لودفيج ليندرماير هو محامٍ متخصص في براءات الاختراع والعلامات التجارية، ويعمل في شركة PAUSTIAN & PARTNER للمحاماة. ويتناول في سلسلة من مقالات الريادة الفكرية أساسيات الملكية الفكرية، ويُوضح أفضل طريقة تحمي بها الشركة الناشئة ملكيتها الفكرية.

نظراً إلى أن الجلسة الماضية كانت تدور حول موضوع براءات الاختراع، وهو موضوع "غير مشوق" في بعض الأحيان، سنلقي نظرة في هذه الجلسة على موضوع أكثر تشويقاً، ألا وهو موضوع العلامات التجارية. 

ما هي العلامات التجارية؟ 

قد تتألف العلامة التجارية من أي إشارات تميز سلع أو خدمات شركة ما عن سلع وخدمات الشركات الأخرى، لا سيما الكلمات. وتشمل تلك الإشارات أسماء الأشخاص، أو التصاميم، أو الحروف، أو الأرقام، أو الألوان، أو شكل السلعة أو تغليفها، أو الأصوات. 

إذا كانت لديك علامة تجعل الناس يتذكرون شركتك عندما يرون هذه العلامة، فقد يكون لديك بالفعل علامة تجارية. ومن أشهر الأمثلة على ذلك: علامة "سووش" الخاصة بإحدى شركات الملابس الرياضية، والشكل المثلث لقطعة الشوكولاتة، وشكل القارورة الزجاجية –حتى عندما تكون فارغة من المشروب الداكن الحلو– والنعل الأحمر على الكعب العالي. يكاد الجميع يعرف عمّا أتحدث هنا بدون ذكر أسماء الشركات. وهذا بالضبط هو دور العلامة التجارية: يراها الناس فيتذكرون شركتك.

والعائق الوحيد هو أنه يجب تمثيل العلامة في السجل بوضوح ودقة. وكان ذلك هو السبب الذي حال دون تسجيل إحدى الروائح كعلامة تجارية لكرات الغولف (كانت تلك الرائحة عبارة عن عشب مقطوع حديثاً)، لأنه تعذر تمثيلها بوضوح ودقة.

ولا شك أن العلامات التي يمكن تسجيلها تختلف من ولاية قضائية إلى أخرى. وتوجد عدة احتمالات لكيفية تسجيل العلامة التجارية، منها تسجيلها على المستوى الوطني لدى مكتب البلد المعني، أو تسجيلها على المستوى الإقليمي (مثل العلامة التجارية الأوروبية)، أو على المستوى الدولي (مما يسهل استخدام علامتك التجارية في بلدان كثيرة). ويُطبَّق في هذا الصدد عدد هائل من القواعد والقوانين المختلفة، لذلك يُفضَّل أن نتوقف فيه عند هذا الحد، وإلا فقد نتوه في متاهة الملكية الفكرية.

ومن أجل التقدم بطلب لتسجيل علامة تجارية، ستحتاج إلى علامة، وقائمة بالسلع و/أو الخدمات التي تريد أن تحميها بموجب هذه العلامة. ويعتمد تنظيم هذه القائمة على ما يسمى "تصنيف نيس"، وهو تصنيف يضم 45 فئة (الفئات من 1 إلى 34 للسلع، ومن 35 إلى 45 للخدمات) تغطي جميع السلع والخدمات التي يمكن تخيلها. وقد وُضِع هذا التصنيف في عام 1957، ولا يزال يخضع للتعديل، فكثيراً من السلع والخدمات الموجودة في التصنيف اليوم لم تكن تخطر على بال أحد في ذلك الوقت (مثل الإنترنت، والطباعة الثلاثية الأبعاد، وما إلى ذلك). ولذلك يتطور التصنيف بمرور الوقت، وستجد كل سلعة أو خدمة جديدة مكاناً لها ضمن إحدى الفئات الخمس والأربعين. وعادة ما يكون لعدد الفئات تأثير كبير على تكاليف طلب العلامة التجارية.

وإذا وجدت علامتك، وحددت قائمة السلع أو الخدمات التي تقدمها، وحددت أيضاً المكتب الذي ترغب في تقديم طلبك لديه، فعادة ما سيكون أمامك حاجزان يتعين اجتيازهما خلال عملية التسجيل:

1. يجب ألا تكون علامتك وصفية للسلع و/أو الخدمات التي تريد حمايتها بموجب العلامة؛

2. ويجب ألا تكون هناك علامة تجارية قديمة ربما يحدث خلط بينها وبين علامتك التجارية.

وتوجد سوابق قضائية كثيرة بشأن هذين الأمرين في جميع أنحاء العالم، لذلك سأتحدث عن كل نقطة من حيث المبدأ فقط. إذا كنت ترغب في تسجيل كلمة "حليب" لسلعك التي تنتمي إلى فئة "المشروبات؛ الزبادي" ولخدمة "شوي السمك"، فمن المرجح أن تواجه مشكلات لأن علامتك ستُعتبر وصفية للسلع و/أو الخدمات المطلوب حمايتها. إليك مثال آخر: من المؤكد أن تسجيل علامة تفاحة مقضومة من شأنه أن يسبب مشكلات إذا كانت السلع المطلوب حمايتها بهذه العلامة هي "فاكهة"، ولكن لن يكون الأمر كذلك إذا كانت السلع هي هواتف محمولة أو أجهزة كمبيوتر.

