هل تنجح هذه الحلول لتوفير طاقة الأبنية في دبي؟
"إنّه غير منظّم، حيث القوانين فضفاضة ولا سجّلات"؛ هذا ما يقوله المهندس تشارلز بلاشك لدى حديثه عن المشهد العقاري في دبي.
مع شركته "طاقة سوليوشنز" Taka Solutions، يمتلك بلاشك طموحاتٍ كبيرةً للمباني في دبي، حيث يريد جعلها أكثر كفاءةً في استخدام الطاقة. ولكنّ "هذا يعتبر تحدياً كبيراً ليس من السهل التغلّب عليه،" كما يقول لـ"ومضة".
في العادة، عندما تريد "طاقة سوليوشنز" "تعديل" مبنى ما لتوفير تكاليف الطاقة على المالِك، فهي تطلب بعض التفاصيل عن المبنى.
ومن أجل ذلك، تحتاج الشركة إلى المخططات الإنشائية التي تشمل عناصر مثل تجهيزات التكييف والتجهيزات الكهربائية، وفواتير المياه والكهرباء - ولكنّها في أكثر الأحيان لا تكون متوفّرة. ويقول بلاشك عن هذا الأمر، إنّه "لا يمكنك أن تجد الوثائق التي تُظهِر تجهيز المبنى، فحتى لو كان المبنى قد أنشئ في عام 1980 أو في عام 2013، فإنّ المشكلة هي نفسها".
يرى بلاشك أنّ المخطّطات الفنية في دبي سيئة جدّاً، بحيث تكون إمّا ناقصةً أو خاطئة، ويقول إنّ "المالكين على ما يبدو لا يُكلّفون بهذا في الإمارات، كما أنّه لا يمكنك أن تكلّفهم بإعداد هذه المخططات".
وفيما يتعلّق بالأشخاص المعنيين، يلفت بلاشك إلى أنّ المالك أو المهندس الذي يشارك في البناء قد لا يكون لديه أيّ المواد، مشيراً إلى "غياب التنظيم والمساءلة، بالإضافة إلى غياب أيّ نهجٍ منطقيّ لتوفير الوقت".
نمذجة معلومات المباني هي الحل
يرى بلاشك أنّ مستقبل التصميم والبناء يقوم على نمذجة معلومات المباني BIM، وهي طريقة لتقييم هدر الطاقة في المباني ومن ثمّ توفيرها.
وببساطة، فإنّ عملية نمذجة معلومات المباني Building Information Modeling هي التمثيل الرقميّ للخصائص الفيزيائية والوظيفية للمُنشأة. يمكنك إدخال معلوماتٍ حول المبنى، من المداخل إلى المصابيح الكهربائية و، في الوقت الحقيقي، وكذلك تتبّع الطريقة التي تعمل بها.
هذه الطريقة إلزامية في الكثير من الدول، خصوصاً للمباني العامة، ولكنّها ليست مطلوبةً للمباني في الإمارات.
ولكن بالرغم من ذلك فهم يتدبّرون الأمر، عبر إدخال أيّ معلوماتٍ يمكنهم جمعها عن المبنى، وبالتوازي استعمال تحليلاتٍ على الإنترنت للحصول على تنبؤاتٍ حول استهلاك الطاقة ومن ثمّ ضمّها إلى عملية نمذجة معلومات المباني.
هذه الأداة، وعلى الرغم من أنّها للاستخدام الداخلي، يمكن بيعها إلى مالك المبنى إذا رغبوا ذلك للسيطرة على العمليات في المبنى.
في المقابل، فإنّ غياب الإشراف الحكومي لديه حسناته أيضاً. لم يتطلّب الأمر الاستحصال على ترخيصٍ قد يكون مُقيِّداً كما في الولايات المتحدة أو أوروبا، فيما يتعلّق بالتعديل التحديثي مثل رفع مستوى وحدات التكييف أو تركيب أجهزة استشعار متّصلة بالإنترنت، على حدّ قول بلاشك.
كما أنّ المنافسة المباشرة لم تكن موجودة، لأنّ أحداً لم يكن ليخوض مشروعاً للتحديث ويمولّه بالكامل، ولا يحصل على المال من العميل إلّا بعد بدء مبناه بعملية التوفير.
طموحات الإمارات
في الأسبوع الماضي، ذكّرَت هيلاري كلينتون الناخبين بوعدها لجعل الولايات المتحدة قوة عظمى في مجال الطاقة النظيفة. وهذا يعني أنّه على الرغم من إحباط بلاشك في الوقت الحالي، يمكن للإمارات أت تكون منافساً شرساً على هذا الصعيد.
سبق لحكومة دبي أن أدلَت سلسلةً من التصريحات الجريئة في أواخر عام 2015، تمحور أحدها حول أنّ 75% من الطاقة في دبي سيتمّ توليدها من مصادر نظيفة بحلول عام 2050، وجاء في حديث الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم أنّ "هدفنا أن نكون أقلّ مدينةٍ تترك بصمةً كربونية على مستوى العالم بحلول عام 2050".
