هكذا تخطط شركة الزفاف التركية لدخول سوق السعودية الصعبة
في إطار سعيها لتوسيع نطاقها، تخطّط شركة خدمات ومنتَجات الزفاف التركية "دون" Dugun للوصول إلى أسواق السعودية من خلال موقع "زفاف.نت" Zafaf.net.
تقوم الشركة التركية التي تبلغ قيمتها ملايين الدولارات بربط المُقبلين على الزواج بمجموعةٍ متنوعةٍ من المورّدين المتخصّصين في تقديم شتى المنتجات والخدمات، بدءًا بتوفير الأماكن وخدمات إعداد وتقديم الطعام، إلى تنظيم ليالي الحنّة وشراء الملابس الداخلية، وكلّ ذلك مرفق بالصور.
ولكن بعض الصور لم تكن تلائم الثقافة السعودية، إذ "تلقينا رسائل إلكترونية من بعض الأشخاص السعوديين [يقولون] فيها’احذفوا هذه فورًا‘ وإلّا ستقع مشكلة كبرى"، كما يذكر الرئيس التنفيذي، إيميك كيربييك. وبالتالي كان ذلك بمثابة درسٍ للشركة التركية حول دخول السوق السعودية.
بدأت "دون" هذا السعي إلى استهداف السعودية، بعد أن أصبحَت أكبر متجر إلكتروني لمنتجات وخدمات الزفاف في تركيا. وبعدما أطلقت موقعًا إلكترونيًا ناطقًا باللغة العربية باسم "زفاف" Zafaf في عام 2015 ووصولها إلى 11 دولة، تخطّط الشركة لإطلاق أول فريق مبيعاتٍ لها في السعودية في مطلع عام 2017.
أحد العوامل التي جذبت "دون" إلى المملكة كان ارتفاع معدلات استخدام الإنترنت في السعودية، لا سيما وأنّ الأبحاث التي أُجريت حول موقع "زفاف" أوضحت أن منتجات وخدمات الزفاف السعودية لا تحظى بالانتشار الكافي على الإنترنت. كما أنّه وعلى عكس حفلات الزفاف في تركيا، يقيم السعوديون حفلي زفاف منفصلين للرجال والنساء، ما يزيد من التكاليف ذات الصلة.
كيف يعمل الموقع
يمكن لعملاء "زفاف.نت" تتبع ميزانيتهم، وإنشاء موقع إلكتروني للضيوف، والبحث بين آلاف الموردين الذين انضموا إلى المتجر الإلكتروني. وفي كل مرة يتم فيها الدخول إلى الموقع، يظهر العد التنازلي لحفل الزفاف، إلى جانب تنبيهات تذكّر بأمور مثل شراء فستان الزفاف والبدء في اتباع حمية غذائية. وكلّما ٌقام العملاء بتصغير دائرة خياراتهم، كلّما أظهرَت لهم هذه الخيارات اقتراحات تلقائية بحسب تفضيلاتهم.
أما من جهة المورّدين، يعتمد موقع "زفاف" على نموذج تقديم الخدمة الأساسية بالمجان freemium حيث يمكن لأي مورّد إنشاء ملف شخصي. ولكن إذا ما أراد تسويق منتجاته لقاعدة أكبر من العملاء أو الحصول على معلومات حول المنافسين، سيحتاج إلى الدفع لاحقًا.
الربط بين الموقعين التركي والسعودي
رغم أن موقع "زفاف.نت" استطاع حذف صور الملابس الداخلية سريعًا، فقد واجه عقبات أخرى استغرقت وقتًا أطول قبل أن يكون جاهزًا للإطلاق في السعودية. فالرجال العاملون في السعودية لا يستطيعون التحدث مع الزبائن أو الموردين من الإناث، ولذا كان على الموقع توظيف مندوبي مبيعات من النساء.