وإذا حاولت تسجيل علامة كمثرى مقضومة للهواتف المحمولة وأجهزة الكمبيوتر، فمن المرجح أن تواجه مشكلات تتعلق بالنقطة الثانية المذكورة أعلاه.

ولا شك أن العلامات التجارية من حقوق الملكية الفكرية التي يمكن للشركات الناشئة أن تقوم بنفسها بجزء لا بأس به من الأعمال التحضيرية لتقديم طلب تسجيلها.

فوائد العلامات التجارية:

• العلامات التجارية غير مكلفة إلى حد ما: فإيداع طلب لتسجيل علامة تجارية أوروبية (EUTM) سيكلفك، في أبسط الحالات، 850 يورو نظير رسوم المكتب الأساسية لطلب تسجيل علامة تجارية في فئة واحدة. وفي حالة تسجيل العلامة الواردة في الطلب المذكور، ستحصل على الحماية في الاتحاد الأوروبي بأكمله من خلال طلب واحد فقط. ويُرجى العلم أن نطاق الحماية بموجب علامة تجارية أوروبية به ثقب في المنتصف، ألا وهو سويسرا.

• يمكنك الحصول على العلامات التجارية بسرعة: فإن كانت براءات الاختراع قد تستغرق عدة سنوات، فإن الحصول على علامة تجارية لا يستغرق سوى بضعة أشهر.

• سهولة الفصل في القضايا: فمقارنة الصور أسهل من فهم الأوصاف التقنية. كما أن إنفاذ العلامة التجارية يستغرق وقتاً أقل بكثير. وعادةً ما تكون إجراءات العلامات التجارية أبسط بكثير، مقارنةً بجميع العقبات التي عليك تجاوزها في حالة انتهاك براءات الاختراع.

• صندوق العلامات التجارية مليء بالأدوات: كن مبدعاً واحصل على حماية واسعة. يمكنك الحصول على الحماية لجميع أنواع الأفكار المجنونة: الكلمات، والشعارات، والألوان، والأماكن التي تضع فيها اسمك، وشكل المنتج أو العبوة، والأصوات، وما إلى ذلك.

• العلامة التجارية هي ذروة سنام حقوق الملكية الفكرية: فيمكن أن تستمر إلى الأبد. وإذا اعتنيت جيداً بعلاماتك التجارية، فلن تفقد رونقها أبداً. ومحامي العلامات التجارية على علم بجميع تعليمات العناية الجيدة. 

وبالطبع، ليست كل أمور العلامات التجارية سهلة وبسيطة، فهناك بعض الأمور التي يجب مراعاتها:

• استخدم علامتك التجارية وإلا فقدتها: يجب استخدام العلامات التجارية بشكل صحيح، ويجب أن يكون ذلك الاستخدام مُوثَّقاً توثيقاً جيداً لأنك ربما تحتاج إلى ذلك في أي نزاع ينشأ لاحقاً بشأن العلامة التجارية. وقد يتسبب ذلك في مشكلات كثيرة في الحياة اليومية.

• عليك بالاعتناء بالعلامة التجارية: فالعلامات التجارية تحتاج إلى العناية بها، فيجب على سبيل المثال، استخدامها بشكل صحيح وحمايتها من المساس بها. وأكرر أن عليك استشارة محامي العلامات التجارية للحصول على نصائح بشأن العناية بالعلامة التجارية.

• الاحتياط واجب ويجنبك الندامة (والإفلاس): سجِّل بمقدار أكبر من المطلوب، وليس أقل منه، وينطبق ذلك على تحديد السلع والخدمات والبلدان عند التسجيل. فمن المكلف للغاية، على سبيل المثال، أن ترفع دعوى قضائية في بلد تم فيه تسجيل علامتك التجارية بعد أن فات الأوان واختطفها غيرك. ومن الأرخص بكثير أن تسجل علامتك التجارية في مزيد من البلدان والفئات، بدلاً من أن تفوتك دولة يتبين فيما بعد أنها ضرورية وأنك قد استبعدتها "توفيراً للمال".

ويُنظر أحياناً إلى العلامات التجارية على أن قيمتها أقل من قيمة براءات الاختراع، خصوصاً في الشركات الناشئة والشركات الصغيرة والمتوسطة العاملة في مجال التكنولوجيا، ولكني أرى أن ذلك خطأ كبير. فالعلامات التجارية تحمي سمعة الشركة، بل وتحمي أحياناً الميزة التي تجني بها الشركة أرباحها. ولا غنى للشركة الناجحة عن العلامات التجارية لأنها تساعد على حماية استثماراتك في التسويق.

والقاعدة الذهبية هي: إذا كنت تكسب المال باستخدام علامة ما (بدايةً من اسم الشركة وشعارها)، فيجب أن تكون حقوق الملكية الفكرية ملكاً لك.