startup studio لأول مرة في بيروت
مسرّعات الأعمال accelerators، وحاضنات الأعمال accelerators، ومساحات العمل المشتركة coworking spaces، ومساحات المبدعين hackerspaces، ومساحات الصانعين makerspaces، ومختبرات التصنيع fablabs، والمختبرات الحيّة livinglabs؛ كلّها تسميات جاءَت لإبراز قيمة المساحات التعاونية بالنسبة للشركات الناشئة. وساهم هذا التنوّع في المساحات في بعض الأحيان في إنشاء مجتمعات ريادية أو ساهم في استدامتها واستدامة البيئة الريادية ونموّها.
وفي الآونة الأخيرة، انضمّ إلى هذه المجموعة ما يُعرَف باسم "استوديو الشركات الناشئة" startup studio، وقد أصبح عددها حتّى الآن أكثر من 300 استوديو يختصّ كلّ منها بمجالٍ أو قطاعٍ معيّن.
ما هي هذه الاستوديوهات وما الذي تفعله؟ باختصار، استوديوهات الشركات الناشئة هي نوعٌ جديدٌ من مسرّعات الابتكار: بدلاً من تسريع أعمال شركةٍ ناشئةٍ منشأةٍ سابقاً كما تفعل حاضنات ومسرّعات الأعمال التقليدية، تشارك هذه الاستوديوهات في تأسيس الشركات الناشئة.
بعبارة أخرى، استوديو الشركات الناشئة هو شركة تُطلق شركات، وفي بعض الأحيان يكون هو مَن يطلق أفكارها الإبداعية، ويختار الأشخاص المناسبين للفريق (ومنها "روكيت إنترنت" Rocket Internet بشكلٍ جزئيّ، أو "نكست ستارز" Nextstars، أو "إي فاوندرز" eFounders التي تركّز على المشاريع التي تقدّم البرمجيّات كخدمة SaaS).
تطوّر هذه الاستوديوهات أيضاً أفكاراً غير مستغلّة من قبل الشركات الكبرى وروّاد الأعمال، ومن ثمّ تؤسّس شركات لتنفيذ هذه الأفكار (مثل "كو بيلدرز" Co.builders، و"تكنو فاوندرز" TechnoFounders، و"بتوينز" Btwinz للمشاريع التي تقدّم البرمجية كخدمة، و"ستارتب فاكتوري" StartupFactory).
تقدّم استوديوهات الشركات الناشئة الدعم بدءاً من الأفكار وصولاً إلى التنفيذ، كما تنسّق مع الشركات الناشئة في المجالات ذات الصِّلة. وإلى جانب الإرشاد والمساعدة العملية، يمكن لاستوديوهات الشركات الناشئة لعب دور المستثمر المخاطر من حيث توفير التمويل للشركات الناشئة التي تستعدّ للإقلاع.
لبنان يلحق بالرُّكب
افتتح زياد جريديني وكارل أبو زيد استوديو شركات ناشئة في بيروت باسم "سكويرل لاب" Sqwirl Lab. ويتمثّل دوره في تحضير الأفكار وتأسيس الشركات الناشئة داخل الاستوديو، بالإضافة إلى تولّي جميع المهام الإدارية والتشغيلية والتطويرية اللازمة لتنمية المشاريع وجعلها كيانات قائمة بذاتها.
يقول جريديني لـ"ومضة": "نركّز على المفاهيم ذات التوجّه التكنولوجي والتي تصل إلينا في مرحلة الأفكار، ونعمل بدورنا على مساعدة أصحاب هذه الأفكار في تحويلها إلى منتَجٍ فعليّ".
ويضيف أنّه "بخلاف مسرّعات وحاضنات الأعمال التي تقدّم الإرشاد وبرامج من 6 إلى 12 شهراً، يمكن للشركات الناشئة التي نساعدها أن تبقى معنا حتّى تصبح شركات مستقلّة".
يوفّر استوديو "سكويرل لاب"، عند الحاجة، تمويلاً تأسيسياً وتمويل متابعة لمشاريع مختارة، بالشراكة مع شركة الاستثمار المخاطر في بيروت "ليب فينتشرز" Leap Ventures، وتتراوح قيمة كلّ استثمار بين 10 آلاف و150 ألف دولارٍ أميركيّ، كما يشرح الشريك المؤسّس جريديني.
