كيف يساعد هذا الجهاز المسلمين في عدّ ركعات الصلاة؟
تتطوّر التقنيات الخاصّة بأجهزة الاستشعار التي باتت تدخل في حياتنا كلّها تقريباً، وذلك كي تزوّدنا بتجربةٍ أفضل وتجعل من بعض المهام أكثر فعاليةً مع القدرة على تتبّعها. هذا الجهاز الصغير، "كارت الصلاة" SalatCard، الذي صُمّم أساساً لعدّ عدد الركعات في الصلاة، هو واحدٌ منها. وهو يهدف إلى مساعدة الأشخاص ذوي الذاكرة الضعيفة الذين يعانون من أمراضٍ كالألزهايمر (أداة مساعدة)، أو الأطفال الذين يتعلّمون حديثاً كيفية الصلاة (أداة تعليمية)، أو أيّ شخصٍ يريد التركيز على الصلاة نفسها أكثر من العدّ.
حجم "كارت الصلاة" في راحة اليد. (الصورة من "كارت الصلاة")
وراء هذه الفكرة يقف رائد الأعمال الكويتي، رائد عرار، الذي نشأ في مصر ومن ثمّ درس التمويل الدوليّ في جامعة سان دييغو في الثمانينات، قبل أن ينتقل إلى البرازيل حيث بقي فيها لـ25 عاماً.
عمل في ساو باولو على مشاريع مختلفة في مجال الطعام، من بينها تطوير وحداتٍ صغيرةٍ، يمكن أو توضع في المتاجر، لصنع اللبن أمام الزبون. وفي حديثٍ مع "ومضة" عبر الهاتف، يقول عرار: "لقد أعطيتُ هذه الفكرة لشركةٍ كبرى في البرازيل، ومن ثمّ حصلنا على 70% من السوق خلال شهرٍ واحد." ويضيف أنّه "كان لدينا اتّفاقات مع منافسين آخرين كي لا نتوسّع ونهدّد أسواقهم، ولذلك توقّفنا عن هذا العمل بعد عامَين. بعد ذلك، عمل عرار في قطاع التجميل ثمّ انخرط في التقنيات الناشئة، فصمّم في عام 2008 درّاجته النارية الخاصّة قبل أن ينتقل بعد عامٍ إلى قطاعٍ مختلفٍ تماماً، ألا وهو التقنيات الإسلامية.
تصميم منتَج "كارت الصلاة".
تتبّع ورصد الصلوات
المرّة الأولى التي فكّر فيها عرار بتطوير جهازٍ للصلاة، كانت عندما تساءلَت أمّه لمَ لا يوجد تقنيةٌ لمساعدة المسلمين على عدّ الركعات التي يؤدّونها خلال صلاتهم.
ثمّ كان أن اكتشف حاجةً في السوق، فقرّر اكتشاف هذا المجال واعمل على "كارت الصلاة"، عدّاد آليّ للركعات لمساعدة مستخدِميه على التركيز على الصلاة بدلاً من التركيز على العدّ. "لقد استغرق الأمر عاماً كاملاً وأنا أبحث عمّن يصمّم ويصنّع،" يقول عرار الذي حصل على براءة اختراعٍ لجازه قبل أن يبدأ بتطويره. ويضيف أنّ "المستشعر لم يكن من اختراعي، بل كان في أساس الفكرة. لقد بحثتُ في مجالات وتقنيات مختلفة، وجمعتُ [ما يعمل منها] في جهازٍ واحد، حتّى لأنّنا صمّمتُ البطاقة بنفسي."
عمل عرار لستّ سنواتٍ على "كارت الصلاة" وهو يجمع ويركّب التقنيات بعضها ببعض، كي يحصل على المنتَج النهائي، معتمداً على ماله الشخصي كتمويل. ويشير هنا إلى أنّ "الأمر كان سيستغرق سنةً أو اثنتَين لو كان لديّ رأسمال."
