تطبيق "بركة" يوفر وسيلة فعالة للحد من هدر الطعام
تشهد منطقة الشرق الأوسط أحد أعلى معدلات هدر الغذاء في العالم. ويحدث هذا الهدر في كل مرحلة من مراحل دورة السلسلة الغذائية، بدءاً من الفواكه والخضروات التي يتم التخلص منها في المزارع لرداءة جودتها ووصولاً إلى المتبقي من الوجبات التي لا تؤكل. وبصرف النظر عن وقت حدوث هذا الهدر، فإنه يفرض تحديات اقتصادية وبيئية وغذائية كبيرة. وشرعت العديد من الشركات الناشئة في مختلف أنحاء منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا لمعالجة هذه المشكلة، ولكل منها مفهومها الخاص لمكافحة هدر الطعام، ومن بينها شركة "بركة" في المملكة العربية السعودية، والتي تساعد المطاعم على بيع وجباتها الزائدة.
وفي معرض تعليقه على هذا الموضوع، قال رباح حابس ، المؤسس الشريك لتطبيق "بركة": "نشأت فكرة بركة حينما كنا أنا وشركائي في أحد المطاعم، حيث لاحظنا ظاهرة هدر الغذاء في الأماكن التجارية. ولا شك أن الخسائر الاقتصادية في هدر الطعام هائلة، إذ تشكل نفايات الطعام في المملكة العربية السعودية ثلث النفايات الصلبة وتقدر بنحو 40 مليار ريال سعودي".
وأفاد حابس بأن المشكلة تكمن في عدم القدرة على مواءمة الوجبات الفائضة أو المنتجات الغذائية مع حاجة العميل المحدد في الوقت المناسب. وأطلق حابس تطبيق "بركة" بالتعاون مع منيرة المعمر وعبد العزيز آل سعود لمساعدة تجار التجزئة في مجال التجزئة على تعزيز كفاءة مواردهم من خلال معالجة مشكلة هدر الطعام، والتي تصل عادةً إلى 10-20% من إنتاجهم اليومي.
وكان التحقق من فاعلية نموذج عمل "بركة" بشكل رئيسي مستلهم من قصة نجاح تطبيق "تو جود تو جو" في المملكة المتحدة، والذي يدير نموذج عمل مماثل ويتواجد حالياً في 40 دولة حول العالم. أطلقت "بركة" منصتها في عام 2022، حيث ربطت المطاعم وتجار التجزئة في مجال الأغذية بالمستهلكين، مما ساعد المستهلك على شراء وجبات فائضة طازجة بنصف السعر الأصلي قبل أن تتحول إلى هدر.
ويتم الحصول على المنتجات المدرجة في تطبيق "بركة" بشكل أساسي من المطاعم والمقاهي ومتاجر الحلويات والمخابز ومحلات البقالة.
وتمثل التحدي الأبرز أمام مؤسسي الشركة في تغيير التصور السائد بأن فائض الغذاء لا يُعد من بقايا الطعام، وكذلك كانت عملية استقطاب أوائل التجار ممن يعتمدون المنصة في أعمالهم.
وتابع حابس بقوله: "عمدنا إلى معالجة هذه المشكلة من خلال نشر الوعي حول المسألة باستخدام منصات التواصل الاجتماعي، فضلاً عن تعزيز الجوانب التفاعلية في التطبيق وزيادة سهولة استخدامه".
العملاء المهتمون بجانب التكلفة
تكمن نقطة البيع الفريدة لشركة "بركة" في قدرتها على مواكبة الاعتبارات الدينية والاجتماعية من حيث تقليل هدر الطعام وتلبية احتياجات العملاء ممن يتزايد اهتمامهم بمسألة التكلفة، والذين يشكلون جزءاً كبيراً من قاعدة مستخدميها. ولا يتضمن نموذج التسعير الخاص بالشركة أي هوامش أرباح من اسعار المنتجات الأصلية وتنحصر مهمته بتقديم الخصومات.
