خمس أسئلة تناولها مؤتمر عرب نت بيروت ٢٠١٣
على الرغم من الأوضاع المتوترة المجاورة له، نجح مؤتمر "عرب نت" في بيروت هذا العام في جمع عدد من الأشخاص حول نقاشات جديدة عن وضع الريادة التكنولوجية في المنطقة العربية.
ركّز المؤتمر على قطاعات جديدة كالمأكولات والمشروبات والموسيقى على الهاتف المحمول والقطاعات غير الإلكترونية التي باتت ناشطة على الانترنت والتأثير الاجتماعي، لكنه تطرق أيضاً الى قطاعات أخرى قديمة كالألعاب والشبكات الاجتماعية والريادة الاجتماعية. وكانت مدة المؤتمر أقصر من الأعوام الماضية غير أن بعض العوامل أظهرت تطوّر البيئة الحاضنة في الشرق الأوسط.
وعلى الرغم من أن دورة هذا العام ركّزت على دول المشرق العربي، إلا أنها شهدت مشاركة رياديين من تركيا والمملكة العربية السعودية. كما أن أفكار الشركات الناشئة كانت أفضل وأكثر طموحاً. وقدّمت الفائزة بـ"ماراثون الأفكار" هذا العام، دارين صباغ، موقع "بايبي توك" Baby Talk لمنتجات الأطفال الذي نأمل أن يتم إطلاقه العام المقبل.
أما الفائز في عرض أفضل فكرة لشركة ناشئة، فكان تطبيق "والي" Wally، وهو تطبيق مالي شخصي يسهل استخدامه (بفضل تصميم مايا زنكول) وقد سجّل أكثر من 100 ألف تحميل وله 8 آلاف مستخدم ناشط. وقد ادرِج كأفضل تطبيق مالي في ٦ دول. وقد أحدث هذا التطبيق ضجة كبيرة في "عرب نت".
الا أن الفائزين الحقيقيين في "عرب نت" هم الذين شاركوا في البرنامج الليلي. فلا شك أن تذوّق كعكة "غوستاف" Gustav والسمك والبطاطا المقلية من "سانت إلمو" St Elmo وقطعة اللحم من "كوكلي" Couqley على أنغام الجاز خلال فعالية "طعم بيروت" Taste of Beirutالتابعة للمؤتمر، أضفت طابعًا "لذيذًا" على الأجواء الريادية السائدة. وأطلّ "عرب نت" بتميّز بفضل التنوّع المطبخي ونأمل أن يقوم بالمثل في دبي.
لا شك أن جلسات النقاش حول الألعاب والموسيقى على الهاتف المحمول في اليوم الثاني من المؤتمر كانت الأكثر إثارة ( للمزيد من المعلومات، اقرأوا ملخص جلين عن جلسةنقاشالألعاب واستنتاجات فارس حول كيف تفوز خدمات الموسيقى على المحمول بالمستخدمين في المنطقة العربية). ولكن الجلسات الأخرى تميّزت أيضاً بالنقاشات الجيدة.
في ما يلي خمسة أسئلة طُرحت خلال جلسات النقاش:
١. هل ثلاثة أشهر فترة احتضان كافية؟
طرحت هذا السؤال في جلسة النقاش الافتتاحية بعنوان "بيئة ريادية حاضنة: قياس نجاحنا" التي تحدّث خلالها المشاركون، هلا فاضل، وأسامة فياض، وخالد اسماعيل، وداني فرحة، وتيم ريا، عن التحديات الحقيقية التي تواجهها البيئة الحاضنة حالياً.
وأشار خالد اسماعيل، رئيس شركة "إينديفور" Endeavor المصرية الى أن "تعليم الريادة لا يزال متأخرًا جدًا". وأضاف "شاهدت تأسيس 3 الى 4 آلاف شركة ناشئة لكنني لم أرَ ٣٠٠ الى ٤٠٠ مرشد يساعدون هذه الشركات."
وهذا أمر نتطلّع الى معالجته من خلال فعاليتنا للتواصل والإرشاد. الا أن النقطة التي تطرق اليها خالد حملتني الى طرح سؤال آخر يجول في بالي في الأونة الأخيرة: هل نواجه خطر تخريج شركات ناشئة من شركات مسرعة للنمو من دون أن تجد التمويل اللازم للاستمرار؟ إن لم يملك الرياديون التعليم المناسب للاستمرار، فهل دور الشركات المسرعة للنمو هو ردم الهوة عبر المزيد من التدريب؟
وكان الجواب "كلا" وفقا لـ أسامة فياض من "أويسيس٥٠٠ " Oasis500 وهي شركة تقدم للشركات الناشئة ٣ أشهر من التدريب وحوالى 15 ألف دولار من التمويل التأسيسي مقابل حصص نسبتها١٠٪. ويقول "إذا فشل الرياديون في ايجاد فكرة خلال ٣ الى ٦ أشهر، فلن ينجحوا في ذلك خلال عام".
الا أن اسماعيل لا يوافقه الرأي ويقول "نادراً ما يجد الأفراد فكرة جيدة في المراحل الأولى"، وذكر أنه احتاج الى عامين لاطلاق شركته الناشئة مؤكداً أنه من الضروري الحصول على المزيد من الوقت لتحقيق النجاح.
٢. هل ستتخطى شركات طلب الطعام على الإنترنت العوائق الأساسية المتعلقة بالتجارة الالكترونية؟
خلال جلسة نقاش حول طلب الطعام على الانترنت، تواجه الموقع التركي الشهير "يميكسيبيتس" Yemek Sepeti الذي تلقى استثمارًا بقمية ٤٤ مليون دولار من "جنرال أتلانتيك" General Atlantic مع "دليفري هيرو" Delivery Hero الألماني الذي يعمل في ١٢ دولة، وموقع "أطلب" المصري الذي ذكر أنه يدرج ٩٥٪ من أكبر المطاعم في مصر.
وكما لاحظت ستيفاني، مديرة المجتمع الإلكتروني في "ومضة" أنّ المشاركين في الجلسة اتفقوا أن طلب الطعام على الانترنت في الشرق الأوسط يواجه ثلاثة تحديات أساسية: اقناع المطاعم (الزبائن) في البيع على الانترنت، خدمة الدفع عند التسليم وابتكار نظام عملي للمعالجة.
وكشف وليد السعداني من موقع "أطلب" أن شركته تحلّ المشكلة من خلال توظيف سائقين محليين يعرفون المنطقة جيداً. قد لا يكون نظاماً ذكياً الا أن شركات طلب الطعام التي تنمو ستحتاج الى الابتكار في هذا المجال. من المثير للاهتمام أن نرى إن كانت الشركات ستعتمد منصة "أدي" Addy لأمعالجة المسألة و إن كان الحل الذي ستتوصّل اليه سيمتد الى مجالات أخرى.
٣. ما الذي تحتاجه الشركات غير الالكترونية للانتقال إلى الانترنت؟
خلال جلسة دراسة حالة التجارة الالكترونية، ركّز زياد نصيف من متجر بيع الأزهار المحلي "إكزوتيكا" Exotica على موضوع أساسي، نقلته كلّ من ستيفاني ومحررة اللغة العربية في "ومضة" رين، وهو: تلجأ معظم الشركات، اللبنانية على الأقل، الى الانترنت كوسيلة للتسويق والتواصل مع الزبون أكثر منه كوسيلة للبيع.
من المعروف أن مواقع مثل "إكزوتيكا" و"أنطوان أونلاين" Antoine Online لاتبيعكثيرا علىالانترنت لأن الزبائن يفضلون الشراء من المتاجر المحلية القائمة. ويقول المشاركون إن المواقع الالكترونية ليست سوى وسيلة تسويق للتوسّع الى أسواق أخرى لا سيما في الخدمات التي تتطلب تواجدًا محلياً (يجب على شركة مثل "إكزوتيكا" أن تضمن توفّر الأزهار محلياً).
ولكن، مع تزايد الثقة بالدفع على الانترنت، يبقى الأمل هو نجاح الشركات في ضمانة عمليات بيع على منصاتها الإلكترونية.
٤. ما هي سبل الابتكار للمسوقين في المنطقة العربية؟
خلال جلسة النقاش حول "الابتكار الرقمي في الاعلانات"، وجد المشاركون صعوبة في الاجابة على هذا السؤال.
ولكن تم التوصل، في النهاية، الى عدة أجوبة. ويكمن مستقبل الاعلانات في: خدمة الرسائل المتعددة الوسائط MMS ،الاعلانات الموجودة في الألعاب والتطبيقات، الاعلانات على الهاتف المحمول، التواصل اللاسلكي، وتقنية الواقع المعزّز.
ويقول أمين ملحس من شركة العلامات التجارية "ولف أولينز" Wolff Olins إن الإعلانات تركّز أكثر على عمليات البيع على الإنترنت، أي أن الشركات تركّز على كلفة كل إعلان والنماذج التي ترصد عمليات البيع.
يعتبر بويا بالغون من "مايندشار" Mindshare في الشرق الأوسط وشمال إفريقا، أن اعتماد مقاربة متعددة الشبكات أمر مهم جداً. ويشير الى أنك اليوم تستطيع الحصول على النتيجة نفسها التي تحققها إن وضعت إعلانًا على موقع "ياهو"، فإطلاق حملة إعلانية مبتكرة على مختلف الشبكات الاجتماعية لها الوقْع عينه. وفي حين يفكّر الزبائن في اللجوء إلى "فايسبوك" فحسب، الذي يرصد نسبة تحويلات الزبائن إلى شارين من أجل نشر إعلانات مستهدفة أكثر، يجدر بك ألا تغضّ النظر عن شبكات أخرى على غرار "إنستاجرام" Instagram و"فاين" Vine.
ومن المهم أيضاً أن تراعي الثقافة المحلية. خلال جلسة أخرى مسلية ومثيرة للجدل، قدّم كريم خليفة من وكالة "الجمهورية الرقمية" Digital Republic المصرية حملة الشركة "أكس وينغمان" AXE Wingman التي فازت بجائزتين خلال فعالية "دبي لينكس" Dubai Lynx هذا العام. في السوق الخليجية، وبهدف جذب انتباه المرأة أكثر، طلبت حملة "أكس وينغمان" من المعجبين ارسال معلومات عن "أشخاص مميزين" في حياتهم. ثم سجّلوا أغنيات طلبوا فيها من هذا الشخص أن يوافق على أن يكون حبيبه أو حبيبته.
ومن أجل ابتكار أمر جديد، اتبعوا ٤ مبادئ أساسية. ونقلتها ألين، محررة اللغة الفرنسية في "ومضة" على الشكل التالي:
- البساطة
- جعل المعجبين يشعرون أنهم جزء من المجموعة
- تنظيم المنافسات للمعجبين
- جعل الحملة مسلية واجتماعية
٥. هل المشاريع الاجتماعية أقل ربحية؟
خلال جلسة نقاش الريادة الاجتماعية في نهاية اليوم الثاني، تطرّقت المشاركات داليا عثمان من "سوقتل"Souktel ودينا شريف من "أهيد أوف ذي كورف" Ahead of the Curve ولينا العلمي من "٣بي أل اسوشياتد" 3BL Associates (وهي مساهمة في ومضة) Medea Nocentini of Consult and Coach for a Cause التي تعالج السمعة غير الواضحة للريادة الاجتماعية اليوم.
واختصر رئيس الجلسة كون أو دونيل الموضوع سائلاً: "هل تجنون الكثير من الأموال من خلال الريادة الاجتماعية؟"
وأجابت شريف "بالطبع"، مشيرة الى استحواذ "كارفور" Carrefour مؤخراً على سلسلة متاجر مصرية "مترو ماركت" Metro Market. وأضافت العليمي أن الشركات في أسفل الهرم تشكل سوقاً بقيمة ٢،٣ تريليون دولار على الصعيد العالمي.
وتضيف شريف أن المسؤولية الاجتماعية للشركات لم تعد موجودة. فلا يمكن فصل الأعمال والمجتمع. وفي المستقبل، ستستثمر كل الشركات في المجتمع. وسيزول هذا الفاصل بين المؤسسات الاجتماعية التي تعتبر أقلّ ربحية والشركات التقليدية التي تعتبر مربحة.
تعليقًا على ما قالته شريف، أضافت باتريسيا نبتي من الجمهور، وهي والدة دايف منير نبتي من مساحة العمل المشتركة للريادين "آلت سيتي" AltCity ، أن كلامها "متفائل للغاية."
هل توافقون؟ كيف ستنجح المشاريع الاجتماعية في تغيير هذه الصور النمطية؟