كويركات: البقاء وفيا للثقافة العربية
هذه ليست مجرد قصة تدور حول الألعاب الكترونية, وهي ليست أيضاً حول "كويركات - "Quirkat, ِ استوديو تطوير الألعاب الأردني الذي كان وراء ابتكار لعبة الإستراتيجية الهامة "سادة الصحراء - Arabian lords". إنها قصّة حول الكفاح اليوميِ المستمر الذي يخوضه رجال الأعمال والمبتكرين العرب اللامعين لتنوير المستثمرين حول أهمية استهداف الأسواق المتخصصة. والقصة في المآل الأخير, تدور حول أهمية الثقافة العربية عندما يتعلق الأمر بالاستثمار. فهي تتناول موضوع ابتكار المنتجات الأصلية في منطقة باتت تفقد هويتها الثقافية المميزة ليتحول فيها المبدعون إلى وكلاء لتسويق أي شيء من ستاربكس (Starbucks) إلي فوكس موفيز (Fox Movies) فمتحف اللوفر (Louvre).
بقلم بلال حجاوي
لقد اتسم العقد الأخير من الاستثمارات الضخمة في البلاد العربية بالتوجه العقاري، إذ أن المليارات من عائدات النفط قد أنفقت على التطوير العقاري في سبيل تشييد مختلف أنواع العقارات الباعثة للتفاخر. في حين تُرك, على الطرف الآخر من سلسلة الاستثمار, قطاعات التكنولوجيا المنتجة متعطشةًً لمصادر التمويل المناسب، وبات على العديد من المشاريع التكنولوجية الرائعة والأفكار الخلاقة الفذة انتظار عاصفة استثمارية تنطوي على قيمة عالية للقطاعات المنتجة.
وفقا لمؤسسي استوديو كويركات لتطوير الألعاب الإلكترونية الذي يتخذ من عمّان مقراً له، محمود الخصاونة وكاندايد كيرك (Candide Kirk) الأردنية البريطانية، يُعتبر إيجاد المستثمرين الذين لهم علاقة بالأعمال والأفكار التكنولوجية المتخصصة عملية "جهاد" معاصر في المنطقة العربية.
ويقول الخصاونة, الذي يتولى مسؤولية إدارة الأعمال التجارية لدى شركة كويركات: "إن النظام الإيكولوجي للاستثمار في الأسواق الأخرى يولد الأفكار ويتمتع ببنية منطقية راسخة. ففي الولايات المتحدة على سبيل المثال، تنام في كيس النوم، وتتناول الماء والقهوة وتستخدم مهاراتك الأساسية لابتكار شيء ما سيلاحظه الآخرين، وعندما يلاحظونه يأتون إليك مع فرق العمل لديهم ليرتقون بهذا الابتكار إلى المستوى التالي. وهكذا فأنت تخوض جميع المعارك لتحقيق, تبتكر المنتج، وتنشئ الشركة، وتدفع كل الضرائب المستحقة وتشرف على إدارة الفريق، ثم تدخل في منافسة ضارية مع رجال أعمال فائقي المهارة لجذب استثماراتهم الخاصة."
ومع ذلك فقد كان الثنائي أكثر حظاً من معظم رواد الأعمال الأردنية. لقد اختبروا الأسواق العالمية ونقلوا معاركهم إلى خارج المنطقة العربية للعثور على المستثمرين المناسبين. وتمكنوا من بيع فكرة لعبة الإستراتيجية الالكترونية لشركة بريك أواي (BreakAway), الشركة الرائدة في تطوير الألعاب في الولايات المتحدة، بعد أن تنكر لهم المستثمرين العرب.
وكانت النتيجة عنواناً فاقت تكلفة تطويره وإطلاقه 5 ملايين دولاراً أمريكياً.
لا يستطيع معظم الأردنيين الذهاب للخارج للحصول على تمويل، ويقول الخصاونة: "كيف تتوقع من شبان أردنيين في أوائل العشرينات من أعمارهم ابتكار منتج بارز وبيعه لرجال الأعمال العرب، وخوض المفاوضات حول هذه الصفقات بدون أن يتعرضوا للخداع؟ لا يستطيعون ذلك." فليس غريباً أن تجد في الولايات المتحدة طلاب جامعات في العشرين من أعمارهم يبتكرون أهم العلامات التجارية في عالم الحاسوب وتكنولوجيا المعلومات في مرآب للسيارات؛ ومثال على ذلك أهم العلامات التجارية الضخمة اليوم, مايكروسوفت(Microsof) وأبل (( Apple وجوجل Google)) وفيسبوك ( (Facebook وتويتر (Twitter).
