تعرّف على الريادي اللبناني الشاب الذي طوّر أشهر لعبة للأطفال على المحمول
حين استحوذت شركة "ياهو!" لقاء 30 مليون دولار على تطبيق "ساملي" Summly لاختصار الأخبار، الذي بناه نيك دالويزيو البالغ من العمر 17 عاماً، كتب لنا أحد مساهمي ومضة التالي: "أتطلع إلى اليوم الذي سيكتب أحد ما في ومضة عن حدث مماثل جرى في المنطقة العربية".
قصة المطوّر اللبناني البالغ من العمر 24 عاماً تكاد تكون تلك القصة. فهو قد لا يكون مراهقاً وقد لا يؤثر تطبيقه على مستقبل الاستهلاك الإعلامي، إلاّ أن الشائعات بدأت تسري عن أنه تلقى عرض استحواذ بالقيمة نفسها.
وقال مصدر محلي لنا إنه "يحقّق نجاحًا باهرًا"، وذلك استنادًا إلى عمليات تنزيل نسخة الآيفون التي يبلغ سعرها 1.99 دولار وعمليات شراء ميزات إضافية داخل التطبيق على الآندرويد. وهذا يعني مليون دولار شهرياً.
وكل هذا مقابل ماذا؟ "بو" Pou، نعم، هذا هو اسم التطبيق، الذي يشبه نسخة ملونة عن الحيوان الأليف الرقمي "تاماجوتشي" Tamagotchi المتوفر على المحمول. وفي لعبة "بو"، يمكن للاعبين أن يطعموا ويغسلوا ويلعبوا مع حيوان فضائي بنيّ اللون ومثلث الشكل، قد جعل الكثيرين يتعلّقون به كثيرًا. وقد حلّ التطبيق ضمن لائحة أهم خمسة تطبيقات مدفوعة على الآيفون في العالم الشهر الماضي، حيث شهد ما بين 260 و320 ألف عملية تنزيل يومياً على الآندرويد وأصبح التطبيق الأول على الآيفون في فئة ألعاب الأطفال في 90 دولة.
يقول سلامة الذي يعيش في بيروت إن "الناس تتعلق فعلاً بـ "بو" ويجدونه ظريفاً. رأيت أشخاصاً نقشوه وشماً على أياديهم".
وأنت تلعب يمكنك أن تجمع العملات المعدنية وتشتريها
لتُبقي "بو" سعيداً، وكلما اعتنى المستخدمون بـ"بو" أكثر، استطاعوا
شراء إضافات أكثر في التطبيق. ولكن سلامة رفض التعليق على موضوع
العائدات، وقال إن "الناس يمكنهم أن يقدروا ذلك إن أرادوا".
"تاماجوتشي 2.0"
بفضل الشاشات المرسومة يدوياً وأشكال اللعبة المتنوعة والاهتمام الكبير بالتفاصيل، تعدّ اللعبة ساحرة على عكس "تاماجوتشي". لذلك فإن "بانداي" Bandai (الذي أصبح اسمه الآن "نامكو باندي" Namco Bandai)، وهي الشركة التي بنت أول لعبة "تاماجوتشي" يدويًّا، تتأثّر بنجاح "بو".
ولمن لا يتذكر "تاماجوتشي"، فهي عبارة عن حيوان رقمي أليف تطعمه وتلعب معه وتربيه وتساعده على النمو من مرحلة البيضة حتى يصبح بالغاً. ولدى اللعبة ثلاثة أزرار فقط وشاشة إلكترونية صغيرة على جهاز بيضاوي الشكل، ولكنها استطاعت إلهاء الأطفال قبل أن يصبح لدينا أجهزة "آيباد".
واليوم نحن في العام 2013 ولا تزال "نامكو بانداي" عالقة في عام 1996. ومن المفاجئ كم كانوا بطيئين في تطوير نسخة على المحمول وتلك التي أطلقوها هي تقليد للنسخة الأصلية لتسعينيات القرن الماضي، ولا تختلف أبداً عن واجهة وخاصيات "تاماجوتشي" الأصلية، إضافة إلى أنّ موسيقاها سيئة جداً.
حين انطلقت "بو" على الأندرويد في آب/أغسطس الماضي وعلى الآيفون في تشرين الثاني/نوفمبر، احتكرت السوق. وحين أطلقت "بانداي" نسخة "تاماجوتشي لايف" Tamagotchi L.i.f.e في شباط/فبراير، كانت "بو" قد أًصبحت أول لعبة للأطفال في متجر "آبل" للتطبيقات في 65 دولة.
واليوم لم ترفع "بو" هذا العدد من 65 إلى 90 فقط، بل أصبحت الأولى في متجر "آبل" للتطبيقات في 11 بلداً هي إسبانيا وألمانيا والدنمارك والنمسا وهولندا وسلوفينيا وتشيلي وهنغاريا ومقدونيا وآيسلندا واستونيا. وفي متجر "آبل" للتطبيقات، قفز التطبيق إلى المرتبة الأولى بين ألعاب الأطفال في 4 آذار/مارس، وحتى موعد كتابة هذا التقرير كان لا يزال الأول في هذه الفئة. أما "تاماجوتشي لايف" فلم تبلغ أية مرتبة في هذه الدول، وذلك بحسب "آب فيجرز" AppFigures.
ولكن اليوم بفضل أسلوب اللعب الجذاب في "بو" وجرعة الفكاهة فيه، يطلب منك التطبيق باستمرار بأنّ "تشخّص "بو" أكثر"، ولا يقلق سلامة من أن يكون قد انتهك حقوق النشر لـ"بانداي".
