الحصار قد يضيق الخناق على التقنيين في غزة لكنه لا يمنع عنهم الدعم
في قاعةٍ مكتظّةٍ في مكاتب شركة "بوكس.إنك" Box inc في قلب وادي السيلكون، أقامَت "غزة سكاي جيكس" Gaza Sky Geeks فعاليةً للشركات الناشئة تختلف عمّاه تعهده منطقة خليج سان فرنسيسكو – ’كيف يمكن لمؤسّسي الشركات الناشئة النجاح في أصعب الأماكن في العالم‘.
"غزة سكاي جيكس" هي أوّل مسرّعة نموّ في غزة، ومركز العمل الجماعي لاحتضان الأعمال الوحيد المختلط في القطاع. وفي فعاليتها، جمَعت عدداً من روّاد الأعمال من غزة وباكستان ونيجيريا وجواتيمالا، إلى جانب قائمةً من المتحدّثين الذين كان من بينهم ستيف ماكلور من "500ستارتبس" 500Startups، ولسلي جامب مؤسس "ستارتب أينجلز" Startup Angels والشريك السابق في "سواري فينتشرز" Sawari Ventures.
أطلق ماكلور الفعالية من خلال استذكار أوّل زيارةٍ له إلى قطاع غزة، حيث انتهى به الأمر عالقاً على الحدود عشية عطلةٍ رسمية. ولكنّه من خلال شجاعته على "تويتر" وعلاقاته الريادية وصورة السيلفي التي أظهرَته جاحظ العينَين، تمكّن من الوصول إلى طائرته في الوقت المحدّد. وبالتالي، منحته هذه الحادثة نظرةً حقيقيةً على الواقع الأليم لمحاولة الانطلاق بالأعمال في غزة، على حدّ قوله.
البيئات الحاضنة تنمو في عزلة
تحدّث فيما بعد ريان ستيرجل، المدير الحالي لـ"غزة سكاي جيكس"، لتسليط الضوء على أنّ "جيلاً كاملاً سينشأ في غزة من دون أيّ اتّصالٍ بالعالم الخارجيّ"، ناهيك عن النقص في الموارد التعليمية المعاصرة والموارد العملية التي تحدّ من النموّ والإمكانات.
كما أنّ الحصار المفروض على غزة لا يترك لأصحاب المواهب فيها إلا القليل من الموارد وفرص النموّ، بحيث أنّ القيود المفروضة السفر والاستيراد تصعّب كثيراً نموّ أصحاب المواهب التقنية.
تقنيون مَهَرة
يمثّل "التقنيون المهَرة" في غزّة تجمّعاً أساسياً للمواهب المطلوبة في المنطقة، خصوصاً مع تخرّج 1500 مطوّر برمجيات في كلّ عام وعملهم بأسعار تنافسية عالمياً. وهذه حقائق تدفع ببطءٍ عدداً من البلدان مثل الإمارات والسعودية للنظر إلى غزة كمركزٍ للاستعانة بمصادر خارجية. ووفقاً لـ"غزة سكاي جيكس"، وصلت معدّلات البطالة في القطاع إلى 70% بين الخرّيجين الجدد، وبالتالي يُنظر إلى ريادة الأعمال يمكن على أنّها حاجة أكثر منها طموح في هذا المكان من العالم.
بقدر صعوبة الظروف، استفادَت "غزة سكاي جيكس" من الفعالية للإضاءة على الطرق المختلفة التي يمكن فيها الالتفاف على الحصار على فرض أنّه يمكن لأيّ شخصٍ خارج غزة أن يساعد في هذا الإطار.
برنامج تعاون
من الطرق التي تعمل فيها "غزة سكاي جيكس" على التصدّي لآثار الحصار، هي التعاون مع شركات تكنولوجيا في الخارج لتأمين التدريبات من أجل شباب غزة. كمثالٍ على ذلك، ذكر ستيرجل مؤسّسَي استديو الألعاب "بسكليت" Baskalet اللذين استضافتهما شركة "كلارنا" Klarna للهندسة في السويد، واللذين حصلت لعبتهما التي أطلقاها في رمضان على 500 ألف تنزيلٍ في الأسبوع الأوّل على إطلاقها.
