ريادية سعودية تصل مقدّمي الخدمات بالعملاء عبر مناقصات مصغّرة
بعد العمل لعشر سنوات في مجالات التحليل الاستثماري والتحليل المالي وإدارة الخدمات المساندة support services (أي الخدمات الداعمة للعمليات الرئيسية للشركة)، وصولاً إلى تولّي منصب تنفيذيّ، تركت السعودية وفاء الأشولي عالم الشركات الكبرى لتؤسّس شركتها الخاصّة.
في نهاية العام 2016، أطلقت الأشولي شركة "سيرفيس" Serviis التي تمكّن المستخدمين من العثور على مقدّمي خدمات، رغبة منها في إطلاق عملٍ خاصٍّ بها ولأنّها رأت أنّ البيئة الريادية أصبحت أكثر نمواً ومحطّ اهتمامٍ ودعمٍ من قبل الدولة.
وبالفعل، أفاد تقرير صادر عن "مختبر ومضة للأبحاث" WRL أنّ عدد منظّمات دعم ريادة الأعمال في المملكة - مثل صناديق التمويل ومساحات العمل المشتركة ومسرّعات الأعمال والحاضنات - ارتفع من 13 مؤسَّسة بين عامي 2011 و2010 إلى 36 مؤسَّسة بين عامي 2011 و2015.
كانت الأشولي تدير قسم الخدمات المساندة في "مجموعة المهيدب" Almuhaidib وتتولى مسؤولية تقسيم مهام العمال، فألهمها هذا لإنشاء منصّةٍ تدير مثل هذه الأعمال ولكن لعامة الناس. ساعدها في ذلك التعرّف إلى جياكومو زييني، الإيطالي الذي جاء إلى المملكة للعمل على تصميم برنامجٍ لإدارة العمّال، والذي أصبح شريكها في التأسيس ويتولّى مسؤولية تصميم موقع "سيرفيس" من دبي.
وفيما بعد انضمّ إلى الفريق شريكان من إيطاليا مهتمان بالشؤون الاستراتيجية للشركة، هما فينشنسو بورقونيا وأليكس ديلي كوادري اللذان عملا سابقاً في السعودية.
تقدّم الشركة خدماتها في عددٍ من المدن مثل جدة ومكة والرياض، ويضمّ فريق العمل الذي يستقرّ في جدة أربعة أشخاصٍ سعوديين حالياً يعملون في التسويق وخدمة العملاء.
مناقصات أسعار لكلّ عميل
تعمل هذه المنصّة كوسيطٍ بين العميل الذي يحتاج إلى خدمة ومقدّمي الخدمات الذين يريدون الوصول إلى عملاء جدد، سواء كانوا أفراداً أم شركات، وفي مجالات مختلفة مثل أعمال الصيانة المنزلية والتخطيط للزفاف وطلب مدرّس خصوصيّ وغيرها.
تتّبع المنصّة طريقةً تشبه المناقصات يعرضها مقدّمو الخدمات على العملاء.
على سبيل المثال، إذا أردتَ دهّاناً، تضع طلبك فيسألك الموقع أسئلًة بسيطة مثل مكان تواجدك، ونوع العقار، وعدد الغرف، والمساحة التقريبية للجدران، ونوع الدهان، والأيام المناسبة للعمل، وتفاصيل إضافية اختيارية.
بعد ذلك، يصل الطلب إلى مقدّمي الخدمات لكي يقدّموا عروض أسعارٍ للعميل، وأوّل خمسة منهم فقط يمكنهم التواصل مع العميل مباشرة، وذلك "لتشجيعهم على الإسراع في التجاوب" بحسب الأشولي.
يستلم العميل عروض الأسعار مع شرحٍ وتقييمٍ وتعليقات العملاء عن كلّ مقدّم خدمات، وذلك لمساعدة العميل على الاختيار.
لا يدفع العميل أيّ رسمٍ على استخدام منصّة "سيرفيس"، وهي بدورها لا تتقاضى عمولةً من مقدّمي الخدمات بل تتبع نموذج عملٍ مختلف.
يسجّل مقدّمو الخدمات على المنصّة السعودية مجاناً، ويمكنهم استقبال طلبات العملاء والاطّلاع على ما يحتاجونه ويطلبونه من دون دفع أيّ شيء. ولكن لكي يتمكّنوا من التواصل مع العميل وإرسال عرض أسعارٍ له يتوجّب عليهم دفع من نقطةٍ إلى 5 نقاطٍ (بحسب حجم الخدمة المطلوبة) عن كلّ عملية عرض أسعار.
