English

قمة ويب قطر 2025: نظرة من الداخل على أحد أكبر الفعاليات التقنية في المنطقة (الجزء الثاني)

English

قمة ويب قطر 2025: نظرة من الداخل على أحد أكبر الفعاليات التقنية في المنطقة (الجزء الثاني)

نظرة عامة على الاتجاهات البارزة، بيئة الاستثمار، والفرص الواعدة للشركات الناشئة في المنطقة من داخل قمة ويب قطر 2025. 

بقلم ياروسلاف كولوجريفوف، الشريك المؤسس ومدير تطوير الأعمال في شركة PLATMA AI الناشئة.

في الجزء الأول، ناقشنا كيف سلط مؤتمر "قمة ويب قطر 2025" الضوء على المشهد التكنولوجي المتطور في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، حيث تصدرت تقنيات الذكاء الاصطناعي، والتكنولوجيا المالية، والأمن السيبراني المشهد، مما يعكس التوجه الاستراتيجي للمنطقة نحو الابتكار والاستثمار. في هذا الجزء، نستكشف الواقع الفعلي للاستثمار الجريء في المنطقة—ما الذي يبحث عنه المستثمرون حقًا، والتحديات التي تواجهها الشركات الناشئة، والفرص الملموسة التي وفرها المؤتمر لدعم توسع الأعمال في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا.

واقع الاستثمار الجريء في المنطقة

أُعلن رسميًا عن حضور 723 مستثمرًا في قمة ويب قطر 2015. لا يمكنني الجزم بأن شركتي الناشئة PLATMA  أو غيرها من الشركات تمكنت من لقاء جميع هؤلاء المستثمرين (فهذا شبه مستحيل في أي فعالية كبرى). ومع ذلك، فاقت جودة التفاعل معهم ما اعتدنا عليه في الفعاليات الإقليمية الأخرى.

ساهم التنظيم المتوازن للقمة (إذ كانت أصغر بأربع مرات من قمة لشبونة) في تعميق النقاشات وجعلها أكثر ثراءً وفعالية. وخلال عملي في جناح PLATMA داخل المعرض، رصدتُ عدة اتجاهات رئيسية ترسم ملامح المشهد الاستثماري في المنطقة.

ما يبحث عنه المستثمرون

  • التركيز على المشاريع المُجدية: لم يعد المستثمرون ينجذبون إلى مجرد "أفكار مبتكرة"، بل يبحثون عن مشاريع أثبتت نتائجها وتمتلك استراتيجية واضحة لتحقيق الربح. وقد لاقت الحلول في مجالات الذكاء الاصطناعي للأعمال والتكنولوجيا المالية وتحسين العمليات التشغيلية اهتمامًا كبيرًا.
  • الخصوصية الإقليمية: لم يعد تقليد نماذج الأعمال الغربية من دون مراعاة الخصوصيات المحلية يلفت أنظار المستثمرين الجادين. فقد أظهرت الشركات الناشئة الأكثر نجاحًا فهمًا وإدراكًا عميقًا لخصوصيات السياق الإقليمي، سواء كانت ثقافية أو تنظيمية أو بنيوية.

ما لا يثير اهتمام المستثمرين

  • أفكار "خام" بلا منتج أولي (MVP): أبدى المستثمرون اهتمامًا محدودًا بالمشاريع التي ما زالت في مرحلة الفكرة، دون نموذج أولي فعّال أو قاعدة أولى من العملاء.
  • حلول عالمية بلا تكييف محلي: المشاريع التي لم تراعِ خصوصيات منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا لم تلقَ أي اهتمام يُذكر.
  • التركيز على التكنولوجيا دون فهم نموذج العمل: المشاريع المعقدة تقنيًا، التي تفتقر إلى مسار واضح لتحقيق الأرباح، لم تحظَ باهتمام المستثمرين.

القيمة الحقيقية لقمة ويب بالنسبة للشركات الناشئة الإقليمية

قدّم مركز قطر للمال (QFC) واحدة من أكثر الفرص واقعية وعملية: التسجيل السنوي المجاني بدلًا من الرسوم المعتادة التي تبلغ 4000 دولار أمريكي. وبالطبع، لم نفوّت نحن - شأننا شأن العديد من الشركات الناشئة - فرصة الاستفادة من هذا العرض. سجّلت أكثر من 1634 شركة لافتتاح مكاتب في قطر، فيما حصلت 156 شركة على تراخيصها مباشرةً خلال أيام الفعالية.

فرص عملية حقيقية أمام الشركات الناشئة

  • دعم للبنية التحتية: إلى جانب مركز قطر للمال، قدّم كل من بنك قطر الوطني (QNB) ومجلس قطر للبحوث والتطوير والابتكار (QRDI)  دعمًا ملموسًا للشركات الناشئة. نحن لا نتحدث هنا عن تصريحات تسويقية بحتة، بل عن برامج فعلية وموارد محددة.
  • شبكات تواصل عالية الجودة: ساعد الحجم المتوازن للفعالية في استثمار الوقت بكفاءة للتواصل مع الشركاء والمستثمرين المحتملين. كما أن غياب الطوابير الطويلة والزحام - السمة المميزة لمؤتمرات التكنولوجيا الكبرى - كان ميزة إضافية رائعة.
  • نتائج ملموسة: بحسب المنظّمين، تمكّنت الشركات الناشئة المبكرة التي شاركت في قمة الويب قطر 2024 من جذب تمويل بلغ 120 مليون دولار خلال العام الماضي. ويبدو هذا الرقم واقعيًا بالنظر إلى نشاط مستثمرين كبار مثل  500 Global، Greycroft، و Peak XV. وأنا واثق من أن أرقام هذا العام ستكون أعلى بكثير!
  • تركيز على الإقليم: أعتقد، كما يعتقد زملائي، أن قمة ويب قطر تختلف عن معرض GITEX في دبي أو مؤتمر LEAP في الرياض، تحديدًا من حيث تركيزها على احتياجات الشركات الناشئة في المنطقة. وقد أتيحت الفرصة أمام 228 شركة ناشئة قطرية لعرض حلولها أمام مجتمع التكنولوجيا العالمي، وهي أرقام لافتة فعلًا!