وأردف حابس بالقول: "لم يعتبر المستخدمون في البداية حلنا كوسيلة لمعالجة الآثار السلبية لمشاكل هدر الطعام. ولكن التأثير الأكبر كان لعنصر مواكبة عرض القيمة لدينا لوجهات النظر الدينية والثقافية حول هدر الطعام مع تقليل التكاليف للعملاء وتجار التجزئة، مع الأخذ بعين الاعتبار الزيادة في نفقات المعيشة وتوجه جميع المستهلكين نحو المنتجات ذات الأسعار المخفضة. وبالتالي، نجحنا في بناء مجتمع يعمل كل فرد فيه سفيراً لمهمتنا ، حيث أننا نجحنا في استقطاب أكثر من 70% من المستخدمين بشكل طبيعي دون أي إعلانات أو ترويج".
وبخلاف تطبيقات طلب الطعام الأخرى، يشكل أخذ الطلبات من نوافذ البيع في المطاعم معظم المعاملات التي تُجرى عبر التطبيق، والتي تصل نسبتها إلى 88%. وأعزى حابس هذا الأمر إلى الشريحة المستهدفة وتزايد توجه المستخدمين نحو توفير رسوم التوصيل.
ويستخدم تطبيق "بركة" خريطة تفاعلية تساعد المستخدمين على تحديد مواقع الوجبات المتوفرة في المتاجر القريبة منهم.
إمكانية التوسيع والتطوير
وتشهد شركة "بركة" طلباً كبيراً على خدمة توصيل الطلبات، حيث أطلقت خدمة تجمع من خلالها الطلبات بشكل جماعي مع تقسيم الرسوم بين العملاء بالاستفادة من شركائها من الأطراف الثلاثة وذلك بهدف تقليل تأثير العقبات اللوجستية التي تترافق مع عمليات التوصيل وتعزيز جانب التكلفة بالنسبة لها ولعملائها.
وتندرج هذه الخطوة تحت خدمة تسمى "سلات البركة "، حيث يمكن للمستخدمين حجز وجبات فائضة بمجرد توفرها على التطبيق، وقد مكننا هذا النموذج من تسريع عملية التوسع لمرونته. .
وبما أنه يستحيل توفير فائض الغذاء بشكل دائم وفوري للمستخدمين، واجهت شركة "بركة" تحديات عديدة تتعلق باستمرارية العرض في المراحل الأولى من طرح خدمة التوصيل حسب الطلب.
وقال حبيس في هذا الصدد: "تشتمل خدمتنا حسب الطلب على مطالبة التجار بإدراج العناصر المتاحة بأنفسهم على لوحة التحكم مع إخطار العميل، ولكن هذه التجربة تفرض تحدياً بالنسبة بنا على جميع الأصعدة لأن كان يتحتم علينا ملاحقتهم للتأكد قيامهم بهذه الخطوة، الأمر الذي أدى إلى نشوء تحدي قابلية توسيع وتطوير التطبيق.
وعمدنا حينها إلى إلغاء العملية، لذلك وقعنا اتفاقية مشتركة مع الموردين بشأن الكمية اليومية للأكياس الفائضة التي يمكنهم تقديمها للبيع. ويمكنهم حالياً بكل بساطة انتظار العملاء لشراء العناصر خلال الفترات الزمنية المحجوزة".
وسعياً منها لتعزيز الشراكات والدخول في مجالات أخرى ضمن قطاع المأكولات والمشروبات، أطلقت "بركة" جولة تمويل أولي جمعت خلالها 1.5 مليون دولار مطلع شهر سبتمبر. وتتعاون الشركة حالياً مع التجار في جميع أنحاء جدة والرياض، بعد أن استقطبت حوالي 180 ألف مستخدم مسجل.
واختتم حابس بقوله: "تخصص الشركة جزءاً كبيراً من الأموال لتطوير الأعمال والتسويق لموازنة العرض والطلب في سوقنا الالكتروني، علماً أننا نتلقى طلبات من المستخدمين في المدن الأخرى التي لا ننشط فيها، ما يفرض علينا ضرورة توفير العرض بعد نشوء الطلب في تلك المدن وفق استراتيجية مدروسة للتوسع".