ماذا تريد النساء العاملات في قطر: خلاصة فعالية الطاولات المستديرة في الدوحة
التقط الصور بلال خليفة من "صلتك".
كان شهر أيار/مايو شهراً حافلاً لـ "ومضة"، فقد نظمنا أربع فعاليات للتواصل والإرشاد في شهرٍ واحد في كل من البحرين والدوحة وعمّان والرياض.
شاركت "ومضة للنساء" في ثلاث من هذه المدن، جامعةً النساء في أحاديث صريحة حول التحديات التي يواجهنها في العمل كصاحبات مؤسسات.
أجرينا في الدوحة بالتعاون مع "صلتك" ومركز "روضة" فعالية امتدت على ساعتين، ركّزنا خلالهما على مسائل خاصة ببيئة الأعمال القطرية.
لا تضمّ قطر قائدات بارزات فحسب كالشيخة موزا والشيخة هنادي والشيخة بنت يوسف الجفيري، بل لديها كذلك نسبة نساء في القوى العاملة (40.6% وفق منظمة العمل الدولي) أعلى من معدل المنطقة (25%، أحد المعدلات الأدنى في العالم). كما تشير دراسة حديثة أجراها البنك الدولي إلى أنّ الفارق ما بين عدد العاملين الذكور والعاملات الإناث أقل مما هو عليه في معظم الدول العربية.
رغم ذلك، استندت مواضيع نقاشنا الكبرى على خلاصة شيريل ساندبرغ، المسؤولة التنفيذية لـ "فايسبوك، في كتابها "كن مرنًا" Lean In، وعلى الحديث التي استهلت به آن ماري سلوتر، أستاذة العلوم السياسية والعلاقات الدولية في جامعة "برينستون" Princeton University، مقالها الشهير "لم لا يمكن أن تحقق النساء كافة طموحاتهنّ"، واستنتجنا أنّ عدم المساواة قد لا تظهر بوضوح.
فبحسب دراسة أجرتها جامعة هارفارد في العام 2012، عندما تفاوض النساء حول الرواتب نُعتبر غير جذابات.
كما توضح ساندبرغ أنّنا نميل إلى اختيار وظائف نعرف مسبقاً أننا نملك المهارات اللازمة لها. إلا أنّ دراسة أجرتها جامعة ماكينزي وجدت أنّ الرجال غالباً ما يترقون بناءً على قدراتهم، في حين تترقى النساء بناءً على إنجازاتهن، لذا قد تكون استراتيجيتنا المتبعة نتيجةً للوضع الراهن.
الاعتقادات الخاطئة في العالم العربي
إنّ الفرق بين الجنسين كبير بشكل خاص في العالم العربي. فالنساء يتحكمن بـ 22% من ثروات المنطقة إلا أنّ الهوة على صعيد توظيف الجنسين تضاعفت خلال 25 سنةً.
غير أنّه مع التغييرات الاقتصادية وزيادة التعلّم ستنضم نساء أكثر فأكثر إلى القوى العاملة في العقود القادمة. ويتوقع البنك الدولي أن تشغل النساء 75% من المليوني وظيفة التي ستحتاجها المنطقة بحلول عام 2050 للمحافظة على نسب التوظيف الحالية للجنسين.
والحقيقة هي أنّ النساء مهيئات ليكنّ رائدات أعمال ويشاركن في القوة العاملة في العالم العربي.
لكنّ الهوة ليست دائماً بالصورة التي تتراءى لنا. ففي حين أنّ 25% فقط من النساء موجودات رسمياً في القوى العاملة، إلاّ أنّ نسبة النساء العاملات قد تصل إلى 50% في القطاع الخاص. وإن كانت نسبة النساء في سوق العمل أقرب إلى 50% (ضعف الـ 25%)، فهذا يناهز المعدل العالمي.
وكما ذكرنا في ملخصنا عن الطاولات المستديرة التي تنظّمها "ومضة للنساء" في القاهرة، فإنّ عدد الخريجات الجامعيات يفوق عدد الخريجين الذكور في 11 بلداً من أصل 18.
وفيما قد يظن البعض أن رائدات الأعمال في العالم العربي يركزن على إدارة أعمال التعهدات الصغيرة أو المشاريع الحرفية، الحقيقة هي أنّ 30% من الأعمال التي تديرها النساء في المنطقة هي مشاريع كبيرة و 80% من النساء يخططن للتوسّع.
كما تعمل 83% من رائدات الأعمال أكثر من 40 ساعةً في الأسبوع (قالت معظم رائدات الأعمال خلال انعقاد الطاولات المستديرة أنهنّ يعملن أكثر من ذلك).
مناقشات الطاولات المستديرة
بهدف تشكيل
صورة دقيقة عن دور المرأة في سوق العمل في قطر، عقدنا ثلاث نقاشات حول
طاولات مستديرة وتناولنا المواضيع التالية: الأنماط والمُثل
العليا، والتوازن بين العمل والحياة الشخصية، وإيجاد التمويل
والمفاوضة على الرواتب.
طلبنا من النساء اختيار موضوعهن المفضّل قبل البدء بالمناقشة. ووجدنا في الدوحة أن أجوبتنا كانت نوعاً ما منقسمة. إليك نظرة على استنتاجاتنا:
التمويل والمفاوضة
تضمنت هذه الطاولة بغالبيتها نساء مغتربات من عائلات لبنانية وسورية وأردنية وفلسطينية وبريطانية وبحرينية. ومن المسائل التي واجهنها نذكر:
- قوانين كفالة غير عادلة. نوقِشت قضية أساسية بالنسبة إلى جميع النساء على الطاولة تمثلت في التوقع من المرأة المتزوجة في قطر أن تعمل قانونياً تحت كفالة زوجها، ممّا يعني أن الشركات المحلية والدولية في قطر يمكن أن تحرمها من تقاضي الراتب عينه أو قد لا تقدّم لها الفوائد الإضافية كالمساعدة في الأقساط المدرسية.
