طالبات سعوديات ينجحن في إنشاء شركة لصيانة الهواتف المحمولة
صيانة الأجهزة الشخصية بما فيها الهواتف والحواسيب هي من المجالات التي يهيمن عليها الرجال لا سيما في بلداننا العربية، غير أنّ مجموعة من الشابات السعوديات أثبتنَ أنفسهنّ في هذا المجال.
عندما كانت الجوهرة القحطاني تدرس علوم الحاسوب في "جامعة الأميرة نورة بنت عبدالرحمن" للبنات في الرياض، لاحظت أنّ البعض يرمي أجهزته الشخصية بدلاً من تصليحها خوفاً على البيانات الشخصية. لذلك، قرّرت في العام 2013 إطلاق حسابٍ على "تويتر" للتواصل مع زميلاتها في الجامعة لتعرض عليهنّ صيانة هواتفهنّ وحواسيبهنّ عند الحاجة.ثمّ بعد عامٍ افتتحَت متجراً داخل حرم الجامعة لصيانة الأجهزة والحواسيب وبيع الأكسسوارات.
وبعد ذلك، أسّست شركة "فكستاق" Fixtag التي أصبحت الآن تدير متجرَين، الأوّل داخل حرم جامعة "الأميرة نورة" والثاني في طريق "مخرج 6"، بالإضافة إلى منصّةٍ إلكترونية لطلب الخدمات والمنتَجات عن بُعد.
واليوم، في حين تشغل الجوهرة منصب المدير التقني في الشركة، يعمل معها كلٌّ من شقيقتها مضاوي القحطاني كمديرة عمليات، والعنود القحطاني كرئيسة تنفيذية.
تتخذ الشركة شعاراً هو: "البنات يقدرون يصلحون جوالك"، وتشرح العنود لـ"ومضة" أنّ "هذا الشعار يساهم في لفت الانتباه إلى شركتنا، فالأمر جديد على المجتمع السعودي كون معظم أعمال صيانة الجوال ينفّذها الذكور".
وتضيف أنّ هذا الشعار يساهم في تعزيز ثقة الناس بالحفاظ على خصوصياتهم، في إشارةٍ إلى أنّ الناس يثقون بالإناث أكثر لأمانتهنّ وبراعتهنّ في الأعمال التي تحتاج إلى الدقّة والتأنّي.
عندما تتطوّر الهواية إلى عمل تجاريّ
استطاعت الجوهرة تأسيس عملٍ خاصٍّ بها في وقتٍ يعاني فيه خرّيجو اختصاص الحاسب الآلي في السعودية من البطالة.
فقد لاحظت الريادية الشابة أنّ الكثير من السعوديين لا يصلحون هواتفهم خوفاً على بياناتهم وخصوصاً النساء منهم، وبالتالي أرادت توفير حلٍّ لهذه المشكلة. وتشرح لـ"ومضة" أنّ "أغلبية السيدات كنَّ يرمينَ أجهزتهنّ ويشترين جهازاً جديداً خوفاً على البيانات".
بعد إطلاق حسابٍ على "تويتر" لتلقي طلبات الصيانة من الطالبات والعمل بهذه الطريقة مدّة فصل كامل، سمحَت الجامعة للجوهرة بافتتاح متجر وورشة صيانة داخل حرمها بإيجار مخفّض. وبالتالي اقتصرت خدمات "فكستاق" على الطالبات في "جامعة الأميرة نورة"، حيث كانت الجوهرة تصلح الأجهزة بنفسها.
باتت "فكستاق" تضمّ حالياً 13 موظفة وموظفين اثنين، وتصل ذروة الطلبات لديها 20 طلباً تقريباً يومياً. يأتي أغلب هذه الطلبات من العملاء الذين يأتون إلى المتجر مباشرةً حيث تأخذ "فكستاق" 30 ريالاً سعودياً لفحص الجهاز. أمّا الطلبات عبر الإنترنت فنسبتها لا تتخطّى 10% من مجمل الطلبات، وتأخذ الشركة السعودية 65 ريالاً (بما فيها تكلفة الشحن) ويمكن للعميل الدفع عبر تحويلٍ مصرفي أو عند الاستلام.
تريد الشركة السعودية افتتاح متجرين آخرين في جدّة في "جامعة الملك عبدالله للعلوم والتقنية" والرياض في "جامعة الملك سعود"، وذلك بعدما قدّمت خدمات صيانة الأجهزة خلال السنوات الثلاث الماضية إلى نحو 18 ألف عميل، بحسب الجوهرة.
