منصّة تدريس خصوصي في السعودية تنجح في استقطاب مليون طالب
بعد عامٍ على الفشل في مشروعٍ لحلول التجارة الإلكترونية بسبب عدم جهوزية السوق، أسّس الرياديان السعوديان محمد الضلعان وعبدالعزيز السعيد منصّةً تعليمية نجحت في استقطاب أكثر من مليون طالبٍ سعودي في المرحلة الثانوية.
أطلق المؤسّسان منصّة "نون" Noon في نهاية عام 2013 بعدما لاحظا أنّ هناك فرصاً في التدريس الخصوصي، "وهي سوقٌ تقدّر بثمانية مليارات دولار في العالم العربي إضافةً إلى أنّها سوق غير ناضجة ومجزأة"، بحسب الضلعان.
تركّز المنصّة حالياً على مساعدة "الطلّاب السعوديين في اجتياز "الاختبار التحصيلي" و"اختبار القدرات"، وهما اختباران ضروريان في السعودية لقبول الطلاب في الجامعة وقد يحدّدان الاختصاص الذي يريده الطالب بحسب نتائجه في هذا الاختبار.
تريد "نون" تريد أن تستبدل عملية اللجوء إلى الجيران لسؤالهم عن مدرّسٍ خصوصيّ لا تعرف مستواه، بمنصّةٍ تدرس بنفسك عليها وتمكّنك من الحصول على مدرّسين خصوصيين عند الحاجة ومن ثمّ تقييم تجربتك معهم.
يمكن للمستخدم التسجيل مجّاناً على "نون" للاستفادة من المحتوى التعليميّ واختيار الصفّ والمادّة التي يريد دراستها بنفسه. وبعد ذلك، تظهر له "بطاقات الشرح" التي تتضمّن شرحاً للدرس مع رسومات ذات صلة، يليها تمارين وأسئلة يجيب عليها الطالب قبل أن يطّلع على نتائجه في ما يشبه الرسم البيانيّ ويتضمّن نقاط ضعف الطالب وقوّته.
وفي حال لم يفهم المستخدم الدرس، يمكنه طلب الاستعانة بمدرّس خصوصيّ.
يقول الضلعان إنّ "نون" تختار المدرّسين الذين يريدون الانضمام إليها على مراحل: بعدما ينجح المرشّح في اختبارٍ لقياس سرعة البديهة والقدرة على الحلّ، تزوّده "نون" بنماذج عن الدروس التي تتيحها لكي يتمرّن عليها. وبعد ذلك، يرسل المدرّس المرشّح مقطع فيديو يشرح فيه الدروس، قبل أن يمرّ في مقابلةٍ أخيرة تحدّد من خلالها "نون" إذا كان مؤهّلاً للعمل معها أم لا.
منصّة المليون طالب
تقترب منصّة "نون" حالياً من ضمّ مليون طالب تقريباً من طلاب المرحلة الثانوية في السعودية، وهذا لم يكن ليحصل لولا تغيير نموذج العمل.
استفاد الشريكان من تجربتهما الريادية السابقة وأطلقا "نون" بنموذج عملٍ يقوم فقط على الاشتراكات، غير أنّه لم يسجّل في المنصّة سوى عدد قليل، وذلك "بسبب خيار التسجيل الإلزامي في المنصّة، والأسعار المرتفعة بعض الشيء، وعدم جهوزية السعوديين في ذلك الوقت للدفع على الإنترنت مقابل التعلّم"، وفقاً للضلعان.
ترك الأمر صدمةً للثنائي دفعَت بهما إلى تغيير نموذج العمل ليصبح بصيغة "فريميوم"، أي يوفّر التسجيل مجاناً ويتيح معظم خدمات التعلّم الذاتي مجاناً فيما يدفع المستخدِم مقابل الدروس الخصوصية. وبالتالي، تمكّنت الشركة من تحقيق نقطة التعادل والاستمرار.
مكّن هذا النموذج منصّة "نون" من جذب نحو 100 ألف طالبٍ في خريف العام 2014 فقط، "ما شكّل دافعاً لنا لكي نستمرّ وساهم في الترويج للمنصّة وجعلنا نؤمّن كتلة المستخدمين اللازمة لنموذج العمل critical mass"، على ما يشرح السعيد.
