هادي رعد: هذا ما أعرفه عن سوق المدفوعات الواعدة في المنطقة
قطاع التكنولوجيا الماليّة هو القطاع الرائج في عام 2016: المصارف تسارع لدخوله، و"ناسداك" Nasdaq تختبر أفكاراً في هذا الإطار، وأبو ظبي تنشئ مساحة آمنة يمكن للشركات أن تختبر فيها أفكارها ومنتجاتها في التكنولوجيا الماليّة، والشركات الناشئة تجبر المصارف في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا على تلبية حاجات عملائهم، أو الموت.
في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، يهتمّ المدير الإقليمي للمنتجات الناشئة والابتكار في "فيزا" Visa، هادي رعد، بالمدفوعات بشكل خاص (وهو الذي يؤمن بالأجهزة المحمولة كمحرّك للتكنولوجيا المالية الرقميّة).
لدى سؤاله عن الأجهزة المحمولة والواجهات البرمجية المفتوحة open APIs، يومئ رعد برأسه موافقاً على أنّها تغيّر للمعادلة في المنطقة. فهذه الأخيرة تسمح للشركات الناشئة بالبناء على تكنولوجيا شركات كبرى أكبر منها، في حين أنّ الأولى [الواجهة البرمجية غير المفتوحة] تسمح لهم بإيصال منتج عبر الجهاز المتّصل بالإنترنت المفضّل للعميل.
هذه الشركات الناشئة تحثّ المؤسّسات المالية على التفكير في كيفيّة تحسين ما تقدّمه.
من الأمثلة على ذلك يرد اثنان، هما "دو باي" Dopay في مصر التي تضمّ العملاء من دون حساب مصرفي إلى هذا النظام الرسمي، و"فاينرد" Finerd في الإمارات التي تشكّل أوّل مستثمر آلي robo-investor وهي منصّة استثمار إلكترونيّة تخصص رأس مال المستخدم وفقاً لرغبته في المخاطرة.
كلّ ذلك يشجّع المؤسسات المالية المحليّة على التعاون مع الشركات الناشئة في المنطقة بدلاً من الاستحواذ عليها. يأتي ذلك بعد توجّه ساد في الولايات المتحدة الأمريكيّة حيث في الربع الأوّل من عام 2016، ضمّت واحدة من كلّ أربع صفقات في التكنولوجيا الماليّة مستثمراً من الشركات الكبرى، بحسب قاعدة بيانات الاستثمار المخاطر من "سي بي إنسايتس" CB Insights.
يقول رعد إنّ منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا تلحق بسرعة بالأفكار ووسائل الدفع الأجنبيّة، وذلك لأنّ الأغنياء والفقراء يواجهون المشاكل نفسها. نتيجة لذلك، يُعتبَر هذا القطاع واعداً جدّاً.
مصارف منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا يعلمون أنّ عليهم التعاون للبقاء على قيد الحياة. كثير من عملائنا من المصارف ينشطون فيما يتعلّق بتقدمة منتَجاتٍ رقميّة جديدة، [ولكن] يجدر بهم أن يتعلّموا أن يكونوا أكثر مرونة. لطالما شكّل ذلك تحدّياً مع الشركات الكبرى والشركات الناشئة السريعة جدّاً، ولذلك يتعلّق الأمر بقدرة المصارف على التحرّك بسرعة لتتمكّن من اللحاق بها.
المدفوعات هي الأولويّة في الشراكات. تشكّل "بريدج" Bridg أحد الأمثلة هنا في الإمارات عن الشركات العاملة على تطوير منصّات "فيزا". ورغم أنّ "ترولي" Trolley.ae ليست شركة ناشئة في مجال التكنولوجيا الماليّة، غير أنّها تستخدم واجهةً برمجيةً والدفع عند الانتهاء الخاصة بـ"فيزا" لصفحات المدفوعات فيها. وفي هذا العام، أعلنّا عن منصّة المطوّرين من "فيزا" التي تشارك واجهة برمجية خاصة بالشركة مع المطوّرين في كلّ أنحاء العالم.
المدفوعات هي الأساس لتحقيق الأرباح. عند النظر إلى المدفوعات عبر الأجهزة المحمولة، تُظهِر بعض الإحصاءات أنّ [عالميّاً] حركة استخدام الأجهزة المحمولة نمت من 4 إلى 5 أضعاف في العام الماضي. ويتكرّر ذلك مع المدفوعات، حيث أنّ نسبة النموّ في المدفوعات عبر الأجهزة المحمولة أكبر من أيّ نسبةٍ أخرى. جَعلُ هذه العملية أكثر سلاسةً وتخفيف الاحتكاك يشكّلان جزءاً لا يتجزأ من أي تطبيق، سواء كان في التكنولوجيا المالية أو في التجارة الإلكترونية.
العملاء سيفرضون التغيير. يريد العملاء اليوم ما هو رقمي، ويريدونه للعمليات المصرفيّة عبر الأجهزة المحمولة ومنتجات المدفوعات. يحمل العملاء هواتفهم بمعدّل 150 مرّة في اليوم، ويقومون بذلك للحصول على المعلومات، والترفيه، والأمور الصحيّة وغيرها؛ فلم لا يقومون بذلك للنشاطات الماليّة أيضاً؟ إذا لم تتحرّك المصارف، فإنّ العملاء سيدفعونهم للقيام بذلك وإلا سيلجؤون إلى منتجاتٍ وخدمات أخرى.
على المصارف أن تختار. يمكن للمصارف أن تقدّم التكنولوجيا الماليّة بنفسها أو يمكنها التعاون مع شركات ناشئة لديها الكثير من الأفكار المثيرة للاهتمام. لدى المصارف الكثير من الأصول التي يمكن الاستفادة منها، وعندما يتعاونون مع شركات التكنولوجيا الماليّة يمكنهم تقديم الكثير للعملاء. في روسيا، على سبيل المثال، عملت شبكة تواصل اجتماعيّ مع مصرفٍ للسماح للأفراد بإرسال الأموال إلى الأصدقاء، فتعاون المصرف معهم وأقاموا شراكة لإنشاء منتج جديد لعملائهم.
عمليات الدفع السيئة هي مشكلة تواجه الجميع. لقد ذكرنا "بريدج" سابقاً، وما نحاول معالجته هو عمليّة الدفع عند التسليم. "بريدج" ليست الوحيدة في محاولة حلّ المشاكل اليوميّة التي يواجهها العميل، فمحاربة الدفع النقدي هي مهمّة نعمل في "فيزا" على معالجتها، وهي مشكلة لا تقتصر على مجموعة من السكّان، بل تطال الجميع.
المنطقة ليست متخلّفة في مجال التكنولوجيا الماليّة. هناك نقص بشكل عامٍ في المنطقة ولكنّ ذلك أمرٌ طبيعي. المنطقة تلحق بالجميع بشكلٍ سريع، وفي حين يشهد مجال التكنولوجيا الماليّة طفرة ونرى الكثير من الشركات الناشئة عالميّاً، فإنّنا نشهد الأمر نفسه في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا.
التكنولوجيا ستكون محليّة، وعالميّة. أحياناً، تبقى منتجات التكنولوجيا المالية محليّة لأنّها تقوم على قوانين مالية محليّة. ما أطلقناه في الإمارات قد لا ينجح في السعودية. وبالتالي يمكن استخدام المنتج نفسه في هذا البلد ولكن يجب أن يخضع إلى قوانين البلاد والعملية التنظيمية فيه قبل أن يصبح إقليمياً أو عالميّاً.