ما هي تحديات إطلاق شركة ناشئة في الدوحة؟
رواد الأعمال قليلون جداً في قطر، فالشركات الصغيرة والمتوسطة لا تشكل سوى 15% من الاقتصاد و2% فقط من القطريين يديرون أعمالهم الخاصة بحسب استراتيجية التنمية الوطنية القطرية 2011-2016.
تعرّف في التالي على مركز ريادة الأعمال في جامعة شمال الأطلسي- قطر (CNA-Q)، هذا المركز الذي أُسّس عام 2010 في إطار رؤية قطر الوطنية 2030 لتنويع مصادر الاقتصاد، ويرشد الطلاب في فرع الجامعة في الدوحة ويدربهم على ريادة الأعمال على يد مستشارين سابقين في الأعمال والشؤون المالية هما كورتيس أفيري وبيتر مور.
ويقضي هدف هذين المستشارين الى تشجيع المزيد من الطلاب على سلوك طريق الشركات الناشئة. وقد التقيت مؤخراً بأفيري ومور لمعرفة المزيد عمّا يحول دون إطلاق القطريين لمشاريعهم الخاصة.
كريستينا باسكين: ما هي العوائق التي تحول دون سلوك القطريين طريق ريادة الأعمال؟
كورتيس أفيري: برأيي ان فرص العمل المتاحة أمام القطريين لها رواتب عالية جداً إلى درجة لا تسمح لهم بالمخاطرة بمبلغ مئة ألف دولار، في حين يمكنهم العمل في وظيفة محترمة تمنحهم المبلغ عينه. لذا، ما من حاجة تدفع القطريين إلى الريادة. وحتى المغتربين لا يحتاجون الى اختيار ريادة الأعمال، لأنّه عند وصولهم إلى قطر يكونون قد أمنوا وظيفتهم هنا، وعندما يفقدون عملهم، يعودون إلى ديارهم لأنّهم يفتقدون الى تأشيرة العمل.
لكنّني أعتقد أن الكثير من القطريين يختارون هذا المسار لأسبابٍ أخرى، مثل الشغفٌ أو الهواية.
أمّا المرأة القطرية، فترى ريادة الأعمال طريقاً لها نحو الاستقلالية، اذ تتاح أمامها فرصا كثيرة، ولكنّني لا أعتقد أنّ الطريق أمامها سهل من حيث بلوغ القمة والطليعة: لا شكّ في أنّ الفرص أمامها متاحة، غير أنّ هذه الأخيرة تنكشف لها أبطأ مما تنكشف للرجل. لذا، فإدارتها لأعمالها الخاصة منفذٌ لها لتولي زمام الأمور والتمتع بالاستقلالية.
باسكين: ما هي بعض التحديات الأخرى في إطلاق شركة صغيرة أو متوسطة في الدوحة؟
بيتر مور: في كندا، إذا أردت إنشاء شركتك الخاصة، ما عليك سوى افتتاح مرأبك أو الطابق السفلي من منزلك واقتطاع غرفة صغيرة لك والمضي في العمل. ولكن هنا، يجب أن يكون لديك واجهة تجارية ومكتب. لذا، عليك استئجار مكتبٍ قبل البدء بالعمل حتى – إذ ليس من القانوني أن تعمل من المنزل.
ومن التحديات الأخرى أنّه عليك أن تودع مبلغ مئتي ألف ريال قطري (أي 54,933 دولار) في المصرف قبل أن تسجل شركتك. وذلك يتعلّق بثقافة البلد وبالخوف من الإفلاس وعدم دفع الفواتير المستحقة وهو أمرٌ معقول جداً. ولكن، إذا كانت قطر تطمح لأن تصبح من دول العالم الأولى – دولة قادرة على المنافسة داخلياً ودولياً كما في أيّ سوق حرّة – علينا معالجة بعض هذه الأمور بطريقة من الطرق وإلاّ لن يصبح لدينا يوماً حجر أساس.