التركيز على العمل داخل الجامعات
احتضان الجامعة لطالباتها اللواتي أسّسن "فكستاق" ساعدهنّ في تخطّي مشكلات التسجيل والأوراق الرسمية، غير أنّه شكّل عقبةً أمام الشركة في بعض النواحي العملية.
تذكر الجوهرة أنّه "لتسجيل الشركة تحتاج ترخصياً من البلدية، وهذا صعب ومعقّد خصوصاً بالنسبة إلى عملٍ ناشئ، وبالتالي ساعدتنا الجامعة في الحصول على ترخيص كون متجر الشركة يقع داخل حرمها".
ساعدهنّ ذلك على الانطلاق، غير أنّه خلال السنتين الأوليين "لم نكن نستطيع الخروج من إطار الجامعة لأنّنا لا نمتلك ترخيصاً خارجها"، على حدّ قول عنود. وتضيف الشريكة المؤسِّسة أنّ "هذا أثّر سلباً على عملنا فكنّا نشهد في الصيف فترة ركود وعانينا من صعوبة في التوظيف كونه لا يحقّ لغير الطالبات الدخول إلى الجامعة".
تصرّ "فكستاق" على افتتاح متاجر داخل الجامعات، وتشير عنود إلى أنّ "افتتاح الشركة في ’جامعة الأميرة نورة‘ التي تعتبر مجتمعاً نسائياً بالكامل ومن أكبر الجامعات النسائية، ساهم في وصول ’فكستاق‘ إلى الشريحة المستهدَفة بشكلٍ أسرع".
وتعتبر أنّ استمرار "فكستاق" بالعمل داخل الجامعات يمكّنها من الوصول باستمرار إلى الشريحة المستهدفة، فالشباب السعودي دون 30 عاماً يشكّلون أكثر من نصف المجتمع، "وهم يقضون أكثر وقتهم في الجامعة وليس في السوق أو المراكز التجارية، كما يفضّلون شراء هاتف جديد ويهمّهم ألّا يكون مكسوراً أو به عيب".
ومع ذلك، تحاول "فكستاق" الوصول إلى شريحةٍ أكبر عبر منصّتها الإلكترونية وفرعها الذي يقع في طريق "مخرج 6".
التوظيف صعوبة مضاعفة
مع نموّ "فكستاق" وجد الفريق صعوبةً مضاعفةً في التوظيف: توظيف أشخاص ذوي خبرة، وتوظيف إناثٍ يُجدن العمل في صيانة الأجهزة.
لإيجاد حلّ لهذه المعضلة، كان الفريق يوظّف أشخاصاً من ضمن دائرته، وتقول عنود: "لقد دعونا الأشخاص الذين نعرفهم ويؤمنون بفكرتنا إلى التقدّم للعمل معنا".
ولكن كيف يمكن تشجيع الفتيات السعوديات على الانخراط في عملٍ يحتكره الرجال أصلاً؟ تقول الجوهرة إنّ "فكستاق" استفادت من منصّات الإعلام الاجتماعي من أجل تخطّي عقبة التوظيف: "استخدمناها لعرض يومياتنا وإظهار المتعة التي ينطوي عليها عملنا، وبالتالي جذب وتشجيع الإناث على التقدّم للوظيفة".
بالإضافة إلى ذلك، تلفت عنود إلى أنّ الفريق ركّز على الطالبات حديثات التخرّج في مجال الحاسب الآلي، بحيث يقدّم لهنّ دورات تدريبية يستفدنَ منها، وتستطيع "فكستاق" اختيار الأشخاص المناسبين للعمل.
تحقق "فكستاق" أرباحاً لم تشأ المؤسِّسات الكشف عن قيمتها، وتقول عنود إنّ الشركة الناشئة تستخدم العائدات للاستثمار في افتتاح فروع جديدة. وفي حين انطلقت الشركة بتمويل ذاتي وقرضٍ مصرفيّ، لم تحصل على أيّ استثمار بعد إنّما تسعى إلى ذلك.
تحديث: فازت شركة "فكستاق" بالمركز الأول ومبلغ 100 ألف ريال (حوالي 26 ألف دولار) في "برنامج مسرعة الأعمال الناشئة" من "تسعة أعشار" 9/10ths، وأعلن عن النتائج في "الحفل الختامي لمسرعة الأعمال الناشئة" الذي عقد يوم الأربعاء، 16 آب/أغسطس.