بيانكا براتوريوس: هذا ما أعرفه عن عروض الأفكار
حان وقت العرض، والعيون كلها مصوبة إليك. هذا ليس مكانك المفضل على الإطلاق، فأنت باعتبارك مهندساً، اعتدت الانزواء في المختبر أو خلف شاشة الحاسوب. يداك متعرقتان لدرجة أنك بالكاد تستطيع التحكم في جهاز التنقل بين الشرائح. تعلو وجهك حمرة الارتباك. تتلعثم وأنت تتلو السطور الأولى التي حفظتها عن ظهر قلب، قبل أن تنسى كلّ شيء تماماً.
لعل بيانكا براتوريوس أفضل من يتفهم حالتك، فهي ممثلة ألمانية تحوّلت للعمل كمدربة في مجال تقديم عروض الأفكار.
بالرغم من صعوبة تقديم عروض الأفكار، إلّا أنها جزء لا يتجزأ من عمل رواد الأعمال الراغبين بالانضمام إلى حلبة التنافس والاستثمار في عالم اليوم.
بدأت براتوريوس عملها في مساعدة رواد الأعمال على إعداد عروض الأفكار المميزة في العام 2012، فرأت وعايشت الكثير من التجارب مثل الشاب الذي ضجر من العرض الذي أعده في اليوم السابق، فقرّر بدلاً من ذلك افتتاح عرضه بقصيدة.
تقول براتوريوس إنّ العرض المثالي يحتاج إلى التحرير، إضافة إلى التمرين، فأنت لا تريد أن تطيل الحديث في الوقت الذي يمكن لجملة بسيطة أن تعبر عما ترغب بقوله. كما توجد تقنيات يمكن أن يستعين بها الشخص ليهدئ من روعه على المنصّة ويترك انطباعاً بأنه شخص يمسك بزمام الأمور.
لا تخشَ الفشل، فهو ليس نهاية المطاف. اعتد على الإحراج وعلى أن يعتقد الناس بأنّك تقول أمراً غبياً. والأهم: اعتد على الوثوق برأيك في المنتج الذي تقدمه.
اعترف بالإحراج. عندما تخفق، تراجع قليلاً واستجمع قواك لتسيطر على الموقف. عندما ينتهي العرض، ستتنفس الصعداء وتقول لنفسك: "كان ذلك محرجاً للغاية، أليس كذلك؟". ليس عليك سوى أن تحدد مصدر الإحراج وتتقبّل أنك انزعجت منه، فالاعتراف بالإحراج سيجعله يتلاشى.
للسّيدات: ابتعدن عن التصرفات الطفولية. أكثر ما أركّز عليه في عملي مع السيدات هو مساعدتهن على تخطي مصيدة التصرف بطفولية. وهنّ يفعلن ذلك حين يقمن بحركات جسدية كحركات طفلة في لخامسة تعقد ساقيها وتشبك أصابعها بتوتّر. فحين تصيبك هذه الحالة من التوتر الجسدي، مهما كانت قوة رغبتك بالنجاح، سيحصل عكس ما تريدين إذ لن يأخذك أحدهم على محمل الجد.
كن كالنّمر على المنصّة. أفضل ما يمكنك فعله هو التحدث بنبرة صوت واثقة وهادئة قدر الإمكان. لا تخشى التحدث ببطء لأنك إذا فعلت ذلك ستملك المكان وستجذب انتباه جميع من بالغرفة. استخدم ذراعيك وقم بحركات وإيماءات معبرة، تجول في المكان بخطى نمر صغير واثق، واحرص على إعطاء قيمةٍ لكلّ كلمةٍ تتلفّظ بها ولا تستعجل لإنهاء الجملة.
قاوم إغراء الاعتذار. يعتذر الناس على المنصّة لأنهم خائفون، وهذا أمر منطقي: فالمتحدث بطبيعة الحال يكون في موقع أقلّ قوة لأنّ الجمهور الذي تريده أن يستمع إليك ويفهمك يكون في موقعٍ يسمح له بأن يخرج ويقول "ما هذا الهراء!". لذلك فإنّ التصرف التلقائي هو الاعتذار في البداية وهذا يوحي بأنك تقول "إذا رفضتني فهذا لن يزعجني أو يؤلمني كثيراً، لأنني لمّحت بالفعل إلى أنه بإمكانك فعل ذلك".