معظم المستثمرين العرب الذين قابلوهم مؤسسي شركة كويركات نصحوهم بتبني أقل طرق الترخيص تكلفة وبتعريب الألعاب من مصادر دولية. و تقول كيرك: "لقد باشرنا أعمالنا لنكون شركة متخصصة بتطوير المحتوى, ولدينا المهارات لابتكار الألعاب و ليس لنسخها." و تابعت قائلةً: "لا يمكن أن نبقى مجرد وكلاء أو أصحاب امتيازات لشركات أخرى أو معربين للمحتويات الأجنبية, نحن بحاجة إلى محتويات مبتكرة".
تعتبر الألعاب الإلكترونية في جميع أنحاء العالم من الصناعات الهامة والضخمة. وقد شكلت في النهاية جزءاً كبيراً من توجهات الانترنت والميول الاجتماعية النافذة على الصعيد العالمي. حيث أقر الرئيس الأمريكي باراك أوباما مؤخراً جائزة مسابقة التعليم و الإعلام الرقمي التي تبلغ قيمتها 2 مليون دولار كجزء من مبادرته لتحسين مستوى التعليم في مجال الرياضيات و العلوم على المستوى الوطني. ويدعم هذه الجائزة أيضاً جامعتان بارزتان وشركة سوني (Sony) وإلكترونيك آرتس (Electronic Arts) ومؤسسات تكنولوجيا المعلومات الوطنية, كما فعلوا لدى ابتكار أي من الألعاب المشهورة التي ترفد التقدم على مستوى تطور العلوم والرياضيات وغيرها من المجالات الهامة.
اتخذ مؤسسي شركة كويركات منعطفاً محفوفاً بالمخاطر في سيرتهم المهنية, منعطفاً لا يفكر فيه سوى القليل من الأردنيين الآخرين. فقد قاموا بإنشاء استوديو تطوير الألعاب الخاص بهم بعد تخليهم عن مناصب رفيعة كانت تدر عليهم دخلا مرتفعاً في وزارة الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات (MOICT)، حيث عملوا على تنفيذ مبادرة الحكومة الإلكترونية للأردن.
عندما طرح الخصاونة على كيرك فكرة إنشاء استوديو لتطوير ألعاب الإستراتيجية المعقدة والأصيلة التي تحاكي شخصيات متحركة والموجهة للعرب، اعتقدت أنها حلماً عظيماً ولكنه صعب المنال. وأدركت كيرك, وهي المتخصصة الشغوفة بالألعاب, أن الألعاب الإلكترونية تتطلب مواهب فذة في حين كانت الموارد محدودة والتكلفة باهظة، ولذلك لا نجد في الأسواق العربية استوديوهات منافسة لتطوير الألعاب ومعظم الألعاب المنتشرة هي إما منسوخة أو معربة عن ألعاب عالمية. وتعج أسواق المنتجات القائمة على حقوق الملكية الفكرية (IPR) بالمشكلات بسبب انتشار القرصنة في أسواق البرمجيات العربية.
ومع ذلك فقد أسس الاثنان مشروعهما الجديد والطموح في عام 2005 وتم ابتكار لعبة الإستراتيجية متعددة اللاعبين "سادة الصحراء -Arabian Lords" وتدور اللعبة التي تم تطويرها خلال عام واحد حول الإمبراطورية الإسلامية في القرن الثالث عشر وطرق التجارة آنذاك. ويقول الخصاونة: "إنها مزيج من إستراتيجية واقعية يستطيع اللاعب من خلالها لعب دور التاجر, حيث ينطلق من قصر واحد ويتوسع ليمتد نفوذه على مختلف أرجاء الإمبراطورية القديمة".
وتضيف كيرك قائلة أن هدفهم كان ابتكار لعبة إستراتيجية تجذب لاعبي الشرق الأوسط وتتميز, في ذات الوقت, بالدقة التاريخية والاهتمام بالجوانب الثقافية. أصبحت لعبة سادة الصحراء جاهزة للتسويق والتوزيع في شهر ديسمبر/ كانون الأول 2006.
يقول الخصاونة: "يوجد لدينا فريقي عمل فعليين يعملون عبر القارات المختلفة لتطوير اللعبة". فقد عمل الفريق الأردني المكون من تسعة موظفين على تطوير موضوعات قصة اللعبة في حين تولت شركة (بريك أوايBreak Away) القضايا التقنية المعقدة. وعهدت شركة كويركات بالأبحاث إلى مدرسي التاريخ المحليين للحفاظ على الدقة والأمانة حيال الحقبة التاريخية المعنية واستعانت بممثلين أردنيين محترفين لإجراء التسجيلات الصوتية ولجأت ومختلف الإمدادات اللوجستية لتحويل هذا الحلم إلى حقيقة.
