هل استنساخ الأفكار نموذج مستدام؟ الإيجابيات، السلبيات والمخاطر
إن قلنا إنّ تكرار فكرة عالمية ناجحة في المنطقة العربية هو ممارسة مستدامة، فقد لا نكون دقيقين للغاية. وإن قلنا إنّ ابتكار فكرة جديدة في المنطقة العربية هو ممارسة مستدامة، فقد لا يكون ذلك دقيقًا أيضًا. فما هو المستدام إذًا؟
برهنت بعض الشركات الناشئة في الشرق الأوسط أنّ استنساخ فكرة شركة عالمية ناجحة وتعديلها لتناسب حاجات المنطقة العربية يعدّ نموذج عمل جيد كبداية. خذ مثالاً "ليفر موا". موقع التجارة الإلكترونية المغربي هذا، الذي يشبه موقع "أمازون"، يعلم تمامًا ما يريده زبائنه، لكنه ما زال يخسر المال. وتمامًا كأي موقع تجارة إلكترونية في المنطقة، واجه "ليفر موا" مشاكل في اكتساب ثقة الزبائن في الدفع على الإنترنت. وبالرغم من انه يقدّم خيارات بديلة مثل الدفع عبر تحويل مصرفي، شيك، نقدًا أو عبر بطاقات ائتمان من خلال "اتصالات المغرب"، سعى أيضًا "ليفر موا" إلى اكتساب ثقة الزبائن من خلال بناء حضور له خارج الإنترنت، عبر تنظيم معارض الكتب، وهذا مثال على "النسخ ثمّ التعديل".
والمنطقة العربية تزخر بالشركات التي قامت بتكرار أفكار عالمية ناجحة وتعديلها في المنطقة، ومن هذه الشركات نذكر "جوميا"، موقع تابع لـ "روكيت إنترنت" وشبيه بـ "أمازون" أيضًا، حاول الهيمنة على السوق الإفريقية، و"وسادة"، وهو مستنسخ عن "وان كينجز لاين"، انطلق في الأردن مع فريق عالمي، ومؤخرًا، موقع "سوشال بالز" المستنسخ عن فايسبوك والذي أطلقه طالب جامعي.
إذًا ما رأي مجتمعنا في ذلك؟ هل هذا النموذج سيبوء بالفشل لأنه مجرّدٌ من الإبداع أم أنه يمهد الطريق للآخرين ويعزز الاقتصاد عبر تأمين وظائف أكثر؟
لمعرفة آرائهم، طرحنا سؤالاً على صفحتنا على فايسبوك" وسألنا قرائنا التالي: "هل تعتبر أن استنساخ فكرة شركة ناجحة وتعديلها للمنطقة العربية هو نموذج عمل مستدام؟"
كشف لنا جمهورنا عن إيجابيات، سلبيات ومخاطر هذا النموذج:
الإيحابيات:
السوق العربية خصبة. إن دخلت الفكرة السوق هنا فستبصر النور وتنجح. بحسب عبير بسول، "إن توفرت الفكرة في المنطقة العربية، فستصبح فكرة جديدة وستحقق الاستدامة". ويوافق رامي عثمان على ما تقوله مضيفًا "نعم، لم لا. تنجح في أي مكان. ما من شيء مميز في هذه المنطقة بالذات... هي معقدة لكن الأمر ممكن".
المنطقة تزخر بالقدرات، بحسب الأغلبية. قد تنجح فكرة مستنسخة في السوق إن تم تعديلها. وقال سامر أبو عريشة، "إن شركة معينة قد تنجح في منطقة وتفشل في منطقة أخرى. الأمر يعتمد على نموذج عمل هذه الشركة ومدى قدرتها على تنفيذ الفكرة نفسها أم تغييرها قليلاً. يجب تنفيذ تحليل يدرس جدوى الفكرة، قبوليتها واستدامتها". غيره من المجيبين صرحوا أنّ الشغف بالفكرة، والعمل مع فريق يشاركك الرؤيا نفسها ويعمل جاهدًا ليساعدك على تحقيق النجاح هو أيضًا ضرورة.
السلبيات:
هل هذا يعني جهد أقلّ؟ نسخ فكرة ناجحة في الخارج يخفّض نسبة فشلها عند تطبيقها في منطقة مختلفة، ويوفر عليك عناء التفكير بفكرة غير مسبوقة. لكن هذا ليس بالضرورة أمرًا إيجابيًا، فكما يقول عثمان سفريني، "بعض الناس لا يرديون بذل أي جهد، وكلّ ما يقومون به هو نسخ فكرة وتعديلها".
أنا شخصيًّا لا أوافق على هذه الفكرة. معظم المؤسسين يبذلون جهدًا كبيرًا عند تأسيس شركة، بغض النظر إن كانت فكرة الشركة جديدة أم مختبرة في مكان آخر. فنجاح شركة بالكاد يقتصر على الفكرة، وإطلاق شركة مستنسخة لا يعني أبدًا أنّ المؤسس يجلس خلف كمبيوتره ويلعب الألعاب فيما تدير شركته نفسها بنفسها.
قبل أن أنضمّ إلى "ومضة"، عملت في شركة ناشئة اسمها "جونابِت" للصفقات اليومية، وهي شبيهة بنموذج "ليفينج سوشيل" LivingSocial الذي استحوذ عليها فيما بعد. وكلّ موظف في "جونابِت" عمل وكدّ كثيرًا. وواقع أن هذه الفكرة مستنسخة لا يعني شيئًا مقارنة مع المشاكل التي واجهتها كموقع تجارة إلكترونية في المنطقة. فمعالجتها مع المحافظة على عائدات ثابتة يضاعف الجهد أكثر بعد. ما يجعلنا نتسائل، هل استنساخ فكرة هو حقًّا الخيار الأسهل؟
المخاطر:
نقص في الابتكار. هذه النقطة لا تتعارض مع النقطة السابقة، لأنه يمكنك العمل جاهدًا من أن تكون مبتكرًا ومبدعًا. وأنا أوافق على أن هذا النموذج يؤدي إلى نقص في الابتكار. فنحن بحاجة إلى أفكار جديدة تنبع من المنطقة العربية وتُستنسخ خارجها. ويوافقني الرأي علي جواد، الذي قال إنّ العرب في الخارج يبدعون ويبتكرون، فلم يقوم المؤسسون هنا بنسخ الأفكار وتعديلها في حين أنهم يبتكرون في الخارج؟
ثمة عنصر واحد ناقص لم يتم التطرّق إليه خلال النقاش. نسخ الفكرة وتعديلها والعمل جاهدًا لإنجاحها هي كلها أمورًا رائعة، لكن المرشدين قد يساعدون المؤسسين بشكل كبير في اتخاذ قرارات جيدة وفي إرشادهم إلى الخيارات الأصحّ. إن كنت تبحث عن مرشد، إقرأ هذا المقال الذي نشرناه سابقًا حول كيفية العثور على مرشد جيّد، واطلع على تواريخ فعاليات التواصل والإرشاد المقبلة هنا.