يبلغ طول الجهاز 70 مليمتراً وعرضه 52 مليمتراً، وسماكته بقدر سماكة ثلاث بطاقات ائتمانٍ، ويقول عرار إنّه "رقيقٌ للغاية، لذا عندما تضعه على السجادة لن يزعجك." ويأتي "كارت الصلاة" المصنوع من البلاستيك مع بطاريةٍ تدوم لستّة أشهر أو لعامٍ كامل، لكنّها غير قابلةٍ لإعادة الشحن. ولعدّ الركعات التي أتّمها المصلّي، يستخدِم الكارت مستشعراً للقرب الذي يكتشف الأشياء القريبة دون لمسها. كما يعرض مؤشّرَين اثنَين: الأوّل يدلّ على عدد الركعات، الآخر على وضعية جسم المصلّي. أمّا المرّة الوحيدة التي يحتاج فيها الشخص للمس الجهاز، فهي عندما يريد تحديد عدد الركعات التي يريد أن يؤدّيها. كما أنّ الشاشة لا تضيء في الليل كي لا تزعج المستخدِم، ولكن المستشعرات تستمرّ في التقاط الحركة في الظروف قليلة الإضاءة.
وبالرغم من أنّ "كارت الصلاة" صُمّم في الأساس للأشخاص ضعيفي الذاكرة أو للأطفال، كما ذُكِر سابقاً، يمكن لأيّ شخصٍ أن يستفيد من هذه التقنية التي يقدّمها عرار للعملاء والشركات على حدٍّ سواء. فالطلبات كما التصاميم يمكن أن يتمّ تخصيصها، والأسعار تختلف تبعاً لعدد الأجهزة المطلوبة. ويباع الجهاز الواحد بملغ 24.5 دولاراً أميركياً، والحزمة العائلية بـ49 دولاراً تشمل ثلاث أجهزة من "كارت الصلاة"، يمكن شحنها إلى جميع أنحاء العالم عبر شركة "أرامكس" Aramex.
التصميم والتصنيع والتحدّيات
بالإضافة إلى عدم توافر رأس المال الكافي للعمل بشكلٍ متواصل، واجه عرار عقباتٍ أخرى ساهمَت في تأخير جهوزية المنتَج، يمكن تقسيمها إلى خمس فئاتٍ رئيسيةٍ هي:
1. إطالة عمر البطارية: "مثّلَت البطارية تحدّياً كبيراً، إذ قضيتُ ثمانية أشهر للتأكّد من أنّها لا تسرّب الطاقة وأنّها فعّالةٌ لستة أشهر إلى سنة على الأقل."
2. جعل الكارت أرقّ: استغرق العمل على جعل الكارت أرقّ مدّة سنةٍ ونصف، ولكنّه قرار لن يندم عليه عرار. "لقد كان تحدّيا كبيراً أيضاً. كان يمكن عمله لكنه كان مكلفاً."
3. الإنتاج في الصين: لتوفير التكاليف، أراد عرار تصنيع منتَجه في الصين، ولكنّ تلك التجربة لم تكن مرضية. فالأشخاص الذين تعامل معهم قاموا بإنتاج كميات إضافية بدون علمه وباعوها دون منحه أيّ مقابل. ويقول بهذا الشأن إنّه "يوجد الكثير من المحتالين،" مشيراً إلى أنّ العثور على المصنّع المناسب يبطئ العملية وحسب.
4. الحفاظ على الجودة وعدم رفع التكلفة: لطالما شكّل تقديم منتَجٍ بجودةٍ مرتفعة بسعرٍ أقل معضلةً حقيقيةٍ أمام المصنّعين. ويقول عرارا إنّه "يمكن للمصنّعين أن يعطوك إمّا سعراً مرتفعاً وإمّا نوعيةً سيّئة؛ ولن تتأكّد من الجودة والنوعية إلا بعد تجريبه [المنتَج]."
5. تغيير حجم الكارت باستمرار: عندما إعادة تصنيع المنتَج، جعله عرار أصغر حجماً، ما سبّب بمشكلةٍ أخرى له. "زر التشغيل والإيقاف لم يكن يعمل بشكلٍ جيد، وعندما أردنا تغييره اضطرّينا لتغيير القالب لأن حجمه كان مختلفاً،" بحسب عرار.
المنتَج في علبته.
بعد مناقشة منتَجه مع استشاريين ومهندسين من هولندا، وجد عرار مستثمراً مناسباً، ويقول عنه: "لقد فهم الفكرة وكان على استعدادٍ لاستثمار وقته مع، وتصميم البطاقة من الداخل."
والآن، وبعدما تمّ بناء المنتَج، يهدف عرار إلى إطلاقه عالمياً، بدءاً من إندونيسيا التي توضع في مقام أولى والدول الإسلامية سكّاناً. فهي "كبيرة بحجم العالم العربي كلّه."