ويضيف الخصاونة: "لقد تطلبت علاقتنا مع شركة بريك أواي الكثير من الجهود لتعزيز الثقة في المرحلة الأولى, ولكننا فزنا بذلك في النهاية. وقد كان شريكنا بغاية السعادة في آخر المطاف حيث تمكنا من إنجاز الجزء المتعلق بنا وتسليمه قبل الموعد المحدد. ونحن فخورون بأن نكسب شرف اقتراننا باسم علامة تجارية عالمية مشهورة كمطورين شركاء".
ومع أن شركة كويركات تمكنت من التغلب على تحديات ابتكار لعبة أصيلة ولها فرصة بالنجاح تجارياً، إلا أنها واجهت الكثير من العقبات. وأتت العقبة الأولى من الموزعين الأصليين. ويضيف قائلاً: "استغرق الأمر ثمانية أشهر من الإقناع والمفاوضات لوضع المنتجات على رفوف سلسلة قنوات التوزيع الكبرى". وقد واجهوا صعوبات في البيع لأن الموزعين الإقليميين لم يقتنعوا بأن هذه اللعبة ستلقى الطلب المناسب.
لقد تولى الوافدون الذين لا يتحدثون اللغة العربية إدارة معظم حملات التوزيع الإقليمية الضخمة ولم يقعوا حتى الآن على منتج عربي واحد يعتبر واعداً على المستوى التسويقي كأسماء الألعاب الأجنبية. ويضيف: "كانت لعبة سادة الصحراء اللعبة العربية الأولى الكبرى التي شاهدها الموزعون." لذلك استغرق الأمر شهورًا لإقناعهم بعرضها في محلاتهم.
وقد أدهشهم أن تحقق لعبة سادة الصحراء نجاحاً سريعا وتجذب عملاء لم يخطر على بال الموزعين قط أن يكونوا موجودين حتى. وبعد نجاح المنتج الجديد في الأسواق، بات على فيرجن ميجا ستورز - Virgin Megastores) تخصيص قسم كامل لهذه اللعبة في محلاتها في جميع أرجاء المنطقة.
لقد قامت المملكة العربية السعودية, وهي من أهم الأسواق الواعدة بالنسبة لهم, بمنع بيع لعبة سادة الصحراء بحجة أن كلمة "ترفيه" لم تكن مناسبة لاستخدامها لدى وصف محتوى مستوحى من التاريخ الإسلامي، إلا أن ذلك لم يثن المهتمين الشغوفين بالألعاب في الدولة عن طلب نسخهم الخاصة عن طريق المخازن المتوفرة عبر الانترنت. وبقيت كويركات قادرة على شحن 4.000 نسخة عبر قنوات الإنترنت. تعلق كيرك:"يكمن جمال التجارة الإلكترونية في قدرتها دائماً على تجاوز الحدود المادية."
ويضيف الخصاونة قائلا: "يمكننا, من خلال المناقشات عبر المدونات والمنتديات العديدة التي تتيحها شبكة الإنترنت, أن نقول بأن لعبة الإستراتيجية هذه التي يمكن مشاركتها عبر الإنترنت قد لاقت نجاحاً وقبولا رائعين بين اللاعبين العرب في كل مكان. وقامت شركة كويركات بتحديد أسعار لعبتها بذكاء من أجل الحد من عملية القرصنة بشكل كبير، وبالتالي كان تحديدهم لأسعار المنتج متنوع ومختلف حسب قوة الشراء في كل سوق تباع فيه هذه اللعبة، فقد بلغ, على سبيل المثال, سعر اللعبة في أسواق المشرق العربي 15 دولاراً أمريكياً، مما يجعل المنتج الأصلي بديلاً أكثر جاذبية من النسخة المقرصنة التي تقارب إلى حد كبير سعر المنتج الأصلي ولا تتمتع بنفس ضمانات الجودة.
لقد حققت اللعبة نفسها إيرادات جيدة, لكنها لم تسترد الاستثمارات الكبيرة المقدمة من شركة بريك أواي. ويضيف الخصاونة: "لم يتوقع شركاؤنا حدوث ذلك لأنهم كانوا معنا على المدى الطويل وشهدوا الفرصة لتأسيس اتجاه جديد في سوق متعطش لمحتوى الألعاب العربية."
