عشرة أمور يقوم بها الرياديون البارعون
من خلال عملي كمرشدة للشركات الناشئة، ألتقي بالكثير من مؤسسي هذه الشركات في المنطقة العربية وفي كل أنحاء العالم. استمعت لعدد من التسجيلات الصوتية وقرأت أخباراً وكتباً عن الشركات الناشئة. وعندما نريد أن نميّز بين المؤسسين المتوسطين من أولئك الذين يتوسّعوا سريعًا ويرأسوا شركات تساوي مليار دولار، لاحظت بعض الفروقات. وفي ما يلي، لائحة ببعض الملاحظات:
١. يركّزون على ما يبرعون به
غالباً ما تكون الشركات الناشئة صغيرة ومواردها محدودة. ومعظم الأحيان، تتنافس مع أفراد أكثر نفوذاً يعملون في المجال منذ سنوات عدة. ويدرك المؤسسون البارعون أنه، من أجل التنافس واكتساب المستخدمين، يجدر بهم ابتكار أمر استثنائي أو مميز. فقد يبتكروا محرك توصيات رائع أو نظامًا خاصًا بمواقع لخياطة البدلات عند الطلب. ويبقى الأهم تركيز الجهد على أمر محدد لأن محاولة القيام بكل شيء لن يقودك إلا إلى الفشل.
٢. يعرفون زبائنهم جيداً
أطرحُ سؤالاً واحداً على كل مؤسس ألتقيه: "من هو زبونك؟". في الواقع، أطرح سؤالَين. بالطبع، أريد أن أعرف من هو الزبون لكنني أريد التأكد ما إذا كان يعرف حقاً من هو زبونه. يتعرّف المؤسسون البارعون على قاعدة زبائنهم جيداً من خلال إجراء استطلاعات رأي تسأل الزبائن، في كل لحظة متاحة، كيف يساعدهم المنتح خلال حياتهم اليومية. ولكن أحياناً، أحظى بإجابة غريبة وهي "جميع الزبائن". غير أن المؤسسين البارعين يدركون أنهم لا يستطيعون الوصول الى "الجميع" لأنهم يملكون ميزانيات تسويق محدودة. فيفكّر هؤلاء بأي نوع من الأفراد سيشكلون أفضل الزبائن ويمضون الكثير من الوقت بالتفكير بالطريقة الأقل كلفة والأكثر فعالية للوصول اليهم.
٣. يصغون إلى نصائح الجميع لكن يعرفون أي واحدة يختارون
العام الماضي، أجريت محادثة مع مصممة منصات تفاعلية تلائم تجربة المستخدم UX في شركة IDEO، كانت قد بدأت بتقديم الإرشاد للشركات الناشئة وكانت خائفة من أن توجههم إلى الطريق الخاطئة. فأجبتها أنهم محظوظين بأنها تخصص لهم بعضاً من وقتها وأن مسؤوليتهم تتجلى بالتمييز بين النصيحة الجيدة والسيئة. يتلقى المؤسسون نصائح طيلة الوقت الا أن البارعين بينهم يعرفون أياً منها يختارون حتى لو كانت النصيحة من شخص نافذ أو مؤثر. سمعت أحياناً مستثمرين بارعين يعطون نصائح سيئة للمؤسسين ويستطيع البارعون أن يلاحظوا الفرق. فيلجأوا الى آراء مختلفة ويميزون الفرق بين نصيحة ومعارف سيئة ولا يخاطرون بعلاقاتهم الجيدة من خلال التصرف بوقاحة أو الرفض قطعاً.
٤. يطلبون المساعدة
يطلب مؤسسو الشركات الناشئة المساعدة من أي شخص يجدوه مفيداً. والاتصال يوميًّا قد يكون مبالغًا به، إلا أن المتابعة والحرص على الحصول على كل ما تحتاج اليه يعتبران التصرّف الأنسب. حتى أنني أعرف مؤسساً طلب من أحد حاملي عدد قليل من الأسهم بالتخلي عن حصته مقابل لا شيء... ووافق المستثمر. يدرك المؤسس البارع أنه يستطيع الحصول على الكثير من الأمور بمجرد طرح السؤال.. وبالتالي، لا تتردووا بطرح الأسئلة.... فالسؤال مجاني!
٥. يدوّنون الملاحظات ويقومون بالمتابعة
أكثر ما يُفاجئني عندما ألتقي بالمؤسسين هو أنهم لا يدوّنون الملاحظات. وأتسأل ما إذا كانوا يريدون تذكّر اجتماعنا (إن كان العكس، فلماذا أرادوا هذا اللقاء؟). وأنا أقدمُ نصائح محددة للغاية، وغالبًا ما أوصيهم بمتابعة ٥ الى ١٠ مدوّنين ومواقع ومقالات ودراسات حالات وشركات ناشئة يصعب حفظها عن ظهر قلب. المؤسسون البارعون لن يدوّنوا الملاحظات فحسب، بل سيحرصون على المتابعة لاحقاً في حال نسيت القيام بأمر ما.
