الأزياء التقليدية أكثر عصرية على يد هاتين الأختين التوأم
عندما بدأت الأختان التوأم روان وسوزان السعدي ارتداء الحجاب، أدركتا أن السوق لا تلبّي احتياجاتهما من الأزياء. وكان على السيدتين الفلسطينيتَيْن – الأردنيتَيْن اللتين تعيشان في دبي التنازل دائماً عن شيء ما في مظهرهما. فحتى لو كانت الملابس المتوفرة مناسبة للمحجّبات، فقد تكون مملة بعض الشيء بسبب القصات العادية والألوان الكلاسيكية واللمسات الأقل أناقة وعصريّة.
من هنا خطرت في بالهما فكرة إنشاء دار لتصميم الأزياء.إلا أن شغف الشابتين بتصميم الأزياء تأجّل لبعض الوقت بسبب عقليّة والدتهما التقليدية التي لا تتقبّل تصميم الأزياء كمهنة.
وبالتالي، أكملتا دراستهما في المجال المالي بالجامعة الأميركية في دبي وتخرّجتا في أيار/مايو 2014. وبعد فترة وجيزة، اعتمدتا على الخبرة التي حصلتا عليها من خلال دراستهما الأكاديمية لتأسيس مشروع خاص بالأزياء.
وتقول الأختان إن هذا ما يميّزهما، فالفتيات الموهوبات كثيرات، ولكن معظمهنّ ليس لديهن خلفية أكاديمية لمساعدتهن على إدارة شركة.
وفي حزيران/يونيو 2014، أطلقت الشابتان "روزان ديزايز" Rozan Designs في دبي، من أجل تقديم الأزياء الراقية للمحجبات وغير المحجبات على حدٍ سواء. واسم "روزان" يأتي من الدمج بين أحرف من اسميهما.
عالم الموضة والأزياء من الألف إلى الياء
استوحت دار "روزان ديزاينز" تصاميمها من مصممين عالميين مثل إيلي صعب وزهير مراد، لتغطي جميع احتياجات الموضة لدى السيدات في الشرق الأوسط: من البلوزات العصرية المتناسقة مع غطاء الرأس، والسراويل الأنيقة، والفساتين ذات التصميم الراقي.
تتولى التوأم عملية إطلاق مجموعة التصاميم بالكامل، بدايةً من مرحلة التصميم، والتعاون مع الخياط الذي يتولى تنفيذ الموديلات، وحتى مرحلة طرح مجموعة التصاميم في السوق. وتطلق "روزان ديزايز" مجموعتين سنوياً.
تركّز روان على تصميم الموديلات "الآمنة عالية الإقبال"، أي الموديلات التي عادة ما تحظى بإعجاب عامة الناس. بينما تتفرغ سوزان لابتكار "تصاميم صارخة" تميل قصاتها وموديلاتها إلى الجرأة، وتنطوي على تصاميم جديدة ومختلفة المظهر.
وتقول روان: "أغلب القطع المخصصة للاستخدام اليومي لا تتجعّد. كما أن الأقمشة البيضاء التي نستخدمها ليست شفافة. علاوةً على ذلك، نوفّر ملابس الأمسيات والمناسبات الخاصة". تركز الشابتان على تقديم الحلول للمشاكل التي قد تواجه المحجبات أمثالهما، مثل تصميم القمصان عالية الياقة لعدم إظهار العنق في الأجواء العاصفة التي قد تؤدي إلى تطاير غطاء الرأس. وأضافت سوزان: "نحن لا نميل إلى الرمادي والأسود، وإنما نميل إلى تعدد الألوان على نحوٍ كبير!"
تبيع دار "روزان ديزانيز" تصاميمها من خلال تطبيق "واتساب" و"إنستاجرام"، أو من خلال شريكها الإستراتيجي، "موضة كورنر" Modacorner . ومع ذلك، تحقق مبيعات الدار عبر المنصّات الاجتماعية نتائج أفضل من مبيعاتها من خلال "موضة كورنر".
رائدتان في عالم الموضة
"تعلمنا التسويق وتطوير نظرتنا المستقبلية من خلال التدريب العملي في سنتنا الجامعية الثانية. وهذا ما يجعل تصاميمنا تبدو غريبة في البداية حين نطرحها في السوق، إلاّ أنها سرعان ما تغدو صيحة في عالم الموضة". خلال السنة الثانية، استفادت الأختان من تدريبهما مع "نامشي" Namshi حيث تمكنتا من تطوير مهاراتهما البحثية وإنضاج "نظرتهما المستقبلية". وساعدهما ذلك على معرفة التصاميم المؤهلة للتربع على عرش الموضة.