هذا جميل، ولكنّ الطريق ما زالت طويلة. يمكنهم البدء من المباني القائمة حالياً في المدينة والتي تمتص الطاقة وتكاليفها بلطفٍ من المالكين. فوفقاً لـ"مجلس الإمارات للأبنية الخضراء" Emirates Green Building Council، هناك 30 ألف مبنى في دبي لديها إمكاناتٌ عالية لتوفير الطاقة.
"تستهلك المباني بين 40 و50% من الطاقة في جميع أنحاء العالم"، بحسب بلاشك الذي يضيف أنّه "مع التكنولوجيا الحالية المتاحة يمكن التقليل من استخدام الطاقة في المباني بنسبة 30%، لذلك يمكننا إحداث تأثير".
هنا يكمن دور "طاقة سوليوشنز"، بحيث يمكنها أن تتدخّل وتسلّط الضوء على الأنظمة غير الكفؤة في استهلاك الطاقة بالإضافة إلى استخدام برمجيةٍ لتحديد المشاكل ومن ثمّ إيجاد حلولٍ لها.
من جهته، يرى سعيد العبار من "مجلس الإمارات للأبنية الخضراء" أنّ هذه العملية تحتاج إلى وقتٍ لكي تتقدّم، ولكن هناك "تقدّم واضح من جانب السلطات".
وخلافاً لرأي بلاشك الذي يقول إنّ قوانين البناء فضفاضة، فإنّ العبار الذي يلعب العبار دوراً محورياً في تعزيز الوعي ونشر مبادئ وممارسات الأبنية الخضراء في الإمارات، يرى أنّ دولته تمتلك سجلاً جيداً من حيث الحفاظ على البيئة.
ويضيف في رسالةٍ إلكترونيةٍ مع "ومضة"، أنّه "مع ذلك، ومن حيث الحفاظ على السجلات، يمكن أن يكون هناك نقصٌ لناحية وجود نهجٍ متكاملٍ أو عملية التواصل في عمليات البناء التقليدية، إضافةً إلى أنّ الكثيرين كانوا يجهلون الحاجة إلى الاحتفاظ بهذه السجلّات".
التحسينات
إلى جانب التصريحات التي أعلنت عن أهداف دبي لعام 2050، هناك تغييراتٌ في السياسة القوانين حصلت وتحصل.
في هذا الإطار، تشمل "استراتيجية دبي للطاقة النظيفة 2050" Dubai Clean Energy Strategy 2050 إنشاء "الصندوق الأخضر" Green Fund بقيمة 100 مليار درهم إماراتي (27 مليار دولار أميركي)، إضافةً إلى تخصيص 50 مليار درهم (13.6 مليار دولار) لمجمع للطاقة الشمسية في دبي بحلول عام 2030. بالإضافة إلى ذلك، هناك "خطة دبي 2021" Dubai Plan 2021 التي تسعى إلى بناء "مدينة ذكية ومتكاملة ومتصلة، مستدامة في مواردها".
من جهةٍ ثانية، في شهر أيلول/سبتمبر، وفي محاولةٍ لطرح مسألة إنشاء المدن المستدامة، ينظّم "مجتمع جميل" Community Jameel و"ومضة" ورشة عمل في دبي لـ"مختبر الميديا" Media Lab التابع لـ"معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا" MIT تضمّ مصمّمين ومهندسين وعلماء وفنانين.
أمّا بلدية دبي، و"هيئة التنظيم العقاري"، و"مجلس دبي الأعلى للطاقة" Dubai Supreme Council of Energy، لم يتجاوبوا مع طلب التعليق على الموضوع قبل نشر هذا المقال.
بالعودة إلى "طاقة سوليوشنز"، فقد تولّت هذه الشركة الناشئة حتّى اليوم 30 مشروعاً بالإضافة إلى الاستشارات، ونما فريقها منذ التأسيس في دبي عام 2012 ليضمّ 15 عضواً بدوامٍ كامل، بالإضافة إلى عضوٍ جديدٍ سينضمّ في هذا العام. تحقّق الشركة الأرباح في الوقت الحالي، غير أنّ الفريق يرى أنّها لا تكفي من أجل النموّ الذي يسعون إليه.
كذلك تقدّم الشركة خدماتها للفيلات الخاصّة، وتزوّدها بنظام نمذجة المعلومات من خلال تطبيقٍ يمكن للمالكين استخدامه.
ومن ناحية تأثير ذلك على أعمالهم، يعملون الآن على إقناع الناس بتوقيعٍ عقدٍ معهم أكثر من إقناعهم بحاجتهم إلى توفير الطاقة. وذلك لأنّ "الناس يتحمّسون لأنّ الحكومة بسبب طلب الحكومة منهم ذلك،" بحسب بلاشك.