تطبيق تونسي يساعد على اكتساب عادات صحيّة
هل تذكر آخر مرّةٍ أمضيت نهاراً منتجاً من دون ضغوطات وتوتّر؟ هل أنجزتَ في وقتٍ قريبٍ شيئاً كنت قد قرّرتَ القيام به منذ زمن طويلٍ جدّاً؟ أراهن أنّك إذا فعلت ذلك سيكون شعورك رائعاً لدرجة الخيال.
هذا تحديداً هو المعنى للكلمة الإنجليزية التي اعتمدها التطبيق التونسي "فابولوس" Fabulous كاسم له. بني هذا التطبيق على العلم لمساعدة المستخدمين في الوصول إلى هذا الشعور من خلال اتّباع عاداتٍ صحيّة مثل التأمّل والرياضة والحدّ من استخدام وسائل التواصل الاجتماعي.
الأسس الصحيّة
منذ حوالي عامين، شعر المهندس التونسي سامي بن ياسين باليأس حيال حياته في باريس. فكلّما أراد تغيير عاداته واعتماد نظامٍ صحّي أكثر، كان صخب المدينة والحياة اليوميّة يمنعه عن ذلك.
لذلك، قرّر بن ياسين ابتكار تطبيقٍ يساعده في اكتساب هذه العادات، وطلب من صديق الطفولة، مهندس البرمجيّات أمين لاداري، مساعدته في هذا الإطار.
أراد الشريكان المؤسّسان قبل المباشرة بالعمل سويّاً التأكّد من أنّهما يتشاركان الشغف نفسه، وأنّ بإمكانهما العمل سويّاً لخمس سنوات على الأقلّ.
لهذه الغاية، قّررا "بناء تطبيقٍ على ’أندرويد‘ في أسبوعين فقط،" حسبما يشير الرئيس التنفيذي بن ياسين شارحاً أنّ "هدفهما كان تحدّي أنفسهما".
لا يكفي اثنان
شكّل لاداري وبن ياسين فريقاً رائعاً، ولكنّ ذلك لا يكفي. فقد كان ينقصهما مصمّمٌ ليعمل على ابتكار تجربة مستخدم مميّزة.
بطموحٍ كبيرٍ، قّررا الاتصال بخبير التطوير في مجال التصميم، والمشمول ضمن لائحة "خبراء جوجل" Google Developer Expert، تايلور كينج ويعمل من كوالالمبور في ماليزيا، وطلبا منه الانضمام إلى "فابولوس".
وافق على طلبهما، وقد بات لديهما في غضون أسبوعين خلال صيف 2014 نسخةً أوليّة من التطبيق جاهزة للتجربة. ولكنّ العمل على هذا المنتج عُلّق لمدّة شهرين كي يذهب بن ياسين إلى كليّة الشركات الناشئة في وادي السيليكون، "جامعة التفرّد" Singularity University.
الفعاليّة التي غيّرت كلّ شيءٍ
في أوائل عام 2015، كان يعمل الفريق على المشروع بدوامٍ كاملٍ في باريس إلى أن شارك بن ياسين ولاداري في فعاليّةٍ نظّمها متجر التطبيقات "جوجل بلاي" Google play.
أثار تطبيقهما إعجاب الشخص الذي يختار التطبيقات التي يمكن ضمّها إلى المتجر، وبعد أسبوعين طلب منهما بعض التغييرات التقنيّة والتصميميّة لإشراك تطبيقهما في "جوجل بلاي".
ولأنّ الفريق كان يُدرك أنّ مثل هذه الفرصة لا تتكرّر، قرّر تأخير الإطلاق وأمضى ثمانية أشهر في إعادة بناء التطبيق بتصميمٍ جديدٍ.
يقول سيريل جريسلين، المستثمر التونسي الذي انضّم إلى مجلس إدارة "فابولوس" منذ عامٍ، إنّ "تجربة المستخدم انسيابية وتفاعليّة... أمّا البنية التكنولوجيّة فهي قويّة وقادرة على التوسّع وضمّ ميزات أخرى ولغات أخرى وقاعدة مستخدمين أكبر".
بعد إطلاق التطبيق في آب/أغسطس 2015، وضمّه إلى متجر "جوجل بلاي" لتطبيقات "أندرويد" بعد بضعة أسابيع، شهد حوالي 30 ألف تحميل في اليوم وصنّف في فئة التطبيقات الأكثر تنزيلاً في المتجر.
بحلول نهاية عام 2015 وصل تطبيق "فابولوس" إلى مليون تنزيل. وفي أيّار/مايو من هذا العام، تمّ ترشيح التطبيق للفوز في حفل جوائز "جوجل بلاي" Google Play Awards الأوّل عن فئة أفضل تصميم وأفضل ابتكار.
نعم للعلم!
اعتمد التطبيق على أسسٍ قويّة لبناء تجربة المستخدم، لكنّه أيضاً اعتمد على العلم. وبحسب المؤسّسين، فإنّ الاقتصاد السلوكي behavioral economics، أي دراسة تأثير العوامل الاجتماعية والفكرية على اتخاذ القرارات الاقتصادية والمالية، يساهم في اكتساب عادات أفضل.
يشرح بن ياسين أنّ "الناس ليسوا منطقيين دائماً، وأحياناً لا يقومون بالأمور التي تتوقّعها منهم".
في عام 2015 وبعد فترة احتضان في مختبر "جامعة ديوك" للاقتصاد السلوكي Duke University Behavioral Economics Lab في كارولاينا الشمالية في الولايات المتحدة، اكتشف المؤسسان أيضاّ أنّ تطبيقهما يمكن أن يقدّم أكثر من مساعدة الناس على تنظيم عاداتهم. وهناك، وجدا أنّ التطبيق يفيد كثيراً مرضى القلب.
فهؤلاء المرضى إذا حصلوا على الدواء المناسب يشعرون بالتحسّن بعد ما يتراوح بين 6 أشهر وعامٍ واحد، ولكن إذا طبّقوا عادات صحيّة أفضل يمكن أن يتحسّنوا بسرعة أكبر.
لذلك تعاونت "فابولوس" مؤخّراً مع شركة أدوية بهدف استبدال التدريب البشري بـ"علاج رقمي"، وهي حالياً تختبر التطبيق بتقديمه لقاعدة كبيرة من مرضى القلب.
أضافت شركة "فابولوس" في أيلول/سبتمبر ميزات مدفوعة على التطبيق، مثل اكتساب عادات صحيّة وتحديد أهداف شخصيّة بحسب الطلب؛ فيما غيّرت من شروط بعض الميزات الأخرى. وفي الوقت الحالي، تعمل الشركة للحصول على جمع تمويلٍ تأسيسيّ.
[الصورة الرئيسيّة من "فابولوس"]