسنى للفنانين والحرفيين المحليين الشباب فرصة عرض منتجاتهم بسهولة للمغاربة وسائر العالم على حدّ سواء.
لقاء الفنّ والتصميم والتراث المغربي
الموقع بحدّ ذاته جدير بالزيارة، إذ إنّه جميل وعصري، ويفتخر بهويته المغربية وفنّه العالمي. يبيع هذا المتجر الإلكتروني مجموعةً واسعةً من المنتجات بما فيها الطربوش بحلّة جديدة، والحقائب وأغطية حماية لهواتف الـ "آيفون" والمصابيح وإطارات الصور وغيرها.
وبالطبع لما كان الموقع قد اكتمل لولا منصة للمغاربة يمكنهم التعبير فيها عما يرغبون فيه كل يوم. ولذلك تشكل المدونة جزءاً هاماً من المشروع، إذ يفتح الموقع حواراً عالمياً حيث يتشارك المغاربة وُجهات نظرهم حول التراث ومكانته في هذا العالم.
طلب عالميّ، عرض محليّ
راودت المنصوري فكرة "كاهناس" خلال إقامته في الولايات المتحدة، إذ كان قد اعتاد على أن يحضِر معه سلعاً مغربية تقليدية لأصدقائه الأمريكيين أو أن يعرض هذه السلع في فعاليات ثقافية.
وحتى وإن كانت تحديات هذا المجال متوقعة، كان لا يزال على المنصوري أن يتجاوز الكثير من العقبات ليحوّل فكرته إلى حقيقة بدءاً من إيجاد المنتجات المناسبة. في بدايات المشروع، لم يكن بعض الفنانين قادرين على تحمل تكاليف إنتاج حرفهم، فكان "كاهناس" يغطي تكاليف هذا الإنتاج. وبذلك، سمح الموقع للفنانين بأن يأخذوا مجازفات مالية أقلّ وأتاح بالتالي أمام عامة الشعب مجموعة منتجات أوسع بكثير.
ومن التحديات الأخرى نذكر مزوّدي المواد غير الجديرين بالثقة، وشركات التوصيل غير المنظمة، والمواد الشديدة الغلاء، وجودة المنتجات الحرفية غير المتناسقة، والقوانين الجمركية المثبطة للعزيمة عند التصدير، وهيمنة بعض شركات التجارة الإلكترونية، لا غير.
ولكن، على الرغم من كلّ ما مرّت به الشركة، يبقى المنصوري متفائلاً. فيقول: "لقد سمحت لنا كل مشكلة بأن نحاول أكثر وأن نقترب أكثر ممّا نريد تحقيقه. والأهم من ذلك كلّه أنّ كلّ الفنانين الذين عرضنا الفكرة عليهم تجاوبوا إلى حدٍّ مدهش مع المشروع. وذلك كان محفّزاً كافياً لنا لنتابع السير قدماً".
كيف تصبح رائد أعمال؟
ما زال موقع "كاهناس"، في ظلّ هذه التحديات، يحلّ مشاكله الكثيرة ويعدّل خدماته على هذا الأساس.
وما ساهم في هذا التقدم الذي أحرزته شركة المنصوري الناشئة حتى الآن هو الدعم الهائل الذي تلقاه من مجتمع الحرفيين وتعاطف مجموعة من الصحفيين معه.
فيفسّر قائلاً إنّك عندما تصبح رائد أعمال "تُدرك أنّه لا يمكنك فعل أيّ شيء بمفردك". فالنجاح يكون دائماً ثمرة جهود الجميع معاً. ويخلص إلى القول: "من الرائع تحمل مسؤولية أمرٍ، وإذا نجح سيكون أكبر منّي ومن الفريق".
يعتبر المنصوري نفسه رائد أعمال ناشئ، ولكن، انطلاقاً من خبرته في المجال، ينصح رواد الأعمال الشباب الآخرين بالتحلي بالكثير من الصبر، فالعملية تستغرق "أكثر بكثير ممّا يتم توقعه في البدء". ويشدّد على فكرة أنّه بالرغم من أن تثبيط عزيمة شخصٍ ما والحكم على فكرته بأنّها "مستحيلة" أو بأنه يجب إتمامها بطريقة أخرى قد تكون عوائق تصعب مهمته، إلاّ أنّ من يثابر يستطيع الخروج بشيءٍ أكبر بكثير مما كان يحلم حتى.