المرشدون
"خلال العام الماضي زارنا أكثر من 100 مرشدٍ دوليّ في غزة،" كما تقول إليانا مونتوك، الشركة المؤسّسة لـ"غزة سكاي جيكس" ومديرتها، والتي أوضحَت أنّه حتّى لو كانت التصاريح والقيود تحاصر الغزاويين، فهي بالضرورة لا تمنع المرشدين من الدخول. وبالتالي، شدّد كلٌّ من ستيرجل ومونتوك على أهمّية الإرشاد كإحدى الطرق التي يمكن فيها للشباب أن يحصلوا على المعارف العملية والبروز.
بدورها، وفي حديثٍ لها مع "ومضة"، قالت غدير وليد التي شاركَت في الفعالية بعدما كانت في سان فرنسيسكو في إطار برنامج "نساء التكنولوجيا" Techwomen، إنّها تشكّل "دليلاً حيّاً على مدى صعوبة الخروج من غزة. لقد استغرقني الأمر 16 ساعة للوصول إلى الأردن ومن ثمّ المجيء إلى هنا، غير أنّ هناك فتاتَين منتسبتَين إلى برنامج ’نساء التكنولوجيا‘ لم تحصلا على تصريح. وبالتالي، في بعض الأحيان، من الأسهل أن يأتي العالم إلى غزة".
ليلى ضاحي، مهندسة البرمجيات الثابتة firmware في "بالو ألتو نتووركس" Palo Alto Networks، وأحد المتحدّثين في الفعالية، تحدّثت عن كيفية تقدّمها إلى برنامج الزمالة مع "فولبرايت" Fulbright وحصولها بفضل المساعدة والتوجيه المقدّمين من مرشدٍ جاء إلى غزة.
في جميع أنحاء العالم، وفي وادي السليكون على نحوٍ أبرز، يبقى التنوّع بين الجنسين في التكنولوجيا مسألةً شائكة. ولكن في غزة، ارتفعت أعداد النساء اللواتي ينشطن في مجال التكنولوجيا بنسبة 50%، وفقاً لـ"غزة سكاي جيكس". ومن جهتها، شرحت ضاحي كيف استطاعت هذه المؤسسة تحقيق الاندماج من خلال فهم القيود الاجتماعية التي تواجهها النساء ومن ثمً تصميم البرامج والمبادرات بما يتلاءم مع ذلك، قائلةً "لقد شملنا النساء منذ البداية". بالإضافة إلى ذلك، توفّر "غزة سكاي جيكس" للنساء خدمات نقل آمنة وموثوقة وكذلك رواتب لهنّ، ما يخفّف من اعتمادهنّ على أعضاء الأسرة الذكور لتحقيق أهدافهنّ من المشاريع.
التبرعات
أعلنت مونتوك عن حملةٍ لجمع التبرعات في هذه الفعالية، بهدف إيصال 25 امرأة على الأقّل للمشاركة في ماراتونات أفكار أو تشارك العمل مع أشخاص آخرين على الشركات الناشئة لمدة ستة أشهر؛ وبدوره عرض أحد المشاركين أن يتبرّع بمئة دولار بموازاة كلّ مئة دولار يتمّ التبرّع بها حتّى 26 أيلول/سبتمبر.
يمكنكم التبرّع لـ"غزة سكاي جيكس" لمساعدتها على تحقيق هدفها الذي يبلغ 10 آلاف دولار، قبل يوم الإثنين من خلال زيارة موقع "غزة ستارتس" Gazastarts.com.
[في الصورة الأساسية، ريان ستيرجل، مدير "غزة سكاي جيكس". الصورة من "غزة سكاي جيكس"]