جاء مفهوم "سكويرل لاب" بعد تأسيس جريديني لتطبيق "سكويرل" Sqwirl الذي يوفّر خدمات التوصيل في تشرين الأول/أكتوبر 2015. في ذلك الوقت تمكّن جريديني من إقناع صديقه أبو زيد للانضمام إليه، ثمّ شاركا في مسرعّة الأعمال "سبيد آت بي دي دي" Speed@BDD في نيسان/أبريل 2016 حيث حصلا على تمويلٍ وإرشاد ودعم.
أنجزت الشركة نحو 5 آلاف عملية توصيل حتى كانون الثاني/يناير 2017، ولكنّها توقّفت عن تقديم عمليات التسليم في آذار/مارس من العام نفسه وتحوّلت إلى استوديو للشركات الناشئة بالتعاون مع "ليب فينتشرز".
هذا التغيير في محور العمل يعتبره جريديني "أساسياً للنجاح خصوصاً عند بروز فرص واعدة أكثر، كما أنّه بقي أمراً لا يغيب عن ذهننا عند العمل على تنمية شركةٍ ناشئة".
بداية جيّدة
تُعتبر "سكويرل لاب"، الشركة الناشئة الجديدة التي تحوّلت إليها "سكويرل"، أوّل عملية تخارج ناجحة لمسرّعة الأعمال "سبيد".
وقد أسّست "سكويرل لاب" ثلاث شركات ناشئة حتى الآن، هي: "هولو" Haulo (خليفة "سكويرل")، وهي سوق رقمية للشركات اللوجستية تبسّط التعاملات بين أصحاب الشحنات وشركات النقل؛ و"سوشالانج" sociaLang، وهي منصّة تربط بين طلّاب اللغة الثانية في جميع أنحاء العالم؛ والشركة الثالثة هي منصّة تساعد في تطوير منتَجات قابلة للحياة بالحدّ الأدنى MVP وتقدّم خدمات في التفكير التصميمي design thinking للشركات الناشئة.
يسعى أبو زيد وجريديني للتشارك مع روّاد أعمال لتحقيق أفكارهما، "فنحن خبرنا مدى صعوبة تأسيس شركةٍ ناشئة" كما يقول أبو زيد الذي يضيف: "إمكانيات الابتكار في لبنان هائلة، وأعتقد أنّه مع مفهوم استوديو الشركات الناشئة سنتمكّن من وضع لبنان على الخارطة العالمية للشركات الناشئة، ولهذا نحن نساعد في تأسيس الشركات الناشئة بطريقةٍ جديدة".
في المنطقة والعالم
على الرغم من حداثته، وجد مفهوم استوديوهات الشركات الناشئة طريقه إلى منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا.
"ليفيل زي" Level Z هو استوديو شركات ناشئة في البحرين، تأسّس العام 2015 لإنشاء شركات ناشئة ومنتجات مبتكرة تعالج مشاكل حقيقية. ومن الشركات الناشئة التي أنتجها، شركة "سكيب لاينو" Skiplino التي تحاول إيجاد حلول لخطوط الانتظار الطويلة التي يقضي فيها الفرد ما معدّله ستة أشهر من حياته.
تهدف "سكيب لاينو" إلى معالجة هذه المشكلة عن طريق حلّ آليّ وذكيّ عبر الهاتف المحمول، وذلك لإدارة عملية الانتظار في الطوابير وتمكين الناس من حجز دورٍ لهم أينما كانوا، ما يوفّر الكثير من وقتهم.
وعلى الصعيد العالمي، كانت شركة "روكيت إنترنت" الألمانية و"بيتا ووركس" Betaworks في نيويورك من أوائل الذين أطلقوا استوديوهات الشركات الناشئة. وكان هدف "روكيت إنترنت" يتمثّل في نسخ الشركات الناشئة الأميركية الناجحة وإطلاقها في مناطق جغرافية مختلفة.