رواد الأعمال في مرمى نيران الصراعات المسلحة بمنطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا
36%.. 49%.. 21%.. تلك النسب ليست لمعدلات النمو أو التشغيل لمنطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا بل هي للأسف على التوالي تمثل نصيب المنطقة العالمي من الخسائر والحوادث التي تسببت فيها الصراعات والعمليات الإرهابية والإصابات الناجمة عنها وكذلك الوفيات. عندما نذكر كلمة "صراع" يتبادر إلى أذهاننا على الفور الفقر، البطالة، إغلاق الشركات، هروب الاستثمارات، مع توقف الإنتاج، وتدني مستوى المعيشة، تلك الآفة الخطيرة تشهدها بعض دول منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا والتي أثرت بشكل مباشر في اقتصادها وقدرتها الإنتاجية والصناعية، وكان من أبرز المتضررين من تلك الصراعات هم رواد الأعمال حيث تضررت أنشطة شركاتهم الناشئة وتوقفت بعض مشاريعهم الريادية بل أغلقها البعض وفروا للخارج للنجاة بحياتهم وما تبقى من استثماراتهم، ليواجهوا ظروف معقدة وتطيح بالعديد من أحلامهم وطموحاتهم الوردية، ويتحول العديد منهم من مُبتكر ومُبدع إلى نازح أو لاجئ يكون كل همه البحث عن قوت يومه، لذلك لا تتعجبوا عندما نؤكد أن أول المتضررين من تلك الصراعات هم أصحاب المشاريع الناشئة التي تُقتل استثماراتهم وتتبخر طموحاتهم وتندثر ابتكاراتهم أمام أعينهم بلا اي ذنب اقترفوه، إلا أنه في ذات الوقت هناك منهم من يأبي الهزيمة ويقرر مواجهة الصعاب وتحدي الصراعات بالعمل والإنتاج حتى لو كان ذلك تحت أضواء مصابيح التليفونات المحمولة وعلى أصوات المدافع وطلقات الرصاص، وخلف صورة لمشاهد الدماء التي تغطي شوارع بعض المدن.
تاثير الصراعات على ريادة الأعمال
"رانيا كنج"، رائدة الأعمال السورية، ومدير شركة RANIA KINGE، والتي تعمل شركتها في مجال الاكسسوارات والمنتجات اليدوية، تقول: "تأسست شركتنا في عام 2013، بمدينة الشام السورية، أي وقت اشتداد الأزمة بالبلاد، تصمت قليلاً كأنها تستحضر من ذكرياتها بعض من هول ما رأت، لتعاود الحديث قائلة: "هربت مع أسرتي من مناطق الصراع والدمار، كنت أشاهد بعيني النساء يفرون مع الاطفال وكبار السن من الهجمات المسلحة، من المناطق الساخنة لأخرى، حتى أن منهم كان لا يعرف أين يذهب أو إلى أين سيتجه".
أضافت: "يؤثر الصراع بشكل هائل على رواد الأعمال، حيث أن هناك شركات لم تستطيع استقبال الأموال، وخرجت الاستثمارات من سوريا إلى لبنان، وتوقف تحويل العملات الأجنبية بشكل واسع، ولم تستطيع شراء معدات للعمل، ولم يتوافر المازوت أو البنزين، ثم انقطعت الكهرباء لدرجة أنهم اضطروا للعمل تحت أضواء المصابيح اليدوية، وزاد الأمر صعوبة عدم توافر أي برامج لدعم الشركات الناشئة.
يستكمل أحمد نحاس، رائد الأعمال السوري، والشريك المؤسس لمنصة حربوء، للتجارة الإلكترونية، الكلام قائلاً :""تؤثر الصراعات سلباً على الاستثمارات ورؤوس الأموال المغامرة التي تلعب دوراً كبيراً في دعم هذه المشاريع الريادية، حيث تتردد هذه المؤسسات المالية في التعامل مع المخاطر ودعم المشاريع في مناطق المتأثرة بالصراعات، فهي تفضل الاستثمار في دول ذات استقرار أكبر لزيادة فرص نجاح استثماراتها، لذلك فإن هذا السلوك يُقلل من فرص رواد الأعمال في الحصول على رأس المال اللازم لتحقيق أفكارهم وتحويلها إلى واقع، كما يعاني رواد الأعمال في المناطق المتأثرة بالصراعات من نقص العمالة الماهرة، حيث يهاجر أغلب هؤلاء إلى دول أكثر استقراراً، ليحسنوا دخلهم ومستوى معيشتهم، هذا النقص يجعل من الصعب تحقيق النجاح السريع في الأسواق المستهدفة، ويعد هذا التأخير أحد أكبر التحديات التي تواجه أي مشروع ريادي، فهو يُقلل من فرص بقاء المشروع وحجز حصته في السوق".
