شقيقان مصريان يبتكران تكنولوجيا لإعادة التدوير في الإمارات
في السنوات الأخيرة، صرّحت الكثير من شركات إعادة التدوير أنّ عددًا كبيرًا من السكان في الإمارات لا يفهمون ببساطة مفهوم إعادة التدوير. وفي أبو ظبي، حيث أطلقت الحكومة مركز إدارة النفايات عام 2011 الذي يقدم خدمة إعادة تدوير منزلية، قد تكون المسألة ببساطة أن السكان لا يفهمون الفرق بين الفاصوليا الخضراء والسوداء.
ونقص المعرفة لا يتعلّق بعد تركيز الإمارات على إعادة التدوير، فهذا البلد يخطط لحظر المنتجات البلاستيكية غير القابلة للتحلل بدءاً من العام المقبل وتركيب محطة وقود صديقة للبيئة في دبي وتقليص حوالي 30 مليون طن من النفايات التي ينتجها السكان كل عام. وقد وجدت دراسة عام 2012 أنه في أبو ظبي وحدها، ينتج السكان أكثر من 30 ألف طن من النفايات يومياً.
وإن تحققت أمنية "دبليو أم أس للصناعات المعدنية" (WMS Metal Industries)، وهي شركة ناشئة مقرها دبي، فإن إعادة التدوير ستصبح سهلة كالضغط على زر. قامت هذه الشركة ببناء منتج يمكن تعديله وتركيبه في أنابيب النفايات بما يسمح للمستخدمين بوضع النفايات وجعلها تنفصل أوتوماتيكياً عن بعضها عبر الضغط على أزرار لتحديد نوعها: بلاستيك أو ورق أو كرتون أو معدن. وحين تصل النفايات بعد إعادة تدويرها إلى قعر الأنبوب تفرز في حاويات منفصلة حيث تبقى آمنة منعاً للسرقة.
يقول مؤسس الشركة محمد نصار، إنّ "مبنى من 20 طابق يضم كل طابق فيه 6 مستأجرين يمكن أن ينتج 7000 درهم إماراتي" أي 59 درهم أو 16 دولار لكل نزيل.
أما الشركات الأكبر مثل "إعمار" فيمكن أن تنتج "مئات الآلاف من الدراهم إن لم نقل ملايين في السنة إذا أخذت حصة من أرباح إعادة التدوير"، كما يقول نصّار.
وقامت الشركة حتى الآن بتركيب 9 أجهزة في سوق أبو ظبي المركزي والكثير منها في جامعة نيويورك في أبو ظبي، والآن تتطلع إلى تطبيق برنامج أكبر لإعادة التدوير في الشارقة ودبي حيث تم مؤخراً تعليق توسيع خدمة "مدينتي بيئتي" لإعادة التدوير من مبنى إلى مبنى.
ويشير نصّار أنه بالرغم من أنّ الحكومات المحلية تدعم إعادة التدوير بشكل عام، لكن لا يوجد فرضًا كافيًا للقوانين لجعلها ظاهرة واسعة الانتشار. ويضيف أن "الحافز يمكن أن يكون إما عصا أو جزرة، أي إما أن يجبرك القانون على إعادة التدوير أو أن يكون دافعك تحقيق مصلحة. ومعظم المشاريع التي تنفذ هنا توجّه بالجزرة (أي يفرضها القانون) لغياب التشريعات. ويمكن بيع النفايات كمواد خام".
(تعتبر مجموعة طلاب في جامعة الإمارات أنّ وضع وجه مبتسم على حاويات النفايات يمكن أن يزيد من استخدامها).
ولكن حين يتعلق الأمر بابتكار برنامج لإعادة التدوير في الشرق الأوسط بشكل عام، يقول نصّار إن الإمارات هي المكان الأنسب لذلك. ويوضح بأن "الالتزام بالبناء المستدام في الإمارات يتجاوز أي دولة أخرى في المنطقة العربية. لذلك نحن على ثقة بأن إقامة شراكة مع إحدى الشركات الثلاثة الكبرى في الإمارات ستسمح لنا أخيراً بالانطلاق فعليًّا".
الابتكار في وقت الأزمة
نصّار وشقيقه مصطفى مصريا الأصل لكنهما ترعرعا بالكامل في الإمارات. عام 2007، حين كان البناء يزدهر في الإمارات، أطلق محمد "دبليو أم أس للصناعات المعدنية" للتركيز على سوق تندر فيه خدمات من هذا النوع، ألا وهي صناعة أنابيب النفايات (من دون قدرات إعادة تدوير). ولكن من خلال خدمة مشاريع سكنية وشركات، استطاع المشاركة في تغيير دبي.
ولكن حين وقعت الأزمة المالية، أدرك أن على الشركة أن تنوّع منتجاتها كي تضمن استمراريتها. واعترف قائلاً إن "النظر أبعد من أفق دبي، قد خدمنا جميعاً". وقد سمح إنتاج قطع من الفولاذ المقاوم للصدأ للبناء، للشركة بمواصلة النمو. وفي أيلول/ سبتمبر، حين افتتحت مؤسسة محمد بن راشد لتنمية المشاريع الصغيرة والمتوسطة، ارتأى أن الوقت حان للتركيز على نمو جديد. وأضاف "ركزنا نظرنا على ما هو أبعد من مجرد البقاء وطلبت من شقيقي العودة من كندا. وانضم إلي في مهمة إطلاق هذه المبادرة الخضراء".
ومنذ ذلك الوقت، تصنّف الشركة في المرتبة 28 بين الشركات المائة لمؤسسة محمد بن راشد كما قادها النمو الذي حققته إلى أن تبلغ المرتبة الثلاثين في تصنيف "أرابيا 500" Arabia500 للشركات الأسرع نمواً في المنطقة العربية لعام 2012 عن الإمارات. غير أن التصنيف لا يعني أن البيئة الحاضنة مناسبة. ويعرب عن حزنه "لرؤية التكنولوجيا تستورد من الخارج من دون أي ابتكار في الإمارات. ففي العام الماضي تم تسجيل 320 براءة اختراع في الإمارات مقارنة بـ6000 في الهند".
ويأمل هو وشقيقه بأن يحفزوا الابتكار وأن يعودوا في نهاية المطاف إلى مصر حيث لم يعيشوا قط. وقال نصار "الخطة الكبرى هي العودة إلى مصر يوماً ما وكلما كان ذلك أقرب كلما كان أفضل"، ملمّحًا إلى أن الشركة تعمل بموجب عقد في الإمارات.
ولكن في مصر حيث يقوم أشخاص يسمون بالـ "الزبالين" بفصل النفايات، من المرجح ألاّ يجد أنبوب النفايات مستخدمين كافين. واعترف نصّار بأن "نظام فصل النفايات لن يعيدنا إلى مصر". فالعودة إلى مصر قد تعني العودة إلى بناء الأنابيب القديمة الطراز، وأوضح أنه "كي يكون للأمر معنى، يجب أن تكون المباني من الأساس مجهزة بأنابيب للنفايات".