من جهةٍ ثانية، وبينما يعتمد فريق مبيعات الشركة التركية على التواجد داخل المكاتب، لم يكن هذا ممكناً في السعودية لأنّه لم يتسنَّ لفريق المبيعات مختلط الجنسين في بعض المناطق بالسعودية الاجتماع في أحد المقاهي على سبيل المثال. وهو ما حتّم على الشركة توفير مكاتب عمل في جدّة، والرياض والدمّام، إلى جانب توفير السائقين للموظفات في حالة الحاجة إلى زيارة العملاء.
لا يرى الرئيس التنفيذي أنّ نشأة شركته في بلدٍ ذي أغلبية مسلمة مثل تركيا أعطاها ميزة كبرى في الدخول إلى إحدى الأسواق العربية. "فالسعودية دولة غنية جدًا، ولديها موارد ممتازة، كما أن معدلات استخدام الإنترنت مرتفعة للغاية، لكنها في الوقت نفسه عالم مختلف. لذلك علينا أن نكيّف أنفسنا مع هذه الثقافة."
كلّف إنشاء "زفاف.نت" من 2 إلى 3 ملايين دولار أمريكي تقريباً حتى الآن، لكنه يبدو استثمارًا واعدًا خصوصاً وأنّ الموقع يسجّل ما يقرب من 30 ألف زائر شهريًا من السعودية من دون وجود فريق مبيعات فعليّ هناك.
قصة التأسيس
تعرّف كيربييك على سوق الزفاف الإلكتروني في الولايات المتحدة الأمريكية، حيث كان يدير موقعاً إلكترونيًا لشركة إعداد وتقديم خدمات الطعام في فيلادلفيا. وبالتالي أسّس الرياديّ التركيّ شركة "دون" عام 2007، ولكن لم يشهد المتجر الإلكتروني هذا النجاح الكبير سوى في عام 2013. في ذلك العام، ساهم المستثمر حسن أصلانوبا بمبلغ 2.1 مليون دولار أمريكي في الشركة، بالإضافة إلى مليون دولار أمريكي أخرى في العام التالي.
يقع مقرّ الشركة التركية في مبنى خلف برج "غلَطة" التاريخي في منطقة "بيوغلو" بإسطنبول، حيث يضم 60 موظفًا قدّموا خدماتهم إلى نحو 600 ألف شخص تزوجوا في تركيا العام الفائت. وبالرغم من أنّ "موقعنا متخصّص في مجال محدّد، إلّا أنّ عدد زوّاره يوميًا يصل إلى حوالي 60 ألف شخص"، على حدّ تعبير كيربييك.
يُعد "دون" أول متجر إلكتروني لسوق الزفاف في تركيا، وقد استطاع الحفاظ على موقع الصدارة أمام منافسيه المحليين بفضل اتباعه نهج مواقع إلكترونية عالمية مثل "ذا نوت" The Knot، إذ يوضح كيربييك أنّهم يتابعونه "عن كثب، ونرصد الفجوات ونعمل على سدّها هنا قبل أي موقع آخر."
في المقابل، يلفت المؤسّس إلى أنّ الخدمة الوحيدة التي لن يتمكنوا من تقديمها هي قائمة هدايا الزفاف. فالأتراك معتادون على تقديم الهدايا الذهبية في مناسبات الزفاف، وطلب هدايا بعينها لا يحظى بالقبول في تركيا.
الأزمات الاقتصادية
في الوقت الذي تعاني فيه تركيا من تباطؤ النمو الاقتصادي، يتم تسليط الضوء على القطاعات التي لا تعتمد على الاستثمار الأجنبي أو التجارة الخارجية. وبغضّ النظر عن وجود أزمة اقتصادية أو لا، يبقى سوق الزفاف قطاعًا كبيرًا في تركيا فيما ستبقى إسطنبول منافسًا دائمًا لمدينة لاس فيغاس في استضافة غالبية حفلات الزفاف في العالم، كما أنّ تنظيم حفل استقبال على ضفاف مضيق البوسفور لن يفقد رواجه يومًا.
الصورة الرئيسية من موقع "زفاف.نت"