نشرت مؤسسة Chatham House، تقرير تحت عنوان "اقتصاديات الصراع في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا"، أشار إلى أنه حتى لو لم تكن الدوافع الاقتصادية هي التي أشعلت الحروب في العراق وليبيا وسوريا واليمن في البداية، فمن الواضح أن هذه العوامل تلعب الآن دوراً حاسماً في استمرار القتال المفتوح والعنف المحلي والإكراه، حيث تسببت تلك الصراعات في تشويه الأسواق وإنشاء اقتصادات فرعية متميزة عبر المناطق التي تسيطر عليها مجموعات مسلحة مختلفة، لتبرز "مناطق العبور" إلى أصول ثمينة للجماعات المسلحة وغيرها من المشاركين في اقتصاد الصراع.
يختلف "سعيد الفقيه"، رائد الأعمال اليمني، ومؤسس شركة بايليون Payllion، المتخصصة في إدارة النفقات للشركات الصغيرة والمتوسطة، مع "رانيا" في نقطة ما، حيث يرى أنه بالرغم من أن الصراعات عاملاً مثبطًا للنشاط الريادي والاستثمار في المناطق المتأثرة، وتعيق التنمية الاقتصادية والابتكار، فأنها يمكنها أيضاً أن تُظهر فرص جديدة في بعض الحالات، حيث يمكن لرواد الأعمال الابتكار والتكيف مع الوضع الحالي وتقديم حلول فريدة للاحتياجات المتغيرة في ظل الصراعات، ولكن... يوضح "سعيد" إلى أنه بشكل عام تؤدي الصراعات إلى اضطرابات في الاقتصاد وتدهور الأوضاع المالية والنقدية، حيث يتردد المستثمرون في ضخ رأس المال في الشركات الناشئة في ظل هذه الظروف غير المستقرة، مما يقلل من فرص النمو والتطوير، فضلاً عن تعذر وصول الشركات الناشئة لأسواق جديدة أو تكوين شراكات تجارية بسبب القيود والعراقيل الناجمة عن الصراع، كما أن زيادة المخاطر الصراعات تتسبب في تعقيد المشهد الاقتصادي، وتزيد من مستوى عدم اليقين لدى رواد الأعمال والمستثمرين".
يمتد التأثير السلبي للصراعات إلى الحد الذي يهدد فيه التنمية الاقتصادية بالإضافة إلى الأعمال التجارية.، حيث تؤثر الحروب سلبًا على الأعمال والصناعات، كما تقطع الاعتماد المتبادل بين الأمم، وبالتالي، سيتم حظر دخول بعض المنتجات إلى دول معينة، ذلك ما أوضحه تقرير نشرته BusinessToday، عن "تأثير الحروب على الأعمال"، حيث أبرز أن ذلك الموقف مقلق لأصحاب الشركات والأعمال والموردين وجميع الأطراف في نظام سلسلة التوريد، والسبب هو أن تعطيل جانب واحد في سلسلة التوريد يمكن أن يؤثر على جانب آخر، كما أن بعض الدول قد تكون غير قادرة على تلبية مطالب شعوبها، وتضطر لتسريح العمال، مما يؤدي إلى التضخم من خلال زيادة أسعار المنتجات. بمرور الوقت ، إذا لم يتم تسوية الصراعات، يمكن أن يتسبب ذلك في ارتفاع معدل البطالة والتضخم والتخلف والفقر، كما ستعاني بلدان الصراعات من خسارة في الدخل القومي ناتجة عن انخفاض الإيرادات الضريبية وزيادة الاقتراض الحكومي.
من جانبه يرى "وائل النطاح"، رائد الأعمال الليبي، والمدير التنفيذي لشركة Oktoviz، التي تعمل في مجال تصميم الهوية البصرية "الجرافيك، أن عدم الاستقرار السياسي والصراعات الداخلية بين الميليشيات المتناحرة في ليبيا حجر عثرة أمام أي مشروع خاص. هذا الصراع المستمر تسبب في انقطاع الكهرباء لساعات طويلة متواصلة أثناء النهار والليل وطوال أيام الأسبوع، ناهيك عن انقطاع المياه أو الوقود لأيام عديدة، فتلك الصراعات التي تحدث بين وقت وآخر في العاصمة الليبية طرابلس ومدن أخرى، يجعلها بيئة طاردة ليس لنشاط رواد الأعمال فحسب بل لأي عمل فكري، فني أو إبداعي".