وبطبيعة الحال، فإن أي منتج جديد لا يتوقع تحقيق الأرباح من اللعبة الأولى التي ينشرها. وكان يمكن للنسخة الثانية من لعبة سادة الصحراء - (Arabian Lords IIأن تُنتج لقاء جزء بسيط من التكلفة الأصلية، مما كان سيزيد من هوامش الربح لتصل إلى 90% من التكلفة، ووفقاً للخصاونة وكيرك: "يمكن للعناوين الكبيرة الجديدة أن تكلف حوالي 2 مليون دولار وهوامش الربح سترتفع إلى 80% بدلاً من 40%. وفي النهاية, سيكون هناك أيضاً حق نقل المعرفة، والذي من شأنه تقليص تكلفة إدارة الأعمال." ويضيف الخصاونة: "العلامة التجارية هي من يقف وراء نجاح المبيعات في مجال تصميم الألعاب".
ومن المؤسف أن لا تمثل لعبة سادة الصحراء لشركة كويركات سوى شهرة لم تتعدى مدتها خمسة عشرة دقيقة؛ فقد كان التأخير الذي واجهوه في عملية التوزيع سبباً في دفعهم تجاه الإخفاق المالي في الأسواق الأميركية, التي انتقلت من حالة مضطربة تماماً في أواخر عام 2007. مما أدى إلى انسحاب شريكهم الأمريكي من المشروع بوقت مبكر جداً. وعادت كويركات مرة أخرى وحيدة, ولكن هذه المرة تحت رحمة المستثمرين العرب الذين لم يدركوا حجم وإمكانية منتجهم المبتكر.
في حين مازالت ألعاب الإستراتيجية الكبيرة حتى الآن بعيدة عن متناول شركة كويركات، إلا أن الشركة ما تزال تنتج الألعاب المشهورة مثل لعبة (الموسيقار - The Musician) والتي صنفت مؤخراً من قبل شركة نوكيا كإحدى أفضل 10 ألعاب يتم تحميلها في البلاد العربية. وتقول كاندايد: "إن لعبة الموسيقار هي لعبة متعددة المراحل وستحظى بقبول على المستوى الاجتماعي،من خلال تقديمها عبر المواقع الاجتماعية مثل فيس بوك.
وتضيف كيرك: "إن الأردن توفر سوقاً متقدماً لاختبار ألعاب الفيديو المحمولة. ويعتبر السوق بالنسبة لاختبار ألعاب الفيديو المحمولة مساعدًا جداً من حيث البنية التحتية، ولدينا هنا ثلاث شركات اتصالات للهاتف المحمول توفر لمطوري الألعاب مختلف وسائل التسويق عبر الهاتف المحمول في المنطقة العربية."
تأخذ الألعاب عالمياً منحى اجتماعياً على الغالب. ووفقا لكيرك، فإن لعبة (فارمفيل - Farmville) الاجتماعية الشهيرة يزاولها 64 مليون لاعب كل شهر على المواقع الاجتماعية المختلفة, وهي مجانية ولكن عندما يدفع اللاعبون رسوم قليلة يحصلون على ميزات أمام أصدقائهم الذين يلعبون ضدهم.
إن حجم السوق العالمي العام للألعاب الإلكترونية هائل جداً ويشهد نمواً سريعاً مع انتشار التفاعل الاجتماعي الرقمي. تصل تقديرات السوق العالمية إلى عشرات مليارات الدولارات, مع وجود ألعاب الهواتف المحمولة الأسرع نمواً في مجال هذه الصناعة, طبقاً لنتائج بحث أجري من قبل (بي بي سي للأبحاث - BCC Research) والتي مقرها في الولايات المتحدة الأميركية. وتتوقع شركة (برايس ووتر هاوس كوبرز – PricewaterhouseCoopers) أن الألعاب الإلكترونية ستتخطى قريباً صناعة الموسيقى المتدهورة من حيث الحجم.
إن عالم وسائل الإعلام القديمة يفسح المجال لعالم الترفيه التفاعلي الرقمي. فبينما انخفضت إيرادات مبيعات الدي في دي (DVD) للترفيه المنزلي بنسبة 5.5% لتصل إلى 22،4) $ وفقًا لإحصاءات مجموعة الترفيه الرقمي)، فقد كسب سوق الألعاب المنزلية في الولايات المتحدة نسبة 26% محققاً عائداً قدره 11 مليار دولار. ففي أسواق الولايات المتحدة تدفع شركات الألعاب الكبرى مبالغ طائلة لاستوديوهات تصميم الألعاب الناجحة. وفي العام الماضي قدمت شركة إليكترونك آرتس، الشركة الرائدة في سوق الألعاب، عرضا لشراء شركة تيك- تو إنترأكتيف - Take-Two Interactive) لقاء 2 مليار دولار. ولكن الشركة رفضت العرض بعد أن حققت لعبتها (غراند ثفت أوتو آي في - Grand Theft Auto IV) 500 مليون دولار من المبيعات في أسبوعها الأول.
