هل من مستقبل لأجهزة رصد حالة السيارة في المنطقة؟
حتى السيارات بات لها ما يشبه جهاز "فِت بِت" FitBit. (الصورة من tradearabia.com)
"هي منصة تشغيل وتوصيل لكلّ المركبات، أو باختصار هي أشبه بجهاز اللياقة البدنية للسيارة،" بهذه العبارة يختصر فهيم غيل شركة "داشرود" Dashroad التي أطلقها في شباط/ فبراير من العام الماضي.
لم تكن فكرة تأسيس هذه المنصّة وليدة الصدفة، بل خطرت على بال غيل قبل ست سنوات. ويقول إنّه بعد "عملي لشركتَي ‘هوندا‘ و‘تويوتا‘ في الولايات المتحدة لما يقارب 15 عاماً، أدركتُ أنه بإمكاني الاستفادة من تجربتي في هذا المجال لتحقيق قيمة مضافة للمركبة الآلية."
أمّا الدافع بحسب هذا الريادي، فكان "إيجاد وسيلة للاستفادة من خلفيتي كمهندس من جهة، ومن الفرص المتاحة في الشرق الأوسط من جهةٍ أخرى، وتحديداً الإمارات العربية المتحدة حيث تريد الحكومة أن تكون من الأوائل في تبني التكنولوجيا وهي جاهزة للاستثمار في أيّ تكنولوجيا حديثة."
وبالتالي اختار غيل الإمارات لإطلاق منتَجه الذي يتمّ تصنيعه في الولايات المتحدة.
كيف يعمل الجهاز؟
بالنسبة إلى الجهاز، فهو "جهاز توصيل وتشغيل plug and play أشبه بعلبة سوداء صغيرة بحجم علبة عود الثقاب، ويمكن توصيله إلى سيارتك. ومتى تحمّل التطبيق، تصبح متّصلاً بسيارتك وتتلقّى معلومات عن طريقة قيادتك لها وكيفية تحسينها،" وفقاً لما يشرح غيل في حديثه مع "ومضة".
وعلى سبيل المثال، يخبرك الجهاز عن الأوقات التي تقود سيارتك فيها، وسط الليل أو خلال أوقات زحمة السير، وعن مدى وكيفية استخدام المكابح، وغيرها من المقاييس.
مع هذه السهولة في تشغيل "داشرود"، كيف يسمح هذا الجهاز بتحسين أداء السيارة أو توفير المال؟
يجيب غيل أنه توجد ثلاث طرق لذلك. أولاً، استناداً الى البيانات التي تجمعها، قد تقرّر شركات التأمين منحك معدّلات مخفّضة على بوليصة التأمين. و"في آب/ أغسطس 2015، أعلنت الحكومة الإماراتية أّنه يمكن لشركات التأمين تخفيض أسعارها إذا زوّدتَها بمعلومات عن سلوكك في القيادة."
أمّا الطريقة الثانية، فتظهر متى تريد بيع السيارة. تستطيع عندها تقديم البيانات التي جمعها التطبيق، على غرار "تاريخ القيادة" driving history، مما يساعدك على بيع السيارة بأسرع وقتٍ ويساعد الشاري على التأكّد من أنه يقوم بصفقة مربحة.
والوسيلة الثالثة لتوفير المال، بحسب غيل، هي أنه بدلاً من الذهاب الى قسم الصيانة متى ترى ضوء التحقق من المحرك check engine light على لوحة عدادات السيارة ودفع مبلغ 54 دولاراً تقريباً ليشرح لك العامل أنّ أجهزة الاستشعار الخاصّة بالأكسيجين خارج الخدمة مثلاً، فإنّ جهاز "داشرود" يعلمك بالمشكلة بحدّ ذاتها لتذهب عند القسم المختص وتستبدلها.
يتوفّر تطبيق "داشرود" على نظامي "أندرويد" Android و"أي أو أس" iOS، في حين يبلغ ثمن الجهاز 180 دولاراً، وهو متوفر بسعر مخفّض (أي 100 دولار) لكلّ من يطلبه مبكراً.
التحدّيات ليست مالية دائماً
يريد غيل من خلال هذا الجهاز أن يستهدف قاعدة زبائن واسعة، تبدأ بأصحاب السيارات الذين يريدون توفير الأموال وشركات أسطول السيارات وشركات التأمين التي تستطيع شراء الجهاز وتقديمه مجاناً لزبائنها. ويفصح لـ"ومضة" أنّه أبرم اتفاقَين مع شركتين، فيما فضّل عدم الكشف عن اسميهما.