يضيف "وائل": "في ظل هذا الوضع الراهن، يعتبر نقص التمويل أيضاً عقبة رئيسية أمام بناء شركة ناشئة في ليبيا. حيث لا يوجد مستثمرون مؤسسون نشطون، ولا يؤمن السكان المحليون بوضع أموالهم في الشركات الناشئة، ونظراً لضعف العملة المحلية أمام الدولار ومع عدم وجود استثمارات أو شركات أجنبية فإن معظم الشركات الناشئة في ليبيا - من وجهة نظري - تعمل على تحقيق هامش ربح بسيط جداً تستطيع من خلاله فقط الصمود، ولكن يبقى تحدي تحقيق أي نمو حقيقي للشركات مجرد طموح لا أكثر، وقد أدى ذلك إلى إخفاقات العديد من الشركات الناشئة".
إهمال دراسة العلاقة بين ريادة الأعمال والعنف القائم على الدولة هو ضعف واضح بالنظر إلى انتشار الصراع في جميع أنحاء العالم، ذلك ما أكده تقرير حول "الصراع وريادة الأعمال"، نشرهIZA – Institute of Labor Economics، في دليل إرشادي صدر في فبراير 2023، ليستنتج أن الصراع المسلح سيؤثر على ريادة الأعمال من خلال الفرص التي كان من المُمكن أن تتوفر لرواد الأعمال في حال الاستقرار، حيث يغير الصراع كيفية اكتشافهم وتقييمهم واستغلالهم للفرص.
بحسبIZA – Institute of Labor Economics إذا غاب الصراع العنيف في العالم منذ عام 1970، كان الناتج المحلي الإجمالي العالمي سيكون أكبر بنسبة 12 ٪، وهذا يعني أن الصراع العنيف يقلل من نمو الناتج المحلي الإجمالي السنوي النمو بنحو 0.9٪ في المتوسط، كما أن الحرب الأهلية تقلل من معدلات النمو السنوية في البلدان المتضررة من الصراع بنسبة 2.2٪ في المتوسط، كما أن الاقتراب من الصراع العنيف يقلل من أرباح الشركات بنسبة 20٪.
ريادة الأعمال وصناعة السلام
حذر المعهد الدولي للدراسات الاستراتيجية IISS، في تحليله الإقليمي للشرق الأوسط وشمال أفريقيا، من أنه اعتبارًا من منتصف عام 2022، لم تظهر الحروب في ليبيا وسوريا واليمن أي علامة على الانتهاء، بل على العكس فقد تطورت وركدت وأصبحت مستعصية على الحل، كما شهد الصراع الإسرائيلي الفلسطيني تدهوراً حاداً هو الأخر، لذلك بالتأكيد سيكون السلام هو الحل الوحيد المُتبقي لبعض دول تلك المنطقة للخروج من دوامة العنف والصراعات والانهيار الاقتصادي الحاد آفاق جديدة تُبنى على السلم، والمنفعة الاقتصادية المشتركة، وتحقيق مصالح الشعوب التي دمرتها الصراعات المسلحة، وبما أن المنطقة تعتمد اقتصادياً بشكل كبير على الشركات الناشئة، ويشكل الشباب غالبية سكانها، وهم أيضاً أبرز المتضررين من تلك الصراعات، لذلك من المُمكن أن يكون لهم الدور الأبرز لتسوية تلك الصراعات سليماً عن طريق الأدوات الاقتصادية المختلفة، ومشاريعهم الناشئة القائمة على الابتكار، ليتحول الفارين واللاجئين والنازحين منهم من أشباه بشر إلى رواد أعمال ناجحين وأصحاب مشاريع قادرة على المنافسة الدولية.
يؤكد "سعيد" أن لديه أمل كبير وإيمان جازم بأن أي صراع لابد ان ينتهي بطريقة او بأخرى، مع ذلك، يمكن أن يكون للمنطقة أيضاً إمكانيات للنمو والتطور في المستقبل، وذلك من خلال الجهود المشتركة لإعادة بناء الاقتصادات المتضررة والاستثمار في البنية التحتية وتنمية القطاعات الاقتصادية الواعدة، التي ستحقق تعافٍ ونمو في المنطقة، بالإضافة إلى ذلك، قد تنشأ فرص جديدة للابتكار والتجارة والاستثمار بمرور الوقت، يرى "سعيد" أنه بشكل عام، يمكن لرواد الأعمال أن يكونوا عناصر محركة للتغيير الاجتماعي والاقتصادي في دولهم، حيث يساهمون في تحسين الوضع الاقتصادي والاجتماعي، وتعزيز السلم والاستقرار، عبر التوظيف وخلق فرص العمل، وتحقيق التنمية المستدامة، تعزيز التكنولوجيا والابتكار، وتعزيز ريادة الأعمال وثقافة المبادرة".