٦. يظهرون حماسة كبيرة عند التحدّث عن شركتهم
يبرع المؤسسون الناجحون في بيع أفكارهم للمستثمرين والزبائن والشركاء والحكّام خلال منافسات عرض الأفكار لأنهم يعرفون كيف يوصلوا أفكارهم بطريقة يفهمها سريعاً الفرد العادي ويتذكرها جيداً، إلا أن التفاصيل قد تثير اعجاب العاملين في القطاع نفسه. يعرف المؤسسون البارعون كيف يصفون شركتهم بطريقة جيدة فيحفّزون الآخرين على التسويق لها وإخبار الآخرين عنها. عملت في السابق مع شركة ناشئة برعَت كثيراً في القيام بذلك لدرجة أننا تلقينا اتصالات من أصدقاء توسّلوهم زملاؤهم لمعرفة كيفية الحصول على المنتج.
٧. يجيدون التسويق لأنفسهم وليس لشركتهم حسب
يدرك المؤسسون البارعون أنهم يخوضون معركة ضارية لاقناع الأفراد أنّ منتجهم يستحقّ الوقت والمال. وبالتالي، لا ييبعون منتجاً فحسب لا بل يسوقون لأنفسهم أيضاً. وهم قد يكونوا مرحين ومندفعين وأذكياء ومحبي العمل الدؤوب أو حتى مخضرمين، والأهمّ أنهم يعرفون جيداً كيف يجعلون الآخرين يرغبون في مساعدتهم. اشتهرت شركات الاستشارات بتوظيف الأفراد الذين نجحوا في "اختبار المطار" أي ما إذا كان الشخص الذي يجري المقابلة سيستمتع برفقة طالب الوظيفة، في حال علق معه في المطار. يدرك المؤسسون البارعون ذلك جيداً. ويصبح لقاء مستثمر محتمل أسهل إن شعرت أن هذا الشخص سيكون مسلياً ومثيراً للاهتمام بغض النظر عن أحاديث العمل التي ستجروها.
٨. يبنون شبكة علاقات بطريقة استراتيجية
يعلم الجميع أن بناء شبكة علاقات هو أمر أساسي ليصبحوا مؤسسي شركات ناشئة. الا أن المؤسسين البارعين يعرفون كيف يبنون هذه الشبكة من دون هدر وقتهم. ويدركون جيداً أن بعضاً من أهم علاقاتهم قد لا يحضرون أبداً الفعاليات النموذجية للشركات الناشئة على غرار محاميي نواب المستشارين ومنظمي المؤتمرات أو الأشخاص الذين يبنون علاقات جيدة مع المستثمرين. عندما يلتقي المؤسسون البارعون الآخرين، سيقدّمون لهم شيئًا في المقابل، كأسماء أشخاص بارزين أو معلومات في مجال عملهم أو حتى التوصيات. وهم بذلك يخلقون لوائح بالأشخاص المستهدفين ويستخدمون "لينكد إن" LinkedIn للوصول تلقائياً إلى الأشخاص الذين يهمّوهم، كما أنهم يلجأون لشبكة علاقاتهم للاهتمام جيداً بشركائهم أو المستثمرين المحتملين.
٩. يعرفون الفرق بين "كلا" و"كلا، ليس الآن"
قد يقول أحدهم "لا" عندما يطلب المؤسسون المساعدة أو اجراء لقاء لأسباب عدة. ويدرك المؤسسون البارعون جيداً متى يكون رفض الشخص قاطعًا ومتى يكون مؤقتًا. قد يكون الفرد مشغولاً أو ربما لا يريد لقاء المؤسس في المرحلة الراهنة. يعرف المؤسسون البارعون متى يكون الوقت مناسباً للعودة مجدداً، ربما بعد تحقيق إنجاز هام أو إضافة ميزات على الخدمة أو تلقي تمويل. فلا شك أن طلب مساعدة شخص قد رفضك مسبقًا هو أمر صعب، لكن إن أتيته بمعلومات محدّثة فأنت لن تثبت له أنك مثابر فحسب، بل أنك ذكي بما يكفي لإعطائه سببًا يقنعه.
١٠. يجدون حلولاً مبتكرة
لا يبقى المؤسسون البارعون مكتوفي الأيدي بسبب نقص التمويل ولا ينتظرون الحصول على الأموال لبناء شركاتهم. عوضاً عن ذلك، يجدون سبلاً ذكية ليحصلوا على ما يريدون مع القليل أو بدون أموال، أكان ذلك بفضل المقايضة، إسداء الخدمات الاستعانة بمصادر خارجية أم الابتكار. تفاجؤني دائماً براعة بعض المؤسسين في الحصول على ما يحتاجون اليه وفي ايجاد سبل للالتفاف على القوانين.