شركة سعودية تساهم في رقمنة هيئات حكومية
تشهد السعودية مبادرات كثيرة لرقمنة الاقتصاد، غير أنّ هناك شركات خاصّة كان لها دورٌ في مكننة عمل بعض المؤسّسات الرسمية قبل عدّة سنوات.
بدأت شركة "عالم النظم والبرامج" World of System and Software السعودية كمتجرٍ لبيع الحواسيب في منطقة القصيم قبل 24 عاماً، قبل أن تتحوّل بعد ثلاثة أعوام فقط إلى تصميم النظم والبرمجيات الإدارية والمالية، حيث استهدفت بداية الغرف التجارية في السعودية، ومن ثمّ الجمعيات الخيرية وجمعيات تحفيظ القرآن الكريم إضافة إلى شركات في مجالات أخرى.
ركّزت الشركة طيلة سنوات على تطوير برنامج مخصّص للغرف التجارية لأنها كانت العميل الرئيسي منذ كانت تبيع الأجهزة.
وما بدأ مع غرفتي القصيم والجوف، أصبح حالياً نظاماً يساعد 26 غرفة تجارية في السعودية على إدارة أعمالها وتقديم خدماتها عبر بوابة إلكترونية. تبني "عالم النظم والبرامج" برامج إدارية مخصّصة وتبيع تراخيصها وتقدم اشتراكات شهرية تتضمن خدمات الصيانة والمتابعة. يبنى البرنامج على أساس برمجي ومحاسبي واحد، ولكنّه يُعدّل بحسب حاجة كلّ غرفة أو عميل. ومن بين الخدمات التي يوفّرها، إدارة الأصول والخصوم وإدارة المخزون، والموارد البشرية، كما يتضمّن خدمات إضافية مثل تنظيم مؤشرات الأداء الرئيسية KPIs وتدوين محاضر الاجتماعات ومتابعة ما أُنجز منها وما يحتاج إلى المزيد من العمل. وعلى سبيل المثال، يوفّر البرنامج المخصّص للغرف التجارية خدمة لإدارة عمليات التصديق الإلكترونيّ للشركات المسجّلة في الغرفة.
تتخذ الشركة من مدينة بريدة في القصيم مقرّاً لها ، ويقول محمد الناصري، نائب مدير العمليات في الشركة التي أسّسها والده صالح الناصري، إنّ "ما ساعدنا في تقديم البرمجيات الإدارية إلى الغرف التجارية وإقناعها بها، هو العلاقة القديمة للشركة مع الغرف التجارية إضافة إلى اندفاع الغرف لتبنّي التطوّر التقني كونه يساعدها في إدارة العمليات المحاسبية وبيانات المشتركين".
والغرف التجارية هي ﻫﻴﺌات ﻻ ﺘﺴﺘﻬﺩﻑ ﺍﻟﺭﺒﺢ وتمثّل ﻓﻲ ﺩﺍﺌﺭﺓ ﺍﺨﺘﺼﺎﺼﻬﺎ ﺍﻟﻤﺼﺎﻟﺢ ﺍﻟﺘﺠﺎﺭﻴﺔ ﻭﺍﻟﺼﻨﺎﻋﻴﺔ لدى السلطات العامة، وتقدّم عدّة خدمات مثل جمع المعلومات والإحصاءات عن التجارة والصناعة، وتقديم الاقتراحات، وإرشاد التجار، وتصديق بعض المستندات.
نحو نموذج عمل موسّع
ينطوي العمل مع الهيئات الحكومية وشبه الحكومية على صعوبات مختلفة، ليس أقلّها النظرة العامة لدى الجهات الحكومية إلى النظام وكيفية تأمين الحماية له من الاختراق، ما يجعلها غير مدركة للمتطلبات الأساسية لتطوير وتشغيل البرنامج من وقتٍ وأدواتٍ وأسعار أو تكاليف، بحسب الناصري.
لمواجهة ذلك، وإطلاع العملاء على أهمية حماية البيانات، يقول الناصري إنّ فريق "عالم النظم والبرامج" يجلس مع العميل أكثر من مرة "لفهم هواجسه وإطلاعه على كيفية عمل البرنامج".
من جهةٍ أخرى، أثّر حصر نشاط الشركة بالغرف التجارية على عدم انتشار منتجاتها مقارنة بالمنافسين، حيث بقيت الغرف التجارية المحرّك الرئيسي لأعمالها على مدى أكثر من عشرين سنة، والنموّ الذي تحقّق كان ضمن هذه الفئة من العملاء.
غير أنّ هذا يتغيّر وفقاً للناصري، فالشركة تسعى إلى تنويع منتجاتها بعدما تحوّلت منذ خمسة أعوام تقريباً من مؤسّسة عائلية إلى شركة تضمّ مساهمين وشركاء. وهذا ما استدعى زيادة أعضاء فريقها إلى 25 شخصاً بين مطوّرين وإداريين وموظّفين، في السعودية ومصر.
وبالتوازي، بدأت الشركة توسيع مروحة عملائها عبر استهداف شركات ومؤسّسات مختلفة، وهي تعمل بالفعل مع جمعيات تحفيظ القرآن الكريم وتقدّم لها حلولاً لإدارة أعمالها ورصد المشتركين ونتائجهم وعرضها على أولياء أمورهم. كما تعمل مع شركات استقدام العمالة الأجنبية عبر توفير برنامجٍ يعتمد على السحابة الإلكترونية لإدارة عملية الاستقدام، إذ يمكّن شركات الاستقدام من إنشاء ملفات لكلّ وافد، ومتابعة الأوراق المطلوبة "بدءاً من إصدار التأشيرة في دولة المقيم إلى حين وصوله للعمل في السعودية"، بحسب الناصري.
لتطوير البرامج ودمجها بتكنولوجيا الحوسبة السحابية، أبرمت "عالم النظم والبرامج" شراكةً مع "مايكروسوفت" Microsoft للاستفادة من خدمة "آزور" Azure.
وبهذه الطريقة، يقول الناصري، إنّ العميلَ سيتمكّن من الاطّلاع على أعماله من أيّ مكان، وسيسهل عليه إصدار التقارير، كما سيتمكّن من ربط فروعه بعضها ببعض (إضافة إلى ربط الغرف التجارية ببعضها البعض). كما سيسمح للشركة بخفض التكاليف وزيادة ثقة العملاء بأمن البرمجيات والبيانات كون "خدمة السحابة يديرها اسم كبير" أي "مايكروسوفت".
بالإضافة إلى ذلك، تعمل الشركة السعودية على طرح أنظمةٍ مسقلّة لإدارة الشؤون المالية والموارد البشرية يمكن إضافتها إلى برامج قائمة.
يرى الناصري أنّ السوق السعودية "الهائلة" تشهد تغييراتٍ كبيرة، وهي بالإضافة إلى المعايير الجديدة في إطار "رؤية 2030"، مثل التصريح عن القيمة المضافة والتصريح عن الدخل، "يمكن أن تشكّل فرصةً كبيرةً لنا لنساعد الشركات في إدارة هذه العمليات".
في الوقت الحالي، لا تفكّر شركة "عالم النظم والبرامج" بالتوسّع خارج البلاد، بل تريد الاستفادة من سوقٍ محلّيةٍ تشهد طفرةً رقمية وأصبحت مقصداً للكثير من الشركات الناشئة العربية.