لا تُشعر جمهورك بالملل. غالباً ما يبتعد العاملون في المجال التقني، عن الأساليب المسرحية في حديثهم. هذا أمرٌ محمود لأنّ هذا ليس مسرحاً، ولكنّهم يميلون إلى الحديث بطريقة مضجرة للغاية. فهم لا يحرّكون أفواههم كثيراً أثناء الكلام ودائماً ما تكون أيديهم في جيوبهم. لذلك من الأفضل أن تجلس وتلقي عرضك الترويجي. فستجعل من نفسك أضحوكة وستكون في موقف محرج للغاية لدرجة أنك ستبدو كمن يتنزه في حديقة. فشدة النشاط يضيف قليلاً من الحيوية إلى العرض.
كبرياؤك هو عدوك اللدود. الأشخاص الذين يُجرون الكثير من عروض الأفكار قد يملّون من خطاباتهم. ولكنّك فجأةً تشارك في فعاليةٍ لـ"تيك كرنش" TechCrunch وترغب في مفاجأة الجميع والقيام بأمور غير متوقعة. عندها يخرج عرضك تماماً عن مساره لمجرد أنك لم ترد أن تملّ من نفسك. ينبع مثل هذا التصرف من الغرور والكبرياء. ترغب بأن تكون ذلك العبقري القادر على إدهاش الناس باختلافه مثل ستيف جوبز، ولكن إذا أردت أن تكون مختلفاً لمجرّد الاختلاف فسيشعر الناس بذلك حتماً.
حافظ على هدوئك مهما كانت درجة اضطرابك. سيرتفع الأدرينالين لديك وأنت تتحدث كلّما زاد توتّرك. لذلك قبل أن يحين دورك للحديث عليك الاسترخاء في مقعدك ومحاولة التنفس بعمق وبطء، وحين ينادون عليك، تقدم برويّة وهدوء. بالتظاهر بأنّك غير متوتّر خلال الثواني العشرين الأولى، ستنسى أنك كنت متوتراً.
ما من مكان للاختباء على المنصّة. تمرّن؛ فكلما تمرّنتَ تحكّمت أكثر بالعرض الذي تقدمه. وعندما تتمرّن، قف وسر في الغرفة وتحدّث بصوت عالٍ، فهذا سيقلل من احتمال أن تنسى ما تريد قوله أثناء العرض لأنّ جسمك سيكون اعتاد على هذا الموقف. وحالما ينتابك شعورٌ بالتوتر، حاول ألّا تخفيه لأن إخفاء مشاعرك أثناء العرض يشبه محاولة الاختباء داخل دائرة ضوء.
عدّل عرضك وحرّر أكثر من مرة. عدّل عرضك. فأنت تحتاج إلى تكثيف عرضك قدر الإمكان لأن الإسهاب في الحديث أسهل من الإيجاز. ومن ثم جهّز شرائح العرض، واحرص على ألاّ يضطر جمهورك إلى الاختيار بين الاستماع إليك أو قراءة الشرائح. قدم له ما يحتاج من معلومات بشكلٍ مبسّط مع التركيز على فكرة واحدة في كل شريحة. لا تعرض له أي شيء قبل أن تكون قد تحدّثت عنه.
عرضك يشبه كتاباً مكوّناً من فصول. خصّص الفصل الأول للحديث عن المشكلة، ثم انتقل إلى الفصل التالي لطرح المنتج أو الحل. ومع كل خطوة جديدة أخفض نبرة صوتك كما لو كنت تقلّب صفحات الكتاب، بحيث سيشعر الجمهور بأنّ التالي مختلف. من شأن أسلوب سرد القصص هذا أن يسهّل عليك شدّ انتباه الأدمغة المنشغلة أمامك.
لا تستخدم كلمات مستهلكة. لا تنسى أنّ من يشاهدون عرضك سبق أن حضروا عروضاً. لذلك ابتعد عن استخدام كلمات معيّنة مثل كلمة: ثورة، فلا تقل: لديّ منتج سيحدث ثورة كبرى! والأهم لا تقل "مبتكر" فهي كلمة استُهلكت وانتهى أمرها.