وبعدما لاحظ الفريق أنّ أغلب الطلّاب ينشطون على المنصّة في أوقات الاختبارات، أدخل طريقةً لدراسة الرياضيات والفيزياء والإنجليزية لكي ينشط المستخدم على مدار العام.
تجني المنصّة عائداتها من الدروس الخصوصية، إذ يستطيع المستخدِم طلب المساعدة من مدرّسٍ من أصل 100 مسجّلين على "نون"، فيما تتقاضى هذه الأخيرة أقلّ من ريالٍ سعوديّ واحدٍ على الدقيقة (نحو 50 ريالاً أو 13 دولار أميركيّ مقابل كلّ ساعة).
يأتي معظم المدرّسون المسجّلون من مصر، ما يمكّن "نون" من تقديم خدماتها بأسعار أقلّ من المدرّس الخصوصي العادي الذي يتقاضى بين 180 و250 ريالاً سعودياً (48 إلى 66 دولاراً أميركياً) في الساعة.
ويستطيع المدرّس الخصوصيّ التواصل مع الطالب على المنصّة، عبر المحادثة الفورية، أو الاتّصال الصوتيّ. بالإضافة إلى ذلك، يمكن للمدرّس استخدام شاشة الهاتف أو الحاسوب اللوحي لإنشاء رسمٍ توضيحي يساعد الطالب في فهم الدرس.
أمّا فريق "نون" فهوي يضمّ 25 شخصاً بدوامٍ كامل، ينتشرون بين السعودية ومصر والهند، يهتمّون بالشؤون الإدارية والتوريد والتقنية، إضافة إلى 50 شخصاً بدوامٍ جزئيٍّ يهتمّون بالمحتوى.
المنافسة لا تمنع التكامل
المنصّات التعليمية ليست جديدةً على المنطقة، ولكن يبدو أنّ كلّاً منها يتخصّص في تقديم خدمةٍ معيّنة لكي يستفيد من الفرص الكامنة في السوق.
تشهد المنطقة العربية والسعودية خصوصاً طفرةً في الشركات الناشئة التي تُعنى بالتعليم، ومنها "طموح" Tomooh الذي يستهدف الطلّاب السعوديين الذين يريدون تحسين مستواهم في اختبارَي "القدرات" و"التحصيلي"، و"درّسني" Drresni للدروس الخصوصية.
لكن ما يميّز "نون"، برأي الضلعان، هو نموذجها القائم على خدمات "الفريميوم" والذي خوّلها جذب عددٍ كبيرٍ من المستخدمين، وبالتالي الحصول على اعتمادٍ أكاديميّ من "المركز الوطني للقياس"، المعنيّ مباشرة بتنظيم اختبارات "القياس".
ويرى الريادي السعوديّ أنّه يمكن التكامل مع المنافسين في بعض الأحيان، مثل "نفهم" Nafham المصرية التي "نسعى إلى إبرام شراكةٍ معها في أمورٍ كاللجوء إلى ’نون‘ للعثور على مدرّسٍ يشرح لك درس الفيديو المقدّم على ’نفهم‘".
لا تدع التحدّيات تعيقك
يتمثّل التحدّي الأبرز الذي تواجهه "نون" ومعظم الشركات الناشئة في السعودية في حذر الناس من الدفع عبر الإنترنت، وعدم إتاحة المصارف لعمليات الدفع المتكرّرة، وفقاً للضلعان.
لهذا، تستقبل "نون" الاشتراكات عبر حوالات مالية، ولكنّ الضلعان يشير إلى أنّ هذه الطريقة تحدّ من عدد المستخدِمين الذين يدفعون، خصوصاً مقابل الخدمات التي تتطلّب تلقّي دفعاتٍ متكرّرة شهرياً. أمّا "الدفع المتكرّر عبر بطاقات الائتمان فهو يسهّل عملية الدفع ويشجّع المستخدم على شراء المنتَجات الرقمية".
حصلت "نون" على تمويلٍ من ثمانية مستثمرين أفراد معروفين، مثل مدثر شيخة، الشريك المؤسّس لشركة "كريم" Careem.
وفي الفترة المقبلة، ستقدّم الشركة السعودية مزايا إضافية مثل منصّةٍ تفاعلية للتواصل بين الطلاب والأستاذ والأهل، تخوّل الطلّاب إنجاز الواجبات المنزلية، وتمكّن الأستاذ من تصحيحها مباشرةً"، وفقاً للفريق المؤسّس.