ويقول الخصاونة:"إن خطوتنا التالية هي الحصول على مستثمرين مهتمين بالتكنولوجيا من المنطقة للانتقال بأعمالنا إلى المستوى التالي". وهذا المستوى يعني استثمار بقيمة 2 مليون دولار، وحسب الخصاونة, سيكون ذلك هو الاستثمار الأمثل الآن لأن صناعة الألعاب الإلكترونية غير مهددة بالركود". وتقول كيرك: " أظهرت الدراسات أن مبيعات الألعاب الإلكترونية تشهد ارتفاعاً في أوقات الأزمات الاقتصادية، فالكثير من الناس على ما يبدو, يتخلون عن مشاريع السفر التي كانوا قد خططوا لها ويختارون, بدلاً عن ذلك, إنفاق بضعة مئات من الدولارات لشراء ألعاب مسلية."
ولكن بالنسبة لشركة كويركات فإن مستوى الاستثمار الذي يهتمون به والبالغ 2 مليون دولار, هو منخفض جداً وعالٍ جدا في آن واحد. ويقول الخصاونة: "إن المستثمرين الذين وجدناهم مهتمون على الغالب, إما بتمويل مشاريع حديثة الانطلاق تتطلب نحو 100000 دولار (مستثمرون ميسورون جدد) أو فرص باهظة التكلفة تتجاوز قيمتها 10 مليون دولاراً".
استبعدت شركة كويركات, في الوقت الحالي, إستراتيجية الاعتماد على العائلة أو الأصدقاء لزيادة رأس المال الاستثماري. ويقول الخصاونة: "سيتحول الأصدقاء والعائلة إلى مجموعة كبيرة من المستثمرين في مجلس الإدارة، وهذا ليس نموذجا جيداً لأنه يمثل إستراتيجية من شأنها أن تزيد من تعقيد إدارة الأعمال."
من الواضح أن هناك أسوقاً كبيرة تنتظر شركة كويركات, ولكن بدون رأس المال المناسب لن تكون قادرة على الاستفادة من ذلك. ويضيف الخصاونة: "إنه سوق ضخم متاح أمام كل من يتمكن من استغلاله بشكل صحيح, حيث تشترك الأسواق العربية بنفس اللغة والمشاعر مما يسهل عملية التغلغل والتوسع بداخلها. ولقد أثبتنا, من خلال لعبة سادة الصحراء والألعاب الأخرى, أن هذا ممكن."
وتقول كيرك: "عندما انضمت شركة كويركات إلى شركة بريك أواي وأنشؤوا معاً (مايكرو إنترناشيونال - Micro Multinational), سمح لنا هذا الكيان بتكييف نطاق أعمالنا صعوداً وهبوطاً حسب ما يقتضيه كل من مشاريعنا، فقد تمكنا من إنتاج ألعاب ذات مستوى عالمي، دون أن نفقد إمكانية إنتاج ألعاب صغيرة للأسواق المحلية."
لم يتخلى الشركاء عن فكرة إيجاد المستثمر العربي المناسب. ويضيف الخصاونة: "ينبغي أن نحقق نقلة نوعية انطلاقاً من قاعدة صحيحة تمكننا من إنتاج ألعاب جديدة ومبتكرة يمكن تسويقها بكميات كبيرة على المستوى العربي. وإذا وقعنا على الشريك الإستراتيجي المناسب، فسننتقل بصناعة الألعاب الإلكترونية إلى مستوى جديد من الفخامة، وبمنتجات أكثر ضخامة تخضع للحماية في ظل قانون حقوق الملكية الفكرية".
وتابعت كيرك القول: "إذا لم نتمكن من ذلك, فسنستمر بالقيام بما نفعله الآن كوسيلة للحفاظ على أسلوب حياتنا, والذي يتمثل ببذل أقصى جهودنا لابتكار منتجات ذات جودة عالية ولكن على نطاق أقل حجماً. لا يزال معظم المستثمرين يفتتنون بكل ما هو مستورد ومنتج من قبل غير العرب، وهذا خطأ."
ثم يضيف الخصاونة: "ما زال هناك شعوراً بأننا نعيش في زمن ما حوالي العام 1910 فيما يتعلق بقضية الاستثمار. فالتغير في عقلية المستثمر العربي بطيء للغاية إذا ما قورن بغيره في أي مكان آخر، وخاصة عندما يتعلق الأمر بالمنتجات التكنولوجية".