- مفاوضات صعبة. حتى النساء العازبات يُتوقع منهن أن يعشن على نفقة عائلاتهن. أي مفاوضة بشأن الراتب يتم صرفها حيث يعتبر دخل المرأة مصروف جيبٍ خاص. فعلاقتها بمصادر دخل أخرى تشكل حجة لعدم إعطاء النساء المغتربات حقهن. فتقول نساء عدة: "لا يأخذونكِ على محمل الجد بكل بساطة".
- المقاومة لا تُحبّذ. قالت نساء عدة إنهن إذا حاولن الدفاع عن أنفسهن يتم إثباط محاولتهنّ أو نعتهنّ بالمزاجيات. كان هذا شبه مقتصر على الشركات القطرية إلا أنّه امتد إلى الشركات متعددة الجنسيات.
- انعدام الدعم العائلي. قلة من رائدات الأعمال حول الطاولة بدأن عملهن بغية الخروج عن نموذج العمل التقليدي والتحكم بوقتهن وابداعهن ورواتبهن. وقالت امرأتان على الأقل إن زوجيهما لم يكونا داعمين لعملهما لكنّ إحداهما أظهرت مدى أهمية عملها أمام زوجها فاقتنع في نهاية المطاف.
التوازن بين العمل والحياة الشخصية
هذا الموضوع جمع عدة نساء قطريات محليات. قد لا تكون الكفالة مشكلة بالنسبة إليهن لكن التوازن هو حتماً كذلك. فذكرت هؤلاء النسوة:
المرونة في العمل تشكل تحدياً كبيراً. نصف الموجودات اعتبرنها مشكلة في حين أنّ الأغلبية قلن إنهن قد يرغبن بدوامات عمل جزئية أكثر.
أماكن العمل في قطر عموماً لا تدعم وجود الأطفال. مع أنهن قلن إنّ موظفي القطاع العام أكثر حساسية تجاه التوازن بين العمل والحياة الشخصية.
الواجبات الاجتماعية تشكل تحدياً. بعض النساء كان لديهن أزواج داعمين لعملهن في حين أنّ البعض الآخر اختلفت حالهنّ. لكنّ جميعهن قلن إن الواجبات الاجتماعية عموماً تصعّب تحقيق هذا التوازن وإدارة عملٍ بوجود حياة عائلية.
الاستقلال المادي أساسي. بغض النظر عن الوضع المالي للعائلة، اتفقت جميع النساء على الطاولة على أنّ المرأة تحتاج إلى راتبها الخاص.
المثل العليا والأنماط
أخيراً، ركزت هذه الطاولة على السمات القيادية ولامست موضوع الأنماط. قالت النساء إن القائد الجيد يجب أن يتّسم بالسمات التالية:
- ملهم
- غير متحيز
- يركز على التقدم على أساس المقدرة الشخصية
- يتحمل مسؤولية أخطائه
- يشجع على الإبداع
- يثير فيك روح التحدي
وفي حين لم يتطور الحديث ليطال الأنماط إلا أنه طرأت بعض المواضيع:
100% من النساء حول الطاولة قلن إنهن ضحية الأحكام السلبية المسبقة في العمل التي تطلقها الرجال وانلساء على حدّ سواء
- 85% شعرن أنهن يناضلن لإثبات أنفسهن
- لكن 71% شعرن أنهن متمكنات في العمل
الحلول
الحلول التي نادت بها النساء تضمنت تغييرات في السياسات وتحول ثقافي وتحسينات معينة في الخيارات المتاحة أمامهنّ في العمل. وتضمنت هذه الأخيرة:
1. شبكة تمكِّن النساء من التواصل مع بعضهن البعض، خصوصاً في الميادين التي تطغى عليها الهيمنة الذكورية، لدعم مشاريع بعضهن والمساعدة عموماً عبر التطوع بوقتهن مجاناً (نحاول بناء هذا المجتمع عبر صفحات "ومضة لرائدات الأعمال" على شبكات "فايسبوك" و"جوجل بلاس" و"لينكد إن" الاجتماعية).
2. فرص عمل بداوم جزئي أكثر، خصوصاً الأنظمة حيث يمكن لإمرأتين التشارك في عملٍ بدوام كامل بغية تحسين التوازن بين العمل والحياة الشخصية.
3. تثقيف الرجال بدءاً بتثقيف أولادهم حول حق النساء في العمل كان أيضاً قراراً على أكثر من جبهة.
4. تحدي النظام القانوني بحيث لا يُسمح لمن يجري مقابلة عمل أن يطرح سؤالاً عن الوضع العائلي، الأمر الذي قد يساعد من تسعى للتفاوض في الحصول على راتبٍ مساوٍ لراتب الرجل أو الحصول على حقوق متساوية. وطبعاً يجب تعديل قانون الكفالة بحيث لا تضطر النساء الحاصلات على كفالة مستقلة إلى العمل تحت كفالة أزواجهن، وهذا يقلل من حدّة عدم المساواة هذه.
5. وأخيراً، نادت النساء بالتوحد في الدفاع عن أنفسهن والقيام بخيارات ماكنة والنظر إلى بعضهن كقادة.
سنكمل هذه الملخصات الخاصة بالطاولات المستديرة لـ "ومضة للنساء" في عمّان والرياض هذا الأسبوع والأسبوع المقبل. ابقي على تواصل وانضمي إلى صفحتنا على "فايسبوك" و"جوجل بلاس" و"لينكد إن" لمعرفة المزيد.