باسكين: على كافة الشركات في قطر أنّ يكون فيها شريكاً قطرياً يملك 51% على الأقل من الشركة. كيف يؤثر ذلك على بيئة ريادة الأعمال؟
مور: تبحث الدولة عن قطريين ينخرطون في ريادة الأعمال. لكنّ الحقيقة هي أنّه من بين مئة ألف شخصٍ، قد لا تجد سوى 100 رائد أعمال. ووفقاً للإحصائيات التي انطلقنا منها في كندا، 85% من الشركات الناشئة يفشل عملها في غضون خمس سنوات. لذا، في سياق قطر لا يتجاوز رواد الأعمال سوى بضعة آلاف [حوالي 250 ألف مواطن قطري] وإذا طبقنا عليهم هذه النسبة، لن ينجح سوى بضع عشرات من رواد الأعمال. وذلك ليس كافياً لتنويع مصادر الاقتصاد.
في الحقيقة يجب القيام بأمرٍ للسماح بتطبيق مبدأ نظام المبادرة الحرة حيث يكون الناس مستعدين للمخاطرة في سبيل إنشاء مشاريعهم، عبر السماح مثلاً للشركة بالنمو لبلوغ حجمٍ معين ثم اشتراط أن تضم شريكاً قطرياً عندئذٍ أو شيئاً من هذا القبيل.
أفيري: بالنسبة للمغتربين، يعتبر شرط الـ51% عائقا كبيرا؛ فأنت في الواقع تتخلى عن نصف الملكية لشريك قطري. إذا كنت مغترباً، هذا يعني أنّه لديك وظيفة وتريد أن تطلق عملاً تجارياً لك في الوقت نفسه، وبما أّنه لديك وظيفة، فهذا يعني أنّه لديك راعٍ وبالتالي لا يحق لك قانونياً أن تطلق عملاً خاصاً بك لأّنه بموجب الرعاية لا يفترض بك أن تقوم سوى بالعمل الذي وُظّفت من أجله. لذا، يفرض هذا الواقع اقتصاداً خفياً كبيراً.
يقوم الكثير من مصففي الشعر واختصاصيي التدليك ومتعهدي خدمات تقديم الطعام بعملهم من منزلهم بطريقة غير قانونية، وهم يقدمون خدماتهم للمغتربين. لذا، ما من داعٍ يدفعهم للعمل بصورة شرعية. ومع أنّ ذلك يمنعهم من التوسع لأنّه لا يمكنهم الإعلان عن خدماتهم، لكنّ الكثير منهم يجني ما يكفي.
باسكين: يرشد المركز الطلاب والعملاء المحترفين في الدوحة. ما نوع المشورة التي يقدمها؟
أفيري: أولاً، قم بأمرٍ تحبه فعلاً. أحِط نفسك بفريقٍ جيدٍ. قم بالأبحاث اللازمة. كن مواظباً ولكن، اعرف متى يجب أن تخرج من المغامرة والتخلي عنها. واستفد من كل الدعم المتوفر لرواد الأعمال في البلد، مثل جامعة شمال الأطلسي-قطر والمعاهد الأكاديمية الأخرى، وقطر للمشاريع و"صلتك" Silatech و"بداية" و"آي سي تي قطر" ict Qatar وبنك قطر للتنمية ودار الإنماء الاجتماعي ومركز روضة.
كما أنّ المستثمرين
يستثمرون جزءاً كبيراً من أموالهم في الأشخاص؛ لذا نمِّ مهاراتك
ومعرفتك وخبرتك. فعليك أن تقنع المستثمرين أنّك وفريقك قادرين على
إنجاح الأمر. فحتى لو كانت فكرتك رائعة وتمكنت من تفسير الحاجة إليها
في السوق، إذا لم تتمكن من إقناع الناس أنّك بارع، وأنّك قادر أنت
وفريقك على إنجاح الأمر، لن يستثمروا في مشروعك، لأنّهم في الواقع
يستثمرون مالهم فيك أنت.