وأوضح قائلاً إن "المعجبين باللعبة هم من سمّوها "تاماجوتشي 2.0" ولكني لن أسميها كذلك. فبالنسبة إليّ، اللعبة ليست "تاماجوتشي"، فهي تتبع مفهوماً مختلفاً وجميع خاصياتها مختلفة". ويقول إنّ "بانداي" لم تتصل به حتى الآن بخصوص أي من هذه الأمور.
جعل "بو" لعبة مثالية
غير أن ما جعل سلامة ناجحًا لهذه الدرجة لا يقتصر فقط على كونه يقدّم فكرة مناسبة في المكان المناسب، بل هو أيضاً نتيجة تركيزه المكثّف على التفاصيل.
وما قد لا تدركه حين تلعب "بو" هو أن هذه الشخصية الجائعة دائماً والتي تقوم بحركات طريفة، مقتبسة عن سلامة نفسه، إذ أنه ابتكرها نتيجة نكتة ظريفة. ويوضح قائلاً "نعم هذا صحيح. اسمي بول وأصدقائي ينادونني بو"، وحتى أصوات "بو" سجّلها سلامة بنفسه.
حين اقترح أحد أصدقائه قبل ثلاث سنوات أن يبني "بو" كتطبيق لحيوان أليف رقمي، كان سلامة يعمل في وظيفة بدوام كامل ولم يكن لديه خطة عمل. ولم يدرك الفرصة المتاحة أمامه إلاّ حين شارك في مؤتمر لتطوير الألعاب في حاضنة الألعاب اللبنانية "بيريتك". ويقول عن ذلك "كان هناك شخص يتحدث عن شركة أوروبية تبني ألعاباً للأطفال، حينها بدأت أفكر بالملابس والميزات التي سأمنحها لـ بو وكيفية بناء أو جمع عملات معدنية في الألعاب المصغرة".
غادر المؤتمر بعد عشرين دقيقة من انطلاقه، وبدأ ببناء اللعبة ما إن انتهى عقد عمله في أيار/ مايو من العام الماضي. ومنذ ذلك الوقت وهو يأكل وينام ويتنفس "بو".
ففي يوم عادي، يستيقظ سلامة، ينظف أسنانه ومن ثم يبدأ العمل على الحاسوب ليجد آلاف الرسائل الإلكترونية التي لم يقرأها بعد، ويقول "الآن لديّ حوالي 50 ألف رسالة إلكترونية لم أقرأها. أقرأ الأهم بينها والاقتراحات ومن ثم أنكب على ما عليّ فعله".
يعمل سلامة حتى فترة الغداء ومن ثم يشاهد برنامجاً تلفزيونياً قبل أن يعود للعمل حتى السابعة أو الثامنة، ويخرج مساء ثم يعود للعمل حتى "حوالي الثانية صباحا" ومن ثم ينام مجدداً.
وتساعده شقيقته وهي طالبة هندسة معمارية في الأفكار الفنية "مثل أفكار القبعات الجديدة"، وصديقه الذي دفعه في الأساس إلى بناء فكرته "يساعد في التسجيلات الصوتية ومساعدة الزبائن والإعلانات".
قريباً في متجر ألعاب مجاور لك
قصة سلامة تذكّر بإعلان "ستيكي ويسل أتش أس بي سي" Sticky Weasel HSBC (في الأسفل)، وهو الآن يكرّس نفسه بالكامل لتحسين علامته العالمية. ويقول "سأواصل ببساطة العمل على "بو" أو منتجات مرتبطة به لسنتين على الأقل". وهو اليوم يطوّر منتجًا تجارياً حيث يوقع عقوداً في الولايات المتحدة وأوروبا وأميركا اللاتينية، مشيراً إلى أن "ديزني لم تتوقف عن العمل على "ميكي ماوس" حين أصبح ناجحاً. فلماذا عليّ أن أعمل على شيء آخر؟".
فهل هذا يعني أنه يمكن أن نتوقع رؤية منتجات لـ"بو" في لبنان قريباً؟
نعم، يجيب سلامة، ويضيف "لا أزال أنتظر بعض العينات التي عليّ الموافقة عليها ومن ثم ستبدأ عملية الإنتاج". ففي الولايات المتحدة وأوروبا، سيتم إطلاق سكاكر وملابس وألعاب وقرطاسية وبطاقات قابلة للتحصيل مستوحاة من "بو". كما أن صفقات توقع مع شركات اتصالات في أوروبا بهدف جعل "بو" تطبيقًا يكون منزّلاً مسبقًا على بعض الأجهزة المحمولة.
تكرار النجاح عالمياً
ثمة درس هام قد يفيد كافة المطورين الآخرين ألا وهو أن سلامة تعلم كل شيء عن التشفير بنفسه على الإنترنت، ويقول "قمت ببساطة ببحث على جوجل عن أمثلة أساسية وبنيت شيفرتي عليها".
إذا أردت تكرار نجاحه، فإليك نصائحه الثلاثة:
"أصغِ دائماً إلى زبائنك". ففي الأسابيع القليلة الأولى، كان يقرأ كل رسالة إلكترونية تلقاه عن التطبيق.
"لا تخرج كثيراً من البيت". انس حياتك الاجتماعية وركز، يقول، فعليك أن تمضي ستة أشهر على الأقل وأنت مدمن على العمل من أجل إطلاق شيء يستحق العناء.
وأخيراً، "إن لم تكن مندفعاً وشغوفاً فتوقف. يجب أن تكون مندفعاً بجنون.. أنا هكذا دائماً".
في الفيديو أدناه يفسّر هولندي طريقة عمل "بو". شاهده هنا:
شاهد إعلان "ستيكي ويسل" في الأسفل: