سبعة أسباب كي لا تكون رياديًّا
أصبحت الريادة فجأة أروع أمر يمكن للفرد القيام به!
حتى الأولاد الذين أرادوا أن يكبروا ليصبحوا مهندسين، أطباء، طيارين، ورجال شرطة، باتوا يريدون الآن أن يصبحوا رياديين ليحدثوا "ثورة" في العالم من خلال منتجاتهم وخدماتهم الابتكارية. وقد بدأ الطلاب الآن في التفكير بهذا المفهوم الجديد ومحاولة تطبيقه وهم لا يزالوا على مقاعد الدراسة.
تمامًا مثل هؤلاء الطلاب، فإنّ ابنتي البالغة من العمر تسع سنوات ترغب أيضًا في أن تكون جزءًا من هذا التوجه الجديد. فبعد أن زارنا ليلة بعض أصدقاء العائلة مع أولادهم، لاحظتُ أن ابنتي بدأت بعد مرور 20 دقيقة على وصولهم، بالتحدث مع الأولاد الزوار بحجة إقناعهم بعرض حجة مقنعة لحث أهلهم على شراء المثلجات لهم.
قبلات ابنتي هي أشبه بنموذج عمل "مجانيّ"، تتبعها مباشرة عرضًا بالعناق مقابل أن أقوم بـ "رعاية" نزهتها إلى مطعم "ماك دونالدز". أظنّ أنّ هذا يجعلها "مستثمرة تأسيسية".
وهذا ليس كلّ شيء. فهي أيضًا بارعة في التسويق على الإنترنت، وفي حال قمنا بالتدخل بما تفعله، فهي تعلم تمامًا كيف تحوّل هذا التدخّل إلى "مناقشة" حادّة تستعرضها على دائرة العائلة على "جوجل بلاس" Google Plus!
وأخيرًا وليس آخرًا، تستطيع جدّتها تحدّث لغة "الريادة" أيضًا. فهذا الصباح (أي صباح تاريخ كتابة المقال الأصلي)، تلّقيت وعظة جدية حول كيف أنّ "تغيير" طريقة التربية تحدث "خللاً" في علاقة الأهل بأولادهم (لمزيد من التفاصيل اقرأ مواضيع عن "إدارة العلاقة مع الزبون").
وفي الواقع إنّ كلّ الناس حولي، هم وجدّاتهم، يمشون ويتحدثون مثل الرياديين. وهذا أمر لا أحبّه!
أولاً، إحدى الأسباب التي تجعلني لا أحب ذلك هو رغبة أنانية مني بالحفاظ على استمرارية العرق البشري. أنا لا أريد أن أعيش في مكان فيه الكثير من المستشفيات والقليل من الأطباء. ولا أريد مهندسًا معماريًّا يقوم بتصميم جسر جديد على شاشة الكمبيوتر من دون أن ينزل للقيام باختبارات على الأرض. وبالطبع لا أريد الطيران فوق المحيط الهادئ على متن طائرة تمّ تركيبها عبر المساهمة والمشاركة الجماعية.
ثانيًا والأهمّ، ليس الجميع قاديون على أن يكونوا رياديين. فبعض الناس قد يبرعوا أكثر ويساهموا في المجتمع أكثر إن كانوا مهندسين أم أطباء. أوليس هذا الهدف الذي يطمح إليه الجميع، أرياديين كانوا أم لا؟
وبما أني عمومًا أحبّ أن ألهم الناس الذين يتمتعون بقدرات ريادية، قمت بجمع لائحة من الأسباب الخاطئة التي تجعلك ترغب في أن تكون رياديًّا. آمل أن تلهم من يرغب في أن يكون مهندسًا أو طبيبًا وتجعله ثابتًا ومستمرًا في قراره الأساسي، وبذلك سيزخر العالم بالأطباء اللامعين والجسور المتينة.
يرجى الانتباه إلى أني لا أعني هنا الريادة بمعناها الفلسفي، أي تلك التي تعني أن كلّ إنسان هو ريادي، لأن الحياة بحدّ ذاتها هي تحدٍّ ريادي محفوف بالمخاطر، بل أعني الريادة بالمعنى العملي، أي الرأسمال والأعمال الكبيرة والشركات.
من دون الإكثار في الكلام، سأتطرق مباشرة إلى الأسباب السبعة التي لن تجعل منك على الأرجح رياديًّا ناجحًا:
1- تأثرت بحيازة "فايسبوك" على "إنستاجرام" Instagram مقابل 1 مليار دولار. إنس الأمر. فصفقة الحيازة هذه وغيرها من الصفقات هي استثناءات. والهدف الأساسي من الريادة ليس أن تصبح غنيًّا بل أن تقدّم للعالم أكثر من ما تأخذ منه.
2- أنت بارع في البرمجة، في الهندسة، في التسويق، أو في أي أمر آخر. من أجل أن تكون ناجحًا، عليك أن تبني فريقًا بارعًا. الريادة هي ثمرة عمل جماعيّ لا فرديّ.
3- تأثرت بالريادي المفضل لديك وتعتبره مثالاً أعلى في المجتمع. ما من علاقة على الإطلاق بين نجاح مثالك الأعلى كريادي وبين قدرتك على أن تكون مثله. صحيح أنّ المرشدين في المجتمع قد يساعدوك كثيرًا ويرشدوك إلى المسيرة الأصحّ، غير أنه عليك أن تكون شغوفًا ومثابرًا وماهرًا ومفعمًا بالطاقة من أجل أن تستطيع إكمال مسيرتك الريادية.
4- حزت على علامة "ممتاز" في صفّ عن الريادة في جامعتك. إنّ النظريات والممارسات التي تُدرّس في الجامعات هي إمّا معلومات عامة أم ممارسات محدّدة للغاية متعلقة بدراسة حالة شركة معينة أو معالجة مسألة مختصة. صحيح أنك ستكون مجهزًا أكثر للتعاطي مع الفشل والخسارة بعد المشاركة في صفّ الريادة هذا، لكن ما يجعل شركة ناجحة أو فريدة من نوعها هي المسائل والفرص التي تكون خاصة بها فقط. وإنّ قدرتك على التعلّم من الأخطاء التي ترتكبها (والتي سترتكبها) هي ما تحدّد مصيرك كريادي.
5- عشت طفولة صعبة وثابرت لتكون عنصرًا قيّمًا في مجتمعك. أنت شخص قوي ومحارب، وهذا جيّد وأساسيّ في عالم الريادة. لكن المثابرة والمحاربة للبقاء بالرغم من كافة العوائق هي أمر مختلف عن المثابرة للإبقاء على النهج نفسه بالرغم من العوائق التي ستواجهها شركتك. بمعنى آخر، لا يمكنك الاستسلام وإلاّ ستفشل. وفي مجال الأعمال، إضافة إلى كونك شخصًا مناضلاً ومثابرًا، عليك أن تحكم على الأمور بطريقة جيدة، من أجل معرفة متى أفضل وقت لتغيير استراتيجيتك ومتى أفضل وقت للتوقف.
6- تملك نفاذًا واسعًا إلى رأس المال. هذا أمر رائع! لقد تخطيت عائقًا من بين العوائق التي تواجهك عند إطلاق شركة كبيرة. كلّ ما تحتاج إليه الآن هو فكرة رائعة، سوقًا لا منافسين فيها، فريقًا ماهرًا، تنفيذًا مثاليًا، منتجًا ممتازًا، سعرًا تنافسيًّا، تسويقًا فريدًا، شركاء خبراء، زبائن أوفياء، خدمة زبائن لا قرين لها، وإستراتيجية خروج من السوق ناجحة لدحض المنافسة وتغيير ديناميكيات السوق. أمر سهل، أليس كذلك؟
وإن سبّبت لك قراءة هذا المقال القلق أو أثارت فيك الشكّ، فهذا سبب سابع كيف لا تصبح رياديًّا!
أخذت الصورة من مدوّنة The Storms of Errport Blog
الكاتب هو رئيس المعلومات في بورصة لاهور، وعضو في المجلس الاستشاري لدى حاضنة الأعمال التكنولوجية Plan9 Technology Incubator، ومستشار سياسات عالي الشأن لدى Provincial Disaster Management Authority في ولاية بنجاب في الهند، وعضو ضيف في جامعة تكنولوجيا المعلومات في باكستان، حيث يعلّم صفًّا للخريجين حول الريادة التكنولوجية. يمكنكم متابعته على تويتر عبر @kayzafar.