وهذا أيضاً ما تؤكده دورية Business & Society، التي توضح أن ريادة الأعمال تساهم في بناء السلام من خلال تقديم مساهمات مختلفة لدعم السلام على مستوى المجتمع، حيث تركز مساهمة رواد الأعمال عادة على بناء السلام داخل أماكن تشترك في خصائص جغرافية مشتركة؛ ومع ذلك، يمكن أن تتشكل المجتمعات أيضاً على أساس الثقافة أو المصالح المشتركة التي تربط بناء السلام بالريادة المجتمعية، ووقف العنف، وهو ما يُطلق عليه "سلام كبير"، حيث يساهم رواد الأعمال في ممارسات إنشاء القيمة، حيث يُمكن أن تشمل هذه الممارسات خلق القيمة الاقتصادية وما وراء الأعمال التجارية، وذلك من خلال خلق القيمة الاجتماعية والبيئية، حيث يمكن أن يشمل ذلك - على سبيل المثال لا الحصر - دفع الأجور فوق السوق، أو تقديم ظروف العمل فوق السوق، أو الانخراط في بناء القدرات كالتدريب أو الأعمال الخيرية، فكل ذلك يساعد على تقليل الفقر – وهو من أبرز مُحركات الصراع - بشكل مباشر أو غير مباشر.
يتفق "النحاس" مع ذلك موضحاً أنه بسبب جرأة رواد الأعمال وقدرتهم على مشاريع رائدة، فهم يلعبون دوراً مهماً في خلق وتأمين فرص عمل في الدول التي ينشطون بها، ومن المفترض أن تعزز هذه الجرأة استثمارات رؤوس الأموال، مما يُحسن الإنتاجية والابتكار، وأيضاً يقلّل من هجرة العقول والأيدي العاملة عالية المستوى، ويشجع الكفاءات على البقاء في بلدهم والاستفادة من فرص العمل ذات البيئة الريادية.
يقاطعه "وائل" مؤكداً أنه يُنسب إلى الشركات المحلية الناشئة ورواد الأعمال بشكل متزايد إمكانية لعب دور حاسم في الانتعاش الاقتصادي. أولاً، من خلال توفير الوظائف والدخل والمنتجات والخدمات والبنية التحتية التي تشتد الحاجة إليها، فهي لا توفر فقط للمحتاجين مصدر رزق، بل إنها تحفز أيضاً على الشعور بالأمن والثقة التي يمكن أن تجتذب استثمارات مباشرة أجنبية.
أبرزت ورقة بحثية عن "بذرة الاستقرار المستقبلي: كيف يمكن أن تساعد النظم الإيكولوجية الناشئة في بناء السلام؟"، نشرها Middle East Institute في فبراير 2023، الدور الذي يمكن أن تلعبه الشركات الناشئة في الاستقرار، وبناء السلام، وحل النزاعات، وتأثير رواد الأعمال على تحسين مناطق الصراع، عن طريق إتاحة الفرص لنمو الشركات المحلية الجديدة، التي يُمكن أن تصبح أقوى وأكثر استدامة، عندما يتم تشجيع ظهورهم بشكل استباقي للصراع، وذلك عن طريق تفير الدعم السياسي والاستثماري للشركات الناشئة وتمكينهم من النمو.
قبل أن تنهي "رانيا" حديثها رغبت في أن تشير إلى أن عودة الأمن والسلام للدولة يتطلب توفير فرص عمل ومستوى معيشي معقول للجميع بمن فيهم الشباب، لأن البعض يستخدمهم كوقود للصراعات ويعطيهم أسلحة لمحاربة بعضهم البعض، فالصراع دمر كافة القطاعات وتسبب في انهيار المستوى المعيشي للعديد من المواطنين السوريين، لذلك فرواد الأعمال لهم دوراً فعالاً في تنشيط التوظيف، مما سيُمكن مختلف فئات وشرائح المجتمع من التوافق المجتمعي ونبذ النزاعات، لأن الجميع سينهمك في العمل تحت سقف واحد، ويفيد ويستفيد".
قد يكون مفتاح الباب الذي تعثر الكثيرون في فتحه أمامهم وهم في ذات الوقت يبحثون عنه في أماكن أخرى، فرواد الأعمال الذين ينتشرون بمختلف دول المنطقة، يستطيعون إذا أتيحت لهم الفرصة للمشاركة في العملية الاقتصادية والتنموية بصورة أكبر المساهمة في تسوية الصراعات العنيفة، وربما الحد من العمليات الإرهابية التي تتغذى على العاطلين والجوعى من السكان، حيث أن الشركات الناشئة قادرة على ابتكار مجالات جديدة للاستثمار، توفير فرص عمل مختلفة، تعزيز الشراكات التجارية الإقليمية، وزيادة فرص التبادل التجاري بين دول المنطقة، وهو ما سيكون له بالغ الأثر في تحسين مستوى معيشة المواطنين، وتنمية مستوياتهم التعليمية والثقافية والفكرية، والتي ستنعكس صورتها في سلام يعُم أثره على جميع شعوب المنطقة.