وكما يوحي شعارهما "تمتعي بالأناقة والراحة في آنٍ واحد"، تؤمن سوزان بأنه ليس على السيدة التنازل عن أناقتها أو عن راحتها. وتقول: "تجمعنا بعملائنا طبيعة واحدة. فنحن نرى ما هي الصعوبات التي قد تواجهها الفتيات، ونحاول تجنبها في تصاميمنا".
نقطة تحوّل
في تشرين الثاني/نوفمبر 2014، حصلت الأختان على جائزة "رواد الغد" عن مشروعهما "روزان ديزانيز" في حفل "ستارز أوف بينزنس أووردس جالا" Stars of Business Awards Gala كما حلّتا ضيفتين على برامج في قنوات مثل "أم بي سي" MBC، و"الآن تي في" Al Aan TV، و"روتانا خليجية".
وفي شباط/فبراير 2015، فازت دار "روزان ديزاينز" بالمركز الثاني في مسابقة "هدفي" لرائدات الأعمال. وكانت هذه نقطة تحوّل لمشروعهما، فقد اندفعت "أرامكس" Aramex إلى التواصل معهما من أجل الاتفاق على شراكة بينهما وبين الشركة العملاقة. ومنذ آذار/مارس 2015، تقوم دار "روزان ديزاينز" بشحن تصاميمها إلى جميع أنحاء العالم. على الرغم من نجاح الشركة في الوصول إلى وجهات عديدة حول العالم، إلا أن الزبائن الرئيسيين هم من دول مجلس التعاون الخليجي والأردن. فقد كانت المنصّات الاجتماعية (إنستاجرام بشكل أساسي، وفيسبوك) هي البوابة التي وصلتا من خلالها إلى العملاء حول العالم، ومن خلال "موضة كورنر" وأيضاً بالتّواتر.
تتعامل دار "روزان ديزاينز" مع مجموعة من الشخصيات المؤثرة، مثل ندى نادر وتسنيم أبو سيدو من بين أخريات، كعارضات لجلسات التصوير. وبعد نشر صور تصاميمهما على إنستاجرام، تستقبل الدار طلبات العملاء من خلال "واتساب" ومن خلال "موضة كورنر". ومن ثم يتم شحن المنتجات عبر "أرامكس". وقبل هذه الأخيرة، كانت الشركة الناشئة تستخدم وكالة توصيل وعبر بريد الإمارات Emirates Post للشحن.
النجاح والخطط المستقبلية
بدأت الأختان السعدي في العام الجاري وهو العام الثالث للمشروع، جني ثمار عملهما المضني الذي استمر لمدة عامين. فأصبح لديهما 34.2 ألف متابع على إنستاجرام، وأصبحتا تبيعان للطبقة الراقية من العملاء حتى أنهما بدأتا في تحقيق أرباح، ولكنّهما لم تكشفا عن أي تفاصيل إضافية في هذا الخصوص. "عندما بدأنا، كنا صغار جداً، واستغلّنا العديد من الناس. ولكن بعد كل فشل، تعلمنا درساً، وأصبحنا أكثر تصميماً".
عندما بدأت الفتاتان مشروعهما، كان يُنظر إليهما على أنهما منافستين جديدتين في السوق، علماّ أن التميّز في هذه السوق ليس سهلاً، أضف إلى أنهما فتاتان. ولم يكن الخياطون متعاونين بالقدر الكافي بل نظروا إليهما على أنهما ساذجتين وكانوا يستغرقون وقتاً أطول لتسليم التصاميم. وتقول روان: "حين كنت أطلب من الخياط العمل على تنفيذ التصاميم، كان دائماً يستغرق وقتاً طويلاً لإنجازها، بينما حين تحدّث أخي معه، حصلت عليها من دون تأخير. وعلى الرغم من أن الإمارات العربية المتحدة تعمل على تمكين المرأة بطرق متعددة، إلا أن المجتمع لا يزال ذكورياً".
بالإضافة إلى ذلك، حاول بعض المصممين تقليد تصاميمهما وإطلاقها على أنها تصاميمهم الخاصة قبل أن تطرحها روزان.
أما في ما يتعلق بالخطط المستقبلية، فإن الشركة مكتفية ذاتياً ولا تبحث عن استثمارات إضافية. ومع ذلك، فإن الأختين على استعداد للتوسع وتكوين فريق عمل أكبر عدداً. كما أنهما تتطلعان إلى إضافة مصممي أزياء ومطوري ويب، وغير ذلك.
الصورة الرئيسية من "روزان ديزاينز".