توصيات عملية للشركات الناشئة

لم تكن هذه مشاركتنا الأولى في قمة الويب، فقد سبق أن حضرنا نسخة لشبونة، مما أتاح لنا فرصة حقيقية للمقارنة. وبالاستناد إلى هذه التجربة، وبمساهمة من أليكسي بافلوف، مؤسس شركة XONO الناشئة في مجال التكنولوجيا المالية، وضعنا مجموعة من التوصيات المهمة للشركات الناشئة الراغبة في المشاركة في فعاليات مستقبلية:

اغتنم فرص البنية التحتية: العروض التي تقدمها جهات مثل مركز قطر للمال (QFC) ليست مجرد حملات تسويقية، بل فرص حقيقية لتقليل التكاليف التشغيلية عند دخول السوق القطرية.

  • قدّم حلولًا قابلة للتنفيذ لا مجرد أفكار: المستثمرون في المنطقة أصبحوا أكثر انتقائية، وهم يبحثون عن حلول فعّالة أثبتت جدواها في الواقع.
  • اجعل منتجك منسجمًا مع السياق الإقليمي: أخذ الجوانب الثقافية واللغوية والتنظيمية في الاعتبار يعزز بشكل كبير فرصك في جذب الاستثمارات والعملاء الأوائل.
  • استفد من حجم الحدث لصالحك: فمقارنةً بالمؤتمرات التقنية الكبرى، أتاح التنظيم المتقن لقمة ويب قطر تخطيطًا أكثر كفاءة للاجتماعات المثمرة والتواصل الفعّال مع الشركاء والمستثمرين.

يقول أليكسي بافلوف، مؤسس شركة XONO الناشئة في مجال التكنولوجيا المالية: "تعد قمة ويب قطر منصة قوية للشركات الناشئة الشابة لتعزيز حضورها والتعلّم من رواد القطاع والتواصل مع مستثمرين وشركاء محتملين. نصيحتي للشركات الناشئة هي المشاركة في القمة بنهج استراتيجي، مع تحديد أهداف واضحة، سواء لجمع التمويل أو بناء الشراكات أو اكتساب رؤى معمقة حول القطاع.

ووفقًا لأليكسي، توفر قمة ويب آلية منظمة لإتمام الصفقات من خلال:

  • جلسات خاصة مع المستثمرين: اجتماعات فردية مغلقة مع صناديق رأس المال الاستثماري.
  • فعاليات عرض المشاريع ومنافسات تقديم العروض: تتيح للشركات الناشئة الظهور بشكل لافت.
  • ورش عمل حول استراتيجيات جمع التمويل واللوائح الإقليمية: تساعد الشركات الناشئة على التوافق مع تطلعات المستثمرين.
  • فعاليات تواصل لاحقة: تُبقي زخم العلاقات مستمرًا بعد انتهاء القمة.
  • ولضمان إبرام الصفقات، تنصح الخبرات العملية بأن تُبادر الشركات الناشئة بإرسال رسائل متابعة مباشرة بعد الاجتماعات، مع إبراز قوة المشروع عبر تطبيقات عملية حقيقية تثبت جدواه.

الخلاصة: نظرة واقعية نحو المستقبل

أثبتت قمة ويب قطر أنه رغم التراجع العالمي في تمويل المشاريع الناشئة، لا تزال منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا تشهد نموًا نشطًا في جذب الاستثمارات. وتُرسّخ قطر مكانتها كمركز تكنولوجي واعد، لا يوفّر فقط بيئة جاذبة للشركات الناشئة، بل يُقدّم أيضًا بنية تحتية متكاملة وفعّالة.

كانت تجربتنا، وتجارب العديد من الشركات الناشئة التي التقينا بها خلال الفعالية، إيجابية بكل المقاييس. لم نكتفِ بالاستفادة من عرض مركز قطر للمال، بل نجحنا في بناء علاقات قيمة بدأت بالفعل في تحقيق نتائج ملموسة.

بالنسبة للشركات الناشئة التي ترى في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا سوقًا واعدة، تمثّل قمة ويب قطر قيمة حقيقية، فهي ليست مجرد منصة لتبادل بطاقات الأعمال، بل مساحة لبناء علاقات جيدة واتخاذ خطوات عملية نحو دخول السوق. وعلى عكس الفعاليات الأكبر حجمًا والأكثر صخبًا، تضع هذه القمة جودة التفاعل في المقدّمة، لا المؤشرات الكمية.

وأنا على ثقة بأن السنوات المقبلة ستشهد تزايدًا في عدد المشاريع الناجحة التي انطلقت تحديدًا بفضل العلاقات والفرص التي أتاحتها قمة ويب قطر 2025.

شكرا

يرجى التحقق من بريدك الالكتروني لتأكيد اشتراكك.