لا شك أن الشركات الناشئة الخاصة بإنترنت الأشياء، والتي تجمع بين الأجهزة والبرمجيات، تحتاج الى الكثير من التمويل. وعن هذا الأمر، يُطلِع غيل "ومضة" على أنه في بادئ الأمر اعتمد على التمويل الذاتي، ثمّ انضمّ الى مسرعة النمو "فلات6لابز" Flat6Labs في أبو ظبي والتي تقدّم باقة من الخدمات، كمبلغ مادي بين 35 و50 ألف دولار، والإرشاد، ومركز عمل وغيرها.
ومؤخراً، شارك المؤسّس في الجولة الثانية من يوم عروض "فلات6لابز"، في 3 شباط/فبراير في أبوظبي، من أجل السعي لجمع 300 ألف دولار لتوسيع فريق المبيعات والقسم التقني وتطوير الجهاز وتعزيز خدمة الزبائن، على حدّ قوله.
فهيم غيل أثناء عمله في مكاتب "فلات6لابز". (الصورة من "فلات6لابز")
إضافة إلى تحدي التمويل، واجه غيل في رحلته عدّة من التحديات التي بدأت مع المشاكل القانونية التي أدّت الى عرقلة إطلاق الجهاز.
"في البداية، قالوا لي إن الأمر ممكنٌ وسهل، إلّا أّنه كان أكثر تعقيداً واحتجتُ الى أشهر لاجتياز الأنظمة الحكومية،" حسبما يقول، مضيفاً أنّ "الحلّ يكمن في الحصول على شريكٍ محلّي لأنّه إذا كنتَ تصمّم الأجهزة ستحتاج الى تأسيس شركة إماراتية أو تفادي ذلك من خلال البيع على الإنترنت."
ولكنّ هذا الريادي اعتمد مقاربة سبّبت له الكثير من التأخير لأنّها لم تكن مقاربة مرنة، ولم يُطلق منتَجاً يتمتّع بالحدّ الأدنى من مقوّمات النجاح MVP ويمكن بيعه على موقع "أمازون" Amazon، كما يقول.
من التحدّيات الأخرى التي واجهها، يخبرنا غيل عن صعوبة أن "يؤخذ على محمل الجد"، لاسيما أنّه كشركة ناشئة تقدّم خدماتها لشركات أخرى b2b، كان من الصعب أن يُقنع شركات عملاقة بالتعاون معه. وذلك من دون أن ننسى ضرورة توظيف فريق عملٍ تقنيٍّ كفوء، ما يحتّم المزيد من المصاريف وضرورة توفّر التمويل.
فرص التوسّع متاحة ولكن ينبغي الحذر
في الوقت الحالي، بعدما بات جهاز "داشرود" جاهزاً ليدخل الأسواق، يرى غيل أنّ الهدف الأول هو جذب أكبر عدد من "المتبنين الجدد"، في حين أنّ الهدف المتوسط الأمد يكمن في إطلاق تطبيقات مختلفة جديدة تقدّم باقةً واسعة من الخدمات التي يُعلن عنها لاحقاً لأنّها ما زالت قيد التطوير.
ولا شك أنّ فكرة التوسع في المنطقة تخالج غيل مع اهتمامٍ بارزٍ من السعودية بجهازه، غير أنّه لا بدّ من حلّ مشكلة البيروقراطية أوّلاً.
الحذر واجب دائماً (الصورة من "داشبورد")
يشير المؤسّس إلى أنّ "داشرود" متوفر في الولايات المتحدة ولكن تمّ تعديله وضبطه ليتلاءم مع سوق الشرق الأوسط.
وبالرغم من أنّ الجهاز ما زال في بداياته ويصعب التحقق أو التأكد من نجاحه في الوقت الحالي، لكنّه يعكس الاهتمام المتزايد بهذا النوع من أجهزة التعقب التي تساهم في تحسين المركبات.
هذا الاهتمام المتزايد يعكس أيضاً مزيداً من المنافسة، وهو أمرٌ يدركه غيل جيداً. فبالإضافة إلى وجود منافسين في الولايات المتحدة، مثل "أوتوماتيك" Automatic أو "موج.أي أو" Moj.io أو"فينلي" Vinli، قد يضعون أعينهم على السوق هنا، يوجد منافسون محليون أيضاً، مثل "سامتك" Samtech و"ميكس تيليماتيكس" MixTelematics التي تستهدف قاعدة زبائن مختلفة، وهذا ما قد يصعّب مهمة النجاح والاستدامة.