هذه النقاط التي تبدو وكأنّها عملة إلكترونية خاصّة بـ"سيرفيس"، يحصل مقدّم الخدمات على 15 منها مجاناً عند التسجيل، ثمّ يشتري فيما بعد كلّ 3 نقاط بحوالي 15 ريال سعودي (4 دولارات أميركية)، وكلّما اشترى نقاطاً أكثر انخفض السعر. كما يمكن لمقدّم الخدمات الحصول على 3 نقاطٍ إضافية مجانية عند إحالة مقدّم خدماتٍ آخر وتسجيله على المنصّة.
تضمن هذه الطريقة جدّية مقدّمي الخدمات وتحفّزهم على إكمال التواصل مع العميل بعد إرسال عرض الأسعار، وفقاً للأشولي، كما أنّ دخوله "المنافسة" مع مقدّمي الخدمات الأربعة الآخرين سيدفعهم إلى تقديم سعرٍ أفضل للعميل.
في المستقبل القريب، تريد الشركة إضافة مصادر دخلٍ أخرى، مثل "الحجز الفوري" Instant Booking التي تمكّن مقدّمو الخدمات من تولّي عمل الصيانة من دون الدخول في مناقصةٍ، خصوصاً إذا كان عملاً سهلاً وبسيطاً مثل استبدال مصباحٍ كهربائيّ. وتؤكّد الأشولي أنّه ينبغي على مقدّمي الخدمات، لكي يتأهّلوا إلى هذه الخدمة، أن يمتلكوا تقييماً عالياً وأن يدفعوا نقاطاً مقابل ذلك.
المنافسة حافزٌ لتقديم شيء مختلف
كثيرةٌ هي المنصّات العاملة في مجال خدمات الصيانة المنزلية في السعودية، ومن بينها "مهارة" Maharah و"أجير" Ajeer و"سكروب" Sakrobe و"فيكس" Fix المتخصّصة في الصيانة المنزلية. غير أنّ "سيرفيس" تحاول تغطية مجالاتٍ مختلفةٍ في الوقت عينه، مثل التدريب والدروس الخصوصية إضافة إلى الصيانة المنزلية.
أمّا "سيرفيس"، فهي تحاول تأمين السعر الأدنى للعميل عبر المناقصات وتنافس مقدّمي الخدمات على السعر، إضافةً إلى أنّها لا تأخذ عمولةً من المقدّمين.
وتضيف أنّ مقدّمي الخدمات لن يمانعوا في دفع ثمن النقاط لمنصّتها، وذلك لأنّها توفّر لهم فرصاً للحصول على عملاء جدد بشكلٍ مباشر، "وهو في كلّ الأحوال يدفعون مثل هذه العمولة للمواقع الإلكترونية والجرائد والشبكات الاجتماعية"، على حدّ قولها.
خلال تسعة أشهر من عمرها، مرّت "سيرفيس" في مراحل مختلفة. فقد ركز الفريق خلال الشهرين الأوّلين على تنمية قاعدة مقدّمي الخدمات قبل أن تبدأ المنصّة بالحصول تلقائياً على عملاء وطلبات قليلة.
بعد ذلك، وجد الفريق عيوباً في الموقع الإلكترونيّ "فأعدنا تصميمه لحلّ المشاكل وتحسين تجربة المستخدم"، كما تقول الأشولي.
وبعدما كانت المنصّة السعودية تتلقّى في الأشهر الأولى حوالي 20 طلباً في الشهر تقريباً، أجرت حملةً تسويقيةً على الشبكات الاجتماعية، في حزيران/يونيو الماضي، ساعدتها في زيادة الطلبات بنسبة 400%.
"يمكن أن أقول إنّ الانطلاقة الحقيقية للتوجه إلى العملاء، أصبح لدينا قرابة 400 مستخدِم و1800 مقدّم خدمة، وإذا استمرّينا بنسبة النموّ هذه نتوقّع أن تزداد الطلبات بشكلٍ كبير"، تقول الأشولي.
لا عجلة على الاستثمار
اعتمدت الأشولي على مالها الخاص لإطلاق شركتها "سيرفيس"، وهي تعمل وفق خطّةٍ ماليةٍ وموازنةٍ وضعها الفريق لتغطّي رواتب الموظفين والمصاريف التشغيلية حتى نهاية العام 2017.
وبالتالي، "سيكون علينا أن ننشط في النصف الثاني من هذا العام لتأمين مستثمر لكي نستطيع الاستمرار"، بحسب المؤسِّسة التي تضيف أنّ شركتها لفتت انتباه عددٍ من المستثمرين وهي تُجري مفاوضاتٍ معهم، متوقّعةً أن تحصل شركتها على استثمار في نهاية العام الجاري.
تسعى الشركة السعودية إلى تغطية 10 مدنٍ في المملكة بحلول العام 2018، منها المدينة المنورة والدمام، وكذلك التوسّع إلى دبي ومصر.
الصورة الرئيسية: شركة "سيرفيس" تشارك في "معرض المواهب للتوظيف" في